عرض مشاركة واحدة
قديم 06/12/2006, 03:12 AM   #3
رئيس مجلس الإدارة والمدير العام وداعم مادي لمسابقات رمضان


الصورة الرمزية مشهور
مشهور âيه ôîًَىà

 عضويتي » 245
 تسجيلي » Feb 2005
 آخر حضور » 28/02/2014 (09:03 AM)
مشآركاتي » 6,236
 نقآطي » 10000
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »
افتراضي لغة الضفادع مشعل السديري



لغة الضفادع

أنا من أقل الناس بتقديم النصائح للآخرين، ومن أقل الناس كلاماً، وأكثرهم سؤالاً، وهذا ما حصل مع أحدهم عندما توالت أسئلتي عليه من أجل أن أستزيد من معرفته، فظنّ بل تأكد في قرارة نفسه أنني أجهل الجاهلين، وأنني في حاجة ماسة وسريعة للاستماع إلى نصائحه، فتحول من الإجابات عن أسئلتي إلى أن يسألني هو قائلاً: هل خصصت وقتاً لأداء المهمات الكبيرة كل يوم؟!، قلت له: لا لأنه لا توجد في حياتي أصلاً أيّ مهمة كبيرة، فقال: يا سيد افهمني، إنني عندما قلت كبيرة، فليس معنى ذلك أنك سوف تقوم (بتخصيب اليورانيوم)، أو ترفع سعر برميل البترول إلى 80 دولاراً، فالأمور في هذا المجال (نسبية)، فما تقوم به وتراه أنت صغيراً قد يكون عند إنسان آخر كبيراً، والعكس كذلك صحيح.
ولا أكذب عليكم أنني بدأت (أتوه) من كلام ذلك الفيلسوف، غير أنه لم يتركني وشأني وجعلني أبدو أكثر اضطراباً عندما قال لي: اسمع، إن المماطلة الإيجابية هي من أكثر أساليب الإنجاز الشخصي تأثيراً، فسألته لا شعورياً متعجباً: هل قلت (المماطلة)؟!، ولم أسمع كلمته جيداً عندما قال: نعم، لأن تفكيري ذهب رأساً إلى ذلك الشخص الذي استدنت منه قبل شهر مبلغاً من المال، وحان وقت تسديده، انتبهت إلى نفسي، وأعجبتني الحكاية، فتوجهت نحوه بكامل مشاعري أطلب المزيد من نصائحه، فقال: الحقيقة هي أنك لا تستطيع أداء كل شيء تود فعله، وعليك دائماً أن تؤجل شيئاً ما، أجّل مثلاً أكل الضفادع الصغيرة، وكل أولاً الضفادع الكبيرة.

فانقلب وجهي، وتغيرت ملامحي، و(حامت كبدي)، فأوقفته عن الكلام قائلاً: ومن هو الذي ذكر لك أنني من الممكن أن آكل ضفدع، إنني أتقزز من منظرها، فكيف لي بأكلها؟!.

فأخذ (يسخسخ) ـ بحرف (الشين) ـ أي يضحك من كلامي وقال: وسّع أفقك ولا تكن عجولاً، فما ذكرته هو مجرد مثال لا أكثر ولا أقل، والضفدعة تعني العمل، وبما أنني أحب أكل الضفادع فقد أوردتها، ومن الممكن أن تستبدلها أنت بالأسماك أو الربيان. قلت له بعد أن بدأ مزاجي يتعكنن: أرجوك خلصني واعطني (الزبدة)، فقال بعد أن أكمل البقية الباقية من ضحكاته: اسمع يا سيد، إن أقوى الكلمات في إدارة الوقت هي كلمة (لا)، قل (لا) إلى أي شيء ليس له قيمة عالية في وقتك وحياتك. قلت له من هذه الناحية (وكّل الله)، ولا توصي حريص، لأن هذه الكلمة هي أكثر مفردة أرددها في صحوي ومنامي، وهي أول كلمة تعلمتها في حياتي، فجميع الأطفال أول ما يتعلمون كلمة (ماما، بابا)، أما أنا فأول ما نطقت قلت: (لا لا تكذبي).

فقال لي: إذن (برافو) عليك. سألته (برافو) على إيه؟!، قال: على رجاحة عقلك، فبدأ مزاجي يتعدل، بل إن صدري كذلك انشرح، فمن مدة ليست بالقصيرة، لم أسمع أحداً يشيد برجاحة عقلي.

أنهيت مقابلة ذلك الرجل الحكيم النصوح سريعاً، على عبارة رجاحة العقل، خوفاً من أن يدخل في نصائح غير متوقعة فيتغير مزاجي مرّة أخرى إلى الأسوأ.

وبدأت في مرحلة (المماطلة)، وترديد كلمة (لا) كالببغاء لكل إنسان، فإذا سألوني: تأكل؟!، كان جوابي، لا، تشرب؟!، لا، تنام؟!، لا، تسهر؟!، لا، تعمل؟!، لا، تلعب؟!، لا، ترقص؟!، لا، (تتنيّل) على عينك، نعم.


 
 توقيع : مشهور



رد مع اقتباس