أكاديمـيـة  العرضـة الجنوبيــة - ربـاع

أكاديمـيـة العرضـة الجنوبيــة - ربـاع (https://www.ruba3.com/vb/index.php)
-   منتدى التراث والثقافة والأدب الشعبي في ( المنطقة الجنوبية ) (https://www.ruba3.com/vb/forumdisplay.php?f=197)
-   -   حكاية زهرة (https://www.ruba3.com/vb/showthread.php?t=136373)

صقر الجنوب 17/07/2020 02:52 AM

حكاية زهرة
 
حكاية زهرة



http://arabicmagazine.com/Images/Art...2855559784.jpg

المرأة في منطقة الباحة لم تكن تحيا حياة مختلفة عما كانت تحياه المرأة بصفة عامة في البلد العربي وبصفة خاصة في الجزيرة العربية، فقد كانت المرأة هي عامود البيت وركن أساسي من أركانه. فقد كانت تشارك في الحصاد والدرس والتذرية، وتجلب الماء من البئر وتهتم بالحيوانات كالبقرة والغنم ومنتجاتهما، كما قد تحترف المرأة في بلاد غامد وزهران حرفاً للتكسب كالتجارة وبيع مخرجات الأرض، والخياطة كالملابس النسائية المنسوجة بالخيط والإبرة والمشهورة في الجنوب عموماً، وكذلك الملابس الصوفية وتسمى الآلة المستخدمة لذلك (الصنعة)، و(المغزل) والتطبيب وصناعات أخرى..
كانت المرأة الكبيرة في السن تتمتع بالاحترام والمهابة ويعود إليها أفراد العائلة للمشورة والمشاركة في اتخاذ القرار في معظم الأمور حتى الزواج وكانت غالباً تحمل مفاتيح المئونة التي ينالها حظ وفير من الاقتصاد.
لم يكن التعدد أمراً محبباً في هذه المناطق إلا في العوائل الكبيرة وذلك للرغبة في الإنجاب والمكاثرة وللقيام بأعباء البيوت الكبيرة التي كانوا يطلقون عليها قصوراً لكبر حجمها وتعدد أدوارها وكثرة حجراتها وساحاتها، ولأنهم مزارعون فكل عائلة تمتلك مزرعة كبرت أو صغرت تبعاً للعائلة، فالعوائل الكبيرة لديها مزارع كبيرة.
وكانت المرأة في هذه المناطق تقول الشعر بصوت بديع وحرف راق وغالباً ما كانت تتناول أغراض الفخر أو الرثاء والمدح والتفاخر بالعائلة ونادراً ما كانت تتطرق الشاعرات للهجاء وإن كان فليس هجاء فاحشاً.
ومن المدح: قول الشاعرة التي تمدح عروسا:
يا عزة يالمبتن في مجلس القاضي
صومي وصلي وخلي خاطرك راضي
ياريحة العود والريحان والكادي
كلن بمرود وهي من غير مروادي
وفي الهجاء:
يا مرحبا مرحبا يا بنت شيخ المكارمة
أعرف مذاري الحب وأعرف مصارمه
وفي الرثاء:
ياليت لي طايرة تشرف على ديرة أمي
وأصير تحت الغضا وأمش دمعي بكمي
لقد كان الناس في بلاد غامد وزهران يتميزون بالفصاحة وسرعة البديهة وهي مقياس للنجابة والنجاح لديهم.
ورغم المشقة وشظف العيش إلا أن هناك بعض القرى تلقت فيها الفتيات تعليماً جيداً وحفظن القرآن وبعضاً من السنة وأتقن القراءة والكتاب بل وأصبحن معلمات يرسل الأهالي بناتهم إليهن مقابل كيلة تمر أو دقيق بر أو نحوه. وأصبحت هؤلاء الدارسات متحدثات يلقين المحاضرات أثناء التجمعات النسائية خاصة في مراسم العزاء وغيرها.
ومن ذلك:
زهرة أول مدرسة في بلجرشي، وهي زهرة بنت سعيد (الأعمى) من مواليد قرية الشعبة في منزل الشيخ سعيد الغامدي من بيت الغمد أبو الشيخ أحمد بدوي وهي أخت الشيخ أحمد بدوي من الرضاعة كان والدها رجل كفيف ونزل من الشامية إلى قرية الشعبة طلباً للعمل وكان يعمل في صناعة الحبال سواء كانت من الليف أو الجلود ويتكسب رزقه منها وحفظ القرآن الكريم وعلمه ابنته الوحيدة مع السنة النبوية وعندما بلغت ابنته سن الزواج تزوجت من فارسي أخو سليم وأنجبت منه ثلاث بنات عزة وعطرة وفاطمة؛ عزة تزوجت بدوي بن مليس، وعطرة تزوجت عبدالله بن نسيلة من السواد، ثم بدوي بن مليس بعد ذلك، وفاطمة تزوجت محمد بن نسيله. قامت الوالدة زهرة بافتتاح مدرسة للبنين والبنات عام 1362 هجرية وتخرج على يدها أغلب رجال منطقة بلجرشي وهذه أول مدرسة في منطقة بلجرشي هذا قبل مدارس القرعاوي والسلفية، وكان يساعدها على التدريس فيما بعد إحدى طالباتها وهي الوالدة عزة بنت عبدالرحمن بن نسيلة. وفي عام 1366 قام الشيخ محمد بن جماح بزيارة الوالدة زهرة وطلب منها الأولاد الذين في المدرسة حيث قام بعض أهالي بلجرشي بإنشاء المدرسة السلفية وتم ذلك على أن يقوم الشيخ محمد بتعويض الوالدة زهرة ببنات بدلاً من الأولاد وقد استمرت هذه المدرسة إلى وفاتها، ثم قامت الوالدة عزة بنت عبدالرحمن بن نسيلة بإدارة المدرسة بعدها لمدة عشرين عاماً، كانت المدرسة تقوم على دراسة القرآن الكريم والتجويد ونبذة من الأحاديث النبوية، وتقوم الوالدة زهرة والوالدة عزة بالتدريس من الصباح إلى الظهر وفي ختام كل يوم تقوم البنات بتقديم نشيد جميل بصوت جماعي، وكانت تردده بنتها عطرة بصوت جميل والبنات من بعدها يرددنه وهو ما يسر ويفرح البنات به. الوالدة زهرة تزوجت بعد موت فارسي سليم ولم تنجب منه، وطلقها. كانت امرأة جميلة جداً وطويلة ولها صوت محبب للنفس ومقنعة ومحدثة وتقدر العمل، كما كانت حازمة في المدرسة وقوية صارمة، وكانت الوالدة عزة تأخذ جانب الرحمة للبنات حتى يكون هناك معادلة بين الصرامة والشدة والرحمة.
ومما يذكر أيضاً أن المرأة كانت لا تغطي وجهها إلا نادراً، وكانت تستقبل ضيوف زوجها في غيابه وتؤدي الواجب حتى عودته.. تقول جدتي: كانت الحياة جميلة وبسيطة، يحب الناس بعضهم بعضاً ويعبدون الله دون تشدد أو تعقيد، يمضون صباحاً باكراً ويعودون مساء كالعصافير، متوكلين على ربهم، ولاتزال المرأة في غامد وزهران تحظى بكثير من الاحترام والتقدير والعناية الخاصة فضلاً عن ارتقاء سلالم التعليم والبحث والأدب.


الساعة الآن 01:34 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة © لأكاديمية العرضة الجنوبية رباع

a.d - i.s.s.w