احداث مصر اولا باول

شاهد عيان على احداث يوم الاربعاء الاسود



ا

حداث يوم الاربعاء الاسود


صباح يوم الثلاثاء ذهبت لميدان التحرير وقد فوجئت بيوم عيد فقد شهد اليوم احتفالات كرنفالية من اكثر من مليون مصري يدعون لاسقاط النظام وحل مجلسي الشعب والشورى واقامة حياة ديمقراطية سليمة بطرق سلمية بالهتاف والاغاني والاهازيج ، البسمة تعلو الوجه والفرحة في عيون الكل ولم يشهد اليوم اي تحرش او حادث سرقة او خروج على الاداب والسلوك في مظهر حضاري مميز.

شهادات جميع الوان طيف الشعب المصري على مختلف مذاهبة ومشاربه فقد شاهدة مسيحيين ومسلمين واخوان وليبرليين وحزبيين ويساريين ومواطنون بدون اي توجهات سياسية او ايدلوجية.

تكلمت مع شاب مسيحي يوزع بيان باسم الشباب القبطي يتضمن تاييد لمطالب المظاهرات والتضامن مع باقي طوائف شباب مصر ، وقد سالت لماذا تخالف دعوة الانبا شنودة الثالث الذي قال فيه ان الاقباط مع بقاء الرئيس حسني مبارك ودعا الاقباط لعدم الخروج في المظاهرات فقال لي بالنص "هو يقول وانا اقول" لقد تركت الكنائس بدون اي حماية من قوات الامن منذ مساء يوم الجمعة ولم يتم قذف حجر على كنيسة، والشباب المسلم هم من قاموا بحماية الكنائس مع الاقباط ، شاهدت قس مع شيخ معمم متشابكي الايدي يلفان في انحاء الميدان ويهتفان سويا .

شاهدت شاب من الاسكندرية يعمل في مجال السياحة ويجيد الانجليزية يدلي باحاديث للمراسلون الاجانب يشرح لهم اسباب المظاهرات ويترجم لهم الهتافات والشعارات التي يهتف بها المتظاهرون.

مجموعة من الشيوخ يبدو من لباسهم انهم خريجي الازهر ياخذون العهد من الشباب بالصمود
كما شاهدت ايضا احد جنود العبور في 6 اكتوبر 1973 يحمل الشهادات التي تثبت خوضة الحرب ويحمل في اليد الاخرى لافته يطالب فيها باسقاط النظام.

وبحلول المساء شاهدت بعض رموز الثقافة المصرية مثل الدكتور علاء الاسواني و الشاعر احمد فؤاد نجم الذي حضر متاخرا ولفيف من الممثلين بالاضافة للداعية الاسلامي اليشخ محمد حسان الذي تحفظ علية قوات الجيش ولم يجعله يتجول بين المتظاهرين .

وسمعت قصص عن ما فعله الشباب مساء يوم الجمعة الماضي وكيف كانوا يقامون الامن المركزي المدجج بالسلاح وهم عزل الا من ايمان راسخ بحريتهم وكرامتهم فقد هاجمو مدرعات الامن بدون تدريب سابق او اي خلفية عسكرية وعطلوها وطارودهم الى خارج الميدان وقد قال احد المشاركين في هذه اليوم ان الشجاعة التي انتابته لا يعرف مصدرها وتسال هل تكون من كثرة العاب الفيديو جيم التي ادمنها الشباب في الفترة الاخيرة فالافاعال البهلوانية والقفز على المدرعات واغلاق فتحاتها العلوية على من فيهما ورش الاسبراي الاسود على الزجاج الامامي للمدرعات.

شاهدت مقعدين وعجائز واسر كاملة تضم اطفال، الكل يؤيد اسقاط النظام وتشكيل مجلس -ايا كان اسمه- لفترة انتقالية لحين وضع دستور جديد.

في ظل تعامل ممتاز من قوات الجيش المرابطة في الميدان ومما لفت النظر ان اغلب المتظاهرين اصر على الشد على ايدي رجال القوات المسلحة لاحساسهم انهم درع لحمايتهم.

ظل الحال كذلك حتى الاعلان عن قرب القاء الرئيس لخطاب وانهمك الجميع في تحليل ما يمكن ان يعلنه الرئيس ما بين مفرط في التفائل واخر متشائم ، ولكن الخطاب جاء مخيب الى كل الامال فقد كان بدون معالم رئيسية واعلان باهت عن عدم التجديد لفترة رئاسية جديدة وتعديل مادتين من الدستور واستثناء المادة 88 .

وكان رد الفعل فروي من اللمتظاهرين برفض الخطاب، في ذلك الحين بدء ظهور عشرات الاشخاص بدوء في التحدث للمجموعات المتواجدة في الميدان بان الرئيس عمل ما عليه وانه لاداعي لاكمال التظاهر وحان الوقت للرحيل واخلاء الميدان، ولكن المتظاهرين فطنوا لهذه المحاولات وكثفوا مراقبتهم لهؤلاء الاشخاص تحسبا لاحداث شغب.

يبدوء ان الخطة كانت معدة مسبقا وميعاد البدء فور انتهاء الرئيس من خطابه، فقد استغرقت محاولات تفتييت المتظاهرون حوالي الساعتين ، ثم تبع ذلك توافد مجموعة تقدر بالعشرات من ناحية ميدان عبد المنعم رياض يحملون الاسلحة البيضاء ويهتفون للرئيس مبارك وعند ابلاغ رجال الجيش رفض التدخل بحجة انهم مصريين ايضا .

