عرض مشاركة واحدة
قديم 13/12/2009, 02:08 PM   #4
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2
 تاريخ التسجيل :  Aug 2004
 أخر زيارة : 30/07/2025 (06:02 AM)
 المشاركات : 64,173 [ + ]
 التقييم :  16605
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
لوني المفضل : Maroon
افتراضي



















ماذا وراء فتح الحوثيين للجبهة مع المملكة؟

نصر طه مصطفى
لم يكن فتح المتمردين الحوثيين لجبهة قتال مع المملكة العربية السعودية قرارا اعتباطيا أو انفعاليا بل كان قرارا مدروسا بعناية بالغة يهدف إلى تحقيق عدة أهداف في آن واحد، وفي الوقت ذاته من المهم إدراك أن اتخاذ هذا القرار لم يتم في إطار قيادة التمرد فقط بل تم اتخاذه على مستوى عدة دوائر مساندة للمتمردين داخل اليمن وخارجه، ولعل قيادة التمرد كانت الأداة التنفيذية لا أكثر لهذا القرار الخطير الذي يبدو بعد شهر وبضعة أيام من بدء تنفيذه وكأنه لم يتمكن حتى الآن من تنفيذ الأهداف التي رسمت له!
في الحقيقة قد لا يدرك كثيرون طريقة تفكير قادة التمرد الحوثي ومن يقف وراءهم ومن يؤيدهم ولذلك قد لا يتوقعون أن يصل بهم التفكير والتدبير إلى هذا المستوى المتقدم من الكيد والتآمر الذي يمكن أن يتجاوز الحدود من أجل بث الفتن والدسائس وخلط الأوراق.. لكن من يقرأ تاريخ الإمامة في اليمن لن يستبعد شيئا من أوجه التآمر لأن الإمامة حكمت اليمن على فترات متقطعة خلال 1150 عاما بالتعصب والاستكبار والعنصرية من ناحية وبالفتن والدسائس والمكائد من ناحية أخرى، وظل معظم الأئمة الذين تعاقبوا على حكم اليمن – إلا من رحم الله وهم قليل – يتوارثون هذه الأساليب حتى اندثرت دولتهم في عام 1962م، لكن حملة فكرهم عادوا لبث الفتن والمكائد منذ فتحت لهم الوحدة اليمنية وما صاحبها من انفتاح سياسي وحزبي وحرية صحافة أبواب النشاط من جديد، ومن يرصد هذا النشاط سيدرك حجم المكائد والدسائس التي قام بها هؤلاء في أوساط الساسة والمثقفين الذين لم يكن معظمهم يصدق أن هناك من يمكن أن يفكر مجددا في إحياء فكر الإمامة ويسعى لبعث دولتها من جديد، لكن الفتنة الحوثية التي بدأت منذ عام 2004م واستمرت حتى الآن أيقظت الكثيرين ولفتت نظرهم إلى حقيقة ما يجري، وجعلتهم يدركون أن 47 عاما من الحكم الجمهوري ليست كافية كما يبدو للقضاء على هذا الفكر الاستكباري العنصري الذي مازال بحاجة للكثير من الجهود لمحاصرته والتضييق عليه حتى ينتهي تأثيره. لذلك كله كان المتمردون الحوثيون يهيئون أنفسهم للمعركة الفاصلة منذ إعلان الرئيس علي عبد الله صالح وقف الحرب الخامسة في 17 تموز (يوليو) 2008م وإعطاء الفرصة كاملة للسلام والتفاوض معهم على ترك السلاح والعنف.. ولهذا ظلوا يماطلون كثيرا لأكثر من عام مستفيدين من المشكلات التي يعانيها النظام في اليمن بسبب الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية وذلك من أجل إعادة ترتيب أوضاعهم الميدانية والاستعداد بالسلاح والألغام والعتاد والمؤن وشراء الذمم والولاءات لمعركة طويلة وفاصلة تنتهي بسيطرتهم الكاملة على محافظة صعدة وأجزاء من المحافظات المجاورة لها لإقامة دويلة بغض النظر عن مسماها سواء كان باسم الحكم الذاتي أو فصلها بالكامل.. وفي حال نجاح هذا المخطط فإنهم يدركون جيدا أن تأثيراته ستمتد إلى الجوار حيث تقع الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، خاصة أن إيران سيكون لها حينئذ موطئ قدم يعتقدون أنها ستستفيد منه لإثارة الكثير من المشكلات في جنوب المملكة.
وعندما قررت الحكومة اليمنية حسم الأمر في صعدة بقوة الدولة وهيبتها بعد أن انسدت كل سبل التفاهم مع المتمردين أدرك هؤلاء أنهم على أبواب تحقيق أهدافهم مراهنين على أن الجيش اليمني لن يصمد في حرب طويلة، لكن توقعاتهم خابت فرغم كل الصعوبات والعوائق التي واجهتها قوات الجيش فإن تقدمها ظل مستمرا ناهيك عما تكبده من خسائر كبيرة في صفوف المتمردين، الأمر الذي دفع بهؤلاء لعرض وساطات تلو أخرى بشكل سري لوقف الحرب فلم تجد أذنا صاغية من الحكومة، ناهيك عن أن أحزاب اللقاء المشترك المعارضة دعت عدة مرات لوقف الحرب فلم تجد صدى كذلك لدعوتها المشوبة بالكثير من الغموض في أهدافها والتي لا يستبعد أنها تصب في مصلحة المتمردين سواء قصدت ذلك أم لم تقصده.. ولذلك اتجه الكيد الإمامي بكل ثقله للتفكير في فتح الجبهة مع المملكة العربية السعودية لتحقيق العديد من الأهداف وعلى رأسها استثارة تعاطف المجتمع المحلي في محافظة صعدة تحديدا معهم بغرض دفع رجاله وشبابه الذين يرفض معظمهم الوقوف معهم في قتالهم ضد الدولة إلى القتال معهم ضد المملكة باعتبار أنهم ظلوا طوال العقدين السابقين يعبئون أبناء محافظة صعدة ضد كل ما يمت للسنة بصلة بزعم أنه يمثل (الوهابية) التي يعتبرونها عدوهم الأول بل وظلوا يخوضون معارك فكرية طوال العقدين الماضيين ضد كل التيارات السنية بحجة أنها وهابية.
كان المتمردون يظنون أنهم بمجرد فتح جبهة للقتال مع السعودية أن المجتمع المحلي في صعدة وأنصارهم في المحافظات الأخرى سيهبون زرافات ووحدانا للقتال في صفوفهم ضد المملكة وبالتأكيد ضد الجيش اليمني نتيجة للتعبئة المذهبية والفكرية والسياسية التي ظلوا يكرسونها طوال العقدين السابقين بشكل علني وطوال عقود قبلها بشكل غير معلن.. لكن المتمردين فوجئوا على كل حال أن أحدا لم يهب للقتال معهم، بل وعلى العكس تكرست القناعة لدى معظم أبناء محافظة صعدة وباقي المحافظات أن هؤلاء متهورون ومغامرون لا تعنيهم مصالح بلادهم بحال من الأحوال بقدر ما يعنيهم تحقيق أحلامهم السياسية التي دمرت المحافظة وأكلت الأخضر واليابس فيها على مدى خمس سنوات من نزيف الدم وتدمير المزارع والمنشآت العامة والخاصة.
وإلى جانب ما سبق فإن المتمردين الحوثيين ظنوا أن إقحام المملكة في المعركة سيؤقلم الحرب ويفتح الباب لطهران وأنصارها في المنطقة للتدخل بكل الوسائل لإنقاذهم، ولذلك وجدنا القيادات الإيرانية تقحم نفسها سياسيا وإعلاميا في المعركة، وتحاول استثارة المجتمع الدولي بأن الحكومتين اليمنية والسعودية تستهدفان الشيعة في اليمن، وهي ادعاءات ووجهت بالسخرية ليس فقط لعلم الجميع بأنه لا يوجد في اليمن شيعة أصلا بالمعنى المتعارف عليه بل ولأنهم أيضا يعلمون أن التمرد الحوثي تمرد سياسي بامتياز ولأهداف سياسية بحتة.. ولاشك أن لدى الحوثيين وأنصارهم في الداخل والخارج أهدافا أخرى من فتح جبهة المملكة لكن أيا كانت هذه الأهداف فإنها أصبحت جميعا مكشوفة، حيث إن هذا التدخل زاد من تعرية التمرد وقدم خدمة جليلة للحكومة اليمنية التي كانت تصرخ بأعلى صوتها محذرة من خطورة هذا النوع من تيارات الإسلام السياسي دون أن تجد من يتفهم أطروحاتها لكن وكما يقال «رب ضارة نافعة» فها هو العالم أدرك اليوم خطورة هذا النمط من المتشددين المتعصبين، وكفى بهذا الاكتشاف مكسبا في هذه المرحلة من هذه المعركة الطويلة.


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس