عرض مشاركة واحدة
قديم 02/11/2009, 12:09 PM   #8
المؤسس والمشـــرف العــــام


صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2
 تاريخ التسجيل :  Aug 2004
 أخر زيارة : اليوم (06:02 AM)
 المشاركات : 64,173 [ + ]
 التقييم :  16605
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
لوني المفضل : Maroon
افتراضي



بعض الأمور المعينة على البر :
بر الوالدين نعمة من الله - عز وجل - يمن بها على من يشاء من عباده، وهناك أمور تعين الإنسان على بر والديه، إذا أخذ بها، وسعى إليها، فمن ذلك ما يلي :
1 - الاستعانة بالله - عز وجل -: وذلك بإحسان الصلة به؛ عبادة، ودعاء، والتزاما بما شرع، عسى أن يوفقك ويعينك على برهما.
2 - استحضار فضائل البر، وعواقب العقوق: فإن معرفة ثمرات البر، واستحضار حسن عواقبه - من أكبر الدواعي إلى فعله، وتمثله، والسعي إليه.
كذلك النظر في عواقب العقوق، وما يجلبه من هم، وغم، وحسرة، وندامة، كل ذلك مما يعين على البر، ويقصر عن العقوق.
3 - استحضار فضل الوالدين على الإنسان: فهما سبب وجوده في هذه الدنيا، وهما اللذان تعبا من أجله، وأولياه خالص الحنان والمودة، وربياه حتى كبر؛ فمهما فعل الولد معهما فلن يستطيع أن يوفيهما حقهما، فاستحضار هذا الأمر مدعاة للبر.
4 - توطين النفس على البر: فينبغي للمرء أن يوطن نفسه على بر والديه، وأن يتكلف ذلك، ويجاهد نفسه عليه؛ حتى يصبح سجية له وطبعا.
5 - تقوى الله في حال الطلاق: فعلى الوالدين إن لم يقدر بينهما وفاق، وحصل بينهما الطلاق - أن يوصي كل واحد منهما الأولاد ببر الآخر، وألا يقوم كل واحد منهما بتأليب الأولاد على الآخر؛ لأن الأولاد إذا ألفوا العقوق صار الوالدان ضحية لذلك، فشقوا وأشقوا الأولاد.
6 - صلاح الآباء: فصلاحهم سبب لصلاح أبنائهم وبرهم بهم ألم يقل الله عن الغلامين { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً } الكهف (82).
7 - التواصي بالبر: وذلك بتشجيع البررة، وتذكيرهم بفضائل البر، ونصح العاقين وتذكيرهم بعواقب العقوق.
8 - إعانة الأولاد على البر: وذلك بأن ينبعث الآباء إلى إعانة أولادهم على البر، وذلك بتشجيعهم، وشكرهم، والدعاء لهم.
أعرف بعض الآباء لا يطيق أن يفارقه أولاده، وأحفاده طرفة عين؛ حتى بعد أن جاوز المائة؛ فهم يبرونه أعظم البر، ويتنافسون في خدمته، بل ويتلذذون بذلك.
ومن أعظم الأسباب الحاملة لهم على بر والدهم - بعد توفيق الله - أن ذلك الوالد كان نعم المعين لهم على بره، حيث كان محبا لأولاده، كثير الدعاء لهم، حريصا على شكرهم، والثناء عليهم، وإدخال السرور على نفوسهم، ومناداتهم بأحب الأسماء إليهم.
9 - أن يضع الولد نفسه موضع الوالدين: فهل يسرك أيها الولد غدا إذا أصابك الكبر، ووهن العظم منك، واشتعل الرأس شيبا، وعجزت عن الحراك - أن تلقى من أولادك المعاملة السيئة، والإهمال القاسي، والتنكر المحض ؟ !
10 - قراءة سير البارين والعاقين: فسير البارين مما يشحذ الهمة، ويذكي العزيمة، ويبعث على البر.
وقراءة سير العاقين، وما نالهم من سوء المصير، تنفر عن العقوق، وتبغض فيه، وتدعو إلى البر وترغب فيه.
12 - استشعار فرح الوالدين بالبر، وحزنهما من العقوق: فلو استشعر الإنسان ذلك الأمر لانبعث إلى البر، ولانزجر عن العقوق، وصدق من قال:
لو كان يدري الابن أية غصة

قد جرعت أبويه بعد فراقه
أمٌّ تهيم بوجده حيـــرانة

وأب يسح الدمع من آماقه
يتجرعان لبينه غصص الردى

ويبوح ما كتماه من أشواقه
لرثى لأمٍّ سلَّ من أحشــائها

وبكى لشيخٍ هام في آفاقه
ولبدّل الخلُق الأبيّ بعــطفه

وجزاهما بالعذب من أخلاقه[1]

* * *
فالله تعالى يقول { وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } (24)
ما أجمل تلك اللحظة الرحيمة التي تتذكر فيها الذكريات الجميلة الماضية مع أبويك ، وتتبعها بالدعاء بقلب خاشع أن يغفر الله لهما ويدخلهما جنات النعيم على ما صبرا في تربيتك ، وعلى ما ذرفا الدمع من أجلك الليالي الطوال ، قف على قبريهما وادع لهما :
زر والديك وقف على قبريهما ‍
ما كان ذنبهما إليك فطالمـا ‍
كان إذا ما أبصرا بك علةً .. ‍
كان إذا سمعا أنينك أسبلا .. ‍
وتمنيا لو صادفا لك راحــةً ‍
أنسيت حقهما عشية أُسكِنا ‍
فلتلحقنهما غداً أو بـــعدهُ ‍



فكأنني بك قد نُقلت إليهمــا
منحاك محض الود من نصحيهمـا
جزعاً لما تشكوه شقَّ عليهـــما
دمعيهما أسفاً على خديهمـــا
بجميع ما يحويه مُلك يديهـــما
قبريهما وسكنـــت في داريهما
حتماً كما لحقا هما أبويــــها




* * *


برهما بعد موتهما:

فبر الوالدين لا يقف عند حدود الحياة فحسب ، فمما يدل على عظم حق الوالدين، وسعة رحمة رب العالمين - أن كان بر الوالدين لا ينقطع حتى بعد الممات؛ فقد يقصر أحد من الناس في حق والديه وهما أحياء، فإذا ماتا عض يده، وقرع سنه؛ ندما على تفريطه وتضييعه لحق الوالدين، ويتمنى أن يرجعا للدنيا؛ ليعمل معهما صالحا غير الذي عمل . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له )[2] ‌.‌
ومن هنا يستطيع المسلم أن يستدرك ما قد فات، فيبر والديه وهما أموات، وذلك بأمور منها:
أ - أن يكون الولد صالحا في نفسه.
ب - كثرة الدعاء والاستغفار لهما.
ج - صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما.
د - إنفاذ عهدهما.
ه - التصدق عنهما .
عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: (بينا نحن جلوس عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رَسُول اللَّهِ هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ فقال: نعم.
1. الصلاة عليهما،
2. والاستغفار لهما،
3. وإنفاذ عهدهما من بعدهما،
4. وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما،
5. وإكرام صديقهما )[3].
ولا يندم الإنسان على ما مضى إلا إذا مات أحد أبويه أوكلاهما ، فيكاد كلما تذكر أنه أخطأ في حقهما .. يكاد يقتل نفسه همّاً وغماً .. ولكن الأعمال الصالحة الكثيرة فيها أكبر عزاء لمثل هؤلاء الذين قصروا مع والديهم .. فالله الله في عدم نسيان الوالدين من أعمال البر المتنوعة والكثيرة ولله الحمد والمنة .
* * *










من فتاوى العلامة الشيخ بن باز رحمة الله عليه حول بر الوالدين :

