صدقت.. صدقت يا سلمان

تلميح وتصريح
صدقت.. صدقت يا سلمان

د. حمود أبو طالب

أتذكر جيدا المناسبة الأولى التي تحدثت فيها مع سلمان بن عبدالعزيز، أمير الرياض حينذاك، عندما كتبت مقالا عنوانه «اللي لك واللي عليك» وكنت أتحدث عن الواجبات التي علينا كمواطنين الالتزام بها والحقوق التي لنا لكنا لا نعرفها، وفوجئت في الثامنة صباحا «تماما» بهاتف من مكتبه يبلغني برغبته في الحديث معي لتوضيح بعض الأمور التي تحدثت عنها في مقالي، وفي المساء كانت متوفرة لدي معلومات مهمة. هنا، أنا أشير إلى المسؤول المتابع اليقظ الذي يحرص على التواصل والتوضيح، وأيضا إلى المسؤول الذي يذكره أول خيط من شعاع الشمس بواجبات مسؤوليته.
وجاءت المناسبة الثانية في إحدى دورات معرض الكتاب وما زال سموه وقتها أميرا لمنطقة الرياض وذهبنا للسلام عليه وكان في مقدمتنا الدكتور محمد عبده يماني «رحمة الله عليه» وعندما صافحت سموه عاتبني على مقال كتبته وكنت فيه متشائما من بعض الأشياء، وحاول أن يقول لي بروح الأب وعقل المسؤول الواثق: تفاءل وتأكد أن مبررات التفاؤل أكثر من مبررات التشاؤم.
ومرت مناسبات كثيرة قابلت فيها سموه، تحكمها بروتوكولات المناسبات الرسمية، حتى تشرفت بمرافقته مع بعض الزملاء في رحلته إلى الصين قبل أشهر قليلة، لأكتشف حرصه على اقتناص الوقت للحديث الحميم الشفاف معنا رغم أهمية الزيارة ووقتها القصير وأعبائها الكثيفة. كان يتحدث عن كل شيء، عن الوطن أولا، ولحمة شعبه وتماسك نسيجه، وخصوصية علاقاته بحكامه، وذكرياتهم الحميمة الجميلة بالناس في كل منطقة ومكان.
ما الذي جعل هذه التفاصيل تتداعى في ذاكرتي؟
لقد تداعت وأنا أقرأ في بلاد بعيدة تغطية «عكاظ» لزيارة الأمير سلمان، أو تلبيته لدعوة أحد أفراد الوطن في مناسبة رمضانية، وقوله للحاضرين:
«نحن منكم وأنتم منا»
نعم أيها الأمير الجليل..
في هذا الزمن أصبح الحكام أعداء لشعوبهم، وأصبحت الشعوب أعداء لحكامهم.
في هذا الوقت، إما حاكم قصّاب، أو مواطن ضحية.
في هذه المرحلة الرديئة، يخاف المواطن في بلدان كثيرة أن يبوح بانتمائه لوطنه أو يعلن عن حبه له، إذا كان ذلك يتعارض مع توجهات وسياسة دائرة الحكم، لأنهم يعيشون حالة انفصام وتصادم، والوطن والمواطن هو الضحية.
ولكن..
لا زلنا هنا نعيش علاقة الأخلاق، والوفاء، والصدق، والمروءة.
نعم يا سمو الأمير: أنتم منا ونحن منكم، ولذلك:
سيبقى وطننا عاليا وشامخا..