ملايين مثل سيادة الوزير! **انيس منصور

ملايين مثل سيادة الوزير!

في البدء كانت الفضيحة.. كان الشعور بالفضيحة.. فقد كانت في الجنة شجرة محرمة، ولكن الشيطان ضحك على حواء التي ضحكت على آدم، فأكل الاثنان منها. وفجأة اكتشفا أنهما عاريان تماما.. فراح الاثنان يتغطيان بأوراق الشجر. وبسبب هذه المصيبة نزلا الى الأرض. أي بعد أن افتضح أمرهما. وبعد أن ظهرا عاريين تماما كان لا بد أن يخرجا من الجنة ويكفرا عن هذه الغلطة، هذه الخطيئة. وكانت حياتهما وحياتنا على هذه الأرض تكفيرا وتطهيرا واستمرارا في الخطايا والتكفير عنها. وعندما قتل قابيل أخاه هابيل سئل: كيف حدث ذلك؟ قال ـ ما معناه ـ : وهل أنا حارس لأخي؟!

يعني: لا أعرف من الذي قتله! ولم يكن غيرهما في هذه الدنيا. فهو القاتل. وترك جثمان أخيه مكشوفا. فجاء غراب ودفن غرابا قد مات. وعرف هذا الأخ القاتل أنه أقل فهما من الغراب. وقبل ذلك عندما طلب الله الى الملائكة أن يسجدوا لآدم فسجدوا. إلا إبليس، وكان كبير الملائكة، رفض لأنه مصنوع من النار، أشرف من التراب. ولكن فوجئ بأن آدم أهم عند الله من إبليس. وان آدم له العقل والقلب وحب المعرفة والقدرة على التطوير والإبداع. وأهم من ذلك انه ولد ليموت. فالحياة بلا موت قاسية.. فعندما يطول العمر وتكثر الأوجاع يتمنى الانسان الموت: لأنه أرحم من الحياة.

وكان آلهة الإغريق يحسدون الانسان لأنه يموت. أما هم فلا يموتون.. فحياتهم مملة.. بل ان آلهة الإغريق كانوا يجعلون أنفسهم بشرا ليتمتعوا باللذات البشرية. فهم يحسدون الإنسان على انه فان وليس خالدا، والخلود حياة واحدة مملة. وشعر إبليس بأنه مفضوح.. بأنه جاهل.. بأنه مغرور. وأن آدم قد مسح به التراب الذي خرج منه.. وانه رغم التراب أشرف عند الله.

وقد رأيت في فيلم «الكتاب المقدس» الذي كتبه الشاعر الانجليزي «كريستوفر فراي» أن دم هابيل ابن آدم قد تسلل الى مياه الأنهار ليشربه كل أولاد آدم بعد ذلك.. فتكون الخطيئة في دمهم.. فالإنسان مخطئ، وحياته خطيئة، ومحاولة هروبه من الخطيئة التي لها أول وليس لها آخر. ولولا فضيحتك أنت شخصيا لكانت حياة جارك مملة.. فأنت متعته التي لا تنتهي. وقد تكون الفضيحة لحظة.. كأن يسقط منك بنطلونك في حفلة عامة!

ومن الممكن ان تكون فضيحة دولية.. فوزير الدفاع البريطاني «بروفومو» الذي يملك أسرار الحرب والسلاح والمخابرات، هذا الرجل كان عشيقا لواحدة جميلة. هذه العشيقة كانت عشيقة للملحق العسكري الروسي.. فكانت أسرار بريطانيا في جيب الملحق العسكري.. فضيحة ما بعدها فضيحة.. وانكشف ضعف الرجل أمام الجنس، وضاعت أسرار بريطانيا بسبب ذلك!

انها ليست فضيحة رجل ولا فضيحة وزير، ولكن عار دولة من أولها لآخرها.. وكارثة شعب استسلم لأحد رجاله وائتمنه على سر وجوده!

وغير «بروفومو» كثيرون جدا في كل مكان!