أسئلة وأجوبة عن بر الوالدين وما ينفع الميت بعد موته:
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخت : ن . ع . م . س زادها الله من العلم والإيمان وبارك لها في الوقت والعمل آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد :
فقد وصلني كتابك الكريم وصلك الله بحبل الهدى والتوفيق ، وجميع ما تضمنه من الأسئلة كان معلوما . . وهذا جوابها :
أولا : ذكرت : أنك متألمة كثيرا من إكراهك الوالدة على دخول المستشفى ، وأنها تعبت فيه كثيرا .
والجواب : لا حرج عليك في ذلك إن شاء الله ؛ لأنك مجتهدة وتريدين لها الخير والعافية وحصول أسباب الشفاء ، ونرجو لك في ذلك عظيم الأجر وجزيل المثوبة ، وأن يجمعك الله بها في دار الكرامة مع الوالد والأحبة .
ثانيا : هل حق الوالدة أكبر من حق الوالد؟
والجواب : لا شك أن حق الأم أعظم من حق الأب من وجوه كثيرة ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سائلا قال : (يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال أمك قال ثم من؟ قال أمك قال ثم من؟ قال أمك قال ثم من؟ قال أبوك )وفي لفظ آخر أن السائل قال : (يا رسول الله من أبر؟ قال أمك قال ثم من؟ قال أمك قال ثم من؟ قال أمك قال ثم من؟ قال أباك ثم الأقرب فالأقرب )
ثالثا : ما صحة حديث الأعرابي أنه قال : يا رسول الله ، لم أجد شيئا أثوبه لأمي؟ قال : " صل لها " ؟
والجواب : هذا الحديث لا أصل له ، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم ، ولا يشرع لأحد أن يصلي عن أحد في أصح قولي العلماء إلا ركعتي الطواف في حق من حج أو اعتمر عن غيره ، وهكذا القراءة للغير والتسبيح والتهليل للغير تركه أولى ؛ لعدم الدليل عليه ، وإنما يصلي الإنسان ويقرأ ويسبح ويهلل ويذكر الله بأنواع الذكر من أجل طلب الثواب لنفسه . أما الأموات من المسلمين الوالدة وغيرها فالمشروع : الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة والعتق من النار ، ومضاعفة الأجر ، وقبول العمل ، ورفع الدرجات في الجنة ، ونحو ذلك من الدعوات الطيبة في الصلاة وغيرها ، ومحل الدعاء في الصلاة : السجود ، وفي آخر التحيات قبل السلام ، سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم )خرجه مسلم في صحيحه ، وروى أيضا مسلم في صحيحه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء )
ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه التحيات في آخر الصلاة قال : (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو )وفي لفظ آخر (قال عليه الصلاة والسلام ثم يتخير من المسألة ما شاء )متفق على صحته . وكان صلى الله عليه وسلم يكرر الدعاء بين السجدتين بطلب المغفرة ويقول : (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني )(وكان عليه الصلاة والسلام يقول في سجوده اللهم اغفر لي ذنبي كله
دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره )خرجه مسلم في صحيحه . ويشرع أيضا الصدقة عن الميت ، الوالدة وغيرها ؛ لما ثبت في الحديث الصحيح أن رجلا قال : يا رسول الله ، إن أمي افتلتت نفسها ولم توص ، وأظنها لو تكلمت تصدقت ، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال : " نعم " وهذا أمر مجمع عليه بين أهل العلم ، وهو انتفاع الأموات بالدعاء والصدقات ، وهكذا ينتفع الميت بالحج عنه والعمرة ، وبأداء ما عليه من الصوم ، وبقضاء الدين عنه ، والعتق عنه ، والصلاة عليه صلاة الميت .
أما زيارة القبور فليس لها وقت مخصوص ، لا يوم الجمعة ولا غيرها ، بل يزورها الرجال متى تيسر ذلك في أي يوم ، وفي أي ساعة من ليل أو نهار ، وأما تخصيص بعض الناس الزيارة بيوم الجمعة فلا أصل له فيما نعلم من الشرع المطهر ، وأما تحميلك إخوانك نقل السلام على الوالدة فلا أعلم له أصلا ، والأحسن عندي : تركه ، ويكفي منك الدعاء لها والصدقة عنها بما تيسر ، كما تقدم بيان ذلك ، ولا مانع من الحج لها والعمرة ، وهما منك أفضل إن شاء الله مع توكيل غيرك في ذلك ، وإذا كنت في مكة كفى الإحرام بالعمرة من الحل كالتنعيم والجعرانة ولا حاجة إلى الذهاب للميقات ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة أن تحرم بالعمرة من التنعيم ، وهو أقرب الحل إلى مكة . أما قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ؛ تقربا إلى الله سبحانه ، وطلبا لمغفرته فقد ورد في ذلك أحاديث فيها ضعف ، وكان ابن عمر وأبو سعيد رضي الله عنهم ، وهما أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحافظان على قراءتها يوم الجمعة ، فمن فعل ذلك فلا بأس ، ولكن الأفضل عدم تثويبها
لغيرك ؛ لعدم الدليل على تثويب القراءة للغير كما تقدم[4] .
