61. قصة / الاية التي ابكت ابليس.
النص:
نعم بكى إبليس لما سمعها ويحق لك أن تأنس إذا سمعتها .. لكن قبل أن تستأنس بها وتطير فرحاً معها .. لا بد أن تأخذ على نفسك العهد - وهذا دينك - أن تعمل بها حتى تكون سعيداً ولا تفرط بما يسعدك ويسليك ... والآن جاء الموعد لتستمع لها ..
قال تعالى :
{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}
[آل عمران:135]
القضية باختصار أخي الشاب قرار جرئ وشجاع تتخذه , وبعد ذلك يتغير مجرى حياتك تلقائياً , ويهون ما بعده فهل تعجز عن اتخاذ هذا القرار ؟ لا أخالك كذلك وأنت الشاب الجريء في حياتك كلها ..
إن الوقت المناسب لاتخاذ هذا القرار هو هذه اللحظة .. إن أي تأخير في اتخاذ القرار الذي تجدد به حياتك وتصلح به أعمالك يعني بقائك على الشقاء والظلام ..
إن هذا القرار نقلة كاملة من حياة إلى حياة من الظلام إلى النور من التعاسة إلى السعادة من الضيق إلى السعة ..
فبادر باتخاذ قرار التوبة وبسرعة لتبكي إبليس وحزبه
الفتوى:
الحقيقة هي أن بكاء إبليس حين نزول هذه الآية الكريمة لا يُعرف في المرفوع أي ليس من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إنما رُوي ذلك في آثار عن بعض التابعين وغيرهم .
وقد صحّ بكاء إبليس كلما مرّ القارئ بسجدة تلاوة فسجد فيها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد ، اعتزل الشيطان يبكي يقول : يا ويله -وفي رواية أبي كريب يا ويلي-أُمِرَ ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة ، وأمرتُ بالسجود فأبيت فلي النار) .
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (81)
هذا والله تعالى أعلم .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
</i>
62. قصة المرأة المتكلمة بالقرآن الكريم.
القصة:
قال عبد الله بن المبارك رحمة الله عليه : خرجت حاجاً إلى بيت الله الحرام وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فبينما أنا في الطريق إذا أنا بسواد على الطريق ، فتميزت ذاك فإذا هي عجوز عليها درع من صوف وخمار من صوف
فقلت :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقالت : (سلام قولا من رب رحيم)
فقلت لها : يرحمك الله ما تصنعين في هذا المكان ؟!؟
قالت : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام)
فعلمت أنها قضت حجها وهي تريد بيت المقدس .
فقلت لها : أنت منذ كم في هذا الموضع ؟!
فقالت : (ثلاث ليال سويا) فقلت ما أرى معك طعاماً تأكلين ؟!؟
فقالت : (هو يطعمني ويسقين)
فقلت : فبأي شيء تتوضئين ؟
فقالت : (فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيبا)
فقلت لها :إن معي طعاما فهل تأكلين ؟
فقالت : (ثم أتموا الصيام إلى الليل)
فقلت : ليس هذا شهر رمضان !!
قالت : (ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم)
فقلت : قد أبيح لنا الإفطار في السفر ..
قالت : (وأن تصوموا خيراً لكم إن كنتم تعلمون )
فقلت : لم لا تكلميني مثل ما أكلمك؟
قالت : (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)
فتعجبت من ردها وقلت : من أي الناس أنت؟
قالت : (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا)
فقلت : قد أخطأت فاجعليني في حل.
قالت : (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم)
فقلت : فهل لك أن أحملك على ناقتي هذه فتدركي القافلة؟
قالت : (وما تفعلوا من خير يعلمه الله)
قال : فانخت ناقتي
فقالت : (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)
فغضضت بصري عنها .. ولما أرادت أن تركب نفرت الناقة فمزقت ثيابها ..
قالت: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم)
فقلت لها : اصبري حتى أعقلها ..
فقالت : (ففهمناها سليمان)
فعقلت الناقة وقلت لها : اركبي ..
قالت : (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون)
فأخذت بزمام الناقة وجعلت أسعى وأصيح
فقالت : (واقصد في مشيك واغضض من صوتك)
فجعلت أمشي رويداً رويداً وأترنم بالشعر ...
فقالت : (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن)
فقلت لها : لقد أوتيتم خيراً كثيرا
فقالت : (وما يذكر إلا ألو الألباب)
فلما مشيت قليلاً قلت لها ألك زوج ؟
قالت : (ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)
فسكت ولم أكلمها حتى أدركت بها القافلة فقلت لها : هذه القافلة فمن لك فيها؟
فقالت : ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا)
فعلمت أن لها أولاداً ..
فقلت : وما شأنهم في الحج ؟
فقالت : (وعلامات وبالنجم هم يهتدون)
فعلمت أنهم أدلاء الركب فقصدت لها القباب والعمارات
فقلت : هذه القباب فمن لك فيها ؟
قالت : (واتخذ الله إبراهيم خليلاً) (وكلم الله موسى تكليما) (يايحى خذ الكتاب بقوة)
فناديت يا إبراهيم يا موسى يا يحي فإذا بشبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا فلما استقر بهم الجلوس
قالت (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه) فمضى أحدهم فاشترى طعاماً فقدموه بين يدي
فقالت : (كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية)
فقلت: الآن طعامكم علي حرام حتى تخبروني بأمرها فقالوا: هذه أمنا لها أربعين سنة لم تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل فيسخط عليها الرحمن .. فسبحان القادر على ما يشاء ..
فقلت: (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم)
الفتوى:
هذه القصة باطلة وقد انتشرت للأسف بين الناس ونسبت بهتاناً إلى التابعي الجليل "عبد الله بن المبارك" مع عدم صحتها .
وذلك من وجوه :
1- أن التابعي الجليل "عبد الله بن المبارك" والمعروف عنه فقهه وزهده وورعه ، هو شيخ علماء عصره فكيف يحدث امرأة لا تحل له على هذه الصيغة وبهذه الخلوة .
2- ورد في القصة قصده زيارة قبر الرسول_صلى الله عليه وسلم_ ومعلوم أن قصد السفر لأجل زيارة القبر غير جائزة شرعاً لحديث " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد :
المسجد الحرام ، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى "
أخرجه البخاري (1189) .
3- ورد في القصة أن عبد الله بن المبارك أناخ ناقته وأركب هذه المرأة معه مع أنها لا تحل له ، وفي ذلك خلوة محرمة لا تخف على عالم مثله ، فهي إذاً غير صحيحة .
4- صورت هذه القصة التابعي الجليل بأنه سفيه يصيح ويترنم بالشعر مع هذه المرأة ، وصورت هذه المرأة بأنها هي الفقيهة والورعة ، وهذا مما لا يليق نسبته إليه .
وقد ذكر فضيلة الشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان في كتابه
" كتب . أخبار . رجال . أحاديث . تحت المجهر " مايلي أضيفه إلى وجوه بطلانها:
5- إن كثيراً ممن ترجم لابن المبارك لم يذكر تلك القصة ، ومنها أن تلك القصة ليس لها زمام ولا خطام فلم يذكر سندها .
6- ومن ذلك عدم إنكار ابن المبارك _رحمه الله_ فعلها ذلك ، خاصة أن كثيراً من العلماء نهى عن التخاطب بالقرآن ، وابن المبارك معروف باتباعه للسنة فكيف يترك الإنكار عليها .
7- منها أيضاً وضوح التكلف في تركيب السؤال والجواب وهذا يدل على بطلانها
هذه بعض وجوه بطلان القصة أردت ببيانها تبرئة الشيخ الجليل والتابعي الورع "عبد الله بن المبارك" _رحمه الله_ مما نسب إليه ، وأتمنى عدم تناقل الأخبار والآثار إلا ما ثبت صحتها ؛
وخاصة في حق الصحابة والتابعين والعلماء _رضوان الله عليهم_ ألا هل بلغت اللهم فاشهد .