الوسام .. الاكاديمي ابن الجنوب ..حسن القرشي ... لؤلؤة زهران كل الحكاية قسم المحاورة


 
 عدد الضغطات  : 5725


إهداءات




ماذا تعرف عن ˚◦ღ♡♥ஓ زُريــــــاب ஓ♥♡ღ◦˚؟

منتدى التراث والثقافة والأدب الشعبي ( المحلي والعربي والعالمي )


إضافة رد
#1  
قديم 27/03/2008, 01:23 PM
شخصية مميزة وعضو شرف منتديات رباع
حلم طفلة âيه ôîًَىà
 عضويتي » 8604
 تسجيلي » Feb 2008
 آخر حضور » 17/11/2008 (09:40 PM)
مشآركاتي » 1,670
 نقآطي » 60
 معدل التقييم » حلم طفلة will become famous soon enough
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
ماذا تعرف عن ˚◦ღ♡♥ஓ زُريــــــاب ஓ♥♡ღ◦˚؟




˚◦ღ♡♥ஓ زُريــــــاب ஓ♥♡ღ◦˚




خلال حياتي المتنقلة و علاقاتي الانسانية العريضة شاهدت الكثير من العجائب و لكن الاعجوبة التي هالتني نسبة الجهل بالتاريخ العربي و الاسلامي ككل و التاريخ في نطاق البيئة المحيطة و القبيلة... عقول يُشهد لها في مجالها و لكن لا تعرف عن تاريخها قدر انمُلة و لا تعي مما حولها سوى اشياء مجردة حتى سمعت احدهم يقول: ان اكون (........) يشرفني اكثر من كوني سعودي... و سمعت عن آخر يريد ان يتخلص من لقبه لانه يحرجه ان يكون من هذه القبيلة و بيت بالكامل كلمتهم دائما ً نحن لا نفخر باصلنا مع ان قبائلهم من خيرة القبائل و لكن الجهل بالتاريخ يفقد المرء الفخر و الاعتزاز و من ثم الوطنية و حتى حب الذات احيانا ً
تألمت في خاطري و لكني عذرت قلة اهتمامهم و اعتزازهم بموروثهم ... ان كانو لا يجدون مصدرا ًيخبرهم عنه و عن اهمية ماضيهم حتى والديهم لم يكونو حاضري الزمان و المكان في العقل و الوجدان ... فمن يهمل ان يربط ابنه بإرثه التاريخي يكون أول عقاب له ان يفقد هو ذلك الرباط الوثيق مع ابناؤه ....مجرد غيابه عن دائرة الرؤيا المجردة ..يغيب عن بصيرتهم تاركا ًابناءا ًبلا ماضي و في الارض يمضون لا يلوون على شئ يحملون عقدة النقص و الا هوية....
ادركت حينها ان الانسان مهما كان مثقفا فهو لا يساوي شئ عندما لا يكون مثقفا ً بتاريخه اولا ً لان التاريخ يبصر المرء بنفسه قبل كل شئ.

و الآن ادعكم مع حقيقة تاريخية هامة كانت من اكبر المفاجآت التي درستها في الجامعة.

