بعد أن شارفت على الهلاك

قصة إجتماعية


كنت قد أنهيت المرحلة الثانوية وحاولت الالتحاق بالجامعة ولم أوفق ، وكلما طرقت باباً للعمل أقفل بوجهي ،، حتى شعرت بالفراغ القاتل الكبير الذي قتل أروع لحظات عمري ، أصبحت أعاني ، وبدأت حياتي مملة قاتلة بعد أن تركت أصدقاء دراستي الذين ساعدتهم الضروف في الإلتحاق بالجامعة ،، شعرت بالنقص تجاه نفسي وأن أصدقائي أفضل مني وإني إنسان فاشل..وقد حكم علي بالرفض 000إلخ
وبدأت أتسكع في شوارع المدينة لقتل الفراغ .. أقضي طوال اليوم في المنزل .. وأنام النهار وفي الليل أبحث عما يقتل ذلك الفراغ ..كيقت حياتي الجديدة لتنسجم مع وقتي وكان ذلك الشعور المؤلم بداخلي يزرع الحزن ويبدد فرحتي ويقتل الأمل في المحاولة مرة أخري 0
وكرهت الدراسة بعد أن أقنعت نفسي بأنها غير مهمة بالنسبة لي00 وأن هناك الآف الخريجين لم يجدو عملا بعد ،وكنت أعلم أني أهرب من واقعي لخيال أتصنهه وأرضي به نفسي أمام تساؤلات من حولي0
وفي إحدى السهرات التي انقمست بها التقيت بأسعد رفيق الطفولة ورغم أننا لم نتفق في يومُ من الأيام ولم ننسجم وجدت نفسي أندفع في صداقته واقتربت منه فقد كان فاشلاً في دراسته ولم يتمكن من إنهاء المرحلة المتوسطة ورغم ذلك لديه رصيد في البنك ولديه سيارة فاخرة وشقة مكتملة .. بهرتني تلك الماديات وهذا البذخ الذي بدأت أراه في تعامله .. بدأت صداقاتنا وسهراتنا وبدأت أتغير شئ فشئ ورغم أن بداخل ذاتي لم أكن راضي عن وضعي لكني لابد أن أكيف حياتي على هذا المنوال كانت تجربتي تجربة صعبة جداً ومريرة منذ أصبحت أساير من حولي كي أكسب صداقاتهم لأقتل ذلك الفراغ الكبير في حياتي ، كانت سهراتنا تتواصل حتى الفجر في بيت أسعد نطرب ونضحك ونلهو ولا أدري كيف وجدت نفسي أسيراً لهذه المجموعة ومع الأيام اتضحت تلك الحقيقة المؤلمة ، فقد أدمنت المخدرات من حيث لا أعلم وعندما علمت أصبحت أسير احتياجي فكنت أرى في عيني أسعد علامات الشماتة والحقد الدفين ورغم ذلك كان يعطيني ما أتمناه وأن أسير له00 بدأت أنقل هذه السموم إلى أصدقاء أسعد حتى أحصل على النقود مقابل استمتاعي بذلك السم القاتل وتوفرت لي الأموال بأسرع مما كنت أتصوره حقاً أن طريق الضياع محفوف بالورود وآلاف الفرص أدمنت ذلك السم القاتل وكانت تنتابني حالات من الصداع والغثيان وأكون كحيوان هائج عندما لا أحقق ذلك الطلب لنفسي المتعبة وبأت حياتي تتغير وجدت في نظرات أمي ما زلزل كياني وما جعلني أحتقر نفسي أمامها ..
كانت تدعو لي بظهر الغيب أن ينجيني الله من الرفقة السيئة ، وقد كانت تلك الدعوات بداية خير وطريق نجاتي حيث عدت في إحدى الليالي المتأخرة إلى بيت أسعد فوجدت الشرطة قد داهمت شقته واحتجزته واحتجزت كل شئ فيه انطلقت أجري وأجري وأنا أتقطع من الخوف ومرت أيام حياتي ونظرات أمي أمامي وبكيت بكيت كثيراً لهذا المصير واتجهت إلى خالقي أطلب منه العون والمساعدة ولم أجد نفسي إلا وأنا في محطة للنقل الجماعي حيث حجزت وفضلت أن أسافر من المدينة إلى منطقة أخرى أبدأ حياتي وأجاهدها وفي ينبع لم يكن لي أحد حيث افترشت الشاطئ واعتزلت الدنيا واتصلت على عائلتي اخبرها أنى ذهبت للبحث عن عمل .. والتقيت بشاب طيب أنار لي طريقي زرع الأمل بداخلي احتواني بعد أن حكيت له ما حصل لي مني ضياع وحمدت الله أني كنت في بداية الإدمان ومع وقوف ذلك الصديق بجانبي وتذكيره لي بالتوبة والاعتماد على الله في كل الأمور تخطيت أصعب مرحلة في حياتي .
وقف بجانبي بحث لي عن عمل بعد شفيت واستدعيت والدتي للإقامة معي في مقر عملي ، كان الفرح تنمو في الداخل ، مثل الفقاقيع الملونة فيملأ صدري بالراحة عيشت حياتي كحياة إنسان بعد أن تحققت أحلامي فقد انتسبت إلى الجامعة وأكملت دراستي وعرفت أن الطريق يبدء بخطوة وأن بداية انهيار الفرد وضياعه تكون من الرفقة السيئة ولن أنسى ذلك الصديق الصالح الذي أنار لي طريقي واحتواني في أحلك لحظات عمري وكلما مرت ذاكره بخاطري أدعو له في ظهر الغيب أن يبارك الله له في خطاه .
انتهت