علاقات

العام الجديد واليوم اخير
بقلم: نسيم الصمادي
أكتب هذا المقال في يوم إجازة، وقبل انقضاء عام 2015 بأسبوع. جلست قبل لحظات لأراجع أعمال العام، ً انتهينا من ترجمته ولم ً كان يجب إنجازه في عام 2015 ولم نبدأه بعد، وكتابا ففوجئت بأن لدينا مشروعا ًبدأناه قبل عشرة شهور ولم ُنكمله بعد! ننشره بعد، ومشروعا إذا كنت ممن يعملون في أيام العطلات، ويغلقون هواتفهم في أثناء العمل من أجل التركيز، وتضع خطة جديدة لإدارة ذاتك وشؤون حياتك مع بداية كل عام جديد، وما زلت تعاني من الضغوط وتراكم المهمات، وتفاجأ في نهاية العام أنك لم تنجز أهم المشروعات، فاسمح لي أن أسدي إليك نصيحة: لا ترهق عقلك في التفكير بأفضل طرق إدارة الوقت، ولا ترهق ميزانيتك في شراء أحدث الأدوات وتنزيل آخر التطبيقات، ولا تستخدم نظام Slack.com الجديد رغم فاعليته في رفع أداء فرق العمل وإدارة الاتصالات المؤسسية بفاعلية ً. تطبيق “سلاك” – مثله كمثل “واتساب” – لن يحل المشكلة، تفوق البريد الإلكتروني و“سكايب” معا ً بعد أيام من بدء ً بالفشل بعد أسابيع، وأحيانا فهناك شبه إجماع على أن أدوات إدارة الوقت ُتمنى دائما استخدامها!
ولذا يرى كثريون أن مصطلح “إدارة الوقت” هو اسم على غير مسمى، حتى خبراء إدارة الوقت أنفسهم يفشلون في بناء نظم فعالة تخلصهم من الضغوط والتشتت وتمكنهم من السيطرة على حياتهم وأعمالهم، والدليل على ذلك هو محاولاتنا الدائمة أن ننجز كل الأعمال المتأخرة في الأسبوع الأخري من العام، أو اليوم الأخير من الشهر. فهل راقبت سلوكك ولاحظت كيف يتغير نمط أدائك في اليوم الأخير الذي يسبق إجازتك أو امتحانك أو سفرك ، بل ننكب ً ًاولا نخطط كثيرا ِّ ولا نفكر مل أو زواجك وكل نقطة تحول في حياتك؟ في هذا اليوم لا نجلس طويلا على العمل ونركز الانتباه ونتخذ القرارات بسرعة، ونفوض كل ما يجب تفويضه، ونشعر بحماس وطاقة إيجابية تغمرنا، فما سر إنجاز الكثير في اليوم الأخير؟ ً هي أن نظم “إدارة الوقت” تصلح أكثر لإدارة المشروعات وقيادة الجيوش الحقيقة التي اكتشفتها مؤخرا وحملات التسويق والبرامج الانتخابية وضبط خطوط الإنتاج والتنسيق بين أعضاء فرق العمل، ولكنها لا ِّ تنسق ولا تحقق نفس النتائج في أداء الأفراد. عندما يحاول الفرد إدارة وقته، أو بالأحرى إدارة ذاته، فإن ما يستهدفه في الحقيقة هو التخلص من الضغوط، وتحسين علاقاته، والشعور بالسعادة. ومثل هذه الأهداف النفسية والاجتماعية تتحقق بإنجاز المفيد لا بإنجاز المزيد، وهنا يثور ٌ سؤال جديد: ما المفيد؟ الحياة عبارة عن خلطة سرية لتفاعل دائم بين الماضي والحاضر والمستقبل. ولا ينجو أي قرار نتخذه ً صراع بين السلبي من استدعاء لاوعينا لذكريات الماضي، وطاقة الحاضر، ُّ وتخيل المستقبل. وهناك دائما والإيجابي لأبعاد الزمن الثلاثة. والمعادلة الصحيحة في تحسين العلاقات وإسعاد أو تحقيق الذات تكمن في استدعاء قيم الماضي الإيجابية فقط، والتركيز الإيجابي في اللحظة الراهنة فقط، وتخيل المستقبل المشرق فقط، وأي استدعاء للماضي المظلم، أو تركيز على متعة اللحظة، أو التشاؤم من القادم، يعكر صفو حياتنا، ويشتت طاقاتنا، فهل تستطيع تحقيق هذه المعادلة؟ ِّ إلى بدايات جديدة،فدعونا َ ننسى الماضي، ونتفاءل بالمستقبل، ُونحل نحن على أعتاب عام جديد، ونحتاج حقا في اللحظة! وكل عام أنتم بخير .

منقول