عرض مشاركة واحدة
قديم 12/01/2013, 04:56 PM   #2
عضو مجلس الإدارة مستشار المدير العام ومشرف المنتدى الاسلامي والمساريه


أبو أنــس âيه ôîًَىà

 عضويتي » 24238
 تسجيلي » Mar 2012
 آخر حضور » 22/05/2014 (09:05 PM)
مشآركاتي » 831
 نقآطي » 3113
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »
افتراضي



ذكر الله تعالى أشرف ما يخطر بالبال، وأطهر ما يمر بالفم، وتنطق به الشفتان، وأسمى ما يتألق به العقل المسلم الواعي، والناس بعامة قد يقلقون في حياتهم أو يشعرون بالعجز أمام ضوائق أحاطت بهم من كل جانب.
وهم أضعف من أن يرفعوها إذا نزلت، أو يدفعوها إذا أوشكت، ومع ذلك فإن ذكر الله عز وجل، يحيي في نفوسهم استشعار عظمة الله، وأنه على كل شيء قدير، وأن شيئا لن يفلت من قهره وقوته، وأنه يكشف ما بالمعنى إذا ألم به العناء، حينها يشعر الذاكر بالسعادة وبالطمأنينة يغمران قلبه وجوارحه الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب [سورة الرعد:28].

أيها المسلم لا تخش غما، ولا تشك هما، ولا يصبك قلق، ما دام قرينك هو ذكر الله. يقول جل وعلا في الحديث القدسي: ((أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم)) رواه البخاري ومسلم.

واشتكى علي وفاطمة رضي الله عنهما إلى رسول الله، ما تواجهه من الطحن والعمل المجهد، فسألته خادما، فقال رسول الله: ((ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم، إذا أويتما إلى فراشكما، فسبحا الله ثلاثا وثلاثين، واحمداه ثلاثا وثلاثين. وكبراه أربعا وثلاثين؛ فتلك مائة على اللسان وألف في الميزان)).

فقال علي: ما تركتها بعدما سمعتها من النبي، فقال رجل: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين. رواه أحمد وليلة صفين: ليلة حرب ضروس دارت بينه وبين خصومه رضي الله عنهم أجمعين.

عباد الله لو كلف كل واحد منا نفسه، في أن يحرك جفنيه، ليرى يمنة ويسرة، مشاهد متكررة، من صرعى الغفلة وقلة الذكر، أفلا ينظر إلى ظلمة البيوتات الخاوية من ذكر الله تعالى، أولا ينظر إلى المرضى المنكسرين، أوكلهم الله إلى أنفسهم لما نسوه، فلم يجبروا عظما كسره الله.
وازدادوا مرضا إلى مرضهم، أولا ينظر إلى المسحورين والمسحورات، وقد تسللت إليهم أيدي السحرة والمشعوذين، والدجاجلة الأفاكين، فانتشلوا منهم الهناء والصفاء، واقتلعوا أطناب الحياة الهادئة، فخر عليهم سقف السعادة من فوقهم.

أو لا يتفكر الواحد منكم في أولئك المبتلين بمس الجان ومردة الشياطين يتوجعون، ويتقلبون تقلب الأسير على الرمضاء، تتخبطهم الشياطين من المس فلا يقر لهم قرار، ولا يهدأ لهم بال، أرأيتم عباد الله، لو كلف كل واحد منكم نفسه بهذا، أفلا يُسائل نفسه أين هؤلاء البؤساء من ذكر الله عز وجل؟!
أين هم جميعا من تلك الحصون المكينة، والحروز الأمينة، التي تعتقهم من عبودية الغفلة والأمراض الفتاكة؟!!
أما علم هؤلاء جميعا، أن لدخول المنزل ذكرا وللخروج منه؟! أما علموا أن للنوم ذكرا وللاستيقاظ منه؟! أو ما علموا أن للصباح من كل يوم ذكرا، وللمساء منه؟!
بل حتى في مواقعة الزوج أهله، بل وفي دخول الخلاء – أعزكم الله – والخروج منه؟ بل وفي كل شيء ذكر لنا منه الرسول أمرا، علمه من علمه وجهله من جهله.

والواقع أيها الناس، أنه إنما خذل من خذل من أمثال هؤلاء الغافلين، لأنهم على عجزهم وضعفهم، ظنوا أنفسهم شيئا مستقلا، لا سباق لهم في ميدان ذكر الله، بينما نجد آخرين عمالقة في قوتهم، وهم من ذلك، يرون أنفسهم صفرا من دون ذكر الله تعالى، فكانت النتيجة أن طرح الله البركة واليمن على من ذكروه، فنجوا وأفلحوا، ورفع رضوانه وتأييده عمن اعتز بنفسه، فتركه مكشوف السوءة عريان العورة.

وفي حضارتنا المعاصرة، كثر المثقفون، وشاعت المعارف الذكية، ومع ذلك كله، فإن اضطراب الأعصاب وانتشار الكآبة داء عام. ما الأمر وما السبب في ذلك؟ إنه خواء القلوب من ذكر الله، إنها لا تذكر الله كي تتعلق به وتركن إليه، بل كيف تذكر، من تتجاهله؟!!!

إن الحضارة الحديثة، والحياة المادية الجافة، مقطوعة الصلة بالله إلا من رحم الله، والإنسان مهما قوي فهو ضعيف، ومهما علم فعلمه قاصر وحاجته إلى ربه أشد من حاجته إلى الماء والهواء، وذكر الله في النوازل عزاء للمسلم ورجاء الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب [سورة الرعد:28]. ولو تنبه المسلمون لهذا، والتزموا الأوراد والأذكار، لما تجرأ بعد ذلك ساحر، ولا احتار مسحور، ولا قلبت بركة، ولا تكدر صفو، ولا تنغص هناء.

عباد الله هناك من الناس من يذكرون الله، ولكنهم لا يفقهون معنى الذكر، فتصبح قلوبهم بعيدة عن استشعار جلال الله، وقدره حق قدره، وذكر الله عز وجل، كلام تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله، غير أن الناس مما ألفوا منه.
وما جهلوا من معناه، لا يرددونه إلا كما يرددون كلاما تقليديا، وإلا فهل فكر أحد في كلمة ((الله أكبر)) التي هي رأس التكبير وعماده، وهي أول ما كلف به الرسول حين أمر بالإنذار يـا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر [سورة المدثر:1-3].

إنها كلمة عظيمة، تحيي موات الأرض الهامدة، لصوتها هدير كهدير البحر المتلاطم، أو هي أشد وقعا.

إنها كلمة، ينبغي أن تدوي في أذن كل سارق وناهب؛ لترتجف يده، ويهتز كيانه. وكذا تدوي، في أذن كل من يهم بإثم أو معصية، ليقشعر ويرتدع، وينبغي أن تدوي في أذن كل ظالم معتد متكبر، ليتذكر إن كان من أهل الذكرى، أن هناك إلها أقوى منه، وأكبر من حيلته واستخفافه ومكره، أخذه أقوى من أخذ البشر ومكرهم وخديعتهم، فالله أكبر، الله أكبر كبيرا.

فاتقوا الله أيها المسلمون، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون، واتق الله أيها المسلم الغافل، فإن كنت بعد هذا، قد أحسست أنك ممن قد فقد قلبه بسبب غفلته، فلا تيأس من وجوده بذكر الله،

فقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ألا تلاقيا.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا أيها الذين ءامنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون [سورة المنافقون:9].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم …والى كلام آخر غدآ


 

رد مع اقتباس