02/11/2009, 12:05 PM
|
#5
|
المؤسس والمشـــرف العــــام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 2
|
تاريخ التسجيل : Aug 2004
|
أخر زيارة : 10/07/2025 (05:27 AM)
|
المشاركات :
64,171 [
+
] |
التقييم : 16605
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
MMS ~
|
SMS ~
|
|
لوني المفضل : Maroon
|
|
0 موت أمًّ : ( صورة رمزية ) ..
لا أريد أن أوذى أسماعكم أحبتى فى الله بصور من العقوق، غير أن أقسى صورة من صوره وأشدها إيلامًا صورة هذا العاق الذي يقتل أمه لحفنة من المال، والأكثر إيلاما هو توجع القلب المحزون قلب الأم الذي قتله ولدها . . استمع معي إلى هذه القصة الرمزية[1] :
بنقوده كـى ما ينـال بـه الوطـر
ولك الجواهـر والـدراهـم والـدرر
والقلبَ أخرجه وعاد على الأثر
فتدحرج القلـب الـمقطـع إذ عثـر
ولدى حبيبى هل أصابـك مـن ضـرر؟
غضبُ السماء عـلى الغلام قد انهمر
ولـدٌ سـواه ، منـذ تـاريـخ الـبشر
فـاضـت به عيناه من سيل العبر
تغفر ، فإن جريمتى لا تغتفر
طعنـا فيبقى عبرة لمن اعتبر
تطعـن فؤادى مـرتين علـى الأثـر.
أغرى امرؤ يومًا غلامًا جاهلاً
قال ائتنى بفؤاد أمك يا فتى
فمضى وأغرز خنجرًا فى صدرها
لكنه من فرط سرعته هوى
ناداه قلب الأم وهو معفرٌ
فكأن هذا الصوت رغم حنوه
فدرى فظيعَ جنايةٍ لم يجنها
فارتد نحو القلب يغسلـه بمـا
ويقـول: يا قلـب انـتـقـم منـى ولا
فـاستـل خنجـره ليطعـن قلبـه
ناداه قلب الأم كف يداً ولا
* * *
فالله تعالى يقول لعد ذلك " إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا" لماذا قال الله تعالى "أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا "؟! لم لم يقل الله " أحدهما " ويسكت ؟! – وهذا لفظٌ لا بأس به - .. تابع القراءة !
أيها الولد .. إذا بلغ الوالدان عندك- أنت - أو أحدهما الكبر ، فلا تظن أن ذلك أمرٌ يُثقلُك ويُضجرك ! بل يجب عليك الاهتمام بكل واحد منهما على سبيل الاستقلال .. لأن من الناس من تجده يتمتع بعلاقةٍ جيدة مع أبيه .. بينما يعيش في صراع في علاقته بأمه ، فيتنبّه الأبُّ لهذا الأمر فيأمر ابنه بالخضوع لأمر أمَّه .. وأنها تعبت عليك وربَّتْك وفعلتْ .. وفعلتْ .. فيأتي الولد ليبرَّ أُمَّه طاعةً لأبيه .. وأحياناً قد يكون العكس .. بأن تكون علاقته بأمه طيبه ، وعلاقته بأبيه سيئة .. فتحمله أمُّه على البَّر بأبيه .. الله تعالى لا يريد هذا .. بل مراد الله عز وجل .. أن تبرَّ بهما في حال اجتماعهما .. أو انفرادهما .. فلهذا _ والله تعالى أعلم _ قال الله " أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا " .
ثم قال الله جل وتعالى " فلا تقلَّ لهما أفٍ ولا تنهرهما " .. من يصدق أن كثيراً من أبناء زماننا ، من أرباب تربية القنوات الفضائية ، والمدارس الخاوية على عروشها إلاَّ من جدرانٍ تقي من الحرَّ والبرد فحسب ، وليس بين أروقتها مبادئ أخلاقية _ إلاّ قليلاً جداً _ من يصدق أن هؤلاء ، منهم من أصبح ينتقد أباه علناً ويصفه بعدم الفهم ، ومنهم من يرفع صوته فوق صوت أبيه ، ومنهم من ينظر إليه شزراً بنظرات تكاد تخسف به الأرض _ نسأل الله العافية _ وقل مثل ذلك عن الأمَّ الضعيفة مكسورة الجناح.
