سرّ إصرار حسني مبارك على البقاء في السلطة .

من خلال المتابعة للأحداث الجارية في مصر ، وموقف الولايات المتحدة الأمريكية من الوضع القائم هناك ، وخوف إسرائيل من الوضع نفسه ، وما قيل أن إسرائيل امدّت النظام الحاكم في مصر بثلاث طائرات محملة بالقنابل المسيلة للدموع ، والمحرمة دوليّا ، وهي تلك الأسلحة التي استخدمت في حربها على غزة و كيف صمّ العالم عمّا يجري وأغمض عينيه عنها بما فيهم حاكم مصر ( حسني مبارك ) بدت الأمور الآن تنكشف ، ولا أظنها غائبة عن الكثير ، ومن وجهة نظري المتواضعة فإن هذا الإصرار يخفي خلفه بعض التوقعات التي جعلت حاكم مصر يصر على البقاء :
1ـ لا يستبعد أن حسني مبارك يُدرك تماما أن الأعوام الطويلة التي قضاها في حكم مصر ، وما أسفرت عليه من فساد ، و نهب لأموال الشعب هو ومن حوله من الزمرة الفاسدة فقد تأكد تماما أن الشعب المصري لن يترك هذا الأمر دون محاسبة وأنه سيحاسب عنها حساباً عسيرا فهو يفضل البقاء لحين المنية أو يحدث الله بعد ذلك أمرا، ومن ثم لا يجد الشعب من حاكم يُحاكم .
2ـ من مصلحة بعض الحكام المستبدين والذين يمارسون الفساد في بلدانهم بقاء حسني مبارك حتى لا ينكشف الفساد أمام العالم ويتهم الجميع ، ومن ثم تقوم تلك الشعوب بمحاولة النيل من حكامها أسوة بنظام مبارك وزين العابدين بن علي..
3ـ رغبة الدول الغربية ، وأمريكا ببقاء مبارك حتى الموت لتنفيذ ما تريد و تمرير سياساتها المشينة في الشرق الأوسط على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وقضايا الأمتين الإسلامية والعربية برمتها .
4ـ لم تجد تلك الدول ( الغربية ) بديلا مناسبا يحل محل حسني مبارك على الأقل في الوقت الراهن رغم تصاعد الأصوات المرتفعة من قبل المتظاهرين المصريين بعدم رغبتهم في بقاء هذا النظام ومن حوله . لذا فان تلك الدول تحاول جادة الآن في الالتفاف على الانتفاضة و تبديدها رغم عدم ظهور كلمة صريحة بذلك ، لكن ما نسمعه أن هناك مندسين من حاشية النظام نفسه ، أو من تلك الدول الغربية يحاولون تثبيط همم المتظاهرين للتوقف عن تلك المظاهرة ، وإنه لا جدوى منها . .
5ـ الجميع يعرف مدى العلاقة بين أمريكا وإسرائيل ، لذا تحاول أمريكا الآن في حل المشكلة بطريقتها التي تتفق ومطالب إسرائيل ، ولم تجد أكثر إخلاصا من حاكم مصر مؤيدا لسياساتها في المنطقة ، ولعل البعض سمع أن إسرائيل تناشد العالم الآن لمساعدة حسني مبارك على البقاء على رأس النظام الحاكم في مصر دون أدنى تقدير للشعب المصري ورغبته لكونها تدرك أن غالبية الحكام العرب لا يهتمون برغبات شعوبهم وتطلّعاته .
6ـ خوف حكام بعض الدول العربية من الوضع القائم في مصر لكون هذه المظاهرة لو انتصرت على نظام حسني مبارك قد تنتقل العدوى إلى دول عربية أخرى لم تكن في الحسبان . لاسيما أن حسني مبارك كان يعد بالنسبة لهم الحصن الحصين في قمع الشعب . لذا تحاول تعزيز بقاء ذلك النظام في مصر بطريقة أو بأخرى ..
من وجهة نظري أن زين العابدين كان أشجع بكثير من حسني مبارك على الأقل حزم أمره ورحل إلى مزبلة التاريخ . اليوم سمعت أن الحكومة السورية تعمل على القيام بإصلاحات سبق وأن طالب بها الشعب السوري فهذه من وجهة نظري تحول جيّد رغم أنه في نظري لا يرقى إلى ما يريده الشعب السوري لكنّها خطة مسبقة لما قد يفاجأ به بشار الأسد وهذا جميل إن الحاكم يستفيد من أخطاء الآخرين لكن من الخطأ أن يستمر الحاكم في العناد ، والاستبداد ، وكأن الشعب لايحق له تنصيب من يحكمه ويلبي رغباته وطموحاته .
كما سمعنا أن معمر القذافي يحاول إنجاز مساكن لمن لا سكنى له. الكل يعمل على تصحيح الأخطاء التي كان غافلا عنها أو مستغفلا لسنين طويلة ، ولم يصحو بعد من غفلته .
لم تكن الشعوب تطمح في فرض سيطرتها على حكامها طالما أولئك الحكام يبحثون عن راحة شعوبهم وتوفير كل ما يحتاجونه من أمن ، ووظائف والحد من ظاهرة البطالة التي تجتاح الكثير من الحكومات المستبدة اليوم ،وتعمل على محاربة الفساد و الحد من سرقة أموال الشعوب بطريقة أو بأخرى ، والعدل الدائم بين الحاكم وحاشيته والمحكومين .
فلو نظرنا إلى الأمم الأخرى والتطور المستمر الذي تعيشه تلك البلدان ،وكيف تتم محاسبة الكبير قبل الصغير وعلى رأسهم الحاكم لذلك البلد عن كل الأخطاء التي ترتكب في حق المواطن الضعيف الذي لا يملك من الأمر شيء خصوصاً تجاه جبروت ذلك الحاكم و زمرته ، والحاشية التي تتبعه في ذلك الطغيان . قال تعالى : {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }الأنعام132
قد تأخذ البعض من الحكام العزة بالإثم ، بل قد يعتقد أن حصونهم ما نعتهم لكن لا يعلم أن أمر الله آت متى شاء قال تعالى : {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }يس82.
متابعة لآخر التطورات :

استكمالا لما قيل في الموضوع أعلاه هاهي بعض التوقعات التي تم ذكرها بدت تنكشف للعيان ، وهاهو حسني مبارك مصمم على البقاء ، والحقيقة إن تلك المصطلحات التي سمعنا ها من خلال كلام أوبا ما ( السلسة ـ تمرير) تخفي خلفها أشياء ، وهاهي تلك الحمولات التي أتت بها طائرات إسرائيل بدت تؤتي أكلها ، وهاهم المندسين بينهم لم يفلح التثبيط من الهمم ففضلوا القمع والضرب لتفريق المتظاهرين . نعم إنها سياسة الاستبداد والقمع التي عانا منها شعب مصر ( ثلاثون عاما ) لكِ الله يا مصر . نعم إنه الجبروت بعينه حتى والشعب يقول كلمته لازال يصر على البقاء وحتى لو قتل الكثير من شعب مصر المهم إن عرشه لا يتزحزح من مكانه . يذكرني ما يجري بفرعون وطغيانه عندما حاوره موسى عليه السلام ، واستبد وظلم ، وقتل وأفسد في الأرض ولم يردع حتى أتاه الموت عند ما قال تعالى: وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُوَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُأَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَالْمُسْلِمِينَ* آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ.أنظر العناد ، والكبر لكن الله لبا لمرصاد له قبل موته وبعد مماته .

دمتم سالمين