ونظرا لان بالميدان المئات نائمون منهم النساء والاطفال والشيوخ فقد قام المتظاهرون بعمل حائط بشري مكون من ثلاث صفوف لمنع هؤلاء من الدخول للميدان في ظل تعليمات بعدم الانفعال او الرد عليهم، مما استفزهم ووجهو سباب بالفاظ نابية وسب الدين للمتظاهرين لعمهم ان بين المتظاهرين اخوان ولكن الوعى الذي تميز به المتظاهرون جعلهم صامتون

ولم يحاول هؤلاء المؤيدون للرئيس الدخول للميدان وظن المتظاهرون انهم فائزون غير انهم لم يعوا ان ما دبر بليل يهدف الى بقاء هؤلاء المتظاهرون مستيقظين طوال الليل تمهيدا للمعركة الكبرى التي حدد لها الساعة العاشرة من صباح يوم الاربعاء .

وفي حوالي الساعة العاشرة والنصف بدء مجموعات تقدر بالمئات في التجمع امام ميدان عبدالمنعم رياض وفجاة ظهر عشرات يحملون العصي ويرحبون الاحصنة والجمال هجمو على المتظاهرين وتبعهم المئات يحملون السنج والمطاوي وزجاجات مملؤة بالبنزين في مشهد غريب في ظل تراجع امني واضح من جانب رجال القوات المسلحة.

وبين كر وفر شهدت الساحة بطولات من جانب المتظاهرين العزل الا من الطوب فقط وقد تم القبض على مجموعة من البلطجية وبتفتيشهم تم العثور على بطاقات هوية تبين منها انهم من منتسبي رجال الشرطة السريين الذين قالوا انهم مكلفين من جانب قيادات امنية، واعضاء في الحزب الوطني الديمقراطي قالوا انهم مؤجرين من قبل رجال اعمال ونواب في مجلس الشعب لارهاب المتظاهرين لفض المظاهرات بالقوة وباي ثمن قبل يوم الخميس وقد شاهدت البطاقات بعيني وسمعت اسماء المحرضين الذين ضموا رجال من السلطة ورموز النظام.

وقال احد البلطجية ان مؤجريهم تعهدوا بمكافئتهم بمبالغ سخية في حال نجاحم في مهمتهم وقالو لهم ان رجال القوات المسلحة لن يتعرضوا لهم، وظل موقف الجيش غير مفهم فقد اعاد تمركز قواته لجعل الساحة خالية للبلطجية للاستفراد بالمتظاهرين ، وقد شاهدت احد الشباب يبوس قدم ضابط لحماية النساء والاطفال من الهجوم مما جعله يطلق اعيرة نارية في الهواء لاخافة البلطجية، وقد شاهدت جنديين يبكون لعدم تمكنهم من حماية المدنيين العزل.

وقد شك المتظاهرون ان الجيش متواطئ في المؤمراة وكان دليلهم ان البلجية يجمعون انسهم ليعاودو الهجوم من الثغرات الامنية التي تكشفها طائرات الجيش التي كانت تحلق في المكان باستمرار.

وقد قام الشباب بتقسيم انفسهم بين مهاجم ومدافع ومعد للطوب ومجموعة اخرى لاقامة المتاريس ومجموعة للتوجية والتامين في تناغم بديع يجعلك تفخر بشباب مصر.

ومجموعة لاخلاء الجرحى وتوصيلهم الى المستشفى الميداني الذي اقيم في الميدان باقل الامكانيات ولكم مهارة القائمين عليه عوضت النقص.

وعند الساعة السادسة من صباح اليوم الخميس نجح المتظاهرون في السيطرة على الميدان، اما ما يخص مشاهد المعارك فيعجز اللسان عن الوصف فقد شاهدت ملحمة مصرية في الصمود والبسالة والشجاعة من شباب مؤمن بالوطن ويهدف لمشاهدة مصر في مقدمة العالم.

وقد اسفرت المعارك حتى الساعة الثانية عشر ظهرا وقت خروجي من الميدان عن 5 قتلى وحوالي 1500 جريح منهم 25 في حالات بين الخطرة والحرجة.

يبقى السؤال الاهم من الذي سمح لهؤلاء بحمل السلاح وترويع الامنين واين النظام ودولة المؤسسات والجيش واين المزايدين على الثورة ومنظمات حقوق الانسان والمجتمع الدولي، اين الجميع من معركة اقل ما توصف به انها كانت معركة ابادة جماعية للمتظاهرين بهدف القضاء عليهم تماما واخراس اي صوت يخرج لمعارضة النظام.
بات من الجلي الان ان الرئيس حسني مبارك صنع المعادلة وترها لاول مرة لاختيار الشعب ، المعادلة بسيطة ويمكنك الان الاختيار ، الامن والامان مع الذل وفساد السلطة والرشوة والمحسوبية مقابل العزة والكرامة والحرية مع الخوف والترويع والجوع.
يمكن لجميع افراد الشعب المصري الان الاختياؤ.
وفي النهاية اردد دعاء الرسول الكريم :

اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين .
أنت أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى عدو يتجهمني، أم إلى صديق مكلته إمري؟
إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي .ولكن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له السموات و الأرض وأشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والأخرة أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولاحول ولاقوة إلا بك.
اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد
الموقع غير مسؤول عن الاراء التي تنشر به مع الاحتفاظ ببيانات الكاتب ، ويرحب بنشر اي مقال يؤيد او يعارض .