وكيل وزارة الحج : مسؤولية السعودية ليست أمام 2 مليون حاج بل أمام 2 مليار مسلم

أكد وجود نظام ذكي سيغيّر من ثقافة التعامل مع ضيوف الرحمن

وكيل وزارة الحج : مسؤولية السعودية ليست أمام 2 مليون حاج بل أمام 2 مليار مسلم

* نضمن حق كل ضيف من ضيوف الرحمن عبر الأنظمة الإلكترونية الجديدة
* التعاقدات المبرمة خارج النظام الإلكتروني الموحد غير ملزمة
* خطط تفويج جديدة بأنظمة تقنية تضمن سلامة الحشود وزيادة الاستيعاب

وليد الحارثي- سبق- بعثة المشاعر المقدسة: كشف وكيل وزارة الحج لشؤون العمرة الدكتور عيسى بن محمد رواس، في حوار خاص لـ"سبق"، عن بدء العمل بالنظام الإلكتروني الموحد للحج ابتداء من هذا العام 1435هـ، والذي وجه به مجلس الوزراء، مبينا أنه حقق نجاحاً وتميزاً بالانتقال إلى مرحلة مختلفة من العمل الجاد والمتطور في إدارة الحشود في الحج، وأكد أن ذلك يحقق مبدأ الشفافية مع الحجاج ومع الجهات الرقابية التي تشرف على أعمال الحج، مشيراً إلى أن التوجيه الكريم الذي صدر بتنظيم حج الحجاج الأفراد كان يريد ألا تصبح هناك فئة مجهولة، ودون أي خدمات.

وقال إن الجزء الأهم في هذا الجانب ليس النظام نفسه، وإنما "تغيير الثقافة لدى الناس الذين يعملون في خدمة الحجاج؛ إذ إنهم متعودون على نوع معين من الإجراءات، لكن هذا النظام يعمل بطريقة متطورة وذكية، وتحقق الأهداف المنشودة".
كما أعلن عن تفاصيل عمل وحدة التفويج الحديثة التي تعمل في كل مراحل الحج، والأنظمة التقنية المرتبطة بها، والتي تضمن سلامة الحشود، وزيادة الطاقات الاستيعابية.
الدكتور عيسى رواس في حواره مع "سبق"، أبرز عدداً من القضايا المهمة، والاتجاهات الجديدة لدى وزارة الحج للتحول إلى العمل الإلكتروني، وتنظيم حج الأفراد، فإلى الحوار...

* ما فكرة الضيافة التي تقوم بها وزارة الحج لحجاج بيت الله الحرام في هذا العام؟
مهمة خدمة ضيوف الله تعالى (الحجاج والمعتمرين والزوار) هي شرف كبير أعطاه الله -عز وجل- لهذه البلاد، والدولة -رعاها الله- أناطت بوزارة الحج المسؤولية المباشرة لخدمة هؤلاء الحجاج، ومتابعة الخدمات التي تقدم لهم. ولا شك أن هناك منظومة متكاملة من الجهات تعمل في مجال خدمة ضيوف الرحمن، إلا أن وزارة الحج تتميز بكونها الجهة المعنية والملتصقة في عملها بصورة مباشرة مع ضيوف الرحمن، سواء كانوا حجاجاً، أو معتمرين، أو زواراً. وكل هذا يزيد من مسؤولية الوزارة، ويجعلها تهتم بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة المرتبطة بخدمة بالحاج، لأنه لا يعرف سوى وزارة الحج، وهي التي يرجع دائماً إليها، وهي التي تتولى التنسيق مع الجهات الأخرى.

* ما النطاق الذي تعمل فيه الوزارة إذاً؟
لا يخفى أننا نتعامل مع حوالي (2 مليون) حاج، و(3400) منظم، و(82) مكتب شؤون حج، وما يزيد على (8 آلاف) منظم خدمة إسكان في كلٍ من: مكة المكرمة، والمدينة المنورة وجدة. إضافة إلى (200) منظم خدمات إعاشة، وحوالي (20) شركة تنظم خدمات النقل، وأكثر من (20 ألف) حافلة تنقل الحجاج. هذا النطاق الواسع لعملنا في الحج، وفي العمرة توجد لدينا أعداد أكبر من هذه بكثير، وهو ما يزيد أيضاً من نطاق العمل الخاص بنا.
بل إن جئت للحقيقة، فإن مسؤولية المملكة العربية السعودية والتي تمثلها وزارة الحج ليست أمام هذه الأعداد فقط، بل هي أمام 2 مليار مسلم.