ولو علم الله تعالى كلمة هي أقسى من هذا الكلمة ( أف ) على قلب الأب والأم لجعلها في القرآن .. هي كلمة مكونة من حرفين .. ومعناها في اللغة ( أتضجر ) ...
أما في المدركات الحسية فللعلماء فيها أقوال ، بعضها يدل على أنها : وسخ الآذان ، أو الأظفار ، أو اقذاة التي ترفعها من الأرض . أي أنها أمور حقيرة فيما يدرك بالحس .
إن مراعاة مشاعر الوالدين لمن أعظم القربات إلى الله تعالى للأعتبارات السابقة ..
لكن .. هل يفقه الأبناءُ والبناتُ ، في زمن العقوق هذا؟! إني لأعجب من شابٍ ظاهِرهُ الالتزامُ .. يكيل الإهانات لوالديه صباح مساء ، وينتقي أشنع الألفاظ وأقبحها ليفرغها في وجهيهما عند أقلَّ خلافٍ ؟ هذا لا خير فيه أبداً . وقد يرنّ جرس الهاتف أثناء كلامه القاسي مع أبيه أو أمَّه فيقوم بالرد على الهاتف فيجده أحد أصدقائه .. فيتلطف معه في الكلام ..:
-" يا أهلاً وسهلاً ... جزاك الله خيراً .. بارك الله فيك .. وفقنا الله وإياك لكل خير... "
فيستغرب أبوه وأمه هذا الكلام اللين الجميل مع الغَريب فيقولون : أين نحن من هذه الألفاظ العذبة الجميلة ؟! وهذه الأخلاق العالية لا نراها في هذا البيت المنكود؟! .. فيعيشان في قلقٍ وترقبٍ دائمين ..يتمنيان خروجه من البيت ليَسلما من سلاطةِ لسانه .. وفي الوقت نفسه يخافان عليه من الأذى إذا خرج .. فهما بين خوفٍ وهمٍّ _ ...
بينما تراه أمام رئيسه في العمل صاغراً ذليلاً ، مطأطيء الرأس ؛ أنفه في الأرض ، هذا لا خير فيه .. ولا خير في امريء يكون احتفاؤه واهتمامه بالناس ويحرم أباه وأُمَّه من تلك المعاني الإسلامية الإنسانية العظيمة .. بل التي يعرفها كرماءُ العرب وأصحابُ الشيم قبل أن يكونوا مسلمين ! ...
بل ترى أحدهم ينظر إلى أبيه أو أمه نظرات الازدراء من أعينٍ يتطاير منها الشرر _ نسأل الله السلامة _ ..ويتبعها بكلماتٍ من نار تشمئز منها النفوس .. وهذا يذكرنا بشكوى ذلك الرجل الذي يشكو ولده العاق بكلمات تكاد تقطر دماً وحزناً ، وتشعر وأنت تقرؤها أن نياط قلبك تتمزق ، ولا تكاد تملك عينيك من البكاء .. فيقول :
تعل بما أجني عليك وتنهل
لشكواك إلا ساهرا أتململ
طرقت به دوني وعيني تهمل
لتعلم أن الموت وقت مؤجل
إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
كأنك أنت المنعم المتفضل
فعلت كما الجار المجاور يفعل
علي بمالي دون مالك تبخل
برد على أهل الصواب موكل
غذوتك مولودا ومنتك يافعا
إذا ليلة نالتك بالشكو لم أبت
كأني أنا المطروق دونك بالذي
تخاف الردى نفسي عليك وإنها
فلما بلغت السن والغاية التي
جعلت جزائي غلظة وفظاظة
فليتك إن لم ترع حق أبوتي
فأوليتني حق الجوار ولم تكن
تراه معدا للخلاف كأنه
* * *
فجاء النهي العظيم عن قول " أفٍ[2]" ومن باب أولى .. رفع الصوت فوق صوتيهما ..فهذا حرامٌ .. ومثله بل أعظم منه ..رفع اليد وهزها في وجه الوالد أو الوالدة .. أو الإشارة إليهما بالأصابع أو تقطيب الجبين أثناء الحديث معهما !! أو النهر والزجر أو إسداء النصيحة إليهما على سبيل التعالي .. أو أمرهما بالمعروف ونهيهما عن المنكر على سبيل الإغلاظ عليهما ولسنا بصدد بيان أحكام الاحتساب عليهما فلها كتب بينتها بالتفصيل..أو تجد أحدهم يحدّ النظر إلى أبيه وأمه بطريقة عجيبة تكاد تخسف بهما الأرض والعياذ بالله .
