الوسام .. الاكاديمي ابن الجنوب ..حسن القرشي ... لؤلؤة زهران كل الحكاية قسم المحاورة


 
 عدد الضغطات  : 5725


إهداءات




القرصنة الإلكترونية تفتح باب العجائب - حرب الـ «دي.في.دي» تشتعل في المنطقة العربية

منتدى اليوتوب والمقاطع


إضافة رد
#1  
قديم 20/12/2006, 03:40 PM
رئيس مجلس الإدارة والمدير العام وداعم مادي لمسابقات رمضان
مشهور âيه ôîًَىà
 عضويتي » 245
 تسجيلي » Feb 2005
 آخر حضور » 28/02/2014 (09:03 AM)
مشآركاتي » 6,236
 نقآطي » 10000
 معدل التقييم » مشهور has a reputation beyond reputeمشهور has a reputation beyond reputeمشهور has a reputation beyond reputeمشهور has a reputation beyond reputeمشهور has a reputation beyond reputeمشهور has a reputation beyond reputeمشهور has a reputation beyond reputeمشهور has a reputation beyond reputeمشهور has a reputation beyond reputeمشهور has a reputation beyond reputeمشهور has a reputation beyond repute
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
افتراضي القرصنة الإلكترونية تفتح باب العجائب - حرب الـ «دي.في.دي» تشتعل في المنطقة العربية



القرصنة الإلكترونية تفتح باب العجائب - حرب الـ «دي.في.دي» تشتعل في المنطقة العربية

سورية تغرق أسواق المنطقة بأحدث الأفلام والبرامج * المغرب يصادر 500 ألف قرص مدمج بتهمة الإجرام الرقمي والمقاومة مستمرة


دمشق: سعاد جروس - الدار البيضاء: جلال الحكماوي

هراء كل كلام على حقوق الملكية الفكرية للمؤلفين والفنانين حين لا يكون المواطن العادي قادراً على دفع متوجباتها. وهراء أيضا أن يحاول ايا كان أن يمنع المعرفة والفنون عن شعوب مازالت تعجز عن دفع سعر رغيف الخبز. كل صمامات الأمان يبدو أنها تسقط في بعض البلدان العربية حين يتعلق الأمر بفك الشيفرة الإلكترونية التي تجعل الفيلم الجديد حكراً على الأغنياء، والبرنامج الرقمي ترفاً للموسرين. القرصنة الإلكترونية ليست فقط السبيل المفضل لدخول عالم العجائب من أرخص أبوابه لكنها ايضا باب رزق لمن لا عمل له. في المغرب تشدد الدولة قبضتها على المقرصنين لكنهم يتمردون ويواصلون مخالفاتهم، هم وزبائنهم، ويطالبون بغضب بكف اليد، وفي سورية حيث يغض المسؤولون الطرف تنتعش تجارة الاسطوانات المستنسخة حتى تغرق البلدان المحيطة. وفي الحالتين، المغربية والسورية، فإن المقرصنين يتابعون عملهم بالوتيرة ذاتها وإن اختلفت الطرق وتنوعت الحيل. إنها الحرب المفتوحة وماتزال في أولها...


* سورية تغرق أسواق المنطقة بأحدث الأفلام والبرامج

* بدت أشبه بطرفة، قصة الصبي الذي القي القبض عليه وهو يبيع أفلاماً ممنوعة على الأرصفة في حلب، لم يكن البيع غير نظامي، ولا السبب إباحية الأفلام، وإنما احتياله على المارة وبيعهم أقراصاً مضغوطة فارغة مغلفة بصور لأفلام "بورنو". كان يشتري القرص بخمس عشرة ليرة ليبيعها بمائة ليرة (50 ليرة تعادل دولاراً). وقعت هذه الحادثة، حين لم تكن أقراص الـ"دي.في.دي" قد انتشرت في سوريا، ولا قرصنة الأفلام تتم على النحو الذي يطالعنا اليوم، رغم أن الزمن لم يتجاوز أربع سنوات، ويبدو أنها كانت فترة كافية لتطور يكثف نقلات الزمن. فقد كانت نسخ الـ"سي.دي" موجودة بشكل خجول قياساً الى انتشار الـ"دي.في.دي" اليوم بأسعار بخسة. والأحاديث أيامها تتردد عن أن سعة ونقاء الـ"دي.في.دي" تكاد تقترب من الأسطورة، وتستحق سعراً يتجاوز الـ500 ليرة سورية، وهو مبلغ باهظ قياساً إلى دخل الفرد، فيما الآن سعر القرص الممتلئ ما بين 50 ـ 125 ليرة، والقرص الفارغ المستورد بـ 25 والمحلي بـ8 ليرات.

