عرض مشاركة واحدة
قديم 02/01/2009, 12:12 AM   #2
المؤسس والمشـــرف العــــام


صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2
 تاريخ التسجيل :  Aug 2004
 أخر زيارة : 31/08/2025 (01:45 AM)
 المشاركات : 64,173 [ + ]
 التقييم :  16605
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
لوني المفضل : Maroon
افتراضي



وفي عام 1997، تم اقتناء كامل ما كتبه اللواء محمد صادق وما التقطه من صور فوتوغرافية لمكة المكرمة والمدينة المنورة، وما رسمه من خرائط على درجة كبيرة من الدقة والندرة، من قِبل مكتبة الملك عبد العزيز العامة في الرياض.

في تلك السنة ضمت المكتبة إلى مجموعتها القيمة المكتبة الخاصة للمستشرق الأميركي جورج رنتز. وكانت هذه المكتبة تحوي كافة كتابات محمد صادق المنشورة عن رحلاته الحجازية، وهي: «نبذة في استكشاف طريق الأرض الحجازية من الوجه وينبع البحر إلى المدينة النبوية، وبيان خريطتها العسكرية» ـ القاهرة 1877، «مشعل المحمل» ـ القاهرة 1880، «كوكب الحج في سفر المحمل بحرا وسيره برا» ـ القاهرة 1884، و«دليل الحج للوارد إلى مكة والمدينة من كل فج» ـ القاهرة 1895.

ولا شك أن المعلومات التي نشرها محمد صادق في كتبه والخرائط التي رسمها والصور الفوتوغرافية التي التقطها أثناء رحلاته إلى الحجاز، كانت ذات أهداف عسكرية بالدرجة الأولى، ويبدو ذلك بوضوح من خلال تركيزه على مواقع الجبال والأودية، وتحديده لمسافات وأماكن نصب خيام الجند، وإعداد العساكر، وأماكن وجود آبار المياه، وغير ذلك. كما أن عنوان كتابه الأول كان واضحا من حيث استهدافاته العسكرية بتضمينه عبارة «بيان خريطتها العسكرية».

والمعروف تاريخيا أن شبه الجزيرة العربية وسورية كانتا في طليعة الأهداف العسكرية لمحمد علي باشا، لذلك استعان الخديوي بضباط أوروبيين وقلدوهم مواقع قيادية في الجيش المصري أثناء حملاتهم العسكرية في سورية وشبه الجزيرة العربية.

وكانت المعلومات الجغرافية والخرائط العسكرية التي رسمها الضباط الأوروبيون لمناطق الحجاز ونجد أثناء حملات الجيش المصري في العقد الثاني من القرن التاسع عشر، غير دقيقة. والمثال على ذلك، الخريطة التي رسمها الايطالي جيوفاني فيناتي، الملقب بـ «الحاج احمد»، لذلك تم تكليف محمد صادق بإنجاز الخرائط العلمية الدقيقة لمنطقة الحجاز.

قام محمد صادق برحلته الأولى إلى الحجاز سنة 1861، بمعية الوالي محمد سعيد باشا، ويذكر صادق أن القصد من الرحلة هو «ذكر الاستكشافات العسكرية، وتشخيص الأماكن والمناخات، وتعيين الطرق والمحطات».
أنجز صادق خلال هذه المرحلة خرائط تفصيلية من الوجه إلى المدينة المنورة، كذلك خريطة للحرم الشريف.

كما التقط أول صورة فوتوغرافية للمدينة المنورة، ويصف صادق كيفية التقاط الصورة الأولى بقوله: «..وأخذت رسم المدينة المنورة بواسطة الآلة الشعاعية المسماة بالفوتوغرافية مع قبة المقام الشريف جاعلاً نقطة منظر المدينة من فوق الطوبنخانة حسبما استنسبته لكي يحوز جزءا من المناخة أيضا.

