أبار وزيني - العمل الصالح والصيت الحسن

كشف رحلة شراكة امتدت 50 عاما.. رجل الأعمال خالد زيني لـ "الاقتصادية:

وزارة التجارة والصناعة مطالبة بمنح رجال الأعمال فرصة لإعادة إعمار المدن الصناعية

البحث في رحلة عقول تجار الحجاز تمثل منهجا حقيقيا يجدر إعطاؤه الاهتمام المناسب من الرعاية والدراسة والبحث والتقصي. خاصة التجار الذين تضامنوا في رحلة العمل التجاري منذ عقود من الزمن طويلة بين مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة وشكلوا اليوم كيانات تجارية وصناعية يشار إليها بالبنان. ومن مثل تلك الكيانات اتفاق الشيخ عبد الله أبار والشيخ أحمد زيني قبل نحو 50 عاما وتأسيس مشروع تجاري بسيط يعتمد على بيع المواد الغذائية والكيروسين بقروش بسيطة ويتطور مع مرور الزمن ليصبح ذلك الاتحاد عملاقا تجاريا قويا يضيف رقما جيدا في ناتج الاقتصاد الوطني ويتطور إلى أن يسطع نجمه بعد سنوات طويلة من الجد والجهد والمعاناة.
تقف اليوم مجموعة شركات أبار وزيني ضمن الشركات الرائدة في حقل التجارة والصناعة والخدمات بعد أن سجلت نجاحات واسعة وكبيرة وصلت بها إلى أكثر من 30 وكالة تجارية عالمية تتوزع بين الشركات الصناعية والتجارية والخدمات والملاحة, إضافة إلى أكثر من ألف صنف من المواد الغذائية توردها للأسواق التجارية ليس في السعودية فحسب بل استثماراتها شملت ثلاث قارات عالمية من تشيلي مرورا بجنوب إفريقيا حتى جزر الفلبين.
يقول خالد زيني الذي لازم رجلي الأعمال أحمد زيني وعبد الله أبار أكثر من خمسة عقود من الزمن, إن "هؤلاء الرجال الذين شقوا مشوار حياتهم برائحة العرق والألم والصبر والكفاح. لا يعرفون التنافس إلا بشرف, ولا يفهمون أن التجارة شطارة كما يقولون, بل هي عندهم مُثل وقيم قبل كل شيء, والعمل الصالح والصيت الحسن، أفضل عندهم من كنوز الدنيا.
الزميل سعود التويم التقى خالد زيني عضو مجلس إدارة مجموعة أبار وزيني ومدير مجموعة شركات أبار وزيني في الطابق الثامن في مقر المجموعة وحاوره في بدايات تجارة المجموعة وتجارب العمل التجاري التي مرت على المجموعة, إضافة إلى نشاطات المجموعة والعديد من محاور القضايا الاقتصادية التي تمر بالبلاد وتشغل بال رجال الأعمال والمستثمرين. إلى الحوار:

بداية أود التعرف متى بدأت العلاقة التجارية بين أبار وزيني؟
الشيخ عبد الله أبار والشيخ أحمد زيني كانا زميلين في مدرسة الفلاح في مكة المكرمة، وتخرجا في المدرسة على أساس أن يتجها إلى التعليم كمدرسين، أو إلى القضاء ولكن قدرة الله شاءت وكان لهما الرغبة في العمل التجاري.

متى انطلقت وكيف نشأت هذه الشراكة التجارية؟
نشأت شركة أبار وزيني قبل أكثر من 50 عاما في مكة المكرمة, ومن خلال مشروع بسيط جدا يتمثل في بيع المواد الغذائية المعلبة والبقوليات المختلفة، ومن خلال محل صغير لا تتجاوز مساحته بضعة أمتار في شارع اليوسفي في مكة المكرمة، تبع ذلك افتتاح محل آخر في شارع الملك فيصل، ومن ثم التوسع في مجال آخر بسيط وهو بيع الكيروسين للمنازل، وهذا الكيروسين كان يأتي من "أرامكو" في( تنك) سعة 20 لترا وتباع هذه الكميات بأحجام مختلفة وبمقاييس تتكون من لتر ونصف لتر وربع لتر وبقروش بسيطة.

متى انتقلت تجارتكم من مكة المكرمة إلى جدة؟
بعد عقد ونصف تقريبا انتقلنا إلى جدة، ونحن هنا منذ 40 عاما. لكننا مازلنا مرتبطين ارتباطا مباشرا بمكة المكرمة من خلال الاستثمارات أو المشاريع التجارية.

ما عدد الوكالات التجارية المنضوية تحت مظلة مجموعة أبار وزيني الآن؟
أكثر من 30 وكالة تجارية تتنوع بين المواد الغذائية والملاحة والنفط والبتروكيماويات والأجهزة الكهربية والعديد من الأنشطة التجارية الأخرى.

كم صنف الآن لدى مجموعة أبار وزيني من المواد الغذائية؟
ما بين مواد جافة ومواد معلبة وطازجة ومجمدة في حدود ألف صنف.

متى دخلت المجموعة تجارة المواد الطازجة الفواكه والخضراوات؟
نحن بدأنا بتجارة الفواكه من الدول المجاورة قبل 30 عاما، وكنا نستورد البرتقال من مصر والتفاح من لبنان والحمضيات من دول البحر الأبيض المتوسط، وكانت البداية بثلاجات مستأجرة ومن ثم بدأنا في إنشاء الثلاجات على مساحات كبيرة, والآن انتشرنا, ولله الحمد, في أغلب مدن المملكة، ولدينا خطة لتغطية جميع مناطق المملكة, خاصة الرياض, المنطقتين الشرقية والجنوبية, وذلك وفق برامج وخطط توسعية إلى مدن أخرى.

ماذا عن استثماراتكم في المشتقات والمواد النفطية؟
نحن أنشأنا شركة اسمها بترو ستار لنقل وبيع المحروقات, وهذا كان في عام 1972, حينما تخرجت في جامعة الملك عبد العزيز بدأنا في نشاط بيع النفط بباخرة صغيرة حمولتها 150 طنا ومن ثم توسعنا على مراحل.

ولمن تبيعون المحروقات آنذاك؟
نبيع المحروقات للبواخر ثم تطورنا إلى نقل المحروقات بين المدن خاصة من الدمام إلى جدة ثم دخلنا إلى النقل العالمي ومن ثم إلى الاستثمار في الغاز ونقله وشرائه وبيعه.

هل أسعار المحروقات في موانئ ومطارات المملكة غالية قياسا بمثيلاتها في الموانئ القريبة؟
دون شك تعتبر أغلى, وهذا يتناقض مع حجم الإنتاج وكبر الاحتياطي. ونأمل إعادة النظر في هذه الأسعار وذلك لجذب الاستثمار, حيث إن بعض السفن والطائرات تتزود بالوقود في البلدان المجاورة, وذلك لفرق السعر, ونحن أولى من غيرنا بهذا الأمر.

نقل الغاز في الداخل أو الخارج؟
نشتري من داخل المملكة ونبيع وننقل إلى خارج المملكة وأيضا دخلنا في صناعة زيوت السيارات.

وماذا عن الاستثمارات الصناعية؟
لدينا ثلاثة مصانع, منها مصنع الحلاوة الطحينية وله أكثر من 40 سنة اسمها حلاوة طعمة وصناعة الخميرة وصناعة العصائر بعلامة معروفة اسمـها كورتينـا، ولدينا شركات صناعية أخرى مختلفة في أنشطة عديدة.

من بين الاستثمارات الغذائية والاستثمارات الصناعية والاستثمار في الخدمات أيهما أجدى ربحا وأقل مجهودا؟
الاستثمار في المواد الغذائية, وذلك لسبب أن الإنسان له ثلاث وجبات في اليوم حتى وإن كان من أصحاب الرجيم، فالمواد الغذائية عنصر أساسي وما زلنا ونتوسع فيها بشكل أكبر وبخطط تسويقية ومستقبلية ومن خلال إنشاء مزارع للفواكه في أمريكا وجنوب إفريقيا وتشيلي والفلبين اكتسبنا تجربة وعلما بهذا الاستثمار ولدينا بواخر ترفع العلم السعودي لنقل هذه المنتجات، ولدينا طاقة تخزينية جيدة وأسطول يملك تجربة عالية في التسويق والتوزيع وقاعدة من البنى التحتية في الثلاجات والنقل البري بين المدن.

هل يعني ذلك أن الاستثمار في المواد الغذائية أفضـل عائد من المجالات الأخرى؟
لا أستطيع أن أقول لك إن المواد الغذائية هي الأفضل. وإنما هي أريح, وكما ذكرت لك خبراتنا فيها طويلة وأسسنا بنى تحتية تسهل المزاحمة والاستمرار فيها، طبعا الاستثمار في المواد النفطية والبتروكيماوية أفضل وأجدى ماليا, وهي صناعة حديثة ولدينا شركة اسمها "تشودا بترو ستار" متخصصة في إنشاء محطات تكرير النفط والصناعات النفطية مع "سابك"، ونحن الآن بدأنا ندخل كمؤسسين ومساهمين في بعض الصناعات مع زملائنا وأحبابنا من رجال الأعمال في المنطقة الشرقية أو الرياض أو جدة.