شجع تدني الأسعار المثير، نشاط السوق غير القانونية للأفلام، إلى درجة تكاد تقضي على كبريات محلات بيع الأفلام النظامية. محمد مغربية صاحب أحد أهم مراكز استيراد وتوزيع الأفلام، ابتدأ حياته التجارية بهذه المهنة، وكان لمركزه نصيب كبير في ترجمة الأفلام الأجنبية، وقد أظهر امتعاضاً كبيراً، رغم حيازته على عدة وكالات تتيح له التوزيع في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط، يقول: "كنا نستقبل بين الزبون والزبون ثلاثة زبائن، الآن لا يأتي إلينا في اليوم أكثر من عشرة زبائن، بسبب البسطات المنتشرة بكثافة. فما يباع لدينا بسعر 100 ليرة، موجود على البسطة بـ50 ليرة!".

السبب في ارتفاع السعر لدى المراكز المرخصة قانوناً هو استيرادهم للنسخة الأم، بسعر لا يقل عن أربعة آلاف دولار، يضاف إليها تكاليف الترجمة والنسخ، هذا عدا إخضاعها للرقابة، ومن ثم إجراء عملية مونتاج على بعض المشاهد إذا لزم الأمر، وقد يستغرق هذا ثلاثة شهور، خلال هذه الفترة تكون النسخ المهربة قد ملأت البسطات. ويقول محمد مغربية: "إذا استطعنا استنساخ 500 قرص بشكل نظامي، فلن يباع منها في أحسن الحالات أكثر من 80 قرصاً. وقد اضطرنا لبيع خمسين ألف "سي.دي" بسعر ليرتين للقرص لبائع بسطة بعد أن فقدنا الأمل من بيعها في المركز، وبتنا نبيع الـ"دي.في.دي" بسعر البسطة!! ويضيف:"سابقاً كنت أتبادل الحديث مع المشترين حول الأفلام الجديدة، الآن بت أشعر بالقرف، حتى زبائن المحل وأصدقائي لم يعودوا يزورونني كالسابق لأنهم يقتنون أفلامهم من البسطة. وهو أمر طبيعي جداً". ويوضح مغربية، أنه "منذ صدر قانون حماية الملكية الفكرية عام 2001 كنا أول من التزم به، مع أن تعليماته التنفيذية وضعت بعد ثلاثة أعوام، إلا أنه لم ينفذ لغاية الآن، ولا ألقي اللوم على وزارة الثقافة، لأن يداً واحدة لا تصفق، فهي بحاجة لتعاون وزارة الداخلية، من خلال تخصيص شرطة للملفات كما هو الأمر في مصر، مهمتها الحد من نشاط القراصنة وأصحاب البسطات". ويشير إلى أن لديه في القضاء أكثر من عشر دعاوى ضد أشخاص قاموا بقرصنة أفلام استوردها، لكنه لم يحصل على نتيجة.

أحدهم أخبرنا أن لدى وزارة الثقافة ضابطة تتولى مهمة ملاحقة المخالفين، لكن من غير الممكن أن تحيط بسوق واسع ومنفلت، وتقوم بمتابعة المحال المرخصة وتضبط مخالفتهم للتراخيص المعطاة، كأن يبيع صاحب محل صوتيات أفلاما مرئية، أو أفلاما مخلة بالآداب، ودائما هناك مخالفات تحول الى القضاء. كما أن بائعي البسطات لا يفلتون من أيدي المحافظة التي تخالفهم لإشغالهم الأرصفة لا لبيع الأفلام المقرصنة.

حجم السوق وغزارة تدفق الـ"دي.في.دي" توحي بأن تجاراً كباراً، أو مافيات متخصصة تقف خلفها. إلا أن محمد غريبة استبعد هذه الفرضية، وكذلك الناقد السينمائي بشار إبراهيم الذي قال لا توجد مافيات إنما تجار صغار نشطون، فالأرباح تعتمد على عدد النسخ، فإذ حسم سعر القرص 8 ـ 20 ليرة، فالباقي ثلاثون ليرة، تُحسم منها أجور العاملين والترجمة، الربح الصافي يتوقف على حجم الكميات المباعة. ولا نعتقد أنها مغرية ليخوض فيها تجار كبار.

يمكن القول أنها مهنة تُركت ليستولي عليها من لا عمل لهم، أسوة بمن يعملون في الالكترونيات، ومن غير المستغرب أن صاحب أحد أشهر البسطات في أزقة الشيخ محيي الدين تحول من بائع خضار الى بائع "سي.دي" و"دي.في.دي"، وقد فتحها الله عليه بما حسن معيشته، وذاع صيت أسعاره التشجيعية جداً فالـ"سي.دي" بعشر ليرات

والـ"دي.في.دي" بثلاثين. وحين سألت فتاة خليجية عبر الانترنت عن عناوين شركات سورية تبيع أفلاما ومسلسلات سورية، نصحها شاب سوري بستاند الشيخ محيي الدين، فهو ليس شركة ولا محلا ولا حتى بسطة، مجرد ستاند، لكنه يحوي كل الأعمال السورية.

نادر جمعة، واحد من هواة اقتناء الأفلام الحديثة، رد عدم الإقبال على محلات البيع النظامية ليس إلى ارتفاع الأسعار، وإنما السمعة الأخلاقية الحسنة التي يحرص عليها أصحاب تلك المراكز، فهم لا يغامرون ببيع النسخ الكاملة للأفلام والتي قد تحتوي على مشاهد مؤذية لا توافق عليها الرقابة، كمشاهد العنف الدموي المبالغ فيها، وأفلام الرعب، والجنس وما يمس الأديان. يقول نادر، أغلب من يشتري أفلام الـ"دي.في.دي"، يشاهدها على جهاز الكومبيوتر بشكل فردي بعيداً عن العائلة، لذا يفضل أن يشاهد الفيلم كاملاً، فيشتريها من البسطة.

منصور ديب، متابع مثابر للسينما يضيف على ما قاله نادر، بأن "النسخ الأصلية تباع في محلات قليلة وبأسعار عالية تصل الى 800 ليرة، وهي تتمتع بدقة عالية، كما أن ترجمتها سليمة، على العكس من الأفلام المترجمة على عجل وتحفل بالأخطاء نتيجة الترجمة السماعية. ويشير منصور إلى أن كثيراً من النسخ السريعة الوصول الى السوق المحلية، أي بالتزامن مع عرضها الأول تكون رديئة، ولا تتمتع بالدقة، إذ يتم تحميلها عن الانترنت، وربما عن نسخة مأخوذة بواسطة كاميرا فيديو أثناء العرض في صالة السينما. والأنشط في هذا الحقل هم الصينون والبلغار واليونانيون، إذ تصلنا منهم عبر الانترنت النسخ الفيلمية بسرعة قياسية. فهناك أفلام تصل بعد ثلاثة أيام من عرضها الأول كفيلم "كازينو رويال"، والجمهور يقبل عليها مدفوعاً بالفضول للاطلاع على فيلم يحدث ضجيجاً في الإعلام. غالبية المطروح في الأسواق غير النظامية يتيح تحقيق رغبة الزبون في الاطلاع على الفيلم، لكنه لا يتيح متعة المشاهدة.

يسلك فيلم الـ"دي.في.دي"، من بلد المنشأ إلى الأرصفة طريقاً طويلة، وسريعة جداً. وعادة تشترى النسخة الأصلية من دول الجوار كالأردن ولبنان وتركيا وتأتي عن طريق البر، بالاعتماد على الأصدقاء أو سائقي التاكسي، أو من الدول الغربية بالاعتماد على طواقم الطيران. ويتراوح سعرها في الأسواق الأوروبية بين 100 ـ 150 يورو، أما من دول الجوار فمتوسط سعرها 20 دولاراً، تصل بعدها إلى سوريا، حيث يتم فك الحماية عنها من قبل خبير، واليوم مع توفر ناسخة "دي.في.دي"، حديثة وبسعر لا يزيد عن 44 دولاراً، لم يعد فك رقم الحماية يحتاج إلى خبير، وبات الأمر أكثر سهولة، تتم بعدها الترجمة الضوئية فوراً بتكلفة تتراوح بين 20 و40 دولاراً للساعة، ثم تُطرح النسخ في ورشات متوزعة في أقبية المحلات والمنازل، تضم عدداً من أجهزة الكومبيوتر. فإذا توفرت عشرة أجهزة، يمكن الحصول على عشر نسخ كل عشر دقائق، يتم إغراق سوق البسطات بها، خاصة وأن تلك الورشات منتشرة بشكل كبير وغير مرئي، وتعتمد على عمالة من الفتية والأطفال لسهولتها. كما يستعان بهم في عملية التوزيع. فهم يحملون الكمية المراد توزيعها في صناديق كرتون لا توحي بأنها تمتلئ بأهم الأفلام العالمية، وينطلقون إلى البسطات يعرضون بضاعتهم، وفي الوقت نفسه يسجلون طلباتهم من الأفلام الحديثة والقديمة. فإذا طلب صاحب البسطة أحدث عشرة أفلام في أميركا "بوكس أوفس" فسوف يجد أن ثمانية منها على الأقل متوفرة.