وأما منظر القبة الشريفة فقد أخذته من داخل الحرم بالآلة المذكورة أيضا. وما سبقني أحد لأخذ هذه الرسومات بهذه الآلة أصلا».

تحدث صادق عن الصعوبات التي واجهها خلال عملية التصوير، معتبرا أن تفاوت درجات الحرارة كان يؤثر سلبا في نوعية التصوير، قائلا «كانت الحرارة داخل الخيمة 28 درجة من الترمومتر الثمانيني (توازي 35 درجة مئوية)، وفي الصباح بلغت الحرارة درجة الصفر داخل الخيمة، في حين خارج الخيمة أربع تحت الصفر، وقارب الماء أن يتجمد».

عاد محمد صادق مرة ثانية إلى الحجاز سبتمبر (أيلول) 1880، بوصفه أمينا للصرة في قافلة المحمل المصري التي كان يقودها اللواء عاكف باشا، والتي ضمت ولي عهد مصر سعيد باشا، برفقة عدد من باشاوات مصر، إضافة إلى حاشية ضخمة من الحراس المزودين بثلاثة مدافع، ومساعدين صحيين وطباخين وسقائين وفراشين وثلاثمائة جمل محمل بمياه النيل والأطعمة التي تكفي حوالي مائتي شخص، ووصف صادق في كتابه «مشعل المحمل»، الذي ضمته انطباعاته طرق الحج ومناسكه، كما وصف وصفاً جغرافياً دقيقاً مكة المكرمة والمدينة المنورة وسرد تاريخ قافلتي المحمل الشامي والمصري.

أما بالنسبة لنشاطه الفوتوغرافي فيقول إنه «استطاع التقاط العديد من الصور الشمسية في مكة المكرمة والمدينة المنورة ومنى والبقيع، من بينها صور للأبنية من الداخل ولبعض الشخصيات».

أشار صادق إلى مقبرة مكة (المعلاة)، وقال إنه «رسم منظر المقبرة بالفوطوغرافيا». كما تيسر له التقاط صور للمسجد المكي والكعبة، على رغم كثرة الازدحام ويقول: «تيسر لي أخذ خريطة الحرم السطحية بالضبط والتفصيل، وأخذت أيضا رسم المدينة المنورة بالفوطوغرافيا مع قبة المقام الشريف والخمس منارات.

وقد أخذت منظر القبة الشريفة من داخل الحرم، وأخذت صورة سعادة شيخ الحرم وبعض أغوات الحجرة الشريفة وما سبقني أحد لأخذ هذه الرسومات بالفوطوغرافيا أصلا»، وتابع يقول: «وقد تيسر لي رسم مسطح الحرم بالبيان وأخذ رسم منظره من جملة جهات مع ما حوله من البيوت بواسطة الفوطوغرافيا».

وهناك احتمال كبير في أن تكون صورة المدينة التي نشرت في كتاب ديفيد جورج هوغارت بعنوان «اختراق الجزيرة العربية»، والتي يقول هوغارت إن ملتقطها هو «ضابط تركي صورها حوالي سنة 1880..»، من تصوير الضابط علي بك نفسه.

ميدالية ذهبية إيطالية بسبب صور مكة والمدينة

* حصل محمد صادق على ميدالية ذهبية في معرض البندقية الفوتوغرافي سنة 1881، نتيجة لجودة ودقة إنتاجه الفوتوغرافي لمكة والمدينة، اللتين ظهرت صورهما لأول مرة في أوروبا. وقد قام محمد صادق برحلة حج ثالثة وأخيرة في سبتمبر سنة 1884، برفقة المحمل المصري، نشر تفاصيلها في كتابه الثالث بعنوان «كوكب الحج في سفر المحمل بحرا وسيره برا».