هل هناك توجه لتطوير مجال الصناعة في الداخل؟ وهل هناك مشاريع صناعية مستقلة في قطاع البتروكيماويات؟
لدينا مشاريع مع عدة شركات بتروكيماوية كمساهمين ومؤسسين، إضافة إلى شراكتنا في شركة مختصة في بناء محطات تكرير النفط، وإنشاء وتطوير الصناعات البتروكيماوية مع "سابك"، ونحن متابعون للاستثمارات الصناعية في صناعة البتروكيماويات في الرياض والمنطقة الشرقية، ونسعى إلى الدخول فيها مؤسسين.

وماذا عن الاستثمار العقاري؟
لدينا استثمار عقاري يتركز على تطوير مخططات عقارية وبيعها بالتقسيط لذوي الدخل المحدود، ونجحت تجربتنا في مخططين هما مخطط الأجاويد بجوار مشروع الأمير فواز السكني في مدينة جدة. ويجري الإعداد لمخطط سكني ثالث في جدة يضم أكثر من 1100 قطعة سكنية سيطرح قريبا، وحقيقة نجحنا بنسبة 99 في المائة في البيع بنظام التقسيط حيث كان الالتزام من المواطنين بشكل كبير جدا، ونحن نشجع على نقل هذه التجربة من مبدأ التكافل والتعاون والتيسير على المواطنين.

وماذا عن تجربة الاستثمار في خدمات العمرة؟
هي تجربة ومحاولة جيدة، ولكن ما زالت هناك عوائق كثيرة تواجهنا مع شركات العمرة الأخرى، خاصة هروب المعتمر من الحرم إلى أي مكان. لأنه من غير المنطقي أن أبحث عنه في مكة أو خارجها، نحن مستثمرون ولسنا جهات أمنية, لماذا أتحمل مسؤولية هروب المعتمر أو تحملني غرامات مالية كبيرة لمجرد هروبه؟ وسبق أن سمعنا أن هناك مشروعا أو نظاما جديدا لهذه القضية ننتظر لعل وعسى.
كيف تقييم تجربتكم في مجال السفر والسياحة؟
بدأنا بالسياحة والسفر عن طريق العمرة، وتوجد لدينا منافذ لبيع التذاكر وتقديم الخدمات في هذا المجال، وبوجود الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام لهيئة السياحة أعتقد أننا في أيد واعية وصاحب فكر ورؤية واستراتيجية واضحة المعالم, وحضرنا عدة مناسبات مع الأمير سلطان بن سلمان وناقشناه في عدد من المواضيع في الآثار القديمة لدينا مثل مدينة الأخدود ومدائن صالح وغيرهما من الآثار التي تتوزع بين جميع مناطق المملكة، وتعد بحق مخزونا تراثيا ليس للسعودية بل للعالم وتعتبر من الآثار القديمة وأقدم من الأهرام، حيث يجب إظهارها وتعبيد الطرق وتهيئة البني التحتية والخدمات فيها من أجل سرعة الوصول إليها وتعريف المواطنين والمقيمين فيها وتشجيع المستثمرين للدخول في الاستثمار في مشاريع الخدمات لهذه الآثار, ولكن يجب أن تكون هناك خصوصية من أجل إقدام رجال الأعمال على استثمار أموالهم في تلك المناطق.

كم عدد العاملين لديكم؟
في المملكة في حدود ألفي شخص في مختلف القطاعات.

قبل قليل ذكرت في معرض إجابتك أنكم ما زلتم مرتبطين ارتباطا مباشرا بمكة المكرمة من خلال الاستثمارات أو المشاريع التجارية هناك من يرى أن استثماراتكم تتركز فقط في جدة؟
استثمرنا في مكة إنشاء مشروع مركز الضيافة وهو سوق تجارية كبيرة على مساحة تزيد على 125 ألف متر مربع ويعد واحدا من المراكز التجارية المتميزة، وبلغت تكاليف إنشائه أكثر من 600 مليون ريال. كما أن هناك العديد من المشاريع التجارية والسكنية, التي سترى النور قريبا.

من خلال تجاربكم في الاستثمار في الخارج أي الدول وجدت فيها مميزات أفضل؟
الاستثمار في جنوب إفريقيا وتشيلي والفلبين, وطبعا هذه الدول تتنافس في إغراء المستثمر الأجنبي، وتوفير أراض زراعية متوافر فيها جميع الخدمات من طرق معبدة وكهرباء وهاتف ومياه, إضافة إلى الفرص الاستثمارية الجيدة وتسهيلات متميزة.

وماذا تزرعون في هذه القارات الثلاث؟
في الفلبين نركز على زراعة الموز وبعض الفواكه الأخرى، وفي جنوب إفريقيا الفواكه الصيفية منها البخاري والمشمش والحمضيات والتفاح والكمثرى، وفي تشيلي نركز على زراعة الفواكه الصيفية مثل الفراولة والكرز والعنب وأصناف عديدة ومختلفة.

ألا يوجد لكم مزارع في السعودية؟
لنا مزرعة لإنتاج بيض المائدة في وادي فاطمة وهي من أكبر مزارع إنتاج البيض.

كرجل أعمال لك حضور في الغرف التجارية والوفود التجارية الخارجية، ألم ترصد فوارق التشجيع في الاستثمار الخارجي هنا وهناك؟
في الحقيقة وسائل الإغراء في الاستثمار لدينا مازالت تعترضها بعض المعوقات. وعلى سبيل المثال لكي يأتي إلى هنا أجنبي للزيارة تمر بمشروع طويل ومتعب كثيرا، وعلى الرغم من أننا نسمع أن هناك تسهيلات في الزيارة للوفود التجارية لكن الواقع يختلف. ربما هو تحسن أفضل من السابق لكن قياسا بدول العالم والسرعة الكبيرة التي تجدها في الدول المجاورة التي تتزاحم على اقتناص فرص الاستثمار نحن متأخرون كثيرا عنهم.
أيضا المدن الصناعية في المدن الكبرى لنأخذ مدينة جدة على سبيل المثال في المراحل الأولى والثانية والثالثة تجد أن هذه المدينة رغم صغر عمرها الزمني ترهلت طرقاتها وخدماتها وليس بها سور أمان ولا خدمات كاملة مثل الكهرباء وفي المرحلتين الرابعة والخامسة ليست المياه متوافرة فيها ولا المجاري أيضا، ولكن أملنا كبير في مدينة الملك عبد الله في رابغ أن تقضي على كل هذه المشاكل الموجودة وفي القريب العاجل.

من وجهة نظرك هل ترى أن السعودة قرار اقتصادي أم أنها حماس وطني؟
يجب أن يكون قرار السعودة بحماس وطني وهو في الوقت ذاته قرار اقتصادي. ونحن نجحنا مع مشروع تنمية الموارد البشرية وحققنا اكتفاء شبه كامل في الأعمال الإدارية والمكتبية. ووصلنا في مشاريعنا الصناعية إلى نسبة 30 في المائة لكن تجربتنا في أعمال الثلاجات والتحميل والتنزيل ربما تكون قد فشلت، حيث إننا في إحدى المرات وظفنا 100 شخص لم يبق منهم سوى 15 شخصا ربما أنهم غير قادرين على الأعمال الشاقة أو لم يدركوا بعد ثقافة العمل.
بالمناسبة وأنتم أصحاب خبرة في تجارة الخضراوات والفواكه منذ عدة عقود كيف وجدت إقبال السعوديين على توطين بسطات الخضار والفواكه في الأسواق المركزية وحلقة الخضار؟
من أهم عناصر ازدهار وتطوير أي اقتصاد تشجيع المستثمرين في الزراعة والأسماك وكذلك تطوير وتنمية حلقات التسوق الخاصة بالخضار والأسماك وخلافه ووضع الأنظمة والقوانين لها لجعل تلك الحلقات وسيلة رئيسية لازدهار الاستثمار في الزراعة والأسماك، إلا أن هناك تخوفا من هذه الحلقات بخصوص المداهمات التي تجرى من حين إلى آخر للقبض على المتخلفين أو البائعين غير السعوديين, علما أن هناك لجنة برئاسة حسين عبد الله قام بتطوير الحلقة وأصبحت نسبة السعودة في البسطات والمعاشق 60 في المائة، وعادت الأسر السعودية للتسوق من الحلقة له الحق في الشراء لمنزله. غير أن المداهمات التي تحدث من فترة إلى أخرى من قبل الشرطة يجب أن يكون لها تنظيم معين من قبل اللجنة ليعملا سويا.
وعلى الرغم من مساحة حلقة جدة إلا أن المستغل منها 25 في المائة فقط وذلك بسبب تلك المداهمات غير المنظمة، والضرر الكبير على المستثمر وعلى المزارع والتاجر في تلك الحلقة. نرجو من المسؤولين وضع نظام يحافظ على هذه الاستثمارات لتصبح حلقة جدة مثالا في الحجم والنظام ومركز بيع وقوة شرائية جيدة.

ألم تفكروا في مشروع أو برنامج لتطوير الشباب السعودي؟
لدينا تعاون مع إمارة مكة المكرمة لإنشاء شركة لتدريب المواطنين، ونحن أحد المؤسسين مع 50 شركة سعودية بتنظيم من إمارة مكة المكرمة، والمساهمة غير مقيدة بمبلغ معين إنما الفكرة تكمن في إنشاء مراكز التدريب والاستفادة من إعانات الدولة لهذه المراكز، من هذا المنطلق تعم الفائدة على الجميع، وأتمنى من الشباب فقط رفع مستوى الإحساس بالمسؤولية والالتزام والصبر.

لنتحدث عن تجربتكم في مجال الملاحة؟
تجربتنا في الملاحة بدأت منذ عام 1972، ولدينا عشر بواخر ما بين تمليك وإيجار، أربع بواخر خاصة بالفاكهة والمثلجات، ولدنيا خطة توسعية بشراء أربع بواخر أخرى.

ميناء دبي سحب البساط من ميناء جدة، أنت كعضو في اللجنة الملاحية إلام تعزو أسباب ذلك؟
بكل أسف فإن ميناء دبي وميناء جبل علي سحبا البساط من ميناء جدة، من حيث طاقة التخزين، وكذلك البضائع المستوردة سواء إلى الأسواق المحلية أو الخارجية، إضافة إلى التجار القادمين من شرق آسيا وإفريقيا ومن روسيا، ويقومون بالشراء بكميات تتجاوز العشر حاويات وتحمل وترسل، مع العلم أننا في جدة أقرب إلى إفريقيا من جبل علي، ففي السابق وتحديدا في بداية الثمانينيات كان ميناء جدة ميناء حركيا في الاستيراد والتصدير، وفي الماضي كان الميناء يبيع مليون طن من المواد النفطية في الشهر للبواخر, والآن يبيع من 40 إلى 60 ألف طن شهريا فقط، والسبب يعود إلى أننا الآن لم نعد نملك البواخر، وفي السابق كان لدينا 20 باخرة الآن ميناء جدة في حاجة إلى التطوير لأنه أنشئ منذ نهاية السبعينيات، والآن لا يمتلك إلا 60 رصيفا فقط، لأنه مبني على عدد بواخر البضائع العامة التي كانت تشكل نسبة 85 والباقي بواخر حاويات، وأصبح الميناء يستقبل 90 في المائة بواخر حاويات، و10 في المائة بواخر بضائع عامة، مما يعني أن ميناء جدة وميناء الدمام في حاجة إلى إعادة التهيئة وتغيير الأرصفة وتوسعتها لكي تستطيع منافسة ميناء جبل علي وسنغافورة.

ولكن نسمع بين فترة وأخرى عن ارتفاع حجم الأعمال وكذلك المميزات التي ينفرد بها الميناء, إضافة إلى ارتفاع عدد الأرصفة؟
ميناء جدة مقارنة بالعديد من الموانئ البحرية الأخرى التي تمتد من البحر الأسود مرورا بالبحر الأبيض إلى الخليج العربي وكذلك البحر الأحمر، ما زال يتمتع بمزايا أفضل نسبيا من حيث المساحة وبعض المعدات والنظافة، لكننا غير مهيأين لاستقبال الحاويات الكبيرة، والآن بدأت إدارة الميناء بالتغيير وتم إنشاء أربع محطات للحاويات، إلا أن الأرصفة تحتاج إلى التغيير وإلى إعادة الهيكلة، إضافة إلى دراسة اقتصاديات أسعار التمويل بالماء والمواد النفطية للسفن والتأمينات والخدمات الأخرى التي مازالت أسعارها عالية مقارنة بالدول المجاورة، على الرغم من أننا دولة منتجة للنفط. ولك أن تعلم أن أجور التفريغ في فترة الثمانينيات للبواخر التي تبلغ حمولتها خمسة آلاف تفرغ بقيمة 250 ألف ريال، أما اليوم فإن تلك الباخرة تفرغ بقيمة 750 ألف ريال، والسبب تحولنا بطريقة غير اقتصادية من التعرفة بالوزن الطني إلى التعرفة بالوزن الحجمي الذي يوازي ثلاثة أضعاف الوزن الطني، بينما في ميناء جبل علي إلى هذا اليوم مازال يؤخذ بالوزن الطني تشجيعا للاستثمار.
أيضا لماذا نرفع الرسوم في التفريغ والدولة قامت ببناء هذه الموانئ لخدمة الوطن، والآن باتت هذه الأرصفة مستهلكة وقيمتها المحاسبية صفر، يجب إعادة النظر في الوزن الحجمي، لأن هذه الأسعار العالية التي لا تستفيد منها الدولة استفادة كبيرة بل يتم تحميل هذه النفقات على حساب المستهلكين.

ولماذا لم تسع إلى محاولة تقليل هذه الأضرار وأنت عضو في المجلس الاستشاري لميناء جدة الإسلامي منذ 20 عاما؟
أنا عضو استشاري وليس صاحب قرار. لكننا دائما نطرح القضية ونطالب بإيصالها إلى المسؤولين ونقدم الدراسات والمقترحات ونبحث التغيير والتطوير مع المسؤولين، وسبق أن كلف الدكتور جبارة الصريصري وزير النقل إحدى الشركات الهولندية بدراسة المشروع والبحث في تطوير الميناء بالتعاون مع هيئة الاستثمار, وخرجت الدراسة بضرورة إعادة هيكلته، وإدخال خدمة القطاع الخاص ووضع الخطة التنفيذية. ولكننا نحن نضع الأمل الكبير اليوم في مدينة الملك عبد الله بأن تأخذ هذه الأمور بعين الاعتبار، لأن يكون ميناء مدينة الملك عبد الله ميناء تصدير مؤهلا بكل الوسائل، وتكون التكاليف أقل مقارنة بالدول المجاورة، ولا أعتقد أن الدولة تبحث عن الربح بهذه العمليات البسيطة، فالدولة, ولله الحمد, غنية بإيراد النفط مما يستدعي أن نجعل كل هذه الخدمات بأسعار مغرية، وإلا بذلك نكون بعيدين عن السوق والمنافسة.

من وجهة نظرك هل المسؤولون غير متجاوبين مع اقتراحاتكم؟
اجتمعنا كثيرا ونقلت الصحف كل الاجتماعات والوعود هنا وهناك ومن ثم نسمع عن المشاكل ونراها نحن نحتاج الآن إلى تحديد المشاكل أولا بأول ووضع خطط تنفيذية والبدء في الأعمال وليس في التصريحات الإعلامية.
لماذا بدأت مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في رابغ بالعمل بعد ساعات من نشر الخبر! هنا أولويات لا تكلف كثيرا منها موضوع المدينة الصناعية في جدة وإكمال خدمات البنى التحتية وحل مشاكل الصرف الصحي والصناعي وحل مشكلة المياه.
نحن أكبر دولة تنفذ مشاريع تحلية مياه ولدينا خبرات وتجارب قيمة، لماذا لا يطرح مشروع تحلية مياه للمدينة الصناعية من البحر المقابل للمدينة الصناعية؟ حيث إن القطاع الخاص لديه استعداد للإسهام في العديد من المشاريع التي تخدم استثماره وتخفف عبء التكلفة على خدمات الدولة.
نحن لم نترك فرصة إلا ونتكلم فيها. وسبق أن قابلنا عمرو الدباغ محافظ هيئة الاستثمار في عدة مجالس وعقدنا اجتماعات خاصة وعامة ولدي تأكيد أن عمرو الدباغ يحاول بكل جهد ولكن مازالت هناك عوائق عديدة مترابطة ومتداخلة نحن نحتاج إلى تخطيط وأنظمة تحدث وتعدل وتطور ولا تتغير ثوابتها. بحيث يعلم المستثمر أبعاد خطط التنمية صحيح أن الوضع تغير كثيرا لكن بعد أن ترهلت البنى التحتية. أمامنا مشوار طويل إما أن نتغلب على طول المدة بالإنفاق على إعادة تهيئة البنى التحتية حتى ولو بمشاركة القطاع الخاص وعبر أنظمة التشغيل المنتهي بالتملك. أو أن نستمر في التنفيذ على مراحل وهذه قد تطول ومن ثم نكتشف مرة أخرى أن القطار قد فاتنا.