الخزف

مولد الخزف الصيني: إن الخزف الصيني الفرنسي، مثله كمثل الغانية، لا يفصح بسهولة عن تاريخ مولده...

ومع ذلك فهو يقر بنشأته الصينية، ويرى المؤلفون أن صناعته قد اخترعت فيما بين عامي 185-188 قبل الميلاد. وفي حوالي عام 1720م كان الأب انتريكول يقوم بالتبشير في الصين، وهو يؤكد بأن مدينة كينج تي شين ، كان بها في ذلك الوقت مليون من السكان و 3000 فرن لصناعة الصيني.
وقد استوردت أوروبا قطعاً رائعة من هذه الصناعة في القرن السادس عشر، وذلك عن طريق الملاحين البرتغاليين والبنادقة القادمين من "الهند الشرقية" .
عام 1689م: عندما اقتضت الحال إنقاذ مالية المملكة الفرنسية التي أثقلتها الديون، نتيجة للحروب المتتالية، جمع الملك لويس الرابع عشر ما عنده من آنية ذهبية، وكذلك عرشه المصنوع من الفضة، وأمر بتحويلها كلها إلى نقود.

وقد شمل هذا الإجراء كل ما كان في قصوره من مصنوعات ذهبية وفضية وأطباق من المعدن الثمين، وُضعت كلها في بوتقة للصهر.

ومجاراة للملك في تضحيته، أخذ أمراء وأميرات البيت المالك وأفراد الحاشية، يستخدمون الخزف" وهم يتفاخرون بوطنيتهم ". ولكن هذه الخطوة الوطنية أثارت مشكلة: لقد كانت المصنوعات الخزفية الفرنسية، المصنوعة من الصلصال المحلي، ذات مظهر رديء وكان استخدامها مقصوراً على الطبقات الدنيا.

والأدهى من ذلك أنها مجردة من أي ميزة مظهرية، مما يجعلها غير مناسبة " للعرض" على موائد هؤلاء العظماء.

هذا ولم تكن المصنوعات الخزفية الأجنبية، من هولندا وألمانيا وإيطاليا وانجلترا لتكفي سد احتياجات الاستهلاك المحلي. وفي نفس الوقت، حاولت مراكز صناعة الخزف الفرنسي في مرسيليا، وموستييه سانت ماري، وروان، ونيفرز، أن تنافس الصناعة المستوردة وتبتكر الرسوم والزخارف الجديدة، ولكن دون جدوى.

لقد حافظت شركة الهند الشرقية على مكانتها، وظلت المصنوعات الخزفية من إنتاج الصين واليابان مزدهرة في أسواق فرنسا، جنباً إلى جنب، مع الحرائر والكيمونوهات، أما منتجات مقاطعة بروفانس، فلم تحظ بالتقدير، وفي نفس الوقت فإن أفرانها التي كانت معدة للوصول بها إلى درجة حرارة 1100ْم انفجرت عندما حاولوا رفع هذه الدرجة إلى 1400ْم.

عام 1738م: تمكن المصنع الذي أقيم في حصن فانسين والذي أصبح مصنع سيفر الشهير، من الاهتداء إلى التركيب النهائي لتلك المادة الفريدة، ألا وه الخزف الصيني اللين(العجينة اللينة)، والتي تولتها مدام دي بومباردو برعايتها. وسرعان ما أصبح ملوك أوروبا الذين يزورون بلاط لويس الخامس عشر يحملون معهم، عند رجوعهم، قطعاً من تلك المصنوعة الرقيقة التي أنتجتها فرنسا تحت رعاية الملك المحبوب 15.

عام 1770م: وأخيراً اكتشفت مناجم الكاولين في سانت ايريكس، فوضع هذا الاكتشاف حدا للأبحاث المتتابعة، التي كانت قد بدأت قبل ذلك التاريخ بعشرين عاماً، للوصول إلى الخزف الصيني الصلب، أو المفتاح للفن الصيني، وابتداء من ذلك الوقت أخذت العجينة الصلبة تحل محل العجينة اللينة.