21/04/2007, 01:48 AM
|
#25
|
رئيس مجلس الإدارة والمدير العام وداعم مادي لمسابقات رمضان
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 245
|
تاريخ التسجيل : Feb 2005
|
أخر زيارة : 28/02/2014 (09:03 AM)
|
المشاركات :
6,236 [
+
] |
التقييم : 10000
|
|
لوني المفضل : Brown
|
|
الأغنية القصيرة ...** وملحقاتها سمير عطالله
الأغنية القصيرة ... وملحقاتها
كان أجرها الأول عشرة صاغ. ولم تكن العشرة صاغ لها وحدها، بل تقاسمتها مع والدها وشقيقها، الشيخ خالد. ثم ارتفع الأجر إلى ريال. للثلاثة. وذلك بعدما غنت من «التسعة مساء لغاية الساعة اثنين الصبح على طول». وبعدها تقاضت جنيها ونصفا. للثلاثة: «بصيت في الجنيه وأنا مش مصدقة عينيا. كان أول جنيه ألمسه. كانت الدنيا موش سايعاني. وكل دقيقة ابوس الجنيه. وأنا هاطير من الفرح. كنت باتنطّط وباقول يا ارض اتهدّي ما عليك قدّي. أنا معايا جنيه».
وطلب منها مرة في حفلة ان تبدل ثيابها بأخرى أكثر حداثة، فقالت لسيدة البيت «أنا يا ست هانم غير دول. أنا عايشة في الفلاحين. ما اقدرش اتبهرج وألبس غير الحشمة. احنا ناس بتوع ربنا. وازّاي ألبس فرنجي وأنا بأمدح النبي وأقول التواشيح». وأصبحت أم كلثوم في ما بعد الصوت الوحيد الذي من أجله تصمت الأمة العربية من تطوان إلى بغداد. وكانت تهتف لها الحناجر وتهف لها القلوب وتتأوّه لها المشاعر. ولم تغير في حشمتها ولا في أسلوبها ولا في نفسها. وجعلت الناس يغيرون. وكان للطرب مغنيات فصار له «ست». أو بالأحرى «الست». وكان المطربون يغنون للحكام فصار جمال عبد الناصر الأكثر شعبية، يرى أن أم كلثوم وحدها يمكن أن تزيد في شعبيته. واصطفّ على بابها كبار الكتّاب وكبار الشعراء وكبار الموسيقيين. ولم يعد أحمد رامي يعرف لمن سيكتب الشعر إذا لم تكن هي سوف تغنيه. وكان يكتم حبه ومضناه عندما كتب لها: «إن حالي في هواه عجب، أي عجب/ ليس يرضيني رضاها ثم يشقيني الغضب».
كان لها حس شعري أهم من الشعراء وحس موسيقي أعظم من حس الملحنين. وكانت إذ تطأ خشبة المسرح تشعر كأن الناس تريد لو تستطيع حمله على أكتافها. أو على رؤوسها. وجعلت الناس تجلس خمس ساعات تتأوّه وهي تصغي إلى قصيدة وشعر من أعالي الشعر أو أعالي النيل، كما في قصائد الهادي أحمد وإبراهيم ناجي، أو أعالي صنين كما في شعر جورج جرداق. ومهما ارتقى الشعر واعتلى الشاعر ورقّ القصد وغوت القافية، كانت «الست» تقترح شطراً هنا وإبدالاً هناك. وكانت تعدّل في النغم وتجمّل في الإيقاع بحيث توائم ما بين حنجرتها العظيمة وجنون الكمان وإنشاد البزق. وما كانوا يعترضون، شعراء وموسيقيون، بل يطيب لهم الرضوخ لابنة الشيخ إبراهيم البلتاجي التي عندما لمست جنيهاً لأول مرة شعرت أن الدنيا لم تعد تسَعها.
قيل إن أم كلثوم خدّرت الأمة. وعندما وصل أحد الحكام الجدد من الثكنة إلى السلطة وراح يقول رأيه في كل شيء، من الأكل إلى الغناء إلى الفلسفة، تذمر من أن أغاني أم كلثوم طويلة ودعا إلى تقصير حالات الطرب. وها هي الأمة تستيقظ اليوم على دوي القنابل في بغداد والدار البيضاء والجزائر. وقصرت الأغاني نفسها. وهيفا وهبي تطرب الجماهير، من دون حاجة إلى وتر في حنجرة أو شطر في قصيدة أو رنة في عود. والسح اندح بو. والواد طالع لأبو.
|
|
|