في ذكرى اغتصابها

في ذكرى اغتصابها .. الأحواز تعانق عروبتها
صباح الموسوي
مرت قبل أيام ذكرى اغتصاب أغنى و أهم بقعة يتم سلبها من الوطن العربي‘ بقعة تعادل مساحتها الجغرافية مساحة خمس إلى ستة بلدان عربية و يوم احتلالها كانت إمارة عربية ذات سيادة في الوقت الذي كان فيه اغلب الأقطار العربية التي تنعم اليوم بالسيادة ‘ إما غير موجودة ككيان سياسي آنذاك أو أنها كانت تحت سلطة الدولة العثمانية و الاستعمار الأنكلو – ساكسون ‘ فيما كانت الاحواز أو ما كان يطلق عليها الفرس وقت ذاك - عربستان – تعيش حرة دون أن يكون لأي من الفرس والعثمانيين وقوى الاستعمار الغربية هيمنة عليها.
كانت الأحواز أول بلد عربي يكتشف فيه النفط مما أعطاها سمعة وشهرة عالمية عززت من مكانتها وأهميتها على الصعد السياسية والاقتصادية و زاد من أطماع الدول الكبرى فيها . و لم يكن الأحوازيون يدركون يوم الإعلان عن اكتشاف أول بئر نفطي في مدينة مسجد سليمان في حزيران عام 1908م أن هذا الذهب الأسود سيكون وبالاً عليهم مستقبلا و سوف يعيشون محرومين من فوائده و لن يجنوا منه سوى الدخان الأسود والأمراض القاتلة فيما الآخرون يعشون برفاهية ونعيم من عوائده. ولم يدر بخلد الأحوازيين أن هذا النفط سيكون سببا في احتلال كيانهم وإسقاط سيادتهم وضمهم إلى دولة أجنبية وأمة أعجمية تضمر الكره والعداء لكل ما هو عربي .
كان من احد الأسباب التي جلبت النقمة على الشعب الأحوازي وجعلته يقع ضحية لتوزيع الغنائم بين الدول الاستعمارية ‘ كانت استجابت الأحوازيين لفتوى مواجهة الغزو البريطاني للعراق عام 1915م ومشاركتهم بقوة في معاركة الجهاد التي تصدوا فيها ببسالة قل نظيرها للقوات البريطانية الغازية التي دخلت عن طريق شط العرب صعودا إلى مدينة الأحواز للوصول إلى مدينة العمارة العراقية لتطويق البصرة وإسقاطها ‘ فخاض الأحوازيون معاركة الجهاد الخالدة منزلين اشد الضربات بالجيش البريطاني لمنعه من الوصول إلى العمارة وقد تمكن الأحواز يون في تلك المعركة من قتل احد ابرز الجنرالات الانكليز وهو الكونيل لوينال بال بالإضافة إلى قتل وجرح ألف ومائتي جندي بريطاني الأمر الذي دفع بالقوات الغازية إلى الانتقام من الأحوازيين بارتكاب مجزرة في حق سكان مدينة الخفاجية تفوق ببشاعتها مجزرة جنين الفلسطينية والمفلوجة العراقية .
مضت ثلاثة وثمانون عاما على اغتصاب الأحواز ولكن لم يتمكن هذا الاغتصاب من تتغير الحقيقة التي بقية عصية على تذويب أو تغيير وهي عروبة الأحواز هذه الهوية التي كانت وما تزال موضع صراع بين المدافعين عنها والساعين إلى القضاء عليها .
طوال الثلاثة والثمانين عاما الماضية تفنن الغاصب في تفريس الأحواز ‘ فعمد أولا إلى تغيير اسمها فأبدله من احواز إلى " أهواز" ومن عربستان إلى " خوزستان " ‘ و قد شمل هذا التفريس أسماء جميع المدن و الحواضر الأحوازية التاريخية فأصبحت المحمرة " خرمشهر " و الفلاحية " شادكان " و الخفاجية " سوسنكرد " و إلى آخره .
ثم عمد الغاصب إلى إلغاء التعليم باللغة العربية وفرض المدارس الفارسية و إلغاء جميع المظاهر العربية ومنع الشعب الأحوازي من إصدار جريدة أو مجلة عربية واحدة أو تأسيس جمعية ثقافية أو سياسية عربية تعنى بتثقيف الشعب احوازي أو تدافع عن حقوقه المشروعة.
