#1
|
|||||||||
|
|||||||||
مما وقع لي !!
مأســــاة !! موسى محمد هجاد الزهراني قال لي بلهجة الغضبان : المآسي في هذه الأيام كثيرة ؛ فمن سيول الدماء على أراضي الإسلام ؛ إلى التهميش المتعمد للصوت الصادق في شتى بقاع العالم الإسلامي ؛ إلى مأساتي ! - ما الأمر ؟! - قال : قدمت أنا وصاحب لي أرض المدينة المنورة المباركة ؛ لقضاء يومين بها ؛ فكانت من أجمل الأيام ؛ ثم لما قضينا مآربنا ؛ توجهنا مغرب الأربعاء إلى ميقات ذي الحليفة ؛ لنرتدي ملابس الإحرام ؛ ومن ثم نغذ السير إلى مكة المكرمة ؛ لأداء العمرة . أقسم أحد أصحاب صاحبي أن يكون له شرف إيصالنا إلى مكة بسيارته !! ففرحنا فرحاً شديداً ؛ ذلك أننا قدمنا عن طريق الجو ؛ ونريد أن نسير على طريقة اقتصادية تضمن لنا بإذن الله العودة إلى المنطقة الشرقية ! ونحن في أيدينا بضع ريالات ! . توكلنا على الله وركبنا مع صاحب صاحبي الذي كان من حُسن حظنا أنه اصطحب معه ابنه الصغير الذي يبلغ من عمره خمس سنوات عجاف ! . ولأنني كنتُ أميرَ الرحلة ؛ فقد رغب صاحبي زيادة في إكرامي أن يركبني مع هذا ... الطفل المعجزة! في المقعدة الخلفية ؛ وهو يركب بجوار صاحبه في الأمام ؛ فرضيتُ بما كتبه الله لي ... اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ...تحركنا بعد هذا الدعاء. وكان من تعاسة الحظ ! ومن تطفلي الذي دفعت ثمنه فيما بعد دم قلبي ؛ أن امتدت يدي إلى صاحبي الصغير الذي كان بجواري مداعباً .. فدغدغته تحت إبطيه فقط ! فانفرط عليَّ بالضـ .. !! بالضحك ! وتحريك يده بطريقة همجية لم أعد أفكر معها إلاَّ في وضع يديَّ على نظارتي خوف أن أفقدها فأُكملَ طريقي إلى مكة أعمى!! فأمسكت يديَّ بشدة وأغلقت فمي عن مداعبته بإحكام أشدّ!؛( الله وكيلك ) .. كأنه سد مآرب عندما انفجر وسال منه سيل العرم؛ وبدأ – ما شاء الله عليه – في المزاح معي بيده ورجليه ولسانه الذي ما فتر لحظة واحدة والله ؛ أما صاحباي فدخلا في حديث الذكريات ؛ أيام الجامعة ؛ وبعدها .. وأحداث أمريكا وفلسطين وكشمير... ونسيا أن معهما في الخلف رجلاً مُحْرِماً.. ونصف جسده عارٍ؛ وبرودة المكيف تكاد تذكره بزمهرير جهنم ! بالإضافة إلى الآفة ! التي ابتلاني الله بها بجواري.. عقوبة لي على ذنبٍ لا أَذكره... وكلما تغافلت عنه ونظرت يميناً لأرى أنوار القرى البعيدة على طريق المدينة المنورة؛ لكمني ! على وجهي ليلْفتَهُ إليه ؛ فألتفتُ مذموماً مدحوراً ! لأسمع منه أصوات القطط التي يجيد تقليدها ! تعلمها في الروضة قبل أيام ؛ فأصطنع ابتسامة صفراء تدل على الإعجاب بهذا الفعل العُجاب ! ووجهي من الحزن كأنه(علبة البيبسي التي وقعت ضحية كفرة سيارة فدعستها ) .. ثم ألفِتُ وجهي تارة أخرى إلى اليمين لأخبأه في الظلام فأنسى هذه المأساة !.. التي لم أستطع شكواها لصاحبي وصاحبه من الخجل ! . دقيقة مرّت.. هدأت فيها الأصوات؛ وركدت فيها حركاته؛ ولم يفجأني إلاَّ قطرات من الماء البارد بل المثلج تنزل على رأسي المكشوف ؛ تحسست سقف السيارة فلم أجد أثر مطرٍ ..