#1
|
|||||||||||||
|
|||||||||||||
عبد الواحد شاهد على العصر
عبد الواحد شاهد على العصر ..
الكاتب : سعيد صالح المرضي المقالة الأولى " أما قبل " هذه سلسة من المقالات المتتالية والمترابطة تلقي بعض الضوء على بعض قصائد الشاعر عبد الواحد سعود الزهراني التي سجلت حضورا غير عاديا في أغراضها ومناسباتها وتلقاها الناس بغير ماتلقوا قصائد أخرى له أو لشعراء آخرون . قصائد كانت من وجهة نظري شاهدة على العصر وذلك يكفيها . اســــــتهلال : عندما نتحدث عن ظاهرة عبد الواحد الشعرية ، وأثرها في الحياتين الأدبية والاجتماعية في الجنوب ، بل في كثير من أنحاء المملكة، فإن ذلك لا يغدو غريبا ولا مستحدثا ، عند أناس عرفوه معرفة الأخ ،والصديق ، والزميل ، والشاعر الذي لا تغيب صورته عن مجالسهم ، ومناسباتهم ، وساحاتهم ، حتى غدا أكثرهم يضعه في قاموسه وأولوياته ساعة الحديث عن الفحولة الشعرية ،وعن قوة النوع الشعري ، وقدرته على صنع الجزالة في اللغة والأسلوب ، والرؤيا وفي جعل أغراض الشعر حاضنة للكثير من المجسات التي يمكنها أن تلامس [ خفايا العصر ] أو ربما تشارك في كتابته ولو بطريقة مغايرة ..!! واحسب أن شاعرا يمتلك هذه القدرات وهذه الخصال ينبغي أن يحظى باهتمام استثنائي لحياته وإنتاجه، بدءا من مكان ولادته ، مرورا بطفولته ، ومعرفة هواياته ، وأترابه وعالمه العائلي ، والبيئي والمدارس والجامعات التي تعلم فيها ، والمعلمين الذين أعطوه العلم والمعرفة ودروس الشعر ، والكشف عن الخصائص والاستعدادات التي يملكها ، والتي أسهمت في خلق شخصيته وأغراضه وفنونه الشعرية. وأعلم أن الإحاطة بكل ذلك أشبه بالمستحيل لكنه لا يقف عائقاً دون المضي في دراسة أجزاء من تلك الجوانب ســيّـما في حياته المديدة – إنشاء الله – والعامرة بمزيد من الإنتاج والإبداع . أقول ذلك لأن الحياة العربية لا تزال تثبت وتؤكد يوما بعد آخـر أن علينا دائماً انتظار المــبدع حتى يموت لكي نتسابق في الإعلان عن حقنا ( المتأخر ) في الإصغاء إليه وأتساءل لماذا يتوجب علينا دائماً، في الحياة العربية، أن نأتي متأخرين عشرات السنين لكي نصغي إلى مبدعينا المتقدمين . إنني أتفهم أن يسبق المبدعون عصرهم، ولكن ألا يلحق العصر بالمبدعين وأن يتأخر عن النص وعن صاحبه المبدع إلى هذا الحد المخجل فإن ذلك مالا أفهمــه بل إن ذلك يؤكد أن هناك خلل بل عطب حضاري يفتك بنا ومرض أزلي وغيبوبة أبدية خيمت علينا لا نكاد نفيق منها إلا لحظات تأبينية ثم مانلبث معــاودة الإغفاء مرة أخرى . وبينما يتم هــذا عندنا فإن في احتفاء الثقافة الأوربية بتفاصيل رموزها الإبداعية وتهيئة كل الإمكانات المادية والبحثية لدراسة هذه الرموز حدّ تأسيس المتاحف الخاصة بهم ووضع كل مفردات هذه التفاصيل أمام أعين الزوار والقراء وإدامة هذا الجهد بصورة دائمة ،، وكأنه جزء من الاحتفاء بالتاريخ والحضارة التي أغنى وجودها تطور المجتمعات