س : امرأة تقول تركت الدراسة ووالدتي غير راضية ، هل أكون آثمة؟
ج : الدارسة فيها خير عظيم وفائدة كبيرة ، والواجب على المسلم والمسلمة التعلم والتفقه في الدين . لأنه يجب على المسلم أن يتفقه في دينه ويتعلم ما لا يسعه جهله .
ومن أسباب السعادة : التفقه في الدين ، كما قال عليه الصلاة والسلام : (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين )فمن علامات الخير والسعادة : التفقه في دين الله ، والتفقه في الشريعة حتى يعرف المسلم ما يجب عليه وما يحرم عليه ، فيعبد الله على بصيرة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ) .
فالواجب عليك التعلم والتفقه في الدين إذا تيسر ذلك في مدارس إسلامية طيبة أمينة ، وإذا أكدت عليك أمك فهذا مما يوجب عليك مزيد العناية والحرص على التفقه في الدين ؛ لأن طاعة الوالدين مما يزيد لك الخير والمصلحة العاجلة والآجلة ، فلا ينبغي منك أن تعصيها في ذلك ، إلا أن تكون المدرسة فيها اختلاط ، أو فيها أمور أخرى تضرك في دينك ، فالواجب عليك والحال ما ذكر ترك الدراسة ، ولو لم ترض أمك أو أبوك ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (إنما الطاعة في المعروف )وقال صلى الله عليه وسلم : (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) .
وفق الله الجميع ، وصلى الله على محمد ، وآله وصحبه أجمعين[5] .
كراهة فتاة لأمها بسبب عيشها مع والدها بعد طلاق أمها :
- 318 - س : فتاة تكره أمها كراهة شديدة ، والأم لا تعرف ذلك ، وهذه الفتاة عاشت بعيدة عن أمها مع والدها ولم ترها إلا في الكبر بسبب طلاق الأم لظروف عائلية ، مع العلم أنها تقدم لأمها الهدايا وقد سألت بعض العلماء ، فقالوا : إن ميل القلوب لا يحاسب عليه الرب فما رأيكم؟
ج : لا ريب أن القلوب بيد الله عز وجل يصرفها كيف يشاء سبحانه وتعالى ، فالمحبة والكراهة أمران بيد الله عز وجل ، لكن لهما أسباب ، فإذا كانت الوالدة ذات عطف على البنت وعناية بشئونها فإن هذا من أسباب المحبة .
وإذا كانت الوالدة ليست كذلك عندها إعراض عن البنت وعدم اكتراث بها ، أو طالت غيبتها عنها- كما هو حال السائلة- فإن هذا قد يسبب شيئا من الكراهة والجفوة . والواجب على الفتاة المذكورة تقوى الله في ذلك ، وأن تحرص على صلة أمها والإحسان إليها ، والكلام الطيب معها في جميع الأحوال ، وأن تسأل ربها بأن يشرح صدرها لمحبة والدتها ، فإن حق الوالدة عظيم ، فإن لم تستطع ذلك فالأمر بيد الله ولا يضرها ذلك . ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم يا مقلب القلوب ، ثبت قلوبنا على دينك ، ويا مصرف القلوب ، صرف قلبي على طاعتك " فالقلوب بيد الله عز وجل ، وهو يقلبها كيف يشاء سبحانه . فالواجب أن تضرع البنت المذكورة إلى الله سبحانه ، وتسأله أن
يشرح صدرها لمحبة أمها والقيام بحقها كما شرع الله . وعليها أن تفعل ما تستطيع من البر والصلة والهدايا ، وغير ذلك من أنواع البر ، فإذا صدقت في ذلك هيأ الله لها كل خير ، يقول الله عز وجل : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ويقول سبحانه : لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا .[6]
كيفيـة بـر الوالـدين بعـد مـوتهما
س : كيف أبـر أمي بعـد مـوتها؟
من س . م نجران - السعودية
ج : ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأله سائل فقال يا رسول الله : هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما فقال عليه الصلاة والسلام : (الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما )هذا كله من بر الوالدين بعد وفاتهما .
فنوصيك بالدعاء للوالدة والاستغفار لها وتنفيذ وصيتها الشرعية وإكرام أصدقائها وصلة أخوالك وخالاتك وسائر أقاربك من جهة الأم . وفقك الله ويسر أمرك . وتقبل منا ومنك ومن كل مسلم . والله الموفق .[7]
الطاعة في المعروف :
القارئ م . أ . س من الرياض بعث إلينا السؤال التالي :
س : إنني أشتغل منذ عدة سنوات بتحفيظ القرآن الكريم في مكان بعيد عن المدينة التي يسكن فيها والداي ولذا فهما يطلبان مني أن أترك التدريس وأعمل مع أحد إخواني الذين يسكنون عندهما وأنا متردد في هذا الأمر؟ لأني أخشى أن أترك التدريس فيضيع الطلاب وينسوا ما حفظوه من القرآن الكريم . فما تنصحوني جزاكم الله خيرا؟ .
ج : ننصحك بالاستمرار في تحفيظ القرآن الكريم لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(خيركم من تعلم القرآن وعلمه )أخرجه الإمام البخاري في صحيحه ، ولما في ذلك من المصلحة العامة للمسلمين ، ولا تلزمك طاعة والديك في ترك ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما الطاعة في المعروف )ويشرع لك الاعتذار إليهما بالكلام الطيب والأسلوب الحسن . وبالله التوفيق

