الكثير من الآباء لا يهتم كثيرا بأهل بيته ، بقدر ما يهتم بأن يقال عنه كريم ، ويشاد به في المجالس التي تجيد لحن القول والنفاق ، حتى أن البعض يدخل هذا الاسم تحت مسمى ( المجاملة ) و كما تسمى في لغة السياسيين بالدبلوماسية المصطنعة . قد لايجيد ذلك الأب أي شيء من هذا لكن من حوله يجيدون النصح لمثل هذا . لذلك قد لا يعرف ذلك الأب أصحاب الحاجة من أهل بيته ، لكن دام الناس تمجّد فاالأمر لا يتعدى عادة توارثها ذلك الرجل عمّن سبقه ليقال إنه بالغ في الكرم كغيره . أما داخل بيته ومن يعول فقد يعرف ، وقد لا يعرف عن الحال الذي يكتنف بعض أفراد أسرته من مرض أحاط بهم أو شحّ الماهية التي أعدت لهم كغيرهم من أفراد الأسرة . تجوال على المادحين والعاكفين على ذلك ، سواء كان ذلك من داخل بيته أو من جيرانه . أو حتى من يريحون البال فيغدق عليهم بما لديه ممّا لذ وطاب من الطعام عينا كان أو نقدا . أفراد الأسرة ينظرون إلى أبيهم نظرة ازدراء أو نظرة استغراب وأعينهم تفيض من الدمع لما يجري من أبيهم . قد يقول قائل من أفراد الأسرة ( البسطاء )إن أبي يعرف ما يفعل وهو رجل تجاربه في الحياة كفيلة للقيام بذلك ، وقد يقول آخر إن أبي لم يعد يهتم بنا كسابق عهده ، وقد يقول آخر إن أبي على أمّة من الكرم ، وعلى ذلك فهو مهتدِ . كل يوم يزيد العناء بتلك الأسرة ، بل يزيد بهم غبن ما يجري من أبيهم . يرفعون أكف الضراعة أن يمد الله في عمر ذلك الأب ،وأن يلهمه بصر وبصيرة ، والبعض الآخر يندبون ذلك الحظ العاثر . يقدّم البعض من الأسرة النصح ويقولون أبي إننا بحاجة أكثر من غيرنا إليك . أبي إن الدهر هو الله فلا تُشطط ,أما من أصابه وابل ممّا عند أبيهم لايريدون لباقية الأسرة شيء ليستمر التعالي بين أفراد تلك الأسرة نفسها ، ومنهم من يشدّ شعره ويقول: ( أبي إن جحا أولى بلحم ثوره )