* ماذا تعني بهذه الحقيقة د. عيسى؟

أعني أن كل مسلم على وجه هذه الأرض، يشعر بأن من حقه أداء مناسك الحج، وشعائر العمرة. وحكومة المملكة العربية السعودية تستشعر هذه المسؤولية جيداً، ولذا كان لزاماً علينا في وزارة الحج، حتى نؤدي هذه المسؤولية على أكمل وجه أن نستخدم الجانب التقني في هذا المجال.
كان من المستحيل تنظيم هذه المسؤولية على نطاق عملنا الواسع وهو كافة حدود المملكة، التي يدخل عبرها الحجاج من مختلف الدول، سواءً كانت منافذ برية، أو بحرية، أو جوية.



* إذن اتجهتم لتفعيل أدوات التقنية الحديثة لصالح خدمة الحجاج. فكيف حدث ذلك؟
فعلاً بدأت وزارة الحج بالتحول نحو التقنية في ترتيب كل هذه الأمور المرتبطة بتنظيم الحج، وضمان حقوق كل ضيف من ضيوف الرحمن، وضمان حقوق كل شخص معني بقدوم وخدمة ضيوف الرحمن، سواء كان: صاحب الشركة، أو مقدم الخدمة، أو الموظف الرسمي، والذي أردنا له أن يعمل وهو مطمئن بأن جميع حقوقه محفوظة، وأنه مراقبٌ في عمله المتصل بخدمة الحجاج.

* هل كانت هناك آلية لاختيار الضيوف، وتخصيصهم بالحج؟
تخيل معي: أمامك (2 مليار) مسلم، وتريد أن يأتي (2 مليون) حاج منهم لأداء النسك، وضع في اعتبارك الأسئلة التالية: ما هي الآلية؟ من يتبناها؟ ومن يُشعر الناس بأن حقهم بالحج إلى بيت الله الحرام محفوظ؟ وأن الدور سيأتي على كل واحد منهم ليحج في الوقت المناسب؟
إذا تخيلت ذلك، ستجد أن هذه مسؤولية كبيرة لا يمكن أن تؤدى إلا من خلال التقنية، والأنظمة المرتبطة بها. ولقد وفق الله القائمين على الوزارة لتفعيل الأدوات التقنية المختلفة، وتسخيرها لخدمة الحجاج. وبدأنا باستخدام حزمة متنوعة من الأنظمة الذكية المتكاملة، والتي تحقق أغراضاً محددة.

* ما هي هذه الأنظمة إذا سمحت لي؟
هناك أنظمة لضبط منظمي قدوم الحجاج (التي كانت تعرف سابقاً ببعثات الحج). فالحاج في أي مكان في العالم لا يأتي من تلقاء نفسه، وإنما يأتي من خلال "منظم قدوم". هذا المنظم تحكمه ضوابط وتعليمات تضعها وزارة الحج، وتقرها الجهات التشريعية في المملكة العربية السعودية.
المنظمون لهم ضوابط وأنظمة لاختيار الحجاج لهذا العام، أو الأعوام القادمة وفق الطاقات الاستيعابية لوسائل القدوم (براً، وبحراً، وجواً)، والطاقات الاستيعابية للمساكن في (مكة المكرمة، والمدينة المنورة)، والطاقات الاستيعابية لوسائط النقل داخل المملكة، والطاقات الاستيعابية لمناطق تواجد الحجاج، والتي تمثل نقاطاً مهمة وحيوية لتواجد الحجاج.

* ما الجديد في حج هذا العام عن العام الماضي تحديداً؟
بدأنا هذا العام المرحلة الأولى من المسار الإلكتروني لحجاج الخارج (أو النظام الموحد للحج) الذي وجّه به مجلس الوزراء الموقر. واشتملت هذه المرحلة على 3 عناصر:
العنصر الأول: إبرام التعاقدات من خلال النظام لكلٍ من: السكن في (مكة، والمدينة، والمشاعر المقدسة)، والتغذية في المشاعر، والنقل. هذه العناصر تبرم وتوثق من خلال النظام، ولن تعتمد أبداً إذا أبرمت خارجه. والخطوة التالية تركز على تكوين حزمة من الخدمات، فمثلاً أُبرم عشرين عقداً في مكة، وخمسين عقداً في المدينة، وعقود مختلفة للنقل، فإن على الجهة المسؤولة عن الخدمة اختيار عقد واحد هنا، وعقد آخر هناك، ثم تكون حزمة خدمات تربط بأسماء الحجاج مباشرة. هذا من شأنه أن يبقي الحاج على معرفة بالخدمة التي ستقدم له وهو في بلده، وهو ما يحقق مبدأ الشفافية.
كما أن النظام مكّن الجهات الرقابية من متابعة سير العمل، والخدمة المقدمة للحجاج، لتستطيع تحديد النتيجة النهائية المتعلقة بنجاح أو فشل هذه الخدمات.
وتعد هذه هي المرحلة الأولى التي أُنجزت من النظام الإلكتروني الموحد. والجزء المهم الذي اكتمل (غير بناء الأنظمة) هو تغيير الثقافة لدى الناس، وكما ذكرت لك أن أعداد العاملين في تنظيم قدوم الحجاج الـ(2 مليون) يزيد على 100 ألف شخص. وهم متعودون على نوع معين من الإجراءات. ونحن في وزارة الحج جئنا بهذا النظام المتطور والذكي لنغير ثقافات هؤلاء في العمل، ولذا كانت هذه السنة تمثل مرحلة انتقالية ناجحة ومميزة -بحمد الله- إذ أدرك جميع من يعمل في خدمة الحجيج هذه الأهمية.

* ماذا عن العناصر الأخرى لجديد الوزارة في حج هذا العام؟
أنشأنا وحدة للتفويج -وهي العنصر الثاني- حيث نعمل على تفويج الحجاج في كل مراحل الحج، وهي: تفويج رحلات القدوم إلى المملكة العربية السعودية، تفويج رحلات القدوم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة والعكس أيضاً، تفويج رمي الجمرات من المخيمات ومقار السكن إلى منشأة الجمرات للمشاة، تفويج القطار، والتفويج من منى إلى الحرم يومي 12، و13. تفويج رمي الجمرات، وأخيراً التفويج النهائي للمغادرة بعد انتهاء الحج.
كما أنشأت وزارة الحج أنظمة تقنية لهذه المراحل، بعضها مستكمل وتم تطبيقه بشكل جيد خلال السنتين الماضيتين، والبعض الآخر يجري العمل على الانتهاء منه عبر هذه الوحدة. وهذا العمل يُعتبر أفضل وسيلة لضمان سلامة الحشود البشرية، ولزيادة الطاقة الاستيعابية. وكما هناك جهوداً كبيرة لزيادة الطاقة الاستيعابية للمشاعر، هناك زيادة في الاستيعاب أيضاً عن طريق التفويج. وهذه الزيادة كما ترى من طريقين.



* هل من الممكن أن تضرب لنا مثالاً لتتضح الصورة الكاملة لهذا النظام؟
نعم. سأضرب لك مثالاً: لو أن لديك غرفة تستوعب 20 شخصاً مثلاً، وتريد زيادة الطاقة الاستيعابية لها، فأنت بين أمرين اثنين: الأول توسيع هذه الغرفة، وهدمها، وإعادة بنائها لتستوعب الزيادة المطلوبة، أو أن تُحسن استغلالها بحيث تحضر 20 شخصاً، وبعد أن ينتهوا تحضر 20 شخصاً آخر.. وهكذا. وبالتالي تكون قد ضاعفت الطاقة الاستيعابية.
الأمران مهمان جداً، ويصبان في راحة ضيوف الرحمن، وإتاحة الفرصة لجميع المسلمين في شتى بقاع الأرض. وهذا فعلاً ما يحصل في المشاريع الجديدة بالمشاعر المقدسة، وتعمل المملكة العربية السعودية على تحقيقه.

* ما التحديات التي تعترضكم في إدارة الحشود في الحج؟ وكيف تتعاطون معها؟
كما ذكرت لك سابقاً أن الأعداد كبيرة، ومطلوب منا تنظيمها. وهذا التنظيم جاء نتيجة تدارس بين قطاعات عديدة في الدولة كانت وزارة الحج هي المحور فيها، بالإضافة إلى وزارتي: الداخلية، والشؤون البلدية والقروية، ومعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، وذلك برعاية إمارة منطقة مكة المكرمة. لذا كانت التحديات تتركز في تغيير ثقافات الحجاج والمعتمرين والزوار، والعاملين في خدمتهم، وتوعيتهم ليلتزموا بالجداول الزمنية التي تعطى لهم، للتقيد بها في رمي الجمرات، وبالتالي الحفاظ على سلامتهم.

* مشكلة الحجاج الفرادى الذين يرغبون بالحج دون الالتحاق بمؤسسة طوافة. كيف ستتعاملون معها؟
الأمر لم يعد مشكلة الآن، بل انتهى. إذ صدر توجيه من المقام السامي بعمل تنظيم للحجاج الفرادى. وأنشأت وزارة الحج بالتنسيق مع وزارة الخارجية بوابة إلكترونية لضبط هؤلاء الحجاج، وأعدادهم، وأضحى من اللازم على كل من أراد الحج أن يأتي عن طريق هذه البوابة، أو أن ينظم إلى إحدى شركات تنظيم الحج، أو بعثات الحج في بلد الراغب في أداء النسك، وهذه ثلاثة بدائل متاحة أمام ضيوف الرحمن.
هذا الموقع مرتبط بالمواقع الإلكترونية لسفارات الدول المختلفة، بحيث يزوره من يرغب في الحج، فيجد فيه التفاصيل كلها، وكل ما عليه هو أن يتبع خطوات التسجيل المطلوبة، التي تنتهي بالحصول على التأشيرة، والحصول على حزمة متكاملة من الخدمات التي ستقدم له بإذن الله.
كما أننا أوجدنا (Help Desk) وهو مكتب المساعدة الخاص بالبوابة للرد على استفسارات كل من يستفيد من هذه البوابة. والتوجيه الكريم الذي صدر بتنظيم حج هؤلاء الأفراد كان يريد ألا تصبح هناك فئة مجهولة، ودون أي خدمات. وإنما يكون حالها حال الفئات التي تأتي ضمن بعثات أو مؤسسات حج.



* ماذا عن التنظيم الخاص بالحجاج الفرادى من الداخل؟
الوزارة حددت حجاج الداخل بعدد 200 ألف حاج. ويجب أن يكون التنظيم من قبل شركات الحج لهذا العدد المرخص له. من يأتي خارج هذا التنظيم سيكون عرضة للعقاب والجزاء؛ لأن حجه مخالف للنظام.
وقد أصدر المقام السامي تنظيماً بهذا الشأن، ونفذته إمارة منطقة مكة المكرمة، وهو يقضي بتطبيق عقوبات صارمة بحق مخالفي إجراءات الحج تشمل الإبعاد الفوري، وحجز المركبات، والمنع من دخول المملكة لمدة 10 سنوات بالنسبة لغير السعوديين.

* كيف تراعي وزارة الحج في تعاملاتها الجوانب الإنسانية للحجاج؟
من يقدم الخدمة مباشرة للحاج ليس وزارة الحج، وإنما مؤسسات الطوافة، أو شركات ومؤسسات حجاج الداخل. وهم يعملون بشكل منضبط، ووفق خطط تشغيلية يعدونها منذ بداية العام، وتقرها وزارة الحج. ومن ضمن برامج العمل لهذه المؤسسات برامج الخدمات التي تعنى بجوانب الحاج الصحية، والإنسانية، والمعنوية، والغذائية وغيرها، وهي تقوم بهذا الدور تحت إشراف وزارة الحج.
كما أن وزارة الحج تعد استبيانات لقياس رضا الحجاج لتقييم الشركات ومؤسسات الطوافة، والخدمات العامة في الحج عن طريق موظفين ميدانيين، وعبر البوابة الإلكترونية بـ(7 لغات) مختلفة، وهي مفعلة بصورة جيدة.

* ما الذي لفت انتباهكم في التعامل مع ضيوف الرحمن عبر تجربتكم الطويلة في العمل معهم؟
العمل مع الحجاج مبارك، والله عز وجل يرعاه. أنا أتذكر دائماً بداية عملي في هذا المجال. حيث عملت لأول مرة في المطار، وكنت أخرج للعمل وأخطط أنني سأنتهي عند الساعة الحادية عشرة أو الثانية عشرة، وكنا نتواعد أنا وزملائي للعشاء بعد انتهاء العمل، لنتفاجأ بأذان صلاة الفجر يصدح، ونحن لا نزال منهمكين في العمل ولم نشعر بمرور الوقت.
أجد لذة كبيرة في هذا العمل، وفي تسيير أمور هؤلاء الحجاج. وهي نعمة أنعم الله بها على من يعمل في خدمة ضيوفه، ويجب علينا شكرها لتدوم على الإنسان.