كتبت من قبل وكتب غيري من الكتاب عن ظاهرة تجمع بعض المارة وقائدي المركبات حول الحادث المروري الذي يحصل لمركبة، أو يكون بين سيارتين أو يكون لشخص مار دهس من قبل سائق أرعن، وأن أولئك المتجمعين لا يكتفون بعرقلة المرور في الشارع الذي وقع فيه الحادث وما بعده من الشوارع نتيجة لوقوفهم الجانبي الفوضوي غير النظامي؛ حرصا منهم على اللحاق بالحادث قبل رفعه، كما أنهم لا يكتفون بسد الطريق أمام المسعفين ورجال المرور والدفاع المدني وسيارات (الشرشورة) التي تطلب للحضور إلى موقع الحادث، بل إنهم أصبحوا في الآونة الأخيرة بعد اختراع الجوال ذي الكاميرا يتحلقون بالعشرات حول الحادث والمصابين ليكونوا في أقرب نقطة منهم، ثم يخرج الواحد منهم جواله ويفتح بكل صفاقة وقسوة كاميرا الجوال ليصور المصاب وهو «يفرفر» من شدة الألم وقد علت على وجه صاحب الجوال علامة الظفر والنصر؛ لأنه استطاع تسجيل تلك اللحظات التاريخية بجواله، ليتمكن من عرضها في ما بعد على الأسرة والأصدقاء مفاخرا بأنه شاهد مصابا في حادث وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وحتى الذين يتجمعون من باب حب الاستطلاع فإن الواحد منهم إذا ما رأى المصاب تتحشرج أنفاسه فإنه يصيح عليه قائلا له: بسرعة، تشهد، قل لا إله إلا الله، تشهد يا رجل، أما النشامى منهم فقد يقومون بلا خبرة ولا دارية بحمل المصاب بطريقة قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة على صحته وحركته؛ لأن عملية نقل المصاب تحتاج إلى خبرة فنية وإلا تسبب نقله العشوائي في إصابته بالشلل التام بسبب رعونة الناقل وعدم معرفته بالطرق والوسائل المناسبة والمأمونة لنقل مصابي الحوادث، وكان من ضمن المقترحات التي لم تفعل بعد أن يقوم المرور في حالة وقوع حادث مروري تنتج عنه إصابات ويؤدي إلى تجمع لعدد من أصحاب المركبات، بتوفير فرقة غير المباشرة للحادثة تكون مهمتها إعطاء قسائم مغلظة واجبة الدفع لكل من وقف للفرجة على الحادث، واذا كان المتفرج من المارة يعطى قسيمة هو الآخر بموجب بطاقته أو إقامته مع مصادرة جوالات التصوير إن أمكن، وفي حالة تكرار هذه المخالفة من قبل سائق معين يضاف إلى الغرامة التوقيف في حجز المرور لمدة أربع وعشرين ساعة، حتى يعلم المتجمهرون أنهم سيكونون عرضة للجزاء الصارم في حالة تجمهرهم حول أي حادث مروري؛ لأن هؤلاء المتجمهرين لو كان لديهم ذوق أو إنسانية لما رضوا بما فعلوه من تصوير للمصابين؛ لأنهم لا يرضون أن يصورهم أحد وهم مصابون فكيف يرضونه لغيرهم؟!