جامعة الباحة لا تستطيع إقامة ورشة عمل

ليس إلا
جامعة الباحة لا تستطيع إقامة ورشة عمل
صالح إبراهيم الطريقي

أن تقيم إحدى جامعاتنا ورشة للتخطيط الاستراتيجي بالتعاون مع خبراء التطوير الأوروبيين، أمر يصيب مشاعرك بالفرح؛ لاعتقادك أن علينا البدء من حيث انتهى الآخر، لا أن نصنع العجلة.
يزداد فرحك وأنت تقرأ تصريح مدير جامعة الباحة الدكتور سعد بن محمد الحريقي لجريدة المدينة مؤكدا أن الخطة الاستراتيجية تهدف لرسم مسيرة الجامعة خلال عشر سنوات قادمة، وأن هذه الاستراتيجية سيتم البدء فيها بعد انتهاء ورشة العمل مباشرة، وأنه سيتم ربط الجامعة بجامعات عالمية.
فيضيف رئيس الفريق الاستشاري الدكتور عصام بن أحمد الرحبي كلاما إنشائيا رائعا مثل «إن الورشة تستعرض صياغة الرؤية والرسالة للجامعة، وتحديد القيم وعوامل النجاح الرئيسة، ومراجعة وتحليل وتحديد عناصر القوة والضعف في الجامعة، وكذلك الفرص والتحديات من منظور قيادي واستراتيجي، وأنها ـ أي الورشة ـ ستعمل على رسم الطريق الذي يجب أن تسلكه الجامعة لتحقيق أهدافها في الارتقاء الأكاديمي لجامعة الباحة، وإيجاد بيئة تعليمية ذات جودة عالية ومستوى عالمي، وبناء ثقافة الجودة الشاملة، والتميز في مخرجات البحث العلمي، والتوسع في حجم المستفيدين، والاستثمار الأمثل للموارد، والشراكة مع المؤسسات المحلية والعالمية».
هذا الكلام الإنشائي الرائع المداعب لمشاعرك، يجعل فرحك يصل حد النشوة، لكن عقلك المقاوم لكل كلام إنشائي مبهج يسأل مشاعرك: لماذا لم تقم الورشة في الباحة بدلا من فنادق جدة، ألا يوجد مكان في الجامعة لإقامة ورشة عمل؟
ولأن مشاعرك لا تريد ترك لحظة النشوة تلك ستجيب: ما أجمل الكلام الإنشائي إنه يطرب، ثم لا تنسى أن الجامعة ستتطور، لهذا يمكن لهم أن يذهبوا إلى جدة لعقد الورشة وسيصرف انتداب لمسؤولي الجامعة.
فيعيد عقلك هجومه معتمدا على كلمة «انتداب»، ليقول: أليس الأجدى أن يتم إنشاء قاعة لعمل الورش بدلا من صرف الأموال بالانتدابات؟
فتحاول مشاعرك رد هذه الهجمة بالأسلحة الفتاكة متمسكة بحالة النشوة التي صنعها الكلام الإنشائي، كأن تقول لعقلك: «اتقي الله» أو «الرازق في السماء والحاسد في الأرض»، أو أن تستعمل مشاعرك سلاحها الأخير والمرعب: «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق».
فيصمت عقلك وهو يتمتم : «اللهم أعمي باقي جامعتنا عن هذه الخطة الجديدة لصرف الانتدابات، أعني الخطة الجديدة لعمل ورشة للتخطيط الاستراتيجي في مدن أخرى».
تنويه: أن تذهب الجامعة لمدن الخبراء، أو أن يحضر الخبراء لنفس الجامعة أمر منطقي، ما ليس منطقيا أن تدفع قيمة حضور الخبراء وتدفع الانتدابات لاجتماع واحد.