وأولى بالتحريم من قول " أفٍ" .. الضرب[3]!! نسأل الله العافية .
والله لقد حُدثت قبل كتابة هذه الكلمات بأسبوعين عن رجل يضرب أمَّه في حي من أحياء القاهرة يعرفه من حدثني عنه ، بل أرانيه يمشي في الشارع تعلو وجهه غبرة وظلمة فتعوذت بالله من الشيطان الرجيم عندما رأيته ...وآخر يضرب أمّه " بالعقال"[4] على ظهرها هنا في الدمام .. إني ليقشعر جلدي من سماع هذه القصص .
ولم أشأ أن أنقل أخبار من قتل أمه وأُعلن ذلك في بيان لوزارة الداخلية السعودية أو الذي حَمَلت منه أمّه _ لا إله إلا الله _ ... وكان يتعاطى المخدرات .. أو الذي تركها بجوار أسواق الراشد الضخمة في الخبر .. ولم يعد لها وهي تنتظر عودته وتظن أن هذا السوق هو المستشفى .... إلخ .
أثناء كتابة هذا الفصل .. قدر الله تعالى أن ألتقي بعجوز بيننا وبينها نسبٌ .. فصعقت عندما أخذت تشكو عليَّ ظُلم ابنها وهو موظفٌ برتبةٍ عسكريةٍ .. زوّجتْه أمُّه .. قريبةً لها .. ثم قَلبَا لها ظهر المِجنَّ .. فتطاول على أمَّه بأقذع الألفاظ والشتائم رضىً لزوجته ! فلم يكفهِ ذلك حتى رفع يده ولَطمَها على خدها الذي طالما أغرقته بالدموع بكاءً عليه إذا مرض وإذا سافر وإذا بكى .. واليوم يتلقى هذا الخد الحبيب صفعة من يدٍ لطالما وُضعت عليه إذ كانت صغيرة ... وتحسسته ..
قد لا تصدقون أنني خنقتني العبرة وهي واقفة تشكو عليَّ ابنها حتى ألجمتني فلم أدر ما أقول ! ..
أهذا جزاؤها إذ حضنته وأكرمته ؟! واختارت له زوجةً كانت سبباً في عقوقه لأمه .. قبحه الله ..
{ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ }[5] كيف يصل بأحدهم الحال إلى هذه الدركات الخسيسة ، وقد جاء في الحديث : فيما ( روي ) عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل به البلاء : إذا كان المغنم دولا و الأمانة مغنما و الزكاة مغرما و أطاع الرجل زوجته و عق أمه و بر صديقه و جفا أباه و ارتفعت الأصوات في المساجد و كان زعيم القوم أرذلهم و أكرم الرجل مخافة شره و شربت الخمور و لبس الحرير و اتخذت القينات و المعازف و لعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء أو خسفا أو مسخاً )[6]
* * *
لم أشأن أن أزعج أسماعكم بتلك المصائب .. لكنني تذكرت موقفاً نتجلى فيه روعة البرَّ وجمال الإيمان وحسن التصرف _ كي أمحو من ذاكرة القاريء والقارئة الكريمين صور العقوق وليعلم أن مجتمعنا لا يزال بخير _ ... قالت إحدى الأخوات :_
جزى الله زوجي عني خير الجزاء .. إذ لمَّا رآني تبدر مني كلمات يُفهم منها تضجري من أمَّه العجوز .. وأحس بجفوة وفجوة بيني وبينها .. لم يتكلم .. ولم يحاول أن يجرح مشاعري أو يعقَّ أمَّه .. فما كان منه إلاَّ أن قال لي .. هيا بنا إلى السوق .. لنشتري هديةً لامرأةٍ تعرفينها .. أريد أن تقومي أنت باختيارها .. ألححت عليه في معرفتها فأبى .. فدفع إليَّ مبلغ 5000 ريال فقال : اشتري ذهباً .. فلما عدنا إلى البيت سألته عن هذه المرأة التي ستقدم لها الذهب .. فقال : إنها أمي ! فاستأت من ذلك ولم أتكلم .. لكنني قلت في نفسي مادام أن المال منه .. فلماذا لا أكسب أنا الجميل فلم أخسر شيئاً فلما دخلنا .. قعدت بين يدي هذه الأمَّ .. وقلت لها : يا والدة .. هذه هدية بسيطة نقدمها لك .. لاحتمال أن نكون قد قّصرنا معك .. أو أسأنا إليك .
فقالت الأمُّ : لا أريد منكم شيئاً .. إذا كنتم بخير فأنا بخير ..
ففتحتُ علبة الذهب .. فلما رأته .. سالت دموعها عن خديها .. فانهرت أنا على قدميها أقبلها وأبكي وأحسست بأنها أمي بدل أمي التي ماتت وأنا صغيرة .. فتبدل حالنا في البيت بفضل الله تعالى ثم بفضل زوجي وإخلاصه وحسن تصرفه .
فالتعامل مع الأم يحتاج إلى فَنًّ راقٍ .. وذكاءٍ وفطنة .. قل لامرأتك : أنا طريقك إلى الجنة ، وأمي طريقي إلى الجنة فأطيعيني حتى تدخلي الجنة .. وأعينيني على طاعة أمي حتى ندخل الجنة .. أفْهِمها أن هناك أموراً قد لا تَحسِبُ لها حساباً .. لكنها تعني الشيء الكثير عندك أمك! .
مثلاً : ركوب السيارة .. لماذا تُركبها في الأمام .. وُتركب أمَّك في الخلف .. ألم تعلم أن ذلك يجرح مشاعر الأم ؟! ألا تعلم أن أمك امرأة !، ولها غيرة ؟ أم تظن أن الغيرة إنما تكون بين الزوجة وضرتها فحسب ؟! ألم أقل لك إنها أمور قد تبدو لنا صغيرة لكنها عند الأم كبيرة ..
وإذا جئت بهديةٍ لزوجتك فلا تجعل لها نصيب الأسد وتجعل للأمَّ نصيب الخادمات .. بل اجعلها هي التي تتخير ما تريد .. أو على الأقل إئت بشيءٍ مماثل .. وحاولا أن تشعرا الأمَّ بأنها هي المقصودة أولاً بتلك الهدايا.. وانظر بعدها كيف أنها لن تستأثر بشيء بعد ذلك وستكبر منك هذا التصرف .
* * *
ومن جهة النفقة عليهما ، فإن الواجب تفقد أحوالهما ، فلربما كانا محتاجين وعفيفين ، يمنعهما الحياء من الطلب ، وقد لا يتنبه الأبناء لذلك .
أو لربما كانا موسرين ولكن لا مانع من إعطائهما .فهذا شاب يسأل الأستاذ الدكتور: رفعت فوزي :
والدي ووالدتي حالتهما المادية جيدة جداً، وعندما أذهب إليهما أرى كثيراً من الإسراف على أمور غير ضرورية، ويطلبان مني أن أعطيهما مالاً شهرياً، ويصرفانه في معظم الأحيان على بعض إخوتي مع أنهم موظفون، وللأسف يُصرف على كماليات، وحين أتأخر عن إعطائهما المال يغضبان! فما رأي فضيلتكم؟ وجزاكم الله خيرا..
ج . أرى ألا تغضب أبويك، وأرى أن تصلهما، إذا كنت تستطيع أن تعطيهما ما يطلبان منك من المال، وكان معك فضل عن حاجتك، فلا بأس بأن تعطيهما بصرف النظر عن كيفية إنفاق هذا المال طالما أنه ليس في أمر مقطوع بحرمته؛ صلةً للرحم، أما إذا كنت لا تقدر أي ليس هناك ما يفيض لديك، ويمكنهما واقعاً وعملاً أن يستغنيا عما تعطيه لهما؛ فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وحاول ألا تغضبهما، فإن في هذا قطعاً لصلة الرحم، ولا ينبغي أن تعلل بكونهما ينفقان الأموال في أمور غير ضرورية، ما دمت تعطيهما ما يطلبان، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة: "أنت ومالك لأبيك"[7] وأيضا قال صلى الله عليه وسلم لوالد وولد "أما أنه لا يجني عليك ولا تجني عليه"[8] هذا إذا كان سيضر أحدكما الآخر، فإذا لم يكن هناك ضرر من إعطائهما ما يحتاجان، فلا بأس. والله تعالى أعلم . [9]
أولاً : دور الابن الزوج: مما يعين الابن الزوج على التوفيق بين والديه وزوجته ما يلي:
أ - مراعاة الوالدين وفهم طبيعتهما: وذلك بألا يقطع البر بعد الزواج، وألا يبدي لزوجته المحبة أمام والديه - خصوصا إذا كان والداه أو أحدهما ذا طبيعة حادة -.
لأنه إذا أظهر ذلك أمامهما أوغر صدورهما، وولد لديهما الغيرة خصوصا الأم.
كما عليه أن يداري والديه، وأن يحرص على إرضائهما، وكسب قلبيهما.
ب - إنصاف الزوجة: وذلك بمعرفة حقها، وبألا يأخذ كل ما يسمع عنها من والديه بالقبول، بل عليه أن يحسن بها الظن، وأن يتثبت مما قال.
ج - اصطناع التوادد: فيوصي زوجته - على سبيل المثال - بأن تهدي لوالديه، أو يشتري بعض الهدايا ويعطيها زوجته؛ كي تقدمها للوالدين - خصوصا الأم - فذلك مما يرقق القلب، ويستل السخائم، ويجلب المودة، ويكذب سوء الظن.
و - التفاهم مع الزوجة: فيقول لها - مثلا - إن والديَّ جزء لا يتجزأ مني، وإنني مهما تبلد الحس عندي فلن أعقهما، ولن أقبل أي إهانة لهما، وإن حبي لك سيزيد وينمو بصبرك على والدي، ورعايتك لهما.
كذلك يذكرها بأنها ستكون أما في يوم من الأيام، وربما مر بها حالة مشابهة لحالتها مع والديه؛ فماذا يرضيها أن تعامل به ؟
كما يذكرها بأن المشاكسة لن تزيد الأمر إلا شدة وضراوة، وأن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، وهكذا
ثانيا: دور زوجة الابن: أما زوجة الابن فإنها تستطيع أن تقوم بدور كبير في هذا الصدد، ومما يمكنها أن تقوم به أن تؤثر زوجها على نفسها، وأن تكرم قرابته، وأن تزيد في إكرام والديه، وخصوصا أمه؛ فذلك كله إكرام للزوج، وإحسان إليه.
كما أن فيه إيناسا له، وتقوية لرابطة الزوجية، وإطفاءا لنيران الفتنة.
وإذا كان الزوج أعظم حقا على المرأة من والديها، وإذا كان مأمورا - شرعا - بحفظ قرابته، وأهل ود أبيه؛ تقوية للرابطة الاجتماعية في الأمة - فإن الزوجة مأمورة شرعا بأن تحفظ أهل ود زوجها من باب أولى؛ لتقوية الرابطة الزوجية.
ثم إن إكرام الزوجة لوالدي زوجها - وهما في سن والديها - خلق إسلامي أصيل، يدل على نبل النفس، وكرم المحتد.
ولو لم يأتها من ذلك إلا رضا زوجها، أو كسب محبة الأقارب، والسلامة من الشقاق والمنازعات، زيادة على ما سينالها من دعوات مباركات.
كما أن على الزوجة الفاضلة ألا تنسى - منذ البداية - أن هذه المرأة التي تشعر أنها منافسة لها في زوجها - هي أم ذلك الزوج، وأنه لا يستطيع مهما تبلد فيه الإحساس أن يتنكر لها؛ فإنها أمه التي حملته في بطنها تسعة أشهر، وأمدته بالغذاء من لبنها، وأشرقت عليه بعطفها وحنانها، ووقفت نفسها على الاهتمام به حتى صار رجلا سويا.
كما أن هذه المرأة أم لأولادك - أيتها الزوجة - فهي جدتهم، وارتباطهم بها وثيق؛ فلا يحسن بك أن تعامليها كضرة؛ لأنها قد تعاملك كضرة، ولكن عامليها كأم تعاملك كابنة، وقد يصدر من الأم بعض الجفاء، وما على الابنة إلا التحمل، والصبر؛ ابتغاء المثوبة والأجر.
فإذا شاع في المنزل والأسرة أدب الإسلام، وعرف كل فرد ماله وما عليه سارت الأسرة سيرة رضية، وعاشت - في أغلب الأحيان - عيشة هنية.
واعلمي - أيتها الزوجة - أن زوجك يحب أهله أكثر من أهلك، ولا تلوميه في ذلك؛ فأنت تحبين أهلك أكثر من أهله؛ فاحذري أن تطعنيه بازدراء أهله، أو أذيتهم، أو التقصير في حقوقهم؛ فإن ذلك يدعوه إلى النفرة منك، والميل عنك.
إن تفريط الزوجة في احترام أهل زوجها تفريط في احترام الزوج نفسه، وإذا لم يقابل ذلك - بادي الرأي - بشيء فلن يسلم حبه للزوجة من الخدش، والتكدير.
ثم إن الرجل الذي يحب أهله، ويبر والديه إنسان فاضل كريم صالح جدير بأن تحترمه زوجته، وتجله، وتؤمل فيه الخير؛ لأن الرجل الذي لا خير فيه لوالديه لا يكون فيه - غالبا - خير لزوجة، أو ولد، أو أحد من الناس.
وإذا كنت - أيتها الزوجة - راضية عن عقوق الزوج لوالديه، وعن معاملتك السيئة لهما - فهل ترضين أن تعامل أمك بمثل هذه المعاملة من قبل زوجات إخوانك ؟
بل هل ترضين أن تعاملي أنت بذلك من زوجات أولادك إذا وهن منك العظم، واشتعل الرأس شيبا ؟
وأخيرا فإن موقف الزوجة الصالحة في إعانة زوجها على البر كفيل في كثير من الأحيان - بعد توفيق الله في حل المشكلات، وتسوية الأزمات، وجمع الشمل، ورأب الصدع؛ لأن الوالدين عندما يشهدان الحب الصادق، والحنان الفياض من زوجة ابنهما - فإنهما سيحفظان ذلك الجميل.
هذا وقد أرانا العيان أن كثيرا من الوالدين يحبون زوجات بنيهم كحبهم لبناتهم، أو أشد حبا.
وما ذلك إلا بتوفيق الله، ثم بحكمة أولئك الزوجات، وحرصهن على حسن المعاملة لوالدي الأزواج.
ومما يعين الزوجة على التسلل إلى قلوب والدي الزوج - زيادة على ما مضى - أن تصبر على الجفاء، وأن تستحضر الأجر، وأن تنظر في العواقب. ومن ذلك أن تبادرهما بالهدية، وأن تحرص على حسن المحادثة والاستماع لحديث الوالدين، وأن تتلطف بالكلام، وإلقاء السلام، وحسن التعاهد.
ومن ذلك أن توصي زوجها بمراعاة والديه، وبألا يشعرها بأن قلبه قد مال عنهما كل الميل إليها.
ومن ذلك أن ترفع أكف الضراعة إلى الله؛ كي يعطف قلوب الوالدين إليها، وأن يعينها على حسن التعامل معهما.
فيا أيتها الزوجة الكريمة استحضري هذه المعاني، ولك ثناء جميل، وذكر حسن في العاجل، وأجر جزيل، وعطاء غير مجذوذ في الآجل
ثالثا: دور أم الزوج:
فمن الأمهات - هداها الله - من توقع ابنها في الحرج دون أن تشعر؛ فهي تحبه، وتحرص على إسعاده، وربما سعت جاهدة في الخطبة له، وتزويجه.
ولكن سوء تصرفها قد يجلب لها ولابنها الضرر؛ لأن الابن إذا تزوج شعرت أمه بأنه قد خطف منها، وأن قلبه قد مال عنها؛ فتحرص أن يعود لها - ومن الحب ما قتل - فما تزال به توغر صدره على زوجته، وتحرك فيه نوازع العزوف عنها، وربما زينت له طلاقها، ووعدته بأن تبحث له عن خير منها، مع أن الزوجة قد تكون على درجة من الخلق، والجمال، ونحو ذلك.
ومن الأمهات من إذا رأت ابنها مسرورا مع زوجته، أو رأت منه إكراما لها - ثارت نيران الغيرة في قلبها، وربما سعت إلى ما لا تحمد عقباه.
ومن الأمهات من هي قاسية في التعامل مع زوجة ابنها؛ فتراها تضخم المعايب، وتخفي المحاسن، وقد تفتري على الزوجة، وقد تذهب كل مذهب في تفسير التصرفات البريئة، وتأويل الكلمات العابرة.
فيا أيتها الأم الكريمة، يا من تحبين ابنك، وترومين له السعادة - لا تكوني معول هدم وتخريب، ولا تجعلي غيرتك نارا موقدة تحرق جو الأسرة، ولا تستسلمي للأوهام التي ينسجها خيالك؛ فتعكري الصفو، وتثيري البلابل؛ فلا تجعلي علاقتك بزوجة ابنك علاقة الند بالند، والضرة بالضرة، بل كوني لها أما تكن لك ابنة؛ فيحسن بك أن تحبيها، وأن تتغاضي عن بعض ما يصدر منها، وإذا رأيت خللا بادرت إلى نصحها بلين ورفق، حينئذ تسعدين، وتسعدين.
بل يحسن بك أن تتوددي إليها بالهدية ونحوها، وأن تسعيها بقلبك الكبير وحنانك الفياض، ودعائك الخالص، وثنائك الصادق، والله يتولاك برعايته، ويمدك بلطفه[10] .
فالله تعالى يقول :{ وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }(23) ..
إن المؤمن الموفق هو من وفقه الله لحسن التخاطب مع الوالدين .. واختيار أجمل الألفاظ وأرق العبارات .. فبعضهم يختار أفضل العبارات لكنه يؤديها بطريقة مكهربة تجعل من يسمعه يفهم منها لغة التهديد ..
سؤال : ما رأيكم في كلمة ( جزاك الله خيراً ) أو كلمة ( طيب .. يصير خيراً إن شاء الله ) أو كلمة (..إن شاء الله ) ؟ !
أعرف أنكم ستقولون إنها كلمات طيبة بلا شك .. لكنني أريد منكم أن تلفِظوا كل عبارة من العبارات السابقة بطريقة فيها تهديد وبلهجة غضبة وانظروا في المرآة أثناء نطقها ! لتعلموا أن الله تعالى أمرنا بأن نختار أجمل العبارات ونكون كرماء في أدائها .. ولذلك قال " وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) " .
ما أجمل قول أحد الإخوة وهو مهندس سِنُّهُ في الأربعين .. إذا خاطب أباه .. لا يخاطبه إلاَّ بقوله : يا أبتِ .. دائماً والله ويقولها دون تكلف .. ويتبع ذلك بالدعاء لأبيه .. وأبوه أعلمه أسعد الناس معه .
ومن الأمور التي يمتعض منها الإنسان السوي إذا سمعها ، قولُ بعض الأبناء لآبائهم :
جاء الشيبة ، أو الشايب .. أو سأذهب إلى العجوز .. وهكذا .. يعني بذلك أباه وأمه ! إني لأسأل :
هل هذا من القول الكريم ؟
وهل تحب من أولادك أن يصفوك إذا تقدم بك السن بمثل ما تصف به أباك وأمك اليوم ؟
وما أجمل أن تقول _ ولا سيما في المناسبات السعيدة كالأعياد الشرعية مثلاً _ ...
يا والدي جزاك الله خيراً ، ويا والدتي أطال الله في عمرك ، لقد ربيتمونا وتعبتم علينا ، وهانحن كبرنا ولكننا نعتبر أنفسنا أمامكم أطفالاً صغاراً ، نتشرف بخدمتكم ، ونفتخر بأمركم لنا وتوجيهاتكم .. انظر بعدها إلى البشر والسرور في وجهيهما ،بل إلى دموع الفرح تنهال من أعينهما .