والبيئات وصناعة الجمال الخالد .. ومثل ذلك ماينبغي عليه أن يضعنا أمام ضرورة إعادة النظر في الكثير من خفايا هذه الموضوعات وضرورة تسمية الأشياء بأسمائها دون عقد أو حساسيات من الإيديولوجيات أو الأمكنة أو سيكولوجيا الأعراق والعصبيات المسئولة عن جزء كبير من تخلفنا وعقوقنا !!! مدخـــــــــــل : عندما قال " ييتس " " القصيدة هي نفسي" فهو لم يزد على وصف المشاعر المشتركة والمتبادلة بين ذاته والقصيدة . ولا يفاجئنا نزار قباني حينما يرى الشعر رغيفًا ساخنًا من الكلمات الذي نقتسمه معًا، وثوبًا بديعًا من المشاعر والانفعالات التي نلبسها معًا... وإذا دققنا النظر في كلمة " معــاًَ " عند نزار فأننا سنفهم سر " تجوله داخل النفس ...ليحمل أحيانًـا أجوبة لا أسئلة لها وأحلامًـا لا تفسير لها... أما أدونيس فقد أكد أن الشعر لا ينتهي، بل يظل مشروعا قائما وان وعي الشاعر لا يرتبط بالتاريخ أو الماضي فقط ، بل يبدأ من الذات اليقظة المتقدة بالوعي والاستباق . وعندما يبدي الشاعر محمود درويش رأيه فإنه يقول : والشعر لدى عبد الواحد ليس كلمات وأحرف منظومة في إطار سياقي بل ثمة أبعاد تتخفّى خلف وهج قصيدته ، وقد تكون القصيدة عنده فكرة أو حالة أو حدثـًا....وقد يكون سؤالا ميتافيزيقيـًا، فهي أشبه بغيوم لها أشكال يجب أن تتحول إلى صور أو مطر...أما الصور فتتكون عندما تجد إيقاعها ، وأما المطر فإنه يحي الأرض ويغير وجهها . ولقد استطاع هذا الزهراني الحالم، المسافر كثيرا في دنيا الخيال ، أن يخط لنفسه مسارا شعريا متفردا، يتداوى به من الوجع، والحنين، والخوف، والترقب ، والحلم بمستقبل مشرق ...ليصنع من هذه العناصر المتناثرة تاجا من الأماني، لقرائه، وللحالمين، مثله، بغــدٍ أجمل .
•
رحلة في ذاكرة الشاعر جريبيع رحمه الله
• أهالي رباع : الخير في مقدمكم يانسل الكرام ( عكاظ ) • رسائل واتس اب جديدة كل يوم .. شاركونا بكل جديد
آخر تعديل صقر الجنوب يوم
09/06/2008 في 12:50 PM.
|
اخر 5 مواضيع التي كتبها صقر الجنوب | |||||
المواضيع | المنتدى | اخر مشاركة | عدد الردود | عدد المشاهدات | تاريخ اخر مشاركة |
دهاء الشيخ محمد بن يحيى العسيري شيخ رباع | تاريخ قرية رباع بين الماضي والحاضر | 0 | 233 | 20/10/2024 02:27 PM | |
وقفات ودروس من حروب بخروش بن علاس ضد جحافل... | تاريخ زهران وغامد | 2 | 3098 | 17/09/2024 11:11 PM | |
الشعراء بن حوقان وعبدالواحد | منتدى القصائد الجنوبية ( المنقولة) | 0 | 12350 | 04/01/2024 11:35 AM | |
القصة (مورد المثل) | منتدى القصص و الروايات المتنوعة | 0 | 8331 | 02/01/2024 09:28 AM | |
الله لايجزي الغنادير بالخير | منتدى القصائد النبطية والقلطة ( المنقولة) | 1 | 8809 | 28/12/2023 05:06 PM |
09/06/2008, 12:37 PM | #2 |
المؤسس والمشـــرف العــــام
|
لماذا عبد الواحد شاهد على العصر ..؟؟
لأن عبد الواحد ببساطه يمتلك الفكر الخلاق الأصيل وكل تعابير الثقافة الشعبية التي تبدأ من الناس وتنتهي إليهم . ولأن القصيدةُ عند ه لاتغلق أبوابها ، فهي أفقُُ مفتوحُُ وبحثُُ مستمرُُ عن ماهية الحياة في الإنسان والإنسان في الحياة . ولأننا في أناشيد عبد الواحد نسمع صراخ الحجل وأنين الحمام وبكاء اليمام وتغريد عصافير الفجر . ولأنه الشاعر الاستثنائي الذي يضع يدهُ على جرحنا النازف فيصفه ويصوره ويصوغه قصيدة نتغنى بها ونحن نرقص رقصة " الموت " ألم يقل يوسف خال ( في هذا الزمن لم يتبق لنا سوى القصيدة ) ولأن عبد الواحد يحاول عبر القصيده تغيير المجتمع بقوة الكلمة والدعوة إلى مجتمع خال من الشرور، والأوبئة، والأمراض، والتخلف، والقمع، والاضطهاد، مجتمع مليء بالزهور، والفراشات، والحب وهو في هذا المنحى، يحاول تجسيد ما قاله الفيلسوف الألماني هايدجر: [ البديل الخلاق للعالم الحقيقي المشوش، هو مملكة الشعر والروح ] ولأنه لا يمل من الغناء، والإصغاء إلى أصوات المهمشين، والعاطلين، والمنسيين... يواسيهم بكلمات من رذاذ المطر، وكلمات من ظلال الغيوم ، ويصنع لهم تيجانا قوامها القصيدة، ولأن حولياته وقصائده التالية قد حوت كلما أسلفت فإنني سأحاول من خلالها أن أقدمه شاهد على العصر : .السيرة الذاتية استطاع عبد الواحد أن يؤسس عالمه الشعري القائم على عذوبة اللغة وشفافية الصورة الشعرية وعمقها وأن يقف في مقدمة الصفوف مع عمالقة الشعر الجنوبي عبر تاريخه الطويل . وحين نقرأ سيرته الذاتية فإنها تقول : ( درس الابتدائية والمتوسطة والثانوية في مدارس بالخز مر وتخرج منها عام 1408 ،ثم أتم تعليمه الجامعي في كلية المعلمين بالطائف تخصص رياضيات عام1412 ، وحصل على الماجستير إدارة وتخطيط من جامعة أم القرى عام 1424 ) عبد الواحد بن سعود بن سعيد الخز مري الزهراني المولود عام 1390 في قرية الدركة إحدى قرى بالخز مر، عاش وتربى في أحضان الشعر فأبوه سعود شاعر مازال يقرض الشعر إلى وقتنا الحاضر وكانت قصائده تنضح سمع شاعرنا كل لحظة وتشكل وجبة رئيسية يومية في حياته نشأ وتربى وترعرع على إيقاعها ، وألحانها بل وحتى صداها الذي كان يحتل كل ذرة في المنزل ، وقد كان لاهتمام الوالد بشاعرية الابن منذ وقت مبكر أكبر الأثر في نمو موهبته الشعرية ، فقد تعهدها بالرعاية والعناية والصقل وحسن التوجيه ، وكان شاعرنا ينصت باهتمام غير عادي إلى كل شريط عرضة يحضره الوالد ، فيسمع طرف القصيدة الأول ويغلق المسجل ليرد عليها ثم يفتح المسجل ليسمع الرد ويقارنه مع رده فيما يشبه التعلم الذاتي . ولما التحق بمدرسة بالخز مر الابتدائية عام 1396هجرية أنضم وهو طالب في الصف الثالث إلى جماعة الإذاعة المدرسية التي كان يشرف عليها مدرس اللغة العربية ومشرف المسرح المدرسي الأستاذ المصري ( عبد الحميد احمد متعب) ، والذي يعتبر المكتشف الأول لشاعرية عبدالواحد ، والذي أسهم بشكل كبير في صقل وتنمية موهبته الشعرية ، وكانت بداية ذلك أنه أعجب بقصيدة كتبها عبد الواحد بالفصحى ، وقدمها في إذاعة المدرسة ، وكانت هي المؤشر الأول لملكة عبد الواحد الشعرية التي اكتشفها فيه أستاذه ، وكلفه على إثرها بكتابة قصيدة جديدة كل أسبوع ومن ثم إلقاءها في الإذاعة المدرسية كل يوم أحد ، ومما زاد من تألقه وتعلقه بالشعر منافسة زميله الطالب صالح الدقلة الذي أوقد شعلة الحماس والمنافسة في نفس عبد الواحد في مجتمع المدرسة . خمس قرى في زهران وثلاث في غامد تزفه إلى ساحات العرضة مولغ ، الفصيلة ، السر فه ،عويرة، القهاد ، الزرقاء ، الظفير ، الغانم لم يكن ينتظر ذلك الصغير من أحد أن يشفق أو يجود عليه في ساحات القوافي ، فقد اقتحمها عنوة رغم صغر سنه ، متسلحاً في ذلك بموهبة شعرية فذة ، وجسم نحيل يتفجر ثقة وجرأة تتعدى عمره الصغير ، وكانت بداياته الشعرية قد شهدتها ثمان قرى هي : 1/ مولغ تحتفل بمولد صبي شاعر عندما كان طالبا في الصف الأول في مدرسة بالخزمر المتوسطة عام 1403حضر مع طلاب المدرسة حفل زواج في قرية [ مولغ ] وكان يحي الحفل عمالقة الشعراء حينها ، محمد بن مصلح ، وبن طريخم ، والصغير، وأستأذن " طالب الأول متوسط " بن مصلح في الرد على إحدى قصائده فرفض لأنه لا يعرفه ولكنه قال له إذا كان عندك قصيدة فلا مانع وألقى شاعرنا أول قصيدة في حفل جماهيري عام وكانت بداية قوية وموفقة نالت استحسان الناس وإعجابهم وطارت بخبره إلى القرى المجاورة. 2/ قرية الفصيلة تسامعت القرى المحيطة بمولد شاعر من قرية [ الدركة ] بعد مشاركته بن مصلح في قرية مولغ وتناقلت الركبان خبر ذلك الصبي ،وأصبح حديث مجالسها وأماكن سمرها ،وبعد أسبوعين جاءت الشاعر الناشئ أول دعوة في حياته – كشاعر - من قرية الفصيلة ، للمشاركة في حفلة زفاف يحيها الشاعر المشهور " منشار " فشارك الشاعر الناشئ واستحوذ بمشاركته على قلوب الناس وأصبح حديث بالخزمر إلا والده الذي كان يخشى على ابنه سطوة الشعراء ورهبة المواقف في الحفلات . والده يختبره ثم يجيزه كانت مشاركة الشاعر الناشئ عبدالواحد في حفلة قرية الفصيلة ،أثناء غياب والده في المنطقة الشرقية لإحياء إحدى الحفلات ولما عاد وجد خبر مشاركة أحد أبناءه إلى جوار الشاعر منشار قد شاع وانتشر فأفزعه الأمر ووقع عليه وقع الصاعقة لما يعرفه الوالد الشاعر من صعوبة بدايات التجربة الشعرية وقسوتها ومراراتها وكثرة ما سببته للشعراء المبتدئين من إخفاقات أبعدت أكثرهم عن ساحة الشعر نهائياً . وهاله الأمر ولم يقبل به لصغر سن ابنه وخوفه الكبير عليه من الفشل وظنه أنه لم يصل بعد إلى درجة النضج الكافية لمقارعة فحول الشعراء والوقوف إلى جوارهم كتفا بكتف وقصيدة بقصيدة فرفض رفض قاطعا السماح له بتجربة أخرى وأغلظ في ذلك وشدد . وظل ذلك الأمر يشغل باله وتفكيره وهو يقلبه على كافة الوجوه وامتداح الناس لشاعرية ابنه المبكرة يطرق سمعه أنى ذهب مما جعله يعيد النظر في