س : لي ولد وقد تجاوز العشرين من عمره ، ويدرس في الجامعة ودائما يتخاصم مع والدته بحجة أنها ترفع صوتها على إخوانه في المنزل ، فهو الآن لا يسلم عليها ، وقد هجرها منذ شهرين ، وحتى الآن يدخل البيت ويأكل ويشرب وينام ، ولكن لا يسلم عليها أبدا؟ . . ما موقفي منه باعتباري والده . . علما بأني نصحته ورفض مرارا وتكرارا ولا زال مصرا على عصيانه . أفيدونا جزاكم الله خيرا ؟ .
جـ : هذا جاهل مركب ، قد ارتكب منكرا عظيما ، وعقوقا كبيرا ، نسأل الله لنا وله الهداية . . فالواجب تحذيره من ذلك ، ومنعه من هذا العقوق ولو بالضرب ، أو منعه من البيت بالكلية ، أو بغير ذلك من أنواع التأديب المناسبة ، إذا كان ما ينفع فيه الكلام ، ولا بأس من رفع أمره إلى الهيئة أو إلى المحكمة إذا لم يستطع والده علاج الموضوع أصلحه الله وألهمه رشده وكفاه شر نفسه. [8].
الواجب على العاق لوالديه الاستغفار والدعاء لهما بعد موتهما :