لم يشر صادق في هذا الكتاب إلى أية نشاطات تصويرية، لكنه وصف بشكل مفصل الاحتفالات بوصول المحمل إلى جدة، كما وصف لقاءاته مع أمير مكة، وشيخ الحرم المكي، وانتقال المحمل المصري والشامي إلى منى وعرفات، وتحدث عن عادات وتقاليد أهل مكة والطائف وتصرفات البدو وأعداد القوات العثمانية في الحجاز ومواضيع أخرى.

وفي سنة 1895، قام محمد صادق بجمع خلاصة رحلاته الحجازية الثلاث في كتاب واحد بعنوان «دليل الحج للوارد إلى مكة والمدينة من كل فج»، تضمن في ما تضمن إعادة التأكيد على حقيقة كونه أول مَن التقط صورا فوتوغرافية في المدينة ومكة ومنى والبقيع.

تعتبر الصور التي التقطها محمد صادق لمكة والمدينة من أندر وبالتأكيد أول صور فوتوغرافية للمدينتين.


قد استعملت هذه الصور في العديد من الكتب المنشورة في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، التي يتحدث كتّابها عن المدينة ومكة. وذكر محمد لبيب البتنوني، في كتابه «الرحلة الحجازية»، انه استعمل في كتابه الصور التي التقطها محمد صادق لدقتها، ووضع للحرمين الشريفين رسما نظريا معتمدا على الأبعاد التي وضعها لهما محمد صادق.

كما استعمل صبحي صالح في كتابه «الحج إلى مكة والمدينة»، الصادر بالفرنسية في القاهرة سنة 1894، الصور التي التقطها محمد صادق. كذلك المصور الهولندي كريستيان سنوك هيروغرونيه، في كتابه «صور من مكة».
ومُنح محمد صادق أيضا النيشان المجيدي من الصنف الثالث، تقديرا لأعماله التصويرية والجغرافية.

وهنا يجب الإشارة إلى مسألة يجري تداولها وتكرارها من قِبل مؤرخين مستشرقين ممعنين في عدائهم للإسلام وعنصريتهم يلجأون في طروحاتهم إلى تزوير الحقائق واختلاق الأوهام بهدف تثبيت نظرية خاطئة أصلا، هذه النظرية تدعي أن التصوير محرم في الإسلام، حيث إن أحدهم ادّعى أن محمد صادق «اضطر إلى إخفاء آلة التصوير في مكة، بسبب التزمت الديني».

لكن هذا الادعاء لم نجد له أثرا في جميع كتابات محمد صادق. وعلى العكس من ذلك، فإن محمد صادق المواطن المصري كلف من قِبل حكومته في رسم خرائط جغرافية للحجاز وتصوير الحرمين الشريفين وانجازاته في هذين المجالين وفي مرحلة متقدمة جدا من تاريخ التصوير الفوتوغرافي في المنطقة العربية دحض واضح لأمثال هذه الادعاءات العنصرية.

هولندي في احتفالات مكة

* كان المستشرق الهولندي كريستيان سنوك هيروغرونيه (1857 ـ 1936)، من ابرز الذين وثّقوا مكة بالصورة بعد محمد صادق. تلقى هيروغرونيه علومه في جامعتي ستراسبورغ وليدن منذ عام 1874، وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة ليدن سنة 1880، التي حملت عنوان «احتفالات مكة»، وشغل منصب أستاذ الدراسات العربية في جامعة ليدن، حيث كان يقوم بتدريس الموظفين والديبلوماسيين العاملين في مستعمرات هولندا في الهند الشرقية.

كانت الحكومة الهولندية ابتداء من عام 1870، قد بدأت بالتركيز على جمع المعلومات عن منطقة الحجاز، وبالتحديد مكة المكرمة وجدة، كونهما بوابة رئيسية لاستقبال آلاف الحجاج المسلمين الإندونيسيين، لذلك أُرسل هيروغرونيه في أغسطس (آب) من عام 1884، إلى جدة، وبدأ بدراسة اللهجة المحلية تمهيدا لذهابه إلى مكة، وبالفعل غادر هيروغرونيه جدة في الواحد والعشرين من فبراير (شباط) 1885، برفقة مسلم من جاوة، ووصل مكة مساء اليوم التالي، أمضى هيروغرونيه ما يقارب ستة أشهر في مكة، اعتنق خلالها الإسلام، وأطلق على نفسه اسم «عبد الغفار»، وتزوج فتاة من جاوة، وبواسطتها اطلع على معلومات كثيرة حول الحج ومناسكه، وعادات المسلمين، والحياة الاجتماعية في المدينة. وخلال إقامته، التقط صورا لمكة وللحجاج القادمين إليها من مختلف أرجاء العالم الإسلامي.

لم يستطع هيروغرونيه زيارة المدينة المنورة، فقد ظهرت خلال إقامته في مكة مقالة في مجلة Le Temps الباريسية لنائب القنصل الفرنسي في جدة، يشير فيها إلى أن الهدف الحقيقي من إقامة هيروغرونيه في مكة هو التوسط لمصلحة الألمان بهدف تأمين الحصول على «حجر تيماء»، الذي عُثر عليه خلال التنقيبات الأثرية، والذي نشأت بسببه في ذلك الحين منافسة قوية بين الأوروبيين بهدف الاستيلاء عليه. وتمت ترجمة المقال إلى التركية والعربية، الذي تسبب في نقل هيروغرونيه من قِبل العسكريين الأتراك إلى جدة، حيث عاد إلى هولندا، وقام بنشر عدة أبحاث عن الحج ومناسكه، كما نشر مجلدين مصورين، الأول بعنوان «أطلس مكة المصور» (ليدن 1888)، والثاني «صور من مكة» (ليدن 1889). ويظهر بوضوح من خلال مؤلفات هيروغرونيه، أن فن التصوير الشمسي لم يكن مجهولا في مكة المكرمة. فهو يذكر انه التقى رجلا من الأشراف كثير الأسفار احضر معه صورا ومعدات تصويرية من جزر الهند الشرقية.

ولم تكن الصور التي ظهرت في مجلدي «أطلس مكة المصور»، و«صور من مكة»، من تصوير هيروغرونيه، فهو يؤكد انه استعمل صوراً قدمها له هدية محمد صادق، الذي يصفه بأنه «ضابط مصري ومهندس شديد الدقة وقام لسنوات طويلة بمرافقة الحجاج المصريين والمحمل بصفة رسمية».

كما يفصح هيروغرونيه
عن هوية مصور آخر أسهم بدرجة كبيرة في التقاط العديد من الصور في مكة المكرمة، التي استعملها أيضا هيروغرونيه في المجلدين المصورين، يقول: «إن جل الصور التي نشرها كان التقطها طبيب من مكة المكرمة»، والأرجح أن هيروغرونيه يعني بذلك الشخص نفسه عندما يصف.. طبيبا شديد الحماسة عليما بصناعة الساعات وتصليح البنادق وتقطير الزيوت العطرية وطلي الحلي بالذهب والفضة وعمل الأبواق وصنع القوالب.. ويذكر هيروغرونيه انه بعد الانتهاء من طباعة كتابة المصور الأول، تلقى من «طبيب مكة»، الذي يدّعي هيروغرونيه انه كان قد علّمه التصوير، رسالة تحوي صوراً في غاية الأهمية التقطها خلال موسم الحج، اضطرته لإصدار مجلد مصور آخر هو بمثابة ملحق للمجلد الأول، وذلك سنة 1889.


ويختتم هيروغرونيه كلامه عن «طبيب مكة»، بالقول إنه غير ملم بالنواحي العلمية، لكنه سيستحق الثناء لو انه وافق على أن يعمل من حين إلى آخر كما يطلب منه، حيث لا تكون الصور التي أرسلها لتوه آخر تجربة له في هذا الفن.


 
مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس