#1
|
||||||||
|
||||||||
المدارس.. كيف تقتل الإبداع!
المدارس.. كيف تقتل الإبداع!
تحويل التعليم من دور الصانع إلى دور الزارع هناك ثلاثة فلاسفة كبار ساعدوا على اكتشاف نظرية التمتين وتطبيقاتها، كما أثْروا الفكر الإداري العالمي وأثَّروا في مريديه ومتابعيه. فعندما نتذكر الراحل "ستيفن كوفي" بصفته أعظم معلمي القيادة، نشير أيضًا إلى "نسيم نيقولا طالب" صاحب نظرية "الهشاشة" المضادة "للمتانة" وأبرز فلاسفة المال والأعمال. أما الفيلسوف الثالث فهو "كين روبنسون" أشهر فلاسفة التربية المعاصرين. - اشتهر "كوفي" بكتابه "العادات السبع" وبأسلوبه الهادئ وحكمته العملية. - واشتهر "نسيم طالب" بكتابه "البجعة السوداء" وأسلوبه الحاد وأفكاره اللاذعة ونبرته التهكمية. - واشتهر "روبنسون" بكتابه: "المدارس كيف تقتل الإبداع: تحويل التعليم من دور الصانع إلى دور الزارع" بأسلوبه الساخر وقدرته على التأثير بالإلقاء؛ حتى صار أشهر محاضري موقع TED العالمي، فتجاوز مشاهدو محاضرته التي يتناولها هذا الكتاب أكثر من مائة مليون. اشتهر الفلاسفة الثلاثة بنظرتهم الجديدة إلى الأمور. فإذ يرى "كوفي" أن القيادة الحقة تنبع من الداخل، وترتكز على الجوهر لا المظهر؛ يروي "طالب" أسطورة الخراط اليوناني "بروكراستس" الذي كان يمُطُّ كل رجل قَصير ليتلاءم مع طول السرير، ويقطع رجلي كل رجل طويل ليدخل في نفس السرير. أي كان يُقوْلب ويعدِّل الصعب ليناسبَ السهل. وفي تطبيقه لهذه النظرة على الواقع، يرى أن شركات الأدوية تصنع أمراضًا لأدويتها الجاهزة، وأن البنوك تصطنع مصفوفات رياضية مزورة لممارساتها المالية المدمرة؛ وهذا ما نسميه في "التمتين": "القولبة العكسية". القولبة العكسية: هي تغيير الموظف ليناسب الوصف الوظيفي، مثلما تغير المؤسسات التعليمية عقول وشخصيات الطلاب باستخدام الاختبارات والمحفزات لتناسب المناهج الجامدة، وتغيِّر المؤسسات الرياضية أجسام وإمكانات الرياضيين بالمنشطات والهرمونات! يحدث هذا أيضًا في التنمية البشرية. فقد استبدلنا مصطلح الموارد البشرية بالاستثمار البشري وظلت ممارساتنا كما هي. وسمعنا مئات الخطب التحفيزية الرنانة، ومارسنا البرمجة اللغوية، وصرنا كلنا "سيرتفايد – Certified" في كل شيء، ومشينا على النار آخذين بنصائح "توني روبنز"، وقرأنا كتاب "السر – The Secret" طبقًا لتعويذة "روندا بيرن." فعلنا كل هذا، وما زال التعليم يتراجع، والبطالة تتفاقم، والأمراض تنتشر، والأسواق المالية تخرج من فقاعة وتدخل في أخرى. وهنا يأتي السير "كين روبنسون" بفكره وكتابه الجديد، الذي يسرنا أن نقدمه كواحد من عظماء التربية المبدعين. ولد "روبنسون" في "ليفربول" بإنجلترا عام 1950، ومنحته الملكة "إليزابيث" لقب "سير" اعترافًا بجهوده في إثراء التعليم في بريطانيا والعالم. وكانت آخر وظائفه قبل أن يهاجر إلى أمريكا مع مطلع هذا القرن أستاذًا لتعليم الفنون في جامعة "واريك" البريطانية. يرى الدكتور "روبنسون" أن المدارس لن تُبدِع ما لم تشجع الطلاب على المبادرة، وتحفزهم على المخاطرة وعدم الخوف من ارتكاب الأخطاء. ويؤكد أن التربية ليست بحاجة إلى إصلاح فقط، بل إلى تحويل جذري. ومفتاح التغيير ليس تنميط التعليم، بل تخصيصه وتفصيله