20/07/2008, 10:11 PM
|
|
شاهدةُ على العصر
بنيناها لبنة لبنه حتى أصبح مثلُ لمن مثلُنا ، ذلك البنيان على كل لسان
حُسدنا وزاد احتراق ُمن حسدنا على بنياننا الشامخ ، بنيانً
تفانينا فيه ، وزعت أجزاؤه ، كلُ منا يدرك ماله وما عليه
اتخذنا له فناءُ محفوف بالورد والياسمين ، ما أن
نفتح بابُنا للخروج أو الدخول إلاّ ورائحته
تزيدنا عطشاً بعدُ رواء ، نتعوده في
دخولنا وخروجنا ، نتسابق أيّاً
منا له السقاء ، يسبقوني
تارة ، وأنا آخذُ نصيبي
على حين غرة منه
أعرفه لايريد
لي السبق.
أُداعبه ويُداعبُني ، يحلو لنا السمر تحت سماءٍ صافية ، والقمرُ شاهدٌ
علينا ، كان قمراً أم كا لعرجون ، نستأنس به ، ضوئه يزيدنا بهجة
طول ذلك الليل لاهم لنا ولأكدر ، أكاد أنسى نفسي وهو
كذلك ، صوتُ عذب ، كقيثارة يعزفُها ماهرٌ لها ، لايكاد
كلُ وترٍ ترك دوره المناط به ، أناملُ عازفه تبصم
على كل وتر وكأن تلك الأنامل لاتستطيع
الحراك إلاّ به وغيره فلا . ذلك الصديق
يغفو بين يديّ كطفل وديع ، يصحو
على أنغامي ، يبتسم تارة
ويعاتبني تارة أخرى
يُعجبني عتابه
لايغضب ، بل
يبتسم .
لاأدري أبنيانا لم يُعد يتسع أم أن طرازه قديم ، رغم أننا وضعنا فيه
من التحف القديمة ما يتذكر الزائر عصرنا السابق ، بل يريد
ويتمنى أن يحضى بهدية تُنسيه هذا العصر الممل
يهرب مني تارة ونفسه تواقة لما هو أبعد ،
نصحته وألححت عليه بان الماضي
أحلى ، جودةُ وصفاء نفوس لا
لاتتأثر بالحاضر ، حتى ولو
كانت الأسواق تعجُّ به
ما يهمُني أنه شاهد
معي على
العصر
بسم الله الرحمن الرحيم {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً }الفرقان53
|