ثم التفتُّ إلى الآفة عن يساري .. فإذا به يمسك بيده قارورة (ماء الصحة) ويقوم مشكوراً بإفراغها على رأسي وفقه الله !! فزادني برداً على برد.!. قمت بتجفيف الماء في حسرة تكاد تقطع أعصابي ؛ وصاحباي لا يزالان ( في طغيانهم يعمهون ) !! . والأهم من هذا أنني مُحْرِم ولا أستطيع تغطية رأسي لأحميه من هواء المكيف الذي جمَّد أطراف جسدي ! فأقع في محظور من محظورات الإحرام . حانت مني التفافة إلى لوحة بجوار الطريق والسيارة في أقصى سرعتها مكتوب عليها ( جدة ..343- مكة 386 كليومتراً فقط ) فكاد يُغمى عليَّ وتخيلت هذه المسافات سنوات.. زفرتُ زفرة عظيمة ؛ واتكأتُ من الهمِّ بيدي اليسرى عن شمالي ؛ فإذا بها تقع بلا شعور في كرتون عنبٍ كان بجواري على المقعدة فجعلتُه (عصيدة)!! وصاحباي لا يعلمان عما أنا فيه شيئاً .. هدأت الأصوات قليلاً ..وامتدت يدي في رعشة محزنة إلى (لمبة) سقف السيارة ؛ فأضأتها والتفتُّ على تخوفٍ إلى الخلف فرأيت منظراً ما فرحتُ في رحلتي بشيء فرحي به ! ذلك أن الشقي الصغير قد أسلم الروح إلى بارئها ! وغط في سبات عميق .. تنفست الصعداء ؛ وحمدت الله كثيراً .. وأطفأت اللمبة واسترخيتُ!. دقائق معدودة وإذا بي أسمع صوت مضغٍ بجواري ؛ كأنه صوت من يمضغ ( علك اللبان ) .. فتجاهلته .. لكن ؛ مع مرور الوقت ؛ تزايد الصوت .. فأضأت اللمبة مرة أخرى ؛ فإذا بي أراه – حسبي الله عليه – يفتح عينيه كعيني القط الذي وجهت إليه أنوار السيارة في الليل ؛ فأسـقط في يدي ! . التفتَ صاحبي رفيق الرحلة إليَّ ليتذكر أن يتيماً بلحيةٍ ونظارة وجسدٍ نصف عارٍ ؛ يمكث في الخلف يُدعى أمير الرحلة .. فتبسم .. وسألني عن أخباري .. وطلب مني حفظه الله أن أُسمعه ما أحفظ من الشعر ! ففرحتُ وقفزتُ وألزقت جسمي بين مقعده ومقعد مُضيفنا السائق أبي الغلام !! ليس لحُبي للشعر – وإن كنت أحبه – ولكن للهروب من أزمة هذا الآفة التي بُليتُ بها .. والتي لم أعرف لماذا أخذ أبوه يرقيه ويُحصنه عندما تحركنا من المدينة ببعض الأذكار والأدعية ؛ إلاَّ بعد أن رأيتُ منه .. ما قصصتُ عليك !!!. - قلت ممازحاً : فعلاً مأساة !. وماذا بعد ؟! - قال لاحت أنوار جدة من بعيد فعلمت أن قد جاء فرج الله .. - الحمد لله .. على سلامتكم ! - قال لا تخبر بها أحداً !. - قلت أفكر ! . فلا تخبروه أني أخبرتكم !
آخر تعديل موسى محمد هجاد الزهراني يوم
04/02/2005 في 03:05 AM.
|
اخر 5 مواضيع التي كتبها موسى محمد هجاد الزهراني | |||||
المواضيع | المنتدى | اخر مشاركة | عدد الردود | عدد المشاهدات | تاريخ اخر مشاركة |
إلى الشيخ : محمد المنجد .. فصبرٌ جميل !! | فضيلة الشيخ موسى محمد هجاد الزهراني | 5 | 5312 | 09/01/2010 11:13 PM | |
في جريدة اليوم | فضيلة الشيخ موسى محمد هجاد الزهراني | 9 | 2903 | 22/05/2009 10:47 PM | |
.. ليلة مع الشعراء ! | فضيلة الشيخ موسى محمد هجاد الزهراني | 9 | 3498 | 12/02/2009 02:10 AM | |
رحلة الى الجامع الأزهر !! | فضيلة الشيخ موسى محمد هجاد الزهراني | 8 | 3536 | 03/02/2009 05:24 AM | |
الوفاء بين الكلب والسموأل ! | فضيلة الشيخ موسى محمد هجاد الزهراني | 8 | 2859 | 26/01/2009 06:17 AM |
24/02/2005, 04:33 AM | #2 |
عضو متميز
|
**موسى بن محمد بن هجاد** يقف قلمي عاجز على أن يقدم كلمة ثناء أو أطراء لما أبدعت فحروفك أكبر من ذلك بكثير ولكن ابا قلمي الا ان يسجل حضوره في صفحتك ليكون له شرف المرور على رائعتك دمت بخير وسعادة عاشق رباع |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
|
|
الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية ) |
|||||