#1
|
|||||||||||||
|
|||||||||||||
قصة لقد أسمعت لو ناديت حيـا
قصة لقد أسمعت لو ناديت حيـا
لقد أسمعت لو ناديت حيـًا ولكن لا حياة لمـن تنادي ، ولو نارٌ نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في الرماد ، ارتبطت الأبيات الشعرية منذ القدم بمجتمعنا العربي ، فنحن قوم الفصاحة والبلاغة ، وفينا أنزل القرآن بلهجة عربية خالصة ، وقد كان للشعر مكانٍة كبيرة على مر الزمن ، وكان الشعراء دومًا مقربين من بلاط الأمراء والملوك ، وكثيرًا ما كنت أشعارهم تعبر عن تجارب ذاتية ، أو معاصرة ، وهذا البيت اشتهر به الشاعر عمرو بن معدي كرب بن ربيعة الزبيدي ، الذي عاش في الفترة بين عامي 525، 642م ويقول الشاعر في بعض أبيات له : ألا غدرت بنو أعلى قديما *** وأنعم إنها ودق المزاد وهذه الأبيات تقال فيمن لا فائدة فيه ولا رجاء ، ومهما حاولت نصحه لم يستجب.ومن يشرب بماء العبل يغدر *** على ما كان من حمى وراد وكنتم أعبدا أولاد غيل *** بني آمرن على الفساد لقد أسمعت لو ناديت حيا *** ولكن لا حياة لمن تنادي ولو نار نفخت بها أضاءت *** ولكن أنت تنفخ في رماد قصة البيت : كان بالمدينة رجل كثير المال ، ليس هناك من هو أغنى منه ، وكان له ولد وحيد ماتت عنه أمه وهو صغير ، فأغدق عليه والده المال والدلال حتى أفسده ، وكان الأب رجل كريم كثير الصدقة والعطاء ، وكان كل صباح يأتي إليه رجل فقير بالسوق فيعطيه كسرات من خبز فطوره ، فيجلس إلى جواره حتى يأكل ، وبعدها ينصرف ، وظل الأمر على هذا الحال لسنوات ، حتى اشتد المرض على الأب ، وخاف أن يبدد الابن كل ما ترك ، فحاول نصحه ولكن دون جدوى. فقد كان رفقاء السوء يحيطون به من كل صوب وحدب ، يصمون أذنه ويعمون عينيه ، لأنهم منتفعين مما هو فيه ، بذخ ومال دون حساب ، ولما اقترب الأجل استدعى الأب أخلص خدمه ، وأمرهم أن يبنوا سقفًا جديدًا لمجلس القصر تحت السقف القديم ، ويصنعوا ما بين السقفين مخزن يضعونه به كمية كبيرة من الذهب ، وأمرهم أن يصنعوا في السقف بوابة ويضعون بها سلسلة حديدية ، إذا تم سحبها للأسفل تنفتح باتجاه الأرض ، وفعلًا فعل الخدم كل ما أراد ، وأبقوا الأمر سرًا عن الابن ، وقبل الرحيل استدعى الأب ولده مرة أخيرة ، وأعاد فيه النصح والوعظ ولكن دون فائدة. لقد أسمعت إذ ناديت حيًا *** ولكن لا حياة لمن تنادي ثم قال له : بني إذا مت ، وضاع منك كل شيء ، وغلقت الأبواب في وجهك فعدني ألا تبيع هذا القصر تحت أي ظرف ، وإن فكرت يومًا في الانتحار ففي المجلس الكبير سلسلة معلقة اشنق بها نفسك ، ومت في قصرك ميتة سهلة مستورة ، لم يأخذ الابن كلام أبيه على محمل الجد .لقد أذكيت إذ أوقدت نارًا *** ولكن ضاعَ نفخُكَ في الرمادِ وظل رفقاء السوء ينفقون من ماله حتى أفنوه ، فكسدت التجارة وبيعت المحلات ، ثم البساتين والقصور ، ولم يبق له سوى قصر أبيه ، فباع الأثاث واحدًا تلو الأخر ، وانفض الرفاق من حوله ، وكرهوا صحبته حتى أنه كلما ذهب إلى أحدهم أنكر وجوده ، ورفض لقاءه. رأيت الناس قد مالوا *** إلى من عنده مالُ ساءت أحوال الشاب ، ولم يعد عنده ما يقتات به ، حتى ملابسة تمزقت ، ونعله لم يعد يقوى على المسير ، كل الذي كان يجده كسرات من الخبز وبعضًا من الماء يحضرها لها المسكين الذي كان يعطف عليه أبوه في حياته ! .