خذ هذه القصة من معين السيرة النبوية لأبي هريرة رضي الله عنه مع أمه رضي الله عنهما :
هذا الغلام الدوسي ، والبار بأمه ، أبو هريرة رضي الله عنه ، وخبره وقصته في دعوة أمه جاءت في صحيح مسلم وغيره ، (( حيث قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوماً فأسمعتني في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما أكره ، فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، وأنا أبكي، قلت يا رسول الله: إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى عليَّ فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره فادع الله أن يهدي أم (أبي هريرة ) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ( اللهم اهد أم أبي هريرة ) فخرجت مستبشراً بدعوة نبي الله(صلى الله عليه وسلم) ، فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف، فسمعت أمي خشف قدمي، فقالت : مكانك يا أبا هريرة – و اغتسلت وقالت أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً رسول الله، فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) وأنا أبكي من الفرح، قال فقلت: أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى الله أم ( أبي هريرة) ، فحمد الله وأثنى عليه وقال خيراً )) [11]
ومن أخلاق أبي هريرة العالية ، التي بوأته المكانة السامية ، كثرة برّه بأمه وملازمته إياها ، فإنه رضي الله عنه لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " للعبد المملوك المصلح أجران [12]" قال : والذي نفس أبي هريرة بيده لولا الجهاد في سبيل الله ، والحج ، وبرّ أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك .
قال سعيد بن المسيب : وبلغنا أن أبا هريرة رضي الله عنه لم يكن يحج حتى ماتت أمه لصحبتها . ومن بره بأمه أيضاً ما أخرجه ابن سعد بسند صحيح عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه تمرتين ، قال أبو هريرة : فأكلت تمرة وجعلت تمرة في حِجري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة لم رفعت هذا التمرة ؟ فقلت : لأمي ، فقال : كلها فإنا سنعطيك لها تمرتين ، فأكلتها وأعطاني لها تمرتين .
وعن أبي مرة مولى أم هانئ بنت أبي طالب: " أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بـ ( العقيق ) فإذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته:
عليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أماه.
تقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
يقول: رحمك الله كما ربيتني صغيرا.
فتقول: يا بني ! وأنت فجزاك الله خيرا ورضي عنك كما بررتني كبيرا "
[1] - قبس من نور النبوة لأخينا الفاضل وأستاذنا الشيخ الدكتور / عبد الرحمن إبراهيم فودة أستاذ البلاغة والنقد بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة .
[2] - َقَالَ مُجَاهِد : مَعْنَاهُ إِذَا رَأَيْت مِنْهُمَا فِي حَال الشَّيْخ الْغَائِط وَالْبَوْل الَّذِي رَأَيَاهُ مِنْك فِي الصِّغَر فَلَا تَقْذُرهُمَا وَتَقُول أُفّ . الجامع لحكام القرءان .. فرحم الله مجاهداً : كيف لو علم بصور العقوق اليوم ماذا سيقول ؟!.
1_ خلافاً للظاهرية الذين قالوا بجواز الضرب لعدم النص عليه في القرآن ..أليس هذا عجيباً !
[4] - اللباس الأسود على الرأس عندنا في دول الخليج باستثناء ( عُمان ) ! .
[5] - يس (30) .
[6] - (ضعيف) انظر حديث رقم: 608 في ضعيف الجامع.
[7]- تحقيق الألباني (صحيح) انظر حديث رقم: 1486 في صحيح الجامع.
[8] - تحقيق الألباني (صحيح) انظر حديث رقم: 1317 في صحيح الجامع.
[9]- فتوى الأستاذ الدكتور : رفعت فوزي . موقع إسلام أون لاين .
[10] - مقتبس من موقع الإسلام ( مرجع سابق ) .
[11] - ( صحيح مسلم ح 2491 ح4/1939 ). من مقال للشيخ د / سليمان العودة عن دعوة الأقربين .
[12] - تحقيق الألباني (صحيح) انظر حديث رقم: 5185 في صحيح الجامع.
|
|
|