˚◦ღ♡♥ஓ قصة زُريــــــاب ஓ♥♡ღ◦˚؟

لقد كان المجتمع الأندلسي بعد الفتح الاسلامي مؤلفاً من عناصر شتى ، ومن أطياف مختلفة فهو إن صح التعبير " أشتات مجتمعة " ، يضاف عليها سكان البلاد الأصليين ، وقد كان هناك فئات متعددة
...و جاء بطلنا زرياب من الشرق و من العراق تحديدا ً لاسباب لا تهمنا هنا ما يهمنا انه اى من منبع من منابع الحضارة الشرقية و قطب من اقطابها انها بلاد الرافدين
وقد فرض زرياب نفسه على المجتمع الأندلسي ، وذلك بفضل فنه وذكائه وجميل عاداته ، فقد كان " زرياب " مثالاً للأناقة وقدوة في زيه ، وهو الذي علم الأندلسيين كيف يفرقون شعورهم في وسط الرأس ويعقصونها من الخلف ، وهو الذي استن لهم لبس الثياب البيضاء والملونة الخفيفة في الصيف ، والفراء والأردية الثقيلة في الشتاء ، وهو الذي نقل إليهم كثيراً من طرق الطهي وتصفيف الموائد ومظاهر التحضر (مع العلم ان السكان الاصليين كانو يرتدون الجلود و الفراء الخام اشبه مايكونو بالرجل الحجري وفي كثير من عاداتهم وحشية و بداوه حقيقية)
وقد كان من دعائم هذه المدرسة أبناء " زرياب " وبناته وجواريه ، كما التحق بتلك
المدرسة أعداد كبيرة من الأندلسيين ، فكان يأخذهم بمنهج دقيق في تعليم الموسيقى والغناء ، واستطاع بسرعة أن يجعل للموسيقى الأندلسية طابعاً معيناً وعشاقاً كثر
ويقول الرواه انه كان أنيقا.. يعتني بملابسه، وعلم أهل الأندلس كيف يلبسون الصوف في الشتاء، والقطن في الصيف، وقدم العديد من الابتكارات في تصفيف شعر الرجال والسيدات، وعلمهم الأكل علي الموائد، واستعمال الملاعق والسكاكين بدلا من الأكل بأصابع اليد.***
يقول الدكتور حسن مؤنس عن أثره في الحضارة الأندلسية:
وعلي الجملة كان زرياب شخصية حضارية ممتازة فقد أدخل تغييرا جوهريا علي المجتمع الاندلسي كله.
وساعد في نقله من البداوة إلي الحضارة، ومن الفوضي إلي التنظيم المتحضر، وكان إلي جانب ذلك شخصية محترمة ذا سمة ووقار،ولم تؤثر عنه صفوة خلق أو سوء تصرف، بل كان يتحاشي الشراب ولا يتعاطاه.
وفي تاريخ الموسيقي العربية يحتل ذلك (الطائر الاسود:زرياب سمي باسم طائر عربي اسود صوته جميل اكيد اي غامدي و زهراني قد عرفه الآن) مكانا جليلا، فقد كان من القلائل الذين أخلصوا للفن والموسيقي، وجددوا فيه وحافظوا علي السمة المحترمة للفنان، ولم يسمحوا لأنفسهم أبدا بأن يهبطوا إلي مستوي عامة المسلمين والندماء، فكان قليل التردد علي القصر، لا يحضر إلا لحفل موسيقي، وكان لا يذهب بموسيقاه إلي بيوت الاغنياء، وإنما يذهب إلي داره من يريد أن يستمتع بفنه، وقد جمع مالا عريضا من تدريس الموسيقي وتخريج الشبان والشابات، وكان الكثيرون ممن تخرجوا علي يديه أعلاما للفن لهم في المجتمع مكانة كبيرة ويقول الدكتور حسين مؤنس أيضا:
وقد توفي علي بن نافع (زرياب) في ربيع الاول 238 هـ / أغسطس 852 م قبل وفاة عبدالرحمن الأوسط بأسابيع قليلة ولم يكن علي بن نافع (زرياب) الشخصية الطريفة التي ازدان بها عصر عبدالرحمن الاوسط، فقد ظهرت في أيامه جماعة من أجمل الشخصيات في تاريخ الاسلام العام، ويعد ظهور هذه الشخصيات الفريدة ثمرة من ثمار غراس بني أمية الذين بلغ حكمهم نحو قرن من الزمان عندما توفي عبدالرحمن الاوسط'.
اما عن عبقرية وكمال زرياب الفني استنادا لما جاء في كتب التراث ومنها نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب للتلمساني : حيث أنشأ ما يمكن اعتباره مدرسة يعلم فيها الشباب والفتيات أصول العزف ومبادئ الغناء ، وأصلح زرياب الدفوف والمزامير وأحكم صنعها وابتكر الفرق الموسيقية التي تجمع بين العازفين والمنشدين ، وهو أول من أنشأ ما يسمى المسرح الصغير الذي تجلس عليه الفرقة الموسيقية وكان يسمى (الستارة) وقد هاجر زرياب إلى بلاد المغرب ثم الأندلس ، وفي مدينة قرطبة استقبله الأمير عبد الرحمن الأوسط استقبالاً طيبا وما أن استمع له حتى طرب طرباً شديداً لدرجة أنه أسكنه بيتاً متصلاً بقصره لكي يستدعيه لمجلسه وقتما يشاء . وفي الأندلس لم يقتصر تأثير زرياب على مجال الموسيقى والغناء (وهذا ما يهمنا ) بل علّم الأسبان الأوروبيين (الأندلسيين) كيفية ارتداء الملابس التي تتناسب وفصول العام ، وعدل من هيئات الثياب فقصّرها وضيّق الأكمام وأعطاها هيئة جميلة كانت موضة العصر ، وللعلم كان زرياب شخصياً رغم سمار وجهه الذي يميل للسواد عنوان الأناقة في عصره .. وهو الذي علم الأندلسيين فنون الإتيكيت .. وعلمهم كيف يقصون شعورهم ويقومون بتقصيره جداً عند الجانبين ، وإرساله خلف الأذنين ، وابتكر للنساء تصفيفات جديدة عرفت باسمه ومنها طريقة حلاقة الصف الأمامي مما يعني إنزال الشعر على الجبين مع قصّة في موازاة الحاجبين ، كما تفنن زرياب في تحضير أرقى أنواع العطور من الزهور مباشرة مبتعداً عن الدهانات وعطورها .. كذلك أدخل زرياب تقاليد المشرق الإسلامي في الطعام ، فحسن لهم إعداد أطباق وأصناف جديدة عرفت بإسمه وصناعة الحلويات ومنها الزلابية ، كما علمهم فرش المناضد واستخدامها في إثناء الطعام بالإضافة إلى استخدام الملاعق والشوك والسكاكين بدلاً من الأصابع ، وابتعد بهم عن الأصناف التقليدية كالعصائد والثريد إلى الأشكال والألوان التي عرفها أهل الشرق وإلى جانب هذا التأثير في الأنواع كان أيضاً أسلوبه الذي قلده الناس في كيفية تقديم الطعام في الحفلات ، حتى غدت أساليب زرياب نموذجاً يتبعه كبار القوم ، وتسارع الناس إلى تقليد أساليبه وموضاته المتعددة .
وكان زرياب عالماً بالنجوم وقسمة الأقاليم السبعة واختلاف طبائعها وأهويتها وتشعب بحارها وتصنيف بلادها وسكانها، مع ما سنح له من فك كتاب الموسيقى، مع حفظه لعشرة آلاف مقطوعة من الأغاني بألحانها، وهذا العدد من الألحان غاية ما ذكره بطليموس واضع هذه العلوم ومؤلفها.
وكان زرياب قد جمع إلى خصاله هذه الاشتراك في كثير من ضروب الظرف وفنون الأدب،
ولطف المعاشرة، وحوى من آداب المجالسة وطيب المحادثة ومهارة الخدمة الملوكية ما لم
يجده أحد من أهل صناعته، حتى اتخذه ملوك أهل الأندلس وخواصهم قدوة فيما سنّه لهم من آدابه، واستحسنه من أطعمته، فصار إلى آخر أيام أهل الأندلس منسوباً إليه معلوماً به.


فائـــــــــــــدة:

*متى نتعلم ان نحفظ لكل من اضاف للانسانية و للتاريخ الاسلامي ما يزيد من مفاخره
حتى و ان كان مغنيا ً
البعض لا يعرف عن زرياب الا انه اضاف للعود وترا ًاضافي ...و انه مسيقي او مغنن ٍ
و لكن ماذا بشأن الامور الاخرى و العلوم الانسانية و الاتيكيت التي
انشأ لها اول مدرسة في العالم؟
زرياب ذلك العبد الفارسي الاصل العربي المنشأ العراقي التراث و الحضارة
ضايقه معلمه في العراق عندما دغدغته الغيرة و هدده بالقتل
فلم يشأ زرياب المواجهه ليس جبنا ً و لكن الحياة لا تحتمل
ان نضيع فيها لحظة مادمنا نحمل هدف
و كان هدف زرياب و اضحا ً لذلك يمم وجهه شطر المغرب ثم الاندلس
يآه يالها من رحلة شاقة و طويلة
و لكن هناك وجد الححضن اللذي عرف قيمته
و لكنه تفجأ بما لا يملك امامه الصبر..من
جهل بأمور و آداب و... و....
فأنشأ مدرسته الاولى من نوعها في التاريخ
متعددة المواهب و الاهتمامات
و اشرك فيها ابناؤه و بناته
و علمو الناس فيها
اتكيت لجوانب الحياة المختلفة, و طرب اصيل و
و آداب الضيافة و آداب اللباس و اكثر من ذلك
ازياء و تسريحات الشعر و طعام وآداب المآئدة
وصنع لهم الطيب و العطور
و ....الخ بل ان التفسيل يطول..
هذا كان زرياب عبدا ًمثقفا ًمن العراق استطاع ان يوصل كل هذه المعلومات
لسكان الاندلس اللذين بدورهم نقلوها الى اوروبا
ثم انتقلت الى الشمال الافريقي المغرب و الجزائر
فانتشر القفطان اللذي حوره زرياب من ملابس العراق الاصلية
ليصنع منه موضة ذلك الزمان للنساء و الرجال
و انتشرت الاكلات في فرنسا و غيرها
*الحقيقة انني اثناء دراستي الجامعية اخبرنا الاستاذ ان بعض
الدول الاوروبية تريد ان تنفي ذلك لذا عمدت الى التخلص من كثير من المراجع
التي تذكر أي دور للعرب في الغرب و منهم زرياب الا
من رحم الله من الغيورين على الحقيقة

(ولكن الحقائق صعب ٌ تجاهلها )

كم زرياب من الحجاز و اليمن و العراق و الشام و مصر
لم يذكرهم التاريخ يا ترى؟
او اغفلهم؟
هيا فل نبحث عنهم
همسة عرفان لذلك الانسان:اذا رأيت من يمدح ارثه هناك حيث غرد زُرياب....

فقل الله يرحم زُرياب



 توقيع : حلم طفلة


رد مع اقتباس

اخر 5 مواضيع التي كتبها حلم طفلة
المواضيع المنتدى اخر مشاركة عدد الردود عدد المشاهدات تاريخ اخر مشاركة
مسلمي الجن يطفؤن نار الحرب بين قبيلتين من غامد سوالف وقصص الاولين 19 6711 21/10/2008 11:00 AM
بلغة العصر لا لغتي( لحظة حب) ؛ ماذا تفعل؟ و هل... المنتدى العام 3 1833 13/07/2008 05:00 AM
أصوات النساء تنشط المخ I~i المنتدى العام 4 1731 11/07/2008 05:18 AM
عندما تغسلين شعرك اثناء الدوره الشهريه منتدى الأسرة والطفل 3 1574 11/07/2008 03:31 AM

قديم 27/03/2008, 03:43 PM   #2
شاعر كبير مؤسس و عضو شرف منتديات رباع


الصورة الرمزية علي السبيَه
علي السبيَه âيه ôîًَىà

 عضويتي » 5018
 تسجيلي » Oct 2006
 آخر حضور » 24/11/2016 (04:03 PM)
مشآركاتي » 21,600
 نقآطي » 27180
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »
افتراضي



