أصلها ثابت وفرعها في السماء

كنت بين تلك الجبال لا أعرف إلاّ بني جلدتي ، وزملاء طفولتي . أتنقل من قرية لقرية إما للدراسة ، أو لحضور بعض حفلات الزواج . كانت اللهجات متقاربة ، والمعنى لا مشقة فيه . كان الناس يرغبون في الهجرة لظروف يعرفها الجميع ( التعليم ـ زيادة الكسب .) كأني خارج منها وأساق إلى مهلكة ، لاسيما أن الهجرة ستطول ، والغربة صعبة ، ولم اعتاد مغادرة أهلي ، ومن نحب ،لكنها الدنيا وكدحها . وصلتُ بعد مشقة ، وعقلي مع قمم تلك الجبال ، ومن يقطنها . اسمع لهجات غريبة تعنيني أنا ، وكنت أتعمد الخوض مع أصحابها حتى لا أنال من كيد تلك الابتسامات القاتلة . قلت في نفسي أقرب منهم شيئا فشيئا ونرى ماذا سيحدث .؟ عرفت بعضهم في الجامعة ، وأصبحت مندمجا أكثر ، ولم يعد يهمني شيء كما كنت عليه في الماضي . قال لي أحدهم لغتك غريبة أخي فهل أنت من هنا ؟ يقصد من نجد قلت لا أنا من تلك الجبال قال لي : مع القرود .؟ قلت نعم ، ولكن معنا نمور أيضا . حمي الوطيس بيننا . قلت من أين أنت ؟ قال من هنا يقصد من نجد ، يقولها ، وكأنه يقول : كابر عن كابر . دار بيننا الحديث وتشعّبت الفروع . قال لغتكم غير واضحة. قلت نعم لأنها عربية أصيلة ، ولربما أننا لا زلنا نحافظ عليها والحمد لله .قال بالله عليك هذه عربية .؟ قلت نعم وأنا مستعد لمقارعتك حول هذا فهل أنت مستعد قال : نعم قلت ما معنى قبس ؟ جلس يفكر طويلا قلت أخي هي في القرآن ، والقرآن عربي قال: أعرف ذلك .؟ قلت فماذا دهاك .؟ قال بصراحة لا أعرف . قلت سأعطيك سؤالا آخر قال هات قلت فماهو الماعون ؟ ولم يجب أيضا . قال لي: لماذا أنتم تجيدون هذه اللغة ؟ قلت لأسباب عدة أخي ، وستجدها في كتب كثيرة منها سراة غامد وزهران لحمد الجاسر ، وهو منكم من هنا ، ولعلمك لقد قال ( من أراد أن يتعلم اللغة العربية كما هي فليذهب إلى تلك الجبال )،ولكن لابد أن أذكر ك الأسباب قال هات . قلت : بفضل الله لم نعش تحت وطأة الاستعمار البتة ، ولم تكن تلك الجبال سهلة الوصول إليها ليدخلها ماهبّ ودب ـ ومعظم القاطنين هناك هم أصليين ، ولا يوجد بيننا أحد من هنا أو هناك ، ولذلك حافظنا عليها . قال أتدري ؟قلت نعم قال هل لديك الكتاب الذي ذكرت .؟ قلت نعم ، وغدا سأسلمه بين يديك لترى بأم عينيك. بقي ذلك الكتاب ( كتاب الجاسر ) لديه أكثر من عشرة أيام . عاد بعدها ، وقال والله ما كنت أعرف كل هذا ، ولعلمك الكثير هنا في نجد لا زلنا نجهل الكثير عنكم . أنتهى حديثي مع ذلك الزميل .
الآن ، ومع الحضارة ، ودخول المدن ، والاندماج الكبير أرى شبابنا حادوا عن تلك اللهجات ، حتى أصبحوا لا يعرفون الكثير منها رغم أصالتها العريقة ، وشاهد على مكانة تلك الديار . أنا لست ضد التطور ، والحضارة لكن مع الحفاظ على الأصل ليبقى المعدن براقا ناصعا . ولنبقى إن شاء الله كشجرة ثابتة وفرعها في السماء .
تحيتي وتقديري للجميع.

دالموسى
طرح اكثرمن رائع لموضوع مهم

ليست الحضاره بالتقليد للعادات والتقاليد الدخيله على مجتمعاتنا المحافظه
وليست الحضاره بتغيير اللهجه

الإعتزاز والفخر بأصالتنا ولهجتنا .. شيء جميل ومبهج ..

لهجتنا ومفرداتنا .. هي هويتنا الاصلية وانتمائنا للأرض التي تربينا وترعرعنا فيها ،،

انا عن نفسي مستحيل اغير لهجتي واعتز اني اتكلم فيها لهجة بدويه اصيلة


تحياتي لطرحك وعسى ان ينفع به الكثير

بدويّة
الأروع أن الإنسان يثق فيما ترعرع عليه ، قد يضحك الناس أو من يستمع ، لكن لاينبغي أن تترُك تلك الإبتسامات فينا أثر ، لا يمنع أن نتعامل معهم لكي يفهمونا على الأقل ، لكن لهجتي أعتز فيها وأفتخر خصوصا إذا كانت أقرب للغة كتاب الله . أصيلة ، وعليّ أن أمسك عليها ما حييت ، والأهم من ذلك من يقع تحت يدي أيضا هو الآخر عليه الأخذ بها ( أنا اسمع البعض من الناس يتكلم مع الهندي أو الباكستاني بلهجة مكسرة يتداولها الأخوة من المسلمين الغير الناطقين بالعربية أصلا ) فهل لهجتنا كتلك .؟
تحيتي لك أيتها الأصيلة .

شكرا سعادة الاخ الغالي الدكتور الموسى على اطروحاتك الجميلة
غادرت قريتي وانا في رابعة ابتدائي الى جدة وبالرغم من ذلك لا اتكلم الا بلهجتنا القروية الجميلة حتى مع ابناء جدة . وفي احايين كثيرة لا ادري الا والبعض يسألني انت زهراني فأجيبه بنعم فيقول باين من اللهجة ، من ليس له أول ليس له حاضر ، استغرب من ابناءنا يسافر الواحد منهم شهور الى الشرقية وما يجي الا وقد لوى لسانه بلهجة الشرقية او يسافر الرياض فيلوي بلهجتهم لسانه ، لماذا يارعاك الله كثير من الناس عاشوا حياتهم في اوربا وليس جدة او الشرقية او الوسطى ولم يلوي لسانه .
كنت في صغري مولع بمشاهدة التلفزيون يمكن لانه لايوجد غيره يفتح الساعة 5 ويقفل 10 مساءا ، في يوم الجمعة من كل اسبوع وبعد صلاة الجمعة كان هناك برنامج للشيخ على الطنطاوي رحمة الله عليه وفي احدى حلقاته شدني كلمة عن جاره الزهراني واخذ يمدح فيه مدحا جميلا ويقول عنه انه يتكلم بلهجته الاصيلة والتي اقرب اللهجات الى العربية ، هذه شهادة عظيمة من شيخ عرف عنه براعته في اللغة العربية وعلومها .

رحمه الله رحمة واسعة . أما اللهجة التي عرفناها فلم أحاول حتى تغييرها ،لكني أحاول النطق بالعربية قدر ما استطيع . والبيت ولله الحمد كأننا في قريتنا ، صحيح أن بعضنا يترنّح بين هذه وتلك لكنّي أوقفه وأقول على رسلك لا تكن بعيدا عنا . هناك مواويل كانت تقال في بعض الأوقات ( حرث ـ صرام ـ دياس وغيرها) أتذكرها حتى اللحظة ، وهي جميلة جدا . وهذا يعني ما تحمله تلك الديّار من حفاظ على تلك اللهجة . لاحظ كلمة صرام قال الله تعالى : {أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ }القلم22سبحان الله هل بعد هذا من شيء .؟
شكري وتقديري لك

بيض الله وجهك يالموسى .. وفعلاً مثل ما قال صاحبك بالجامعة : أنهم يجهلون الشيء الكثير عنا ..
وأذكر قبل فترة بسيطه جائني إتصال بالجوال من شخص لا يعرف إلا إسمي الأول .. فحياني وسأل عن حالي فخلال المكالمة قال : أنت زهراني . قلت : نعم .. قال : سبحان الله لهجتكم يالزهارين ما تختلف ومعروفة وعرفت انك زهراني .. فأجبته فوراً مثل الذهب طال عمرك لا يختلف مع مرور الزمن كذااااااااا

تحيه وتقدير لشخصكم الكريم

أبو أحمد : مرحبا بك
نعم لهجتنا معروفة ، والكثير من الناس يعرف من تكون من خلال حديثك معه ، وهذا صدقني دلالة واضحة عن شدة تمسك تلك الديار بل محافظتهم على لهجتهم . دمت أخي ، ولك تحيتي .

جزاك الله خير د0الموسى وصح لسانك وعلأ شأنك
مشكور على الطرح الجميل والأصيل ما يخجل من لهجته ولا من أهله والتخلف في التصنع والمظاهر الكذابه والتقليد الأعمى
والحمدلله نعتز بقبائلنا غامد وزهران واصالتنا وشجاعة رجالنا وكرمهم وشهامتهم
بالنسبه للتغيير في الكلام حاصل الكثير حتى كلمة ماء في القرآن واللي عندهم نقص في شخصياتهم يسمونه ماي او مويه وولو قلنا ماء تشدقوا من الضحك مايدرون بنقصهم

دمت بخير وسعاده

مشكور عالموضوع
وعلى قولة صقر الجنوب (لوى لسانه)
اقول ان اللي يغير لهجته ما هو الا نقص لديه في الشخصيه ويحاول تعويضه
وغالبا مما لاحظته ان اللي يغير لهجته من القرو هم فئة ليست بكثيره وهذه الفيئه ليس لها قابليه عند الجميع وعاشوا بلا ما ضي ومن عاش بلا ماضي فلا حاضر له

الرميصاء :
مرحبا بك، وبمرورك من هنا . نعم كثير منهم يعتقد إن تلك حضارة ، ومن لايتحدث بما يقولون فهو متخلف عن غيره . ذكرتِ ماء ، وقال عز من قائل :( وجعلنا من الماء كل شيء حي) نسأل الله ن يلهمنا رشدنا ، ويثبتنا على طاعته . تحيتي لك أيتها الأخت .