إلى جانب الأفلام الأميركية الأكثر شعبية في السوق، نفاجئ بأن المسلسلات السورية مرغوبة من قبل المغتربين والسياح، فهم يحملون كميات كبيرة منها الى بلادهم، كمسلسلات "غوار الطوشة"، "أيام شامية"، "ليالي الصالحية"، "باب الحارة"... إلخ. والمفارقة أن النسخ القادمة من خارج الحدود، ويتم استنساخها في سوريا، تستقطب زبائن من خارج الحدود أيضاً، لأنها تشكل بالنسبة إليهم عملية رابحة، عندما يحصلون على عشرين فيلما بسعر 20 دولاراً وهو ما يساويه سعر الفيلم الواحد في بلدانهم!!

الناقد بشار إبراهيم المولع بتعقب الأفلام في المحلات وعلى الأرصفة، يقول أنه حصل على نسخ من أفلام نادرة في أماكن لا تخطر على البال. ففيلم "اليازرلي" للمخرج قيس الزبيدي، وهو فيلم ممنوع أصلاً، اشتراه من بسطة عند كراجات البرامكة، والطريف أنه زود مخرج الفيلم بنسخة منه لأنه لا يملك واحدة. كما اشترى من بسطة أخرى فيلم "عند القطع" وعثر أيضاً على نسخة من فيلم "ذكرى ليلة حب" في كراجات السويداء. ويلفت إبراهيم الى أن مجموعة كبيرة من الأفلام السورية لم تكن تعرض حتى في صالات السينما متوفرة الآن بكثرة على الأرصفة، كأفلام المؤسسة العامة للسينما، كما تباع أيضاً أفلام القطاع الخاص، ولها جمهور كبير كأفلام إغراء وسميرة توفيق ... إلخ.

نفهم من كلام بشار إبراهيم أن لا معيار لتوزيع الأفلام. فقد نعثر على أفلام نادرة في مناطق شعبية، وهي عادة مناطق تتركز فيها بسطات الـ"دي.في.دي."، ككراجات انطلاق الباصات، وأمام الجامعة، وفي مناطق المخالفات. أما الأسواق الأوسع فهي في مناطق مخيم اليرموك وجرمانا حيث نسبة الشباب عالية. إلا أن المركز الأهم في البحصة، وسط دمشق التجاري ومركز تجمع محلات بيع الالكترونيات وقطع وأجهزة الكومبيوتر. وهذا السوق لا يبيع، بقدر ما ينتجه من كميات هائلة يومياً، ويمتلك البائعون فيه ثقافة تتيح لهم تمييز الفيلم الجيد والمهم، فيما يفتقر غالبية بائعي البسطات، لقدر من المعرفة يخولهم انتقاء بضائعهم، وعادة ما يحكمون على المضمون من صور الغلاف، فيختارونه حسب تصنيفاته لديهم: هندي، محلي، عربي، أو أكشن أميركي، كاراتيه، عنف...

ما الذي يحكم الأسعار في السوق؟ لا معيار سوى العرض والطلب، والأمر متروك لتقدير البائع لسلعته، وشطارة الزبون في المساومة. ومن جانب آخر، ليس ثمة قانون يضبط سوقاً ما تفتأ تتوسع وتتطور بشكل مذهل، وتنفلت بشكل اعتباطي، مواكبة ظهور كل تقنية حديثة، من خلال ديناميكية تنبذ أية فكرة عن أن البشر العاديين لا يستوعبون تجدد التقنيات، إذ قانون السوق في العالم واحد، ابتكار الأعمال، والتوجه نحو الربح والمزيد من الربح. فاليوم هناك أقراص "دي.في.دي" بدأت تنزل الى الأسواق بسعة مضاعفة، بمقدورها استيعاب أطول الأفلام على قرص واحد، فيما يجري الحديث عن أقراص تستوعب مسلسلاً من عشرين حلقة. وثمة فصول أخرى عن جديد سرعان ما يصبح قديماً، وهناك من يتحفز دائماً لكي يتلقفه، ليحوله إلى عمل وأرباح.

ترى ما الذي يهم الزبون؟! الأسعار الملائمة لمستوى دخله. إذا كانت الأسعار الباهظة توفر عشرات الزبائن، فالأسعار البخسة تزود السوق بآلاف وملايين الزبائن، عدا فرص العمل. من هذا المنظار، على الغرب الثري أن يتغاضى كثيراً عن حقوق الملكية، وأن تكون أكثر إنسانية، بتوفيرها العدالة في المعرفة والمتعة. وإذا لم يفكر الأغنياء على هذا النحو من التساهل، فسوف ينتزع الفقراء انتزاعاً ما يعتقدونه حقوقهم، إنها حرب أخرى!!


* المغرب يصادر 500 ألف قرص مدمج بتهمة الإجرام الرقمي والمقاومة مستمرة

* عندما تنتابك رغبة بمشاهدة ما لذ وطاب من الأفلام السينمائية العالمية، ما عليك إلا أن تولي بوجهك صوب "جوطية باب الحد" بمدينة الرباط لتجرب حظك مع العولمة. إذ بمجرد ما تطأ أقدامك الأزقة الضيقة للسويقة، تعترضك طاولات ممتلئة على آخرها بـ"ديفديديات" مقرصنة للأفلام العالمية و"سيديات" موسيقية لمغنين مشاهير من مختلف بقاع الأرض. تبدو لك العولمة في متناول اليد بعشرة دراهم. "لا غلا على مسكين"، كما يقول المثل المغربي الدارج. فبين بائعي العصير، والسندويتشات اللذيذة، و"الحرشة" والمسمن"، والملابس التقليدية المغربية وأحذية الماركات العالمية المزورة من "نايكي" و"كامبر" و"أديداس"، تنبت أفلام فلليني، ستيفن سبيلبرغ، دافيد كرونبرغ، هيتشكوك و دجون فورد ويوسف شاهين وليلى المراكشي وغودار كأيادي غرقى تلوح في سديم العولمة لمن يخرجها من ظلمات الأزقة إلى نور شاشات التلفزيون البيتية. بهجة العين تعانق متعة اليد التي تبحث بعزم عن هذا المخرج أو ذاك.

السلطة والطبيب

* ليس هذا عنوان فيلم هندي، بل قصة واقعية عاشتها العاصمة الإدارية منذ بضعة أسابيع. فقد شنت السلطات المغربية مؤخرا حملة كبرى على بارون القرصنة بجوطية باب الأحد بمدينة الرباط، حيث ضبطت في محلاته، كمية ضخمة قدرت بـ500 ألف قرص مدمج دي.في.دي بقيمة خمسة ملايين درهم. وهو مبلغ ضخم يعطينا فكرة عن الآلة الجهنمية الكامنة وراء هذه التجارة الممنوعة نظريا. وقد حكمت الغرفة الجنحية بالمحكمة الابتدائية بالرباط بعشرة أشهر حبسا نافذا في حق المتهم، الملقب بـ"الطبيب" وهو طالب في السنة السابعة بكلية الطب والصيدلة؛ وبغرامة مالية قدرها 15 ألف درهم بعد إدانته بجنحة التقليد والنسخ غير القانونيين للأقراص المدمجة. فلماذا هجر الطبيب كلية الصيدلة وتخصص في بيع الأحلام لإخوته المغاربة؟ سؤال قد يكون من المهم الإجابة عنه قبل ولوج عالم القرصنة العجيب. منذ نهاية السبعينات أخذت الطبقة الوسطى في التآكل لاعتبارات سياسية معروفة، مما أدى إلى تفاوتات طبقية خطيرة، وضعت هذه الطبقة الواعية والمثقفة في قلب دوامة اجتماعية انزلقت بها إلى منطقة الفقر. وهكذا تشكلت طبوغرافية المغرب الحديث من أغنياء وفقراء فقط. أما الطبقة الوسطى، صمام الأمان الاجتماعي فرحمها الله. إذ أصبح الأستاذ والمهندس والطبيب يصنف في خانة، تتفوق على الطبقات الكادحة بالصبر! لذلك فسقوط الطبيب تحت إغراء القرصنة ليس ظاهرة سوريالية، بل تدخل في صلب مسلسل التفقير الذي يمس الطبقة الوسطى في بلاد الشمس. لكن هذا ليس تبريرا كافيا لاختيار طريق الإجرام الرقمي، بل محاولة منا لتقريب صورة "البارون" من القراء. نضع هنا قدمنا على أولى درجات الفهم ونصعد. والقرصنة؟ لا تختفي دائما وراء شجرة البارونات...

يوم آخر في الجنة

* في "جوطية باب الأحد" تأسر الزائر هذه الحركة الدائبة في شرايينها الضيقة. ثمة من يبحث عن آخر صيحة في عالم الهواتف المحمولة، ومن يجمع أحدث أجهزة MP3، ومن يناقش البائع في سلبيات وإيجابيات بعض البرمجيات المتخصصة. هنا تصير التقنية أسهل من شربة ماء. الجوطية مدرسة شعبية مفتوحة أيضا، حيث لا تكلفك الاستشارة التقنية شيئا. ثم هناك مجانين السينما والموسيقى والألعاب الإلكترونية. ترى في صفوفهم مثقفين، ونقادا سينمائيين معروفين وكتابا وطلبة وأجانب ينتمون في الغالب إلى الجالية الديبلوماسية التي تعمل في السفارات المعتمدة في العاصمة أو في ملحقاتها. عندما تدخل أحد الدكاكين القليلة التي بقيت مفتوحة بعد الحملة الأخيرة التي شنت على القرصنة أو تقف عند الشباب الذين يعرضون هذه السلعة في الزقاق الضيق الذي يأوي بائعي الـ"ديفيديات" المقرصنة، يهالك حجم الحجيج إلى هذه الأمكنة الحالمة. لكن قبل أن ننطق بكلمة السر: "إفتح يا سمسم"، ينبغي أن نعرف "الثورة الهادئة" التي عرفها هذا الزقاق بالذات. قبل عقود، كان هذا المكان قبلة لعشاق الكتب القديمة والنادرة، وكنت تصادف فيه بالأساس الكتاب والشعراء والطلبة وعشاق الكتب القديمة والمخطوطات. غير أن الزمن دار، فهزمت محلات الديفيديات والسيديات الموسيقية والبرمجيات المعلوماتية الكتاب بالضربة القاضية. فصارت هذه المكتبات تختفي يوما عن يوم، تاركة مكانها للعولمة الرقمية. عوضت العين اليد. مرحبا بكم معنا في عالم "ماتريكس"!

افتح يا سمسم!

* طق، طق. إفتح يا سمسم. أدق مرة ثانية. يفتح باب الدكان بحذر، يطل علي شاب مستفهما. أرى في الداخل أشخاصا منهمكين في البحث عن أفلام بعينها. أتعرف على بعض الوجوه. يسلم علي بعضهم. أصدقاء مصورون في وكالات دولية للأخبار بالرباط، وأساتذة جامعيون. يطمئن الشاب ويفسح لي المكان لأرى الكنز عن كثب. مخرجون عالميون يستقبلونني بالابتسامة أيضا: أبيل فيرارا، آلن باركر، ماركو فيريري، الإخوة كوهن، رشيد بوشارب، ستيفن سبيلبرغ وأليخاندرو غونزاليس إناريتو. أشرح للقيّم على هذا الكنز فكرة التحقيق، فيرحب بالفكرة، لكنه لا يرغب في كشف هويته. يقول ك.:"إننا نوفر للعموم الفن السابع بثمن معقول. لا ننسخ آلاف الأقراص كما هو حال "بارون" الجوطية الملقب بالطبيب والذي ألقي عليه القبض مؤخرا، بل نحن نساهم في تهذيب الذوق العام. ما نبيعه ليس مخدرات تدمر عقول الناس، فأغلبنا مجازون في القانون أو الآداب أو العلوم وعاطلون عن العمل، فهل من العيب أن نعمل بهذه الطريقة لنعول أسرنا بدل أن نصير مجرمين وقطاع طرق؟". كان صوت الشاب منفعلا وهو يقذف في وجهي هذه الحقيقة المرة التي لا يمكن أن نهملها في معادلة العولمة. عولمة الضعفاء طبعا. تدخل أحد الحضور قائلا :"اسمح لي من فضلك أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع. أعتبر ما يسمى بالقرصنة مقاومة الضعيف للقوي. فأنا أستاذ جامعي أهوى السينما أشتري أحدث الأفلام بأثمان معقولة. فهل ستسمح لي ميزانيتي بشراء دي.في.دي واحد بـ200 درهم عندما أستطيع أن أشتري 20 منه؟ ثم هل يريدون في هذه البلاد أن تبقى مشاهدة الأفلام العالمية حكرا على البورجوازية، وهي طبقة في الغالب أمية ثقافيا لا تهمها لا السينما ولاغيرها. إن محاربة القرصنة لا معنى لها إذا لم تنخرط في تغيير بنيوي للمجتمع". وافقه الباحثون عن حلم السينما المكدسون في الدكان كأنهم يبحثون عن بضاعة محرمة وأضاف أحدهم متهكما: "لماذا لا تتحرك الدولة المغربية إلا عندما توقع اتفاقيات اقتصادية مع الدول العظمى؟ أقسم أنهم لم يفعلوا ذلك إلا لذر الرماد في عيون الشركاء الأجانب. القرصنة لن يقضى عليها أبدا، لأنها صوت المعذبين في أرض الاستهلاك التي لا نستحقها." وحدجني الجميع بنظرة ذات معنى، فهمت منها أنه علي تغيير المكان لأرى عبادا آخرين، يسيحون فوق أرض السينما الملغومة. الله يعاون، أيها الإخوة! وخرجت.

لم تتوقف رحلتي عند هذه الأسئلة، بل تابعت طريقي في الزقاق المزدحم عن آخره وتوقفت عند شاب يبيع المسلسلات الأميركية الشهيرة انطلاقا من Friends إلى Prison break مرورا بـSex in the city. سألني عما أبحث، أجبته أنني بصدد إنجاز تحقيق عن القرصنة الفنية. ابتعد عني ولم ينبس ببنت شفة. استدرت جهة شاب فرنسي سمعته يسأل البائع عن سلسلة قديمة فباغته بالسؤال:"هل يمكنك شراء هذه الدفيديات المقرصنة في فرنسا؟ أجاب:"في فرنسا الأمر مختلف فثمة مجتمع استهلاكي له قوانين صارمة فيما يتعلق بالملكية الفكرية. لكن في بلادنا أيضا تنشط القرصنة على المستوى الفردي. فالظروف المادية لا تسمح للكثير من الفرنسيين شبابا و كهولا بشراء الأفلام والأقراص المدمجة الموسيقية، لأن ثمنها غال أيضا. والحل يكمن في تبادل ذلك عن طريق الأصدقاء. وهكذا فالقانون لا يمكنه أن يعاقب الاستعمال الشخصي. لكن في المغرب وفي البلدان النامية عموما يختلف الأمر، لأن الناس فيها ليست لهم قدرة شرائية حقيقية. وأنا لا يزعجني شراء هذه المسلسلات المقرصنة، لأننا لا ينبغي أن نصير بدعوى العولمة عبيدا جددا للشركات العملاقة التي تسيطر على العالم اليوم". شكرت هذا الشاب وأكملت طريقي تحت نظرات البائعين الحذرة الذين صاروا يتهامسون لكثرة أسئلتي عن مورد رزقهم.

وهم حقوق التأليف

* تطرح القرصنة الفنية مسألة حقوق التأليف. لكن هذا المفهوم غريب عن الثقافة المغربية؛ فسواء تعلق الأمر بالأجناس الإبداعية التقليدية من شعر ورواية ودراسات أو بالمنتوج الموسيقي أو السينمائي، يبقى المؤلف آخر من يعلم بمصير حقوقه المادية. فالناشرون نادرا ما يولون هذا الأمر ما يستحقه والإذاعة والتلفزيون رغم توقيعهما على اتفاقيات مع المكتب المغربي لحقوق التأليف التابع لوزارة الاتصال، فالأمر مازال لا يعرف الأجراءات اللازمة لتفعيل هذه القوانين. وهذا المكتب الذي لا تتوفر له الموارد البشرية الضرورية والآليات اللوجيستية، لا يمكنه أن يردع وحده ظاهرة تتجاوزه، فموظفوه يعدون على الأصابع وتجهيزاته تبعث على الرثاء. كما أن هذا المكتب لا يثق فيه الفنانون المغاربة، لأنهم لا يحصلون منه إلا على الفتات مقابل أغانيهم ومسرحياتهم ولا يعرفون ما هي المعايير التي يعتمد عليها لمنحهم 50 درهم في السنة! بينما هناك فنانون يحصلون على تعويضات أكبر لأنهم ينتقلون مباشرة إلى فرنسا ليتفاوضوا مباشرة مع جمعية المؤلفين بفرنسا التي مازالت هي التي تحصل مداخيل الفنانين المغاربة، لتعيد توزيعها عليهم فيما بعد على شكل مبالغ مضحكة. كيف يعقل، إذن، لبلاد استقلت منذ خمسين سنة مازالت تبعث بمالها إلى فرنسا لتؤدي لمواطنيها مستحقاتهم؟ هذا هو ما نسميه بالسوريالية!!

فما دامت الأمور غير واضحة في علاقة المكتب المغربي لحقوق التأليف بجمعية المؤلفين في فرنسا، ستظل وضعية فنانينا في مهب الريح. وقبل أن يتحول هذا المكتب إلى مؤسسة عمومية ذات استقلالية تمكنها من الدفاع عن حقوق التأليف، تبقى المعركة مفتوحة لإعادة الكرامة لمبدعينا أيضا. فالمقربون أولى طبعا في هذه الحكاية، لأن دمهم يتفرق بين الإذاعات والتلفزيون والفنادق والملاهي والقاعات السينمائية. هذه أحلام يقظة، لكن تبقى مشروعة عند الساهرين على القطاع في المغرب. لنحلم إذن فلن نخسر شيئا.

بلى! سيخسر محبو السينما إمكانيات التمتع بالروائع العالمية. فالقرصنة غير مشروعة، لكن في الواقع الحالي للمغرب وللكثير من البلدان العربية، تعتبر حسب شريحة واسعة من المواطنين "مقاومة" منطقية لوحش العولمة الذي لا يبقي على شيء في الثقافات المحلية. إنه صراع غير عادل بين الغني والفقير، بين النملة والفيل. فمن سينتصر يا ترى؟ هناك من يفكر بصوت عال ليقول: لماذا لا تفرض دولنا وجهة نظرها في هذه المعركة؟ فعوض أن توقع اتفاقيات مع الولايات المتحدة وغيرها ليست لصالحنا، عليها أن تفكر في حماية مواطنيها بتوفير العيش الفني الكريم لهم. وهي بهذه الطريقة تقطع الطريق على كل أشكال القرصنة، ولا تعرض مئات الأسر التي تقتات من هذه المهنة للتشرد، بل تدمجهم في مشاريع تحفظ لهم ماء الوجه والخبرة التي حصّلوها في هذه المعركة غير المتكافئة.



 توقيع : مشهور


رد مع اقتباس

اخر 5 مواضيع التي كتبها مشهور
المواضيع المنتدى اخر مشاركة عدد الردود عدد المشاهدات تاريخ اخر مشاركة
صور: وزير النقل يباشر ميدانياً التحقّق من مسبّبات... محـليــــــــات 0 1712 21/12/2013 01:19 AM
صور: رجال الحرس الوطني ينفذون حرباً إفتراضية أمام... محـليــــــــات 0 1907 21/12/2013 12:42 AM
راتب الزوجة … أهو للزوجة وحدها؟ منتدى حواء 1 3686 21/12/2013 12:19 AM
عن ماذا تبحث الفتاه في شريك حياتها ؟ منتدى العرائيس 0 5895 21/12/2013 12:13 AM
تركي الفيصل ينفي لقاءه بمسولين اسرايلين في موناكو منتدى الاحداث السياسية والجريمة 0 1807 20/12/2013 11:12 PM

قديم 20/12/2006, 05:36 PM   #2
Administrator


الصورة الرمزية mamz
mamz âيه ôîًَىà

 عضويتي » 772
 تسجيلي » May 2005
 آخر حضور » 25/11/2016 (04:52 AM)
مشآركاتي » 231
 نقآطي » 500
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
افتراضي



حتى الان لا يوجد نظرتم واضح يستند اليه


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 :
لا يوجد أعضاء

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية )

انشر مواضيعك بالمواقع العالمية من خلال الضغط على ايقونة النشر الموجودة اعلاه

الساعة الآن 07:27 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة © لأكاديمية العرضة الجنوبية رباع

a.d - i.s.s.w