قراره السابق بعدم السماح له بارتياد ساحات العرضة . وذات مساء وكل أولاده متحلقين حوله قال موجهاً كلامه شعراً لابنه عبد الواحد قال القصيدة وأعقبها قائلا: إذا كنت شاعرا فرد على هذه القصيدة .... لم يضيع صغيرنا الفرصة ولم يدعها تفلت من يديه ، انتحى جانبا، وبعد لحظات جاء بالرد التالي فرح الوالد فرحا شديدا بهذا الرد الذي فاضت به قريحة الابن ، بل كاد يطير من الفرح وكاد من فرحه أن يعانق النجوم وأن يسبح في الفضاء مع الغيوم وذلك لأنه تأكد وبما لايدع مجالاً للشك من شاعرية ابنه فأطلق له العنان وأجازه بعد أن نجح في الامتحان وسمح له بعدها بارتياد ميادين القريض . 3/ قرية السرفه إلى إحدى قرى تهامه اصطحبه والده ليجدا أمامهما أحمد بن زربان " حوقان " ، الشاعر الأشهر ، وفي غور تهامة ، وفي قرية السرفة جاء الامتحان الأصعب ، وعبر مجالسيه في الليلة السابقه للزواج وضع شاعرنا – في موقف لا يحسد عليه – أمام والده وابن حوقان وكان عليه أن يثبت ذاته ويؤكد جدارته واستحقاقه وأعطي الدور لشاعرنا في البدع والرد ونجح بامتياز فاصطحبه ابن حوقان إلى جواره في حفل الزفاف يبدع ويرد وهو يلمح في كل ذلك علامات الإعجاب والرضا من الشاعر الكبير والذي كان يكرر باستمرار كلمة (( عشـــت )) عند نهاية كل بيت يقرضه الشاعر الوليد 4/ قرية عويرة ومن قرية عويره تصله الدعوة الثانية وبتوصية من أحمد بن زربان الذي أشار على مستضيفيه بأنه يرغب أن يكون مصاحبه في هذه الحفلة شاعر ناشئ صغير خزمري يدعى عبد الواحد سعود من قرية الدركة وهي [ الإجازة ] الثانية في حياته بعد إجازة والده ولم يكذب شاعرنا الخبر وكان كما أراد أبن حوقان وكما تمنى والده من قبل ، فأوقد مشاعل السمر في قرية عويرة التي رددت خلفه بابتهاج كل قصائده ومغانيه وهي تتكئ على القمر ، وتنام على الغيوم . 5/ قرية القهاد وفي قرية القهاد تقابل للمرة الثانية مع ابن مصلح ومن موقع الند وموقع المحترف وبصحبة والده تقاسم معهما المهمة وقدم الشاعر الناشئ في تلك الليلة وعلى مرأى منهما ألوان من عذب الكلام وروائع القوافي مما اجبر بن مصلح في نهاية الحفل أن يطلب من والده الموافقة على أن يصاحبه في كل حفلاته خلال ذلك الصيف . 6 / قرية الظفير في هذه القرية خرج عبد الواحد من حدود قريته وقبيلته بالخزمر إلى أفق أرحب وعالم أوسع وبمصاحبة سيد العرض يومها بلا منازع ومعتلي قمة مجدها "محمد بن مصلح " الذي اختار هذا الصبي الصغير الناشئ ليقف إلى جواره يحدا ويغني ، يبدع ويرد ويتمايل طربا بألحان عذاب وقصائد جزلة معبرة رددت جبالها البريدة وشهبه وسالت عذبة سلسة كمياه وادي قوب تلوي الأعناق وتنتزع كلمات الإشادة والتقدير و الإعجاب وهكذا أصبح هذا الناشئ مطلب لكل صاحب حفلة يبتغي الشهرة والأمجاد . 7 / قرية الزرقاء وفي هذه القرية الصغيرة الوادعة الرابضة على ضفاف قوب كان عبد الواحد على موعد مع ذلك الشاعر العملاق القادم من أعماق الصحراء صاحب الأسلوب المختلف والشخصية المتفردة والقصائد الطوال والكلام البدوي الغريب واللفظ الصحراوي الوحشي . التقى الشاعر الصاعد عبد الواحد " إبن القرية " مـــع " محمد الغويد البدوي إبن العقيق " فكان عند حسن الظن ولم يتعثر ولم يعجز في مسايرة الغويد المدرسة المختلفة في كل شئ بل أبدع فتمسك به وترافقا فترة طويلة حتى فاقا الجميع وشكلا ثنائياً لا يشبهه أي ثنائي أخر وسارت بأخبارهما الركبان وبهذا اللقاء أعطى الغويد [ الإجـــازة ] الثالثة لعبد الواحد بعد إجازتي والده وحوقان 8 / قرية الغانم لم يكن عبد الواحد في حفلة الغانم بحاجة إلى تزكية جديده بعد والده وحوقان والغويد إلا أن الأقدار قدمته ليجد نفسه وقد وقف إلى جوار قامة شعرية مهيبة هو الشاعر [عيضه بن طوير المالكي] في قرية تقع على حدود القمر بين غامد وزهران ، قرية تقع في مشرق الشمس حيث تسبق الجميع في الاستمتاع بنسائم الفجر وجمال الإشراق وإطلالة الشمس وهناك تشرق موهبة عبدالواحد كإشراقه الشمس بنورها الوهاج ويزيد من تألقه أنه في حضرة ( دكتور القصائد ) الذي لايعرف إلا الإبداع والمبدعين وكما أبدع في غور تهامة وفي قمة عويرة أبدع هنا في مشرق الشمس وأبدع في كل مكان يتردد فيه صوت الزير الذي خاطبه ذات مساء قائلاً : |
•
رحلة في ذاكرة الشاعر جريبيع رحمه الله
• أهالي رباع : الخير في مقدمكم يانسل الكرام ( عكاظ ) • رسائل واتس اب جديدة كل يوم .. شاركونا بكل جديد |
09/06/2008, 12:39 PM | #3 |
المؤسس والمشـــرف العــــام
|
كما ذكرت سابقاً فسيتم اعتباراً من هذه الحلقة - إن شاء الله - استحضار الشاعر عبد الواحد شاهد على العصر عبر بعض قصائده المختارة ، والمشهورة والتي عبر بها عن حالة من حالات العصر وقدمها شهادة في رحاب الزمن ومسرح الحياة، ومن غير المعقول أن نبدأ في ذلك دون أن تسبقنا قصيدته (( خط الجنوب )) وتقفز إلى المقدمة لتفرض نفسها شهادةٍ أولى لتسجل أهم أمر استحوذ بدمائه وحوادثه اليومية على أفكار الناس صباحا ومساءً بما تتناقله الركبان ووسائل الإعلام وما تمتلئ به الذاكرة من أحداث جسام سفكت فيها دماء وتحولت الأجسام إلى أشلاء وتطايرت الأحلام فأصبحت هبــاء . هذه القصيدة الشهادة التي اقتحمت مواقع الوجع فينا ، واستوطنت مع الدمع مآقينا ، ونبتت كالصبار على مساكن أحزاننا ، واقتحمت منازلنا من نوافذها وأبوابها ، ووقفت تنوح كالثكلى عند كل منعطف وجوار كل جسر وفوق كل صخرة على هذا الطريق . القصيدة الصرخة والقصيدة الدمعة والقصيدة الجرح والأنين والدماء والألم . وقد استدعى صوت الشاعر الواقع المعاش في هذه القصيدة الفاجعة " خط الجنوب " بكل شفافية وأمانه، في تداع نفسي وفني مترابط، يلون الصور بالنقد الجارح والسخرية المرة التي تلائم الندب من جهة، والشكوى من الأحداث والمصائب التي سببت كثير من الأحزان و الهدر والخسائر البشرية والاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى . وتعتبر هذه القصيدة النقطة الهامة التي صاغت بدايات الشخصية الشعرية المتفردة لعبد الواحد تدلنا عليه وتدله علينا وجعلتنا نظل دوما في حالة انتظار وترقب لقصيدة جديدة منه تؤرخ وتشهد على واقعة أخرى من وقائع عصرنا . يقول صاحب العبقريات [ عباس محمود العقاد ] في كتابه [ إبن الرومي حياته من شعره ] إن "الشاعر الذي لا نعرفه من شعره لا يستحقّ أن يُعرف ويقول الجاحظ في كتابه البيان والتبيين: [ الكلام غاية ولنشاط السامعين نهاية ] ولابد أن يكون لكل عنوان دلالة ، فهو البوابة التي منها نطل وندلف إلى العمق ، إلى الجوهر ، فلا بد أن يرمز إلى شيء ، وأن يكون قاسما مشتركا بين الكل ولأن الانصهار ذوبان ، والامتزاج اختلاط ، ،فإن الشعر حين ينصهر في ذات صاحبه فلا نستطيع أن نخلعه عنه ، يبقى سمة وميزة شخصية تؤكد وتبرهن أن هذا الشعر هو شعر فلان ، لما له من سمات ذاتية تميزه عن شعر الآخرين ، وهكذا يمتزج الشعر بصاحبه ، هذا الامتزاج الذي يفجر كوامن القصيدة ويعطيها حرارة الصدق ، وجوهر الحقيقة ، وهل هناك تمازج وتداخل بين الشاعر وقصيدته وبين الشاعر وما يحيط به أكثر من التمازج الشامل في قصيدة[ خط الجنوب ] أي انصهار هذا ..؟؟ وأي مشــاعر تذوب في هذه القصيدة ..؟؟ إن القارئ المتأمل جيداً لهذه القصيدة لايملك إلا أن يضع يده على قلبه خوفاً وإشفاقاً على صاحبها من جور ما حمله في قلبه من ألام وأحزان انتقلت وانتشرت في قصيدته انتشار النار في الهشيم ويكفي للدلالة على ذلك بيت واحد أستهل به عبد الواحد قصيدته ومنه انطلقت كل شلالات الأحزان والآلام قــال أبو متعب الله لا يسامحـك يـا خـط الجنــوب نعم ( الله لايسامحك ) فقد ظللت سنوات وأعوام وأنت تشرب دماء أحباءنا وأطفالنا وشبابنا وشيوخنا في غير هوادة ولا رحمه ، كنت ومازلت تبث فينا الرعب وتملأ جوانحنا بالأحزان. وقد صاغ عبدالواحد الأحزان التي بثها عبر القصيدة كلها في قالب فني صادق وأخاذ ومعبر عن الحدث انتزعه من تراكم الليالي وأحداثها وما طبعته في نفسه وما تركته من صور برزت في كل حرف من أحرف القصيدة، ولا نستطيع أن نقول أن العمل الفني ليس فيه من صاحبه الكثير ،إذ لابد أن يعبر العمل الفني عن شيء ما بداخلنا سواء كان شعورياً أو لا شعوري أنه شعر الجنوب الدافئ ، المنصهر مع الذات ، والممتزج بالقصيدة ، الشعر المشاعر ، الشعر المتوهج بحرارة قلوب أهل الجنوب ، الذي يمتزج بكل أنهار التجديد ، ينهل بوعي ليبقى بسماته وصفاته هو الغالب المسيطر ، يدخل مناطق التجديد بحرفية ، قد ينصهر مع الغير ، لكن قوته تظهره ، كما نصهر النحاس مع الذهب ، فيبقى الذهب ذهبا ، ولا وجود للنحاس المنصهر معه ويتيــم يقــل لك يـا طـريـق الجنـوب أيتمتني ، وميزة عبد الواحد أنه لا يقبل أن يتدنى بمستوى القصيدة من أجل النجاح السريع ، ومع تمسكه الشديد بذلك تراه قريب من الجماهير، يعيش بينهم ، يتعاطف معهم، يحس بدفئهم وآلامهم وأفراحهم ،فالقصيدة الحقيقية عنده هي التي تمس شغاف قلوب الغالبية من أقصر الطرق، تتفاعل معهم ،و تعبر عن أحلامهم وطموحاتهم ، تمتزج بهم ، تنصهر في ذواتهم وتتفاعل مع قضاياهم ، هكذا الشعر يكون، الشعر المشاعر ، الذي يلامس شغاف القلوب ويعزف على أوتارها ألحان الحزن والفرح حتى تسفح الدموع وتنهل العبرات الدمـوع التـي فـي العيـن فجـرت منهـا مـا تحجــر واسفكـت الـدمـا واحـرمـت الاكبــاد فـي لذاتـــها يمتاز أسلوب عبد الواحد بالتركيز وبإبداع عفوي يفوق حدود المألوف، ويعتمد لغة الصورة،الممزوجة بعاطفة جياشة محلقة في سماء الوله ( الأبوي ) الذي نراه قد ظهر جليا واضحا في قصيدته متعب ذلك الطفل المدهش القابع في أعماقه والذي غناه لحنا شجياً ناجى به ذلك الطفل القابع في أعماق كل إنسان وعن هذا اللون العاطفي الشعري تقول وسيلة محمود الحلبي [ نعم.. قد يكون الشعر بوحاً ذاتياً، تثقله المعاناة ويؤطره الأسى، ولا سيما إذا أصبح الوجود يتمثل في مرآة الذات الجريحة والمفعمة بالألم.. فيأتي الشعر حينها مرتبطاً بالحزن ارتباطاً وثيقاً..] وتقول بنت الشاطئ في كتابها (الشاعرة العربية المعاصرة): (الوجدانية هي العنصر الجوهري المشترك بين الفنون جميعاً ودونها لا يكون الأدب فناً . ) وكما الناي الجبلي الحزين نرى في شعر ه الحزن الذي يعبر عن حاله وحالنا بطريقته الخاصة . وهو ذات الحال الذي وصفه بول فاليري مرة : بأنه ترياق التخلص من ألم الفجيعة . في هذه القصيدة الوجدانية نعثر في عبد الواحد على شخصية أب حنون يبث أشواقه الأبوية لمتعبٍ مازال في غامض علم الغيب عنده وعند كثيرين أمثاله وقد وقعوا في ما يشبه ( الشيزوفرينيا ) وهو داء التناقض والصراع بين رغبة الانتظار في مجئ الطفل والخوف عليه إن جاء من المستقبل المجهول المثير للفزع والرعب ومن الأخطار الحقيقية التي تنتظر ذلك الطفل في كل زاوية ومنحنى من مناحي الحياة التي نعيشها والمليئة بكافة أنواع المخاطر والتي ترد علينا عبر كل وسائل الاتصال والإعلام والمستوردات الخلقية والمادية المليئة بألوان وألوان من المفاسد ووسائل الهدم |
•
رحلة في ذاكرة الشاعر جريبيع رحمه الله
• أهالي رباع : الخير في مقدمكم يانسل الكرام ( عكاظ ) • رسائل واتس اب جديدة كل يوم .. شاركونا بكل جديد |
09/06/2008, 01:40 PM | #4 |
شاعر وعضو شرف منتديات رباع
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي صقر الجنوب الشاعر عبد الواحد شاعر متمكن وله اسلوب في غايت الروعه في ايصال القصيده الى قلوب سامعيه ومحبيه ولديه موهبه شعريه اشرق نورها منذ ايام طفولته. فهو فارس في ميدانا الشعر لا يشق له غبار. شكراً اخي صقر الجنوب على هذا الطرح الرئع , |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
|
|
الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية ) |
|||||