#1
|
|||||||||
|
|||||||||
عينة صغيرة من أخلاق رسول الله تكفي
أحيانا .. نستخدم كلمات فى غير موضعها .. أحيانا .. تتداخل الكلمات لأننا لا نعرف معاينها بدقة .. على ذلك لا بد أن نعرف بدقة معانى كلمات مهمة قد تتداخل فى عقولنا مثل : العبادة والإتباع والإقتداء والتأسى.
العبادة : هى علاقة عبد بمعبود .. المعبود يضع الحدود والقيود والحلول والثواب والعقاب والعفو والمغفرة ولا يتقيد بمنطق و لا يدركه أحد بالحواس ولا يتأسى به الناس .. هذا هو المعبود .. لذلك إذا قضى الله أمرا فإنما يقول له كن فيكون .. وإذا أمر لا يعقب على أمره ولا يستدرك وعلى ذلك فإن العبادة هى القيام والإذعان لما حكم المعبود. والمتبوع هو الرسول الصادق المبلغ عن ربه، ولا يسأل عن العلة فى الأوامر التى يبلغها للعباد، ولا يجب أن يسأله تابعوه عن الأسباب والدوافع والدواعى التى أدت إلى هذا الأمر.. وما الفائدة منه.. وما الأضرار المترتبة على ذلك إذا لم يطيعوه فهو يبلغ فقط (( ما على الرسول إلا البلاغ )) وعلى ذلك فهو لا يثيب ولا يعاقب و لا يؤاخذ ولا يغفر ولا يصفح ولا يكافئ ولا يعزل.. ولكن له الشفاعة.. والشفاعة لا بد أن تكون مقبولة لأنه لا يشفع من تلقاء نفسه.. ولكنه يؤمره بها المعبود ليشفع للعبيد الذين يريد لهم خيرا.. إذا المتبوع هو سبب الخير لا صاحبه.. وهو مبلغه لا صانعه.. وعلى ذلك نفهم قول العبد الصالح لسيدنا موسى عليه السلام عندما قال له سيدنا موسى: هل أتبعك؟ قال العبد الصالح: يا سيدنا موسى قل كلمة غير هذه.. فإنها صعبة التنفيذ (( إنك لن تستطيع معى صبرا)).. قال له سيدنا الخضر إن القضية ليست قضية أمر آمرك به ولكنها قضية أفعال أؤديها لا طاقة لك بها وفوق استيعابك.. (( فإن اتبعتنى فلا تسألنى عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا )).. معناها أن التابع لا يسأل المتبوع إلا إذا تفضل المتبوع بالبيان كما أن الرسول لا يسأل مرسله (( الله)) إلا إذا تفضل عليه بالبيان. من هنا تعرف العلة فى قوله تعالى: (( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله )) لأن العبد لا يسأل الله عن سبب ما فرض ولا يسأل الرسول عن العلة فيما بلغ وعلى هذا الأساس قال النبى صلى الله عليه وسلم للمسلمين عندما أراد أن يعلمهم مناسك الحج: (( خذوا عنى مناسككم )).. يعنى قلدونى فقط. وفهم هذا المسلمون الأوائل فما تجرأ واحد منهم رضى الله عنهم على سؤال النبى صلى الله عليه وسلم لماذا نلبس الإحرام؟ ولماذا تقبيل الحجر الأسود؟ ولماذا السعى والتقصير والحلق؟.. لم يسألوه عن رمى الجمرات وهى عبارة عن حصوات صغيرة يلقونها على عمود من الخرسانة فى منى. لا أحد سأله ودليلنا أن سيدنا عمر بن الخطاب لم يسأل عن العلة مثلا فى تقبيل الحجر الأسود حتى انه بعد انتقال النبى صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى بزمن، وقف سيدنا عمر بن الخطاب أمام الحجر الأسود وقال له: (( أعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أنى رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك )).. قال ذلك بعد أن قبل الحجر فعلا وهو لا يعرف العلة ولم يسأل عنها رسول الله لأنها من المناسك أخذها عنه كما هى. ومثال آخر.. عندما أراد النبى أن يعلم المسلمين كيفية الصلاة قال لهم: صلوا كما رأيتمونى أصلى.. أى خذوها عنى كما أفعل ولا داعى لأن يسأل أحدكم عن العلة فى الركوع والسجود أو الجهر بالصلاة أو السر فيها أو عدد ركعاتها أو توقيتاتها.. هذا يبين العلاقة بين التابع والمتبوع. والإتباع هو تقليد الرسول المتبوع المبلغ الصادق المعصوم دون سؤال عن العلة حتى أن النبى صلى الله عليه وسلم عندما تغيرت القبلة كان يصلى فى أحد مساجد المدينة ويسمى مسجد القبلتين متجها إلى المسجد الأقصى وخلفه المؤمنون وأثناء الصلاة جاءه الأمر بالاتجاه إلى البيت الحرام فأدار وجهه 180 درجة فأصبح خلف المؤمنين.. لم يعترض عليه أحد.. أو يقول له: لماذا هذا التغيير.. بل استدار الإمام فاستدار المؤمنون ولا يصح ذلك لغيره فيما سيأتى بيانه. وذات مرة كان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى العصر وبعد ركعتين فقط سلم عن يمينه وعن يساره أى خرج من الصلاة.. ولكن المسلمين سلموا كما سلم النبى وخرجوا من الصلاة كما خرج.. ثم سأل أحدهم بعد الصلاة قائلا: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟.. فأجاب النبى: (( بل نسيت )).. وأكمل الصلاة.. هذه هى العلاقة بين التابع والمتبوع والعلاقة بين العابد والمعبود. إن الأتباع للنبى كمبصر يسحب أعمى لا يعرف شيئا عن الطريق، أما الإقتداء فلا يكون بين عبد ومعبود، ولا يكون بين تابع ورسول، وإنما يكون بين شخصين قد يكونا عالمين.. فالمقتدى يعرف سلفا ما سيفعله القدوة ويقدمه عليه ويقتدى به. ولكن الفرق هو أن المقتدى يجوز له أن يستدرك أو ينبه أو يذكر أو يفارق قدوته كما يحدث أثناء الصلاة عندما نقتدى بإمام فى الصلاة نحن نعرف ما يفعله لكننا نقدمه علينا ونقتدى به فإن أخطأ يحق لنا أن نصحح له، وإن نسى يحق لنا أن نذكره، وإن تجاوز يحق لنا أن نستدرك عليه، ونوقفه عند حده، فإنه قدوة وليس متبوعا فالله قال لنا: (( وما أتاكم الرسول الله فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )).. ولم يقل لنا ما أتاكم الإمام فى الصلاة فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.. إلا فى حدود ما نعرف من الشرع ويعرف الإمام معنا.. فإذا تغيرت وجه الإمام وتحول عن القبلة أثناء الصلاة نصحح له, ونعترض عليه. ولانتبعه كما فعلنا مع رسول الله, وإذا زاد فى عدد الركعات أو نقص يحق لنا تنبيهه والتصحيح له ولا نتبعه كما فعلنا مع رسول الله. إذن فالإقتداء ليس كأعمى يسحب بصيرا وإنما كمبصرين يسيران معاً.. يأمر أحدهما الآخر ولا يعطيه زمامه بطريقة مطلقة. ويصبح السؤال: ما هى الأسوة وكيف يكون التأسى؟ هل نتأسى بالله؟.. حاشا لله .. التأسى هو أن يقلد أحدنا أهل الفضل دون الإلتزام بالمقدار أو العلة .. بمعنى لو تبرع أحد بمليون جنيه لبناء مركز إسلامى فى إحدى الدول.. كيف نتأسى به ؟! إذا تبرعت بعشرة جنيهات لإطعام جائع أو لأى شئ أخر أو بأى مبلغ آخر تكون تأسيت به.. لكن لو تبرعت بما تبرع به لنفس الغرض تكون إقتديت به. ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: (( لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة )).. هذا معناه أن الرسول الكريم يستطيع بإذن الله أن يكثر من الصيام والقيام ورزقه الله قوة تحمل ورحمة كبيرة وحلما وعدلا وصبرا.. يقول الله لنا: (( إنكم لن تسطيعوا الإقتداء برسول الله كماً وكيفاً.. يكفى أن تقلدوه على قدر استطاعتكم.. أى تتأسوا به.. تتشبهوا به.. إذن إذا كنت لا أستطيع أن أفعل ما يفعل أعمل جزءا مما يفعل.. عينة.. عينة كرم .. عينة رحمة .. عينة صبر وهكذا. إذن التأسى ليس كالإقتداء، والإقتداء، ليس كالإتباع والإتباع ليس كالعبادة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله . |
اخر 5 مواضيع التي كتبها الجابري | |||||
المواضيع | المنتدى | اخر مشاركة | عدد الردود | عدد المشاهدات | تاريخ اخر مشاركة |
حسن الابرق في ذمة الله | أخبار قرية رباع | 1 | 5699 | 10/05/2016 11:07 AM | |
في ذمة الله | صحيفة رباع | 8 | 16336 | 10/05/2016 11:05 AM | |
انتقل الي رحمة الله | المنتدى العام | 3 | 3340 | 08/03/2015 06:35 PM | |
هل أنت راض عن الله ؟ | المنتدى الإسلامي | 2 | 2586 | 23/12/2012 02:21 PM | |
«الشعيرية سريعة التحضير» هل هي آمنة صحياً؟ | منتدى الأسرة والطفل | 0 | 2816 | 23/12/2012 01:53 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
|
|
الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية ) |
|||||