ثم حاولت سلطات الاغتصاب بعد ذلك تهجير الأحوازيين ونقلهم إلى داخل المدن الإيرانية ليتم بوتقتهم في اللغة والثقافة الفارسية ولكن وجدت أن الأحوازي بطبعه يكره الهجرة وهو شديد التمسك بالبقعة التي ولد عليها ولا يمكن اقتلاعه من جذره إلا إذا تم قتله ‘ لهذا فقد عملت على نقل مئات الآلاف من الفرس وسائر الأعاجم إلى الأحواز وإسكانهم في المدن والقرى الأحوازية و بناء عشرات المستوطنات وكفلت لهم سبل الحياة المعيشية الراقية ثم أوكلت لهم مهمة تغيير ثقافة وطابع الإنسان الأحوازي .
واجهت سلطات الاغتصاب الفارسي الانتفاضات الشعبية الأحوازية بالنار والحديد ‘ فما من ثورة قامت أو انتفاضة حدثت إلا و كانت تقمع بعنف قل نظيره ‘ ولعل في قمع انتفاضة نيسان عام 2005م التي جاءت عقب الكشف عن وثيقة رسمية صادرة من مكتب رئيس الجمهورية الإيرانية آنذاك الملا محمد خاتمي تدعو فيها إلى تهجير اكبر عدد ممكن من العرب والاستيلاء على أراضيهم الزراعية و نقل إيرانيون فرس وأكراد و اذاريون للاستيطان محلهم ‘خير دليل على الأسلوب الوحشي الذي استخدم في قمع الانتفاضات والثورات الأحوازية طوال العقود الثمانية من عمر الاغتصاب الإيراني للأحواز .
و إذا كان التعامل مع الانتفاضات السلمية قد جرى بهذه الطريقة الوحشية التي شهد العالم جانبا من صورها في انتفاضة نيسان 2005م ‘ فما بالك أذن بالتعامل الإيراني مع الحركات والتنظيمات السياسية والثورية التي كانت وما تزال تطالب بالحقوق الشرعية لشعب الأحوازي .
لقد كانت الاعتقالات و الإعدامات والاغتيالات ابرز سمات التعامل الإيراني مع الحركة الأحوازية . و لعل ما قامت به السلطات الإيرانية خلال الأعوام الثلاثة الماضية ‘ من اعتقالات وإعدامات علانية طالت العشرات من المناضلين الأحوازيين ناهيك عن الإعدامات السرية و الاغتيالات وقتل المعتقلين تحت التعذيب ورمي جثثهم في نهر الكارون أو دفنهم في مقابر سرية ‘ فيه ما يكفي للتعرف على طبيعة تعامل سلطات الاغتصاب ونظام ملالي طهران مع الشعب الأحوازي. رغم أن هذا النظام ما كان ليوجد لولا التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الاحوازي إلى جانب تضحيات الشعوب والقوميات الأخرى في مواجهة النظام البهلوي المقبور .
ثلاثة وثمانون عاما مضت من عمر الاغتصاب الإيراني للأحواز كانت هذه السنين الطوال محملة بشتى أنواع القهر والإذلال وسياسة التمييز العنصري والطائفي الساعية لمحو الهوية العربية للأحواز و لكن رغم ذلك كله بقيت الأحواز متمسكة بعروبتها وبقي الأحوازيون مدافعون عن هويتهم العربية وعقيدتهم الإسلامية وسيبقون كذلك رغم انف الغاصبين ‘ فما تشهده الساحة الأحوازية من مقاومة بمختلف وسائل الكفاح ‘ وما يقوم به الأحوازيون في الخارج من نشاط سياسي وإعلامي‘ لا يدع مجال للشك أن الاغتصاب الفارسي لم يتمكن من أحداث أي تغيير في عروبة الأحواز و إن الخلاص من هذا الاغتصاب مجرد مسألة وقت لا أكثر و الأحداث القادمة سوف تثبت ذلك .
صباح الموسوي
رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

باااارك الله فيك

والله يعطيك العافيه يا بطل