ومن لا عــــنده مالُ *** فعنه الناسُ قد مالوا رأيت الناس منفضة *** إلى من عنده فضة ومن لا عنده فضة *** فعنه الناسُ منفضة فضاقت به السبل وأُغلقت في وجهه الطرق ، وضاقت به الأرض بما رحبت ، فقرر أن يضع حدًا لمأساته وينتحر ، وهنا تذكر كلام أبيه ، وتلك السلسلة المتدلية من سقف مجلس القصر ، فأحضر صندوقًا ووقف عليه ، وربط السلسة حول عنقه ، وبعدها أزاح الصندوق بقديمة ليسقط مشنوقا ، فيموت ميتة سهلة يرتاح فيها من الدنيا وكدرها . ولكنه لم يمت ، لقد فتحت البوابة السرية التي بين السقفين حينما انجذبت السلسة لأسفل ، وسقطت كميات الذهب الكبيرة على رأس الفتي حتى أغرقت ، ففرح فرحًا شديدًا لأن الله فرج كربه ، وذهب إلى السوق واشترى حلو الطعام واللباس ، وجاء بالرجل الفقير وجعله رفيقًا له يقتسم معه الطعام والهندام ، وبدأ في التجارة واسترد أمواله أبيه وبساتينه وخدمه . ولما سمع رفاق السوء بتبدل حاله ، وما صار فيه من عز وغنى ، أرادوا الوصل والود القديم ، فأعدوا مأدبة فاخرة ودعوه إليها ، فلبى دعواهم ، ودخل ولكنه لم يأكل من الطعام ، فكل ما فعله أن أمسك كم ثوبه وأخذ يضعه في كل صنف ، وبعدها أراد الانصراف ، فاستغرب الرفاق عجيب صنعه ، وسألوه ماذا يصنع ؟ فقال لهم : أنتم ما دعوتموني أنا ، أنتم دعوتم أموالي وملابسي ، وهذا ثوبي قد لبى دعواكم ، أما أنا فلا ، وانصرف عنهم .
•
رحلة في ذاكرة الشاعر جريبيع رحمه الله
• أهالي رباع : الخير في مقدمكم يانسل الكرام ( عكاظ ) • رسائل واتس اب جديدة كل يوم .. شاركونا بكل جديد |
اخر 5 مواضيع التي كتبها صقر الجنوب | |||||
المواضيع | المنتدى | اخر مشاركة | عدد الردود | عدد المشاهدات | تاريخ اخر مشاركة |
وقفات ودروس من حروب بخروش بن علاس ضد جحافل... | تاريخ زهران وغامد | 2 | 2098 | 17/09/2024 11:11 PM | |
الشعراء بن حوقان وعبدالواحد | منتدى القصائد الجنوبية ( المنقولة) | 0 | 11096 | 04/01/2024 11:35 AM | |
القصة (مورد المثل) | منتدى القصص و الروايات المتنوعة | 0 | 7438 | 02/01/2024 09:28 AM | |
الله لايجزي الغنادير بالخير | منتدى القصائد النبطية والقلطة ( المنقولة) | 1 | 7082 | 28/12/2023 05:06 PM | |
قصة وسيرة صدام حسين | منتدى القصص و الروايات المتنوعة | 2 | 10603 | 28/12/2023 04:58 PM |
21/07/2019, 01:11 PM | #2 |
المؤسس والمشـــرف العــــام
|
قصة رائعة وجمية
|
•
رحلة في ذاكرة الشاعر جريبيع رحمه الله
• أهالي رباع : الخير في مقدمكم يانسل الكرام ( عكاظ ) • رسائل واتس اب جديدة كل يوم .. شاركونا بكل جديد |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 : | |
|
|
الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية ) |
|||||