اهميه العمل
لا أحد يشك في أهمية العمل سواء للفرد أو المجتمع أو الدول، والدول والمجتمعات تقاس جديتها وتقدمها باهتمامها بالعمل، والدول المتقدمة في العصر الحاضر لم تصل إلى هذا المستوى من التقدم في العلوم والفضاء والتقنية إلاّ بجدية أبنائها في العمل، وأسلافنا المسلمون السابقون لم يبنوا حضارتهم الإنسانية الكبيرة إلاّ بإخلاصهم في العمل، ولقد حصل التراجع والتأخر للمسلمين في الوقت الحاضر لعدم جديتهم في العمل مع أن الدين الإسلامي يحث على العمل الجاد فالإسلام اعتبر العمل حقاً لكل مسلم وحارب البطالة لآثارها السلبية على المجتمعات والأسر بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك عندما جعل العمل المفيد من أسباب الثواب وزيادة الحسنات، وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تتعلق بهذه المعاني ومن ذلك {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} وقوله تعالى: {ولقد مكّناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش} كما أن السنة الشريفة تضمنت العديد من النصوص التي تحث على العمل والكسب الحلال (ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده).. وقوله صلى الله عليه وسلم (من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له) والإسلام لا يفرق بين أنواع العمل بحيث يكون نوع منها لفئة معينة ونوع آخر لفئة أخرى وقد أشار القرآن الكريم إلى بعض الأعمال والصناعات المفيدة بدون أن يقصرها على فئة محددة فقد نوه القرآن الكريم بمادة الحديد التي لها دور اليوم في مجال الصناعة {وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس} كما أشار إلى صناعة اللباس في قوله {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين} وبصناعة السفن {واصنع الفلك بأعيننا ووحينا}، كما أشار إلى الزراعة {أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون} ولقد كرم الإسلام العاملين ولم يستعب أي نوع من العمل الشريف، فقد رفع الزكاة عن آلاف المحترفين وخففت الجزية عن ذوي الصناعة والزراعة. وقد كان أنبياء الله ورسله يعملون في مهن مختلفة فقد كان آدم عليه السلام يعمل في الزراعة وداود عليه السلام في الحدادة ونوح عليه السلام في النجارة وموسى عليه السلام في الكتابة وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في الرعي والتجارة، كما أن من الصحابة الكرام من امتهن التجارة كأبي بكر الصديق، والحدادة كخباب بن الأرتّ والرعي كعبدالله بن مسعود وصناعة الأحذية كسعد بن أبي وقاص والخدمة كبلال بن رباح والخياطة كالزبير بن العوام، وفي هذا المجال يقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه (إني لأرى الرجل فيعجبني فأقول أله حرفه فإن قالوا لا سقط من عيني)..
|