س : ما صحة هذا الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن العبد ليموت والداه أو أحدهما وإنه لهما لعاق فلا يزال يدعو لهما ويستغفر لهما حتى يكتب عند الله بارا ؟
ج : لا أعرف حال هذا الحديث ، ولا أدري عن صحته ولكن المعنى صحيح ، فإن الدعاء للوالدين والاستغفار لهما والصدقة عنهما من جملة البر . بعد الموت ، ولعل الله يخفف عنه بذلك مل سبق منه من عقوق مع التوبة الصادقة ، وعليه أن يتوب إلى الله ويندم على ما فعل ويكثر من الاستغفار والدعاء لهما بالرحمة والعفو والمغفرة مع الإكثار من الصدقة عنهما ، فإن هذا كله مما شرعه الله تعالى في حق الولد لوالديه : فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم (أنه سأله سائل فقال يا رسول الله هل بقي لوالدي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ فقال عليه الصلاة والسلام نعم والصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ) .
والصلاة عليهما : يعني الدعاء لهما ؛ ومن ذلك صلاة الجنازة ، والاستغفار لهما : أي طلب المغفرة من الله لهما ، وإنفاذ عهدهما : يعني وصاياهما إذا أوصيا بشيء لا يخالف الشرع ، فمن برهما تنفيذ الوصية الموافقة للشرع ، وإكرام صديقهما : أي أصدقاء والديه يكرمهم ويحسن إليهم ويراعي حقوق الصداقة بينهم وبين والديه ، وإن كان الصديق فقيرا واساه ، وإن كان غير فقير اتصل به للسلام عليه والسؤال عن حاله استصحابا للصداقة التي بينهم وبين والديه إذا كان ذلك الصديق ليس ممن يستحق الهجر ، كذلك صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما كالإحسان إلى أخواله وأعمامه وأقاربه من جهة أبيه وأمه ، فكل هذا من بر الوالدين .[9]
حكم من هجر والدته :
س : سأل الأخ م . ق . ل من جيران يقول : هناك رجل طالب علم يصلي ويصوم ويتصدق لكن مع الأسف قد هجر أمه . فهل صلاته وصدقته وصومه تنفعه وهو هاجر لأمه لا يلتفت إليها وهي مؤمنة تصلي وتصوم ونحن نعرفها بذلك؟
ج : هجر المسلم لأمه منكر وعقوق عظيم ويجن عليه التوبة إلى الله من ذلك وعليه أن يرجع إلى برها والإحسان إليها والأخذ بخاطرها واستسماحها هذا هو الواجب عليه وليس له أن يبقى على الهجر والعقوق ، لأن هذا منكر عظيم وكبيرة عظيمة فيجن عليه تركها واستسماح والدته وطلب رضاها والتوبة إلى الله من ذلك سبحانه وتعالى . أما صلاته وصومه وعباداته فلا تبطل . فعباداته صحيحة وأعماله صحيحة إذا أداها على الوجه الشرعي ، ولكن يكون إيمانه ضعيفا بكون إيمانه ناقصا بهذه المعصية . فلبى المعاصي عند أهل السنة تنقط الإيمان وتضعف الإيمان ولكن لا يكفر صاحبها إنما يكفر بالكبيرة عند الخوارج الذين يكفرون بالذنوب ، وهم ظلمة فجرة في هذا القول فقد أخطئوا وغلطوا عند أهل السنة والجماعة . وأما أهل السنة فإنهم يقولون : المعصية تنقص الإيمان ولكن لا يكون صاحبها كافرا ولا خالدا في النار بل هو عاص ومعصيته تنقص إيمانه وتضعف إيمانه وتسبب غضب الله عليه وهو على خطر منها بأن يدخل النار ولكن لا يكون كافرا ، وحتى لو دخل النار لا يخلد فيها هكذا يقول أهل السنة والجماعة فيهم ، لا يخلدون العصاة في النار إذا دخلوا بمعاصيهم .
فالحاصل أن هجره لأمه معصية وكبيرة بل وعقوق ولكن لا يكون ذلك من أسباب كفره ولا بطلان عمله إلا إذا استحل ذلك ورأى أن عقوق والديه حلال فهذا يكون كافرا نعوذ بالله من استحلال عقوق الوالدين . فإن من عمل ذلك ورأى أنه حلال أو استحل الربا ورأى أنه حلال أو استحل الزنا ورأى أنه حلال هذا يكون كافرا مرتدا عن الإسلام إلا أن يكون مشركا وجاهلا لبعده عن الإسلام كالذي نشأ في بلاد بعيدة عن الإسلام يجب أن يعلم أمور الإسلام ويبين له أن عقوق الوالدين مما حرمه الله على عباده ، فالبر بالوالدين مما أوجبه الله على كل مسلم وإن عقوقها مما حرمه الله ، فإذا علم الجاهل وبين الأمر لمن دخل في الإسلام ثم أصر يكون كافرا نعوذ بالله وإذا كان طالب علم فكبيرته أشد نعوذ بالله من ذلك .[10]
* * *
فاللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعلنا بارّين بوالدينا أحياء وأمواتاً ، وارحمهما كما ربيانا صغاراً ، اللهم ارفع درجاتهم ، وكفرّ سيئاتهم ، وارزقهم الدرجات العلى في جنات النعيم ، واجزهم عنا خير الجزاء ، ونعوذ بك من نسيانهم أو عقوقهم .. اللهم اغفر لنا تقصيرنا معهم ، واجعل ما نقوم به من أعمالٍ ترضاها كفارةً لنا عن إساءتنا إليهم ، واجعل لهم من ثواب أعمالنا نصيباً فنحن من كسبهم ، ولا تفتنّا بعدهم ، ولا تحرمنا أجرهم ، واغفر لنا ولهم برحمتك يا أرحم الراحمين ..
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وإمامنا وشفيعنا يوم القيامة ، محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين .




الفهارس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموضـــوع الصفحة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



[1] - هذه والتي قبلها ، مقتبس من موقع الإسلام بتصرف ( مرجع سابق )

[2] - تحقيق الألباني رحمه الله ‌(‌صحيح‌)‌ انظر حديث رقم‌:‌ 793 في صحيح الجامع‌.‌

[3]- رواه أبو داود . رياض الصالحين . برقم 343 -باب بر أصدقاء الأب والأم والأقارب والزوجة وسائر من يندب إكرامه .

[4] - مجموع فتاوى ومقالات الشيخ بن باز رحمة الله عليه . المجلد الثامن .

[5] - المرجع السابق .

[6] - السابق .

[7] - السابق .

[8] - السابق الجزء الخامس .

[9]- مجموع فتاوى الشيخ . المجلد التاسع .

[10] - فتاوى الشيخ . مج السابع .


 
مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس