الشيخ محمد بن أحمد الزهراني - مدير المالية بالباحة سابقاً

محمد بن أحمد الزهراني

(الـزهـراني)

محمد بن أحمد الزهراني -مدير المالية بالباحة سابقاً-

من الناس من تحبهم قبل أن تراهم لما يذكر لك من حسن أخلاقهم وكرمهم وطيب أعمالهم, ولاشك أن أبا احمد واحد من أولئك الذين أحبتهم القلوب وبقي ذكرهم الحسن بعد موتهم, والقريب والبعيد كأنه يردد ما قال شاعرهم عنه:

يـــا عم يـــا عم كـــلا بـــل أقـــول: أبي

فبيننـــا صلـــة أقـــوى من النسب.



أنها صله القلوب التي ألف الإيمان بينها, وصله القيم والأخلاق التي تبقى حتى بعد رحيل أهلها.

ســـــيرتـه:

محمد بن أحمد الزهراني، من قرية الحكمان / قبيلة بني جندب، ولد فيها ونشأ تحت رعاية والديه يرحمهما الله، وربما كان عام 1335 هـ هو أقرب التواريخ لمولده.

في سن مبكرة أهتم برعاية الأغنام، وبعد إن أشتد عوده عمل في الزراعة مع أخيه الأكبر سعيد يرحمهما الله، درس على أيدي الفقهاء القرآن الكريم وبعض علوم الدين.سافر إلى مكة المكرمة كغيره من أبناء غامد و زهران للعمل وطلب الرزق، فتعرف على الشيخين الكريمين أحمد وصالح القزاز يرحمهما الله، وطلبا أن يعمل ويستقر معهما في مدينة الطائف فوافق، وبعد فترة قصيرة طلبوا منه تعلم القراءة والكتابة والحساب و الاستزادة من علوم الدين والقرآن الكريم وخصصوا له مواعيد يومية يذهب فيها للدراسة، فأجتهد وحرص مما شجعهم على أن يجعلوه على تجارتهم.

وعن طريق تجارة القزاز، وفي دارهم أيضاً، تعرف على بعض أعيان الطائف وعلمائها ومثقفيها وبعض المسئولين فيها ، كما تعرف على بعض أقاربهم وأصدقائهم وزائريهم من مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة .

وفي 1/6/1353هـ اختير الشيخ القزاز أميناً للمالية بالظفير بأمر من الملك فيصل يرحمه الله بعد تأسيس الجهاز الحكومي هناك واصطحب معه محمد الزهراني للعمل بالمالية، حيث بدأ بمرتب شهري قدره (16) ريالاً وترقى في سلم الوظيفة حتى أصبح مديرا للمالية في 30/12/1377 هـ في بلجرشي ، وأستمر كذلك حتى تقاعد عام 1404هـ في الباحة .

وبلغت مدة خدمته في الدولة أكثر من ( خمسين عام ) كان فيها مثالا للإخلاص والاستقامة والنزاهة ويعتقد أنه أول موظف في المنطقة من أبناءها. اشتهر بـ ( الزهراني ) وأصبح معروفاً به في منطقة الباحة عامة وبين قبائل زهران بصورة خاصة، حيث تدعى أسرته اليوم ( بأسرة الزهراني )، وقد تحدث عنه كثير من أعيان غامد و زهران وكتب علماؤها ومثقفوها عن بعض صفاته ومختصراً عن سيرته وحياته، منهم الكاتب المؤرخ الأستاذ / علي بن صالح السلوك في كتابه ( المعجم الجغرافي) وغيره من الكتّاب، أما الدكتور عبدالرزاق بن حمود الزهراني فقد خصص قصيدة في ديوانه (الوادي المهجور) بعنوان (الراحل المقيم) تحدث فيها عن سيرة الزهراني منذ مولده وحتى تقاعده ومما قال:

نامت القرية..

والسمار ناموا..

غير بيت لم يزل فيه ضياء..

فيه صوت .. وضجيج..!!

فيه وجه متجه نحو السماء..

يسأل الله السلامة..

ولأهل البيت موصول الدعاء..

كل من في البيت خوف ورجاء..

وعلا صوت.. و أصداء فرح..

وعلا شيء.. شبيه بالمرح..

أيقض النوام صوت رصاص..

وأبو المنزل جافاه النعاس..

سعد الحي.. وأهل البيت أسعد..

قدم الطفل وسموه ( محمد )..

إلي آخر القصيدة...........

إلى جانب عمل الزهراني في المالية فقد كان عضواً في المجلس الإداري في المنطقة والممثل المالي لوزارة المالية،أحد مؤسسي جمعية البر الخيرية التي أسسها معالي أمير المنطقة آنذاك الشيخ/ إبراهيم بن عبدالعزيز آل إبراهيم رحمه الله. كان عضواً لجمعيات أخرى تهتم بتحفيظ القرآن الكريم وأعمال الخير في غامد و زهران.

كان، يرحمه الله، أخاً وأباً وصديقاً لأهل المنطقة سراة و تهامة وبادية، بل تعدى ذلك لمناطق أخرى من المملكة، أحب الضعيف قبل القوى والفقير قبل الغني والصغير قبل الكبير، سعى في خدمة المحتاج، ولبى حاجة من طلب العون، وساعد في رد الحقوق إلى أهلها، وشفع لكل مستحق للشفاعة عند المسئولين، شارك في حل الخلافات الخاصة والمشاكل العامة، كلمته مسموعة ورأيه مطاع لحرصه على إحقاق الحق ورد الظلم.داره مفتوحة لكل طارق من داخل المنطقة وخارجها، خاصة عندما لم تكن خدمات المطاعم والمقاهي والمساكن قد عرفت آنذاك وكثير من الناس لا تساعدهم أحوالهم المادية.لتلك الصفات وغيرها مما لم يذكر أحبه الناس وكان محل تقديرهم واحترامهم، ومازال ذكره بالخير عند كثير من الناس حتى اليوم.

توفي الزهراني رحمه الله يوم الأربعاء 10/5/1411هـ وله سبعة من الأولاد ثلاثة أبناء هم احمد مساعد مدير عام التعليم بالمخواة سابقا وإبراهيم عميد ركن طيار في القوات الجوية سابقا وعمر مهندس بشركة الاتصالات, وأربع بنات وقد رثاه الكثير ممن عرفوه شعراً ونثراً ومنهم الدكتور / عبدالرحمن العشماوي الذي رثاه بقصيدته ( يا عم.......يا عم ) ومما قال فيها:

يـــا عم يـــا عم كـــلا بـــل أقـــول: أبي

فبيننـــا صلـــة أقـــوى من النسب

مـــازلت أقـــرأ في عينيـــك مـــا كتبت

عزيمـــة الحـــر من علم ومن أدب

لمـــا نعـــاك لي النـــاعي ذهلت فمـــا

صحـوت إلا عـلى الأحزان تعصف بي

قـــد كنت بالأمس تـــروى فيض تجـــربة

ممـا جــرى لـــك في الـــدنيـــا من التعب

واليـــوم – يـــا ويـــح هذا اليـــوم – تتـــركنـــا

تمضى تـــودع دنيـــا الهـــم والصخــــب

إلى آخر القصيدة ...........


رحم الله الشيخ الزهراني وأسكنه فسيح جناته وجعل مقدمه في ميزان أعماله الصالحة، آمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


منقول