على قدر كل طالب، وبناء أسس الإنجاز والإعجاز والإبداع والإشعاع بعد اكتشاف موهبة كل طفل، ووضع كل الطلاب وكل المتعلمين في بيئات تَعلُّم تمكنهم من استثمار قدراتهم ودوافعهم الداخلية ورغباتهم الذاتية؛ ذلك أن الإبداع لا يقل أهمية عن محو الأمية. ومن مقولاته المشهورة: "مشكلتنا الحقيقية التي أدت إلى فشل معظم خطط وبرامج التعليم حول العالم، لا تكمن في أننا نطلب المستحيل فلا نحققه، بل في أننا نطلب القليل ونحققه." وذلك لأن التخيل هو مصدر كل إنجاز، وهو المصدر الذي نهدره دائمًا، وبطرق رسمية ومقننة ومنظمة، بسبب الأساليب البائدة والفاسدة التي نُعلِّم بها. ويؤكد أن الموارد البشرية مثل الموارد الطبيعية، مدفونة في أعماق البشرية ولن نستطيع اكتشافها بنظرة عابرة وسطحية، بل علينا أن نغوص ونبحث عنها داخل الناس، وأن نهيئ الظروف التي تحفزهم على التعبير عن أنفسهم وعن مواهبهم ومواطن قوتهم. ولذا فإن نموذج الإنتاج الصناعي لا يصلح للتعليم. علينا أن نتحول إلى النموذج الزراعي لأن الازدهار والابتكار البشري لا يتم بطريقة ميكانيكية، بل بطريقة طبيعية؛ فمن المستحيل أن نتوقع نتائج ومخرجات التنمية البشرية بدقة كما يدعي الذين يعتبرون التعليم عملية تصنيع. كل ما علينا فعله هو أن نَـفْلَح ونزرع لكي نبرع في التعليم. أي علينا غرس الشجرة الصالحة في التربة الصالحة وتهيئة الظروف المناسبة للنمو والازدهار والإبهار لكل نبتة وبما يلائم طبيعتها واحتياجاتها. ومن تعليقاته الساخرة قوله بأن التعليم الأكاديمي صار، مثل تصنيع الوجبات السريعة، نمطيًا ومتشابهًا في الطعم واللون والرائحة. فسواء اشتريت الهامبورجر أو البيتزا في أمريكا أو الصين أو نيجيريا أو السعودية، فعلى الأرجح أنك ستلمس وتشم وترى وتتذوق نفس الشكل واللون والطعم والرائحة. ومن المؤسف أن تُعامِلنا مناهج التعليم بنفس النمطية، ولا تفرق بين عقولنا وبطوننا، ولا بين أرواحنا وأجسامنا. فنحن كائنات مختلفة وحاجاتنا متنوعة، ومن حق كل منا أن يَحْصُل على التعليم الذي ينفعه، ويمكِّنه من الإبداع، بدلاً من التعليم الذي يضُّره ويجبره على الاتباع. نسيم الصمادي المصدر www.edara.com |
اخر 5 مواضيع التي كتبها صدام فكراوي | |||||
المواضيع | المنتدى | اخر مشاركة | عدد الردود | عدد المشاهدات | تاريخ اخر مشاركة |
نلبس الحرير ونأكل الكثير، فنعجز عن التفكير | منتدى الثقافة والمعلومات العامة والاحداث السياسية | 3 | 14357 | 26/12/2015 04:05 AM | |
أسرار الادخار، كيف تصل إلى الحرية المالية | منتدى الوظائف والتجارة والأسهم والمقاولات والعقارات | 0 | 1660 | 26/12/2015 04:02 AM | |
العقل الخارق | منتدى تطوير الذات | 0 | 5230 | 26/12/2015 03:59 AM | |
دليل الآباء لتفوق الأبناء : علم ابنك عادات النجاح... | منتدى التربية والتعليم | 0 | 5145 | 26/12/2015 03:56 AM | |
غيِّر نفسك لتغير العالم | منتدى تطوير الذات | 0 | 5020 | 22/07/2015 04:01 AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
المغازي, إدارة.كوم, نسيم الصمادي |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 2 : | |
, |
|
|
الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية ) |
|||||