تسلمين ياالغامديه على هذا الموضوع الرائع


 
 توقيع : علي السبيَه



رد مع اقتباس
قديم 27/03/2008, 03:51 PM   #3
نائب رئيس مجلس الإدارة ( سابقا ) ونائب المدير العام


الصورة الرمزية متعب الزهراني
متعب الزهراني âيه ôîًَىà

 عضويتي » 70
 تسجيلي » Nov 2004
 آخر حضور » 19/06/2008 (11:55 PM)
مشآركاتي » 2,021
 نقآطي » 71
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »
افتراضي



زرياب
هو أبو الحسن علي بن نافع مولى المهدي الخليفة العباسي . لقب بزرياب وهو اسم طير أسود اللون عذب الصوت . نشأ في بغداد وكان تلميذا لإسحق الموصلي ، وحدث أن طلب الخليفة هارون الرشيد من إسحق الموصلي أن يأتيه بمغني جديد يجيد الغناء فأحضر زرياب واستأذن من الخليفة أن يغني فأذن له وأنشد قائلا :

يا أيها الملك الميمون طائره . هارون راح إليك الناس وابتكروا
إلى أن أكمل نوبته فطار الرشيد فرحا وتعجب منه كثيرا وطلب من أستاذه إسحق أن يهتم به ويكرمه إلا أن إسحاق غلبه الحسد فهدد زرياب وخيره بالخروج من بغداد أو قتله فرجح الخروج طلبا للنجاه وخرج متوجها إلى الأندلس فى خلافة عبد الرحمن الثاني ، ولما وصلها كتب إلى الخليفة يستأذنه الدخول إلى بلاطه فرحب به وبعد أن أصبح من حاشيته غنى بحضرته وكان لغنائه أثره على الخليفة عبد الرحمن الثانى الذى شغف به وقربه إليه وأصبح نديمه ومن أقرب الناس إليه . وعندما اشتهر زرياب في الأندلس وتمركز بها أسس مدرسة للغناء والموسيقى تعتبر أول مدرسة أسست لتعليم علوم الموسيقى والغناء وأساليبها وقواعدها. ويعتبر زرياب السبب في ابتكار فن الموشح لأنه عمم طريقة الغناء على أصول النوبة التى كانت مقدمة لهذا الفن . وأدخل زرياب على فن الغناء والموسيقى في الأندلس تحسينات كثيرة أهمها جعل أوتار العود خمسة بعد أن كانت أربعه . أيضا أدخل على الموسيقى مقامات كثيرة لم تكن معروفة من قبله كما جعل مضراب العود من قوادم النسر بدلا من الخشب . وكان زرياب السبب فى افتتاح الغناء بالنشيد قبل البدء بالنقر كما أنه أول من وضع قواعد لتعليم الغناء للمبتدئين وأهمها أن يتعلم المبتدئ ميزان الشعر ويقرأ الأشعار على نقر الدف ليتعلم الميزان الغنائي وأن يعطيه اللحن ساذجا خاليا من كل زخرفة على أن يتعلم المبتدئ الزخرفة والتغني في الألحان مع الضروب بعد تعلمه الميزان والضرب واللحن . وقد وضع أسسا وقواعد لفحص المبتدئين قبل قبولهم وهي أن يجلس المبتدئ في مكان عال ثم يوعز إليه بأن يصيح بجواب صوته ثم ينزل تدريجيا إلى قراره وبهذه الطريقة كان يعرف مدى صوته وحلاوته . وقد نقل زرياب من بغداد إلى الأندلس طريقتين في الغناء والموسيقى هما طريقة الغناء على أصول النوبة وطريقة تطبيق الإيقاع الغنائي مع الإيقاع الشعري . توفي رحمه الله في قرطبة سنة 230 هـ، 845 م.




زرياب هو أبو الحسن علي بن نافع, واشتهر بلقب ( زرياب ). وهو اسم (الطير الأسود) ذي الصوت الرخيم. ويقال إنه لقب بذلك (من أجل سواد لونه وفصاحة لسانه وحلاوة شمائله). أما كلمة ( زرياب ) فهي فارسية الأصل وتعني (ماء الذهب). ولد زرياب في بغداد عام 161هـ/777م. ويبدو أن والده كان من الوافدين إلى بغداد, وكان زرياب من موالي الخليفة العباسي المهدي (ت169هـ/785م). تعلم زرياب فن الغناء والموسيقى في بغداد على يد إسحاق الموصلي (ت235هـ / 850م), الذي كان صاحب مدرسة للغناء والموسيقى في العاصمة العباسية, والموسيقار المفضل لدى الخليفة هارون الرشيد (ت193هـ/ 809م). وإذا كان زرياب قد أخذ في بداية حياته الفنية بعض ألحان أستاذه ووضعها في أغان جديدة له مع شيء من التغيير والتطوير, فإنه سرعان ما انطلق مستقلاً في ألحانه وأغانيه, بحيث لم تمض سنوات قليلة حتى أتقن (صناعة) الغناء والموسيقى اتقاناً فاق فيه أستاذه, لا سيما أن الكثير من عناصر النبوغ والإبداع كانت متوافرة في شخصيته.
في بلاط الرشيد
شاءت الظروف أن يطلب الخليفة هارون الرشيد من إسحاق الموصلي أن يرشح له مغنياً بارعاً, فذكر له تلميذه زرياب , وقال إنه قد اتقن الغناء والموسيقى على يديه, ويتوقع أن يكون له شأن كبير في مقبل الأيام. فطلب الرشيد منه أن يصطحبه معه إلى مجلسه. وبالفعل حضر زرياب برفقة أستاذه إلى مجلس الخليفة. ودار حوار بين الرشيد وزرياب حول بعض المسائل الفنية, ثم سمع ألحانه وغناءه, فأعجب به إعجابا شديداً, بل دهش بما انطوت عليه شخصيته من عقل ومنطق ومواهب فنية. ويحسن بنا أن ننقل مقتطفات من هذا الحوار كما ورد في أحد المصادر الأصلية (.. فلما كلمه الرشيد (أي كلّم زرياب ) أعرب عن نفسه بأحسن منطق وأوجز خطاب, وسأله عن معرفته بالغناء فقال زرياب (نعم أُحسن منه ما يُحسنه الناس, وأكثر ما أُحسنه لا يحسنونه, مما لا يحسن إلا عندك ولا يدَّخر إلا لك, فإن أذنت غنيتك مالم تسمعه أذن قبلك). فأمر الرشيد عندئذ بجلب عود أستاذه إسحاق, ولكن زرياب رفض العزف عليه وقال (لي عود نحته بيدي وأرهفته بإحكامي, ولا أرتضي غيره, وهو بالباب, فليأذن لي أمير المؤمنين في استدعائه, فأمر الرشيد بإدخاله إليه. فلما تأمل الرشيد عود زرياب , وكان شبيهاً بعود إسحاق, فقال له الرشيد: ما منعك أن تستعمل عود أستاذك? فقال زرياب : إن كان مولاي يرغب في غناء أستاذي غنيته بعوده, وإن كان يرغب في غنائي فلابد لي من عودي. فقال له الرشيد: ما أراهما إلا واحدا (أي أن العودين متشابهان). وهنا شرح زرياب للخليفة الفروق بين عوده وعود أستاذه, منها مثلاً أن وزن عوده يساوي ثلث وزن عود أستاذه, وأن بعض أوتار عوده من الحرير وبعضها الآخر من مصران شبل الأسد, مما يجعل ترانيم عوده أكثر صفاء ووضوحا, فتعجب الرشيد من وصف زرياب لعوده, ثم أمره بالغناء, فاندفع يغنيه قصيدة من تأليفه, يمدح فيها الخليفة, ومنها قوله:
يا أيها المَلِكُ الميمونُ طائرُه هارونُ راح إليك الناسُ وابتكروا

وبعد أن أتمَّ زرياب النوبة (طار الرشيد طرباً). ثم سأل الرشيد إسحاق الموصلي معاتبا:ً لماذا أخفى عليه هذا المغني ولم يقدمه له حتى الآن, فبرر إسحاق له ذلك بقوله إن زرياب نفسه كان قد أخفى تلك المواهب عنه. ثم طلب الرشيد من إسحاق أن يهتم بزرياب (حتى أفرغ له فإن لي فيه نظرا).
زرياب يهجر بغداد
يبدو أن إسحاق الموصلي ندم أشد الندم على اصطحاب تلميذه زرياب إلى مجلس الرشيد, لأنه شاهد بأم عينه مدى إعجابه به, وأدرك أنه إذا سطع نجم زرياب فإن ذلك سيكون على حساب منزلته ومستقبله, لا سيما أن ما قدمه زرياب من أغان وألحان في مجلس الخليفة فاق ما كان يقدمه إسحاق نفسه. ولهذا دبَّ الحسد - الذي هو داء كل العصور - في قلب الأستاذ تجاه تلميذه, وقرر التخلص منه بأي ثمن كان. واللافت للنظر أن إسحاق كان واضحاً مع زرياب , حيث شرح له أن الحسد بين أبناء الصنعة الواحدة شر يصعب تجنبه, وطلب منه أن يختار بين أمرين : إما أن يغادر إلى أي مكان في أرض الله الواسعة, وإما أن يقيم في بغداد على كره منه, وعليه, والحالة هذه, أن يتحمل مما سيلحق به من أذى بما في ذلك الاغتيال. وبعد أن سمع زرياب هذا التهديد الواضح من إسحاق وجد أنه من الحماقة أن يبقى في مدينة يتمتع فيها أستاذه بنفوذ لا طاقة له بمواجهته, ولهذا قرر مغادرة العراق إلى المغرب, وقد أعانه إسحاق نفسه على تنفيذ قراره هذا. وبذلك أفسد الحسد الفرصة على زرياب في بغداد الرشيد. وقد أكد هذه الحقائق كلها ما أورده المقري حين قالهاج به (أي بإسحاق) داء الحسد.. فخلا بزرياب وقال له: يا علي : إن الحسد أقدم الأدواء, والدنيا فتانة والشركة في الصنعة عداوة لا حيلة في حسمها, ولقد مكرت بي فيما انطويت عليه من إجادتك وعلو طبقتك, وقصدت منفعتك فإذا أنا قد أتيت نفسي من مأمنها بإدنائك, وعن قليل تسقط منزلتي وترتقي أنت فوقي, وهذا ما لا أصاحبك عليه.. فتخير في اثنتين لا بد لك منهما: إما أن تذهب عني في الأرض العريضة لا أسمع لك خبراً وإما أن تقيم على كرهي.. فخذ الآن حذرك مني, فلست والله أبقي عليك ولا ادع اغتيالك باذلاً في ذلك بدني ومالي.. فخرج زرياب لوقته وعلم قدرته على ما قال, واختار الفرار, فأعانه إسحاق على ذلك, فرحل عنه ومضى يبغي مغرب الشمس, واستراح قلب إسحاق منه).
الطريق إلى الأندلس
اتجه زرياب من العراق إلى المغرب, فنزل, بداية, في مدينة القيروان, عاصمة الأغالبة, حيث غنى لأميرهم زيادة الله الأول (816 -837 م). والواقع لا نملك معلومات كثيرة عن فترة إقامته في بلاط الأغالبة. ولكن حدث أن غضب الأمير من زرياب غضباً شديداً بعد أن غنى له شعراً لعنترة العبسي اعتبره إهانة له. فأمره أن يخرج من بلاده. وقال له, كما يذكر ابن عبد ربه في كتابه (العقد الفريد) : (إن وجدتك في شيء من بلدي بعد ثلاثة أيام جزيت عنقك). وبالفعل اضطر زرياب إلى مغادرة القيروان متجهاً إلى المغرب الأقصى عام 821 م بعد أن هدد بالقتل, كما سبق له أن غادر بغداد بعد أن هدد بالقتل أيضاً. وتؤكد المصادر أن زرياب بعث كتاباً إلى الأمير الأموي في الأندلس آنذاك وهو الحكم بن هشام (796-828 م), يخبره فيه عن مكانته في صناعة الغناء والموسيقى, ويُعرب له عن رغبته في القدوم إليه وأنه اختاره بين سائر الملوك والأمراء ليكون في خدمته. ومع أننا لا نعرف متى خاطب زرياب الحكم? وهل كان ذلك خلال إقامته في القيروان? أم بعد مغادرته لها? ولكن من المؤكد أن زرياب لم يجتز مضيق جبل طارق إلى الجزيرة الخضراء - الواقعة على الجانب الأندلسي - العام (821 م) إلا بعد أن تسلم كتاباً من الأمير الحكم يتضمن الترحيب به والرغبة في لقائه. وعندما وصل زرياب وأفراد عائلته إلى الجزيرة الخضراء كان في استقباله على أرضها وفد مرسل من قبل الحكم لاستقباله والترحيب به ومرافقته إلى بلاطه في قرطبة. وكان هذا الوفد برئاسة مغني يهودي اسمه منصور, ولكن شاءت الظروف أن يصل نبأ وفاة الحكم قبل أن يغادر زرياب الجزيرة الخضراء إلى قرطبة. وهنا تردد زرياب في متابعة رحلته, إذ وجد من الحكمة أن يعود إلى المغرب لأن الأمير الذي دعاه قد وافاه الأجل. وهنا تدخل منصور لإقناع زرياب بالتوجه إلى بلاط الأمير الجديد وهو عبد الرحمن بن الحكم, الذي عرف في التاريخ باسم عبد الرحمن الثاني أو الأوسط (822-852م), كما أبلغ منصور الأمير الجديد بتردد زرياب , لهذا وصل كتاب من الأمير عبد الرحمن إلى الجزيرة الخضراء يتضمن دعوة زرياب إلى قرطبة, ويعرب له فيه عن شوقه وتطلعه إلى لقائه في بلاطه. كما كتب الأمير نفسه إلى ولاته على البلاد التي سيمر بها زرياب بأن يحسنوا استقباله ويقدموا له كل العون والمساعدة حتى وصوله إلى قرطبة. وإضافة إلى ذلك كله أمر عبد الرحمن أحد كبار رجال التشريفات في قصره بأن يكون في استقبال زرياب قبل وصوله إلى العاصمة. ودخل زرياب وأهله قرطبة في إحدى الليالي من عام 822 م, وتم إنزاله في دار من أحسن دورها وحمل إليها جميع ما يمكن أن يحتاج إليه.
ربما كان ترحيب الأميرين الأمويين بزرياب, الحكم وابنه عبد الرحمن, والإلحاح الشديد عليه للقدوم إلى الأندلس, يدل على أن شهرته الفنية كانت قد سبقته إلى تلك البلاد, كما يعكس رغبة بني أمية في قرطبة في أن يكون بينهم فنان بهذه الكفاءة لمنافسة إسحاق الموصلي فنان بني العباس في بغداد. ويكشف هذا الترحيب, من ناحية أخرى, خلو البلاط في قرطبة آنذاك من مغنين وموسيقيين على درجة عالية من الكفاءة والمقدرة, والدليل على ذلك أن المصادر تشير إلى أن أول من دخل الأندلس من المغنين هما: علون وزرقون, وكان ذلك في أيام الحكم بن هشام نفسه (796 -822 م), ولكن بمجرد وصول زرياب تخلى الأمير عبد الرحمن عنهما (لغلبة زرياب عليه وانتزاعه قصب السبق منهما). حقيقة كان هناك عدد آخر من المغنين, أمثال منصور المذكور, ولكن من الثابت أن هناك فراغاً حقيقياً في ميدان الفن الأصيل, سواء في الغناء أو الموسيقى, قبل وصول هذا العملاق الكبير إلى قرطبة.
مكانة زرياب في البلاط
بعد ثلاثة أيام من وصول زرياب إلى قرطبة أمر الأمير عبدالرحمن باستدعائه إلى البلاط ومجالسته وسماع ألحانه وأغانيه. وتؤكد المصادر أن الأمير أعجب بشخصية زرياب إعجاباً شديدا, إذ لم يكتشف فيه مغنياً بارعاً وموسيقارا ماهرا فحسب, وإنما وجد فيه (موسوعة) موسيقية كاملة, حيث كان (يحفظ عشرة آلاف مقطوعة من الأغاني بألحانها), كما اكتشف فيه شاعراً موهوباً وعالماً بالنجوم والجغرافيا والأدب والتاريخ والطبيعة. ومن المؤكد أن الأمير أفاد من زرياب في كل هذه الميادين, ويقول أحد المؤرخين إن الأمير(ترك كل ما كان يسمعه من غناء.. وقدَّمه على جميع المغنين), كما (ذاكره في أحوال الملوك وسير الخلفاء ونوادر العلماء, فحرك منه بحراً زَخَرَ عليه مدُّه فأعجب الأمير به وراقه ما أورده). وبناء على ذلك كله فقد حظي زرياب في البلاط الأموي بمكانة متميزة مادياً ومعنوياً واجتماعياً, فعلى الصعيد المادي فقد خصص له الأمير عبد الرحمن بعد ثلاثة أيام من وصوله إلى قرطبة ما يلي : 1- مرتباً شهرياً قدره مائتا دينار. 2- مبلغاً شهرياً قدره عشرين ديناراً لكل ولد من أولاده الأربعة الذين جاءوا معه إلى قرطبة آنذاك وهم: عبد الرحمن وجعفر وعبد الله ويحيى(3- مبلغاً سنوياً قدره ثلاثة آلاف دينار توزع له في الأعياد. 4- ثلاثمائة مد من الحبوب, بحيث يكون ثلثها قمحاً وثلثاها شعيراً 5- عدداً من الدور والمستغلات في قرطبة وبساتينها وعدداً من الضياع, والتي تُقَوّم وارداتها السنوية بأربعين ألف دينار. وقد كتبت هذه المنح والمرتبات كلها في وثيقة رسمية ممهورة بختم الأمير عبد الرحمن.
ابتكارات زرياب وإبداعاته

إن ابتكارات زرياب وإبداعاته لا تعود - كما ادعى - إلى أن الجن كانت تلهمه الألحان والأغاني, وإنما إلى ما كان يتمتع به من قدرات فكرية ومواهب فنية وسمات أخلاقية, وما حظي به في بلاط الأمير عبد الرحمن - الذي كان شاعرا وشغوفا بالآداب والفنون - من رعاية وتكريم وتشجيع. ولم تقتصر ابتكارات زرياب على ميدان الغناء والموسيقى فحسب, وإنما امتدت إلى الحياة الاجتماعية أيضاً.
ومن ابتكارات زرياب في ميدان الغناء والموسيقى,أنه زاد (بعد وصوله إلى الأندلس) أوتار العود الأربعة وتراً خامساً (اختراعاً منه). وترتب على هذا الاختراع, كما يقول أصحاب الاختصاص, دعم كفاءة العود من حيث اللحن وتلوين العزف, وبالتالي أسهم ذلك في التخفيف عن هموم الناس وأحزانهم, ورقق طباعهم وعواطفهم, كما شكل دعوة للشعراء لابتكار أنواع جديدة من الشعر الغنائي كما اخترع زرياب (في الأندلس) مضرب العود من قوادم (ريش) النسر. معتاضاً به عن المضرب الخشبي الذي كان يستخدم سابقاً. (فأبرع في ذلك للطف قشر الريشة وخفته على الأصابع وطول سلامة الوتر على كثرة ملازمته إياه). وصنع زرياب عوده بنفسه (قبل أن يصل إلى قرطبة), ونستطيع أن نكتشف هذه الحقيقة بالعودة إلى الحوار الذي دار بين زرياب نفسه والخليفة هارون الرشيد, حيث نجد أن زرياب يرفض العزف على عود أستاذه إسحاق الموصلي ويقول للخليفة (لي عود نحته بيدي وأرهفته بإحكامي ولا أرتضي غيره..). وعندما سأله عن الفروق بين عوده وعود أستاذه قال زرياب إن وزن عوده يساوي ثلث وزن عود أستاذه, كما أن المادة التي صنعت منها أوتار عوده تختلف عن المواد التي تصنع منها الأوتار الأخرى, فالوتران العلويان صنعهما زرياب من الحرير, والوتران السفليان صنعهما من أمعاء شبل الأسد, وهذا ما اكسب عوده ترنيماً وصفاء أضعاف الأوتار الأخرى, وأكسب أوتاره قدرة على مقاومة تقلبات الأحوال الجوية.4- ومن أعظم مآثر زرياب وابتكاراته أنه أسس معهدا, في قرطبة عام 825م, لتعليم أصول الغناء والموسيقي والعزف وفنون الشعر. ووضع له قواعد القبول ومناهج الدراسة. وقد ساعده في تكوين هذا المعهد, كما يقول (آنخل) في كتابه (تاريخ الفكر الأندلسي): (أبناؤه وبناته وجاريته) (متعة). وكان زرياب يشرف بنفسه على امتحان صوت التلاميذ المتقدمين للدراسة في هذا المعهد. وكان زرياب إذا أراد أن يختبر صوت أحد التلاميذ فيما إذا كان موهوباً أو غير موهوب, يأمره بأن يصيح بأقوى صوته: يا حجّام, أو يصيح :آه, ويمد بها صوته, فإذا سمع صوته بهما صافياً قوياً مؤدياً لا يعتريه غُنّة ولا حبسه ولا ضيق نفس عرف أنه سوف ينجب (أي سيكون مغنياً لامعاً) ويشير بتعليمه, وإن وجده خلاف ذلك أبعده).
وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن معهد زرياب هذا لم يكن حكرا على الطلاب العرب والمسلمين, وإنما كان يستقبل طلاباً من دول أوربية عديدة, مثل فرنسا وألمانيا, كانوا قد وفدوا إلى قرطبة للتعلم فيه, وقد ازدادت أعدادهم تدريجيا, ثم عادوا إلى بلادهم, وقد حملوا معهم من علوم الموسيقى العربية وفنونها وآلاتها ما يُعَدّ الأساس الذي قامت عليه النهضة الفنية في أوربا في مستهل التاريخ الحديث.ويهمنا أن نؤكد على أن هذا المعهد ظل قائماً في قرطبة حتى سقوط الخلافة الأموية في الأندلس عام 422هـ/1031م. 5- لم يقتصر دور زرياب على نقل الموسيقى والأغاني الشرقية من بغداد إلى الأندلس وما تحمله في ثناياها من عناصر فارسية ورومية فحسب, وإنما أحدث ثورة في عالم الغناء والموسيقى بتجديداته وابتكاراته, سواء في الآلات الموسيقية - كما أشرنا- أو في الغناء والتلحين.
ثانياً: من ابتكارات زرياب في ميدان الحياة الاجتماعية
لم تقتصر ثورة زرياب على عالم الموسيقى والغناء فحسب, وإنما امتدت لتشمل الحياة الاجتماعية أيضاً, وذلك بما أدخله من عادات وتقاليد وأنماط حياتية جديدة لا عهد لعرب الأندلس بها من قبل, وكان بعضها يتعلق بالأناقة الشخصية والنظافة, وبعضها الآخر كان يتعلق بالمأكل والمشرب والملبس, هذا بالإضافة إلى ما كان يتعلق منها بآداب المجالسة والمحادثة و(الآداب السلطانية). ولقد أعجب أهل الأندلس أيما إعجاب بكل ما أحدثه زرياب , بل سرعان ما أصبح نمط حياته, نموذجاً للخاصة والعامة على السواء, حيث أخذوا يقلدونه, حتى غدا من تقاليد حضارة عرب الأندلس. ولعل من أهم ما أخذه الأندلسيون عن زرياب في ميدان الحياة الاجتماعية نذكر : تعلم الأندلسيون من زرياب ارتداء ملابس خاصة بكل فصل من فصول السنة, فمثلاً تعلموا ارتداء الملابس البيضاء والقطنية الخفيفة في فصل الصيف, الذي حدده زرياب من الرابع والعشرين من شهر يونيو حتى الأول من شهر أكتوبر, وارتداء الملابس الحريرية والدراريع والملابس الزاهية في فصل الربيع, أما فصل الشتاء فهو فصل الفراء والأردية الثقيلة. وقد ترتب على ذلك كله ازدهار صناعة الملابس في الأندلس بأنواعها المختلفة وتعلم الأندلسيون من زرياب الكثير من أنواع الطعام والحلوى التي لم يكن لهم معرفة بها, فقد أدخل زرياب إلى الأندلس - كما يقول د.حسين مؤنس - كثيراً من أنواع الخضار كالهندباء والكمأة وخلصهم تدريجياً من الأطعمة القديمة وهي العصائد والثرائد. وينسب إلى زرياب - كما يقول الأستاذ أحمد أمين- أنواع من الحلوى مثل (الزلابيا) التي يبدو أنها تحريف عن ( زرياب ). كما أخذ الأندلسيون عن زرياب فن إعداد الموائد وآدابها, واستعمال الملاعق والسكاكين بدلاً من الأيدي والأصابع. هذا فضلاً عن أنهم تعلموا منه استخدام السماط, وهو غطاء من الجلد يمد عادة فوق موائد الطعام الخشبية, بدلاً من الكتان لأنه يمكن إزالة الدسم عنه بيسر وسهولة. أخذ أهل الأندلس عن زرياب استخدام الكئوس الزجاجية الرفيعة, وتخلوا بذلك عن استخدام الأدوات الذهبية والفضية والمعدنية الأخرى. وقد ترتب على ذلك ازدهار صناعة الزجاج في الأندلس. كما تعلم أهل الأندلس من زرياب , الرجال منهم والنساء, طرائق تصفيف شعورهم, فبعد أن كانوا يرسلونه مفروقاً وسط الجبين ومغطياً للصدغين والحاجبين, تعلموا من زرياب وأولاده وبناته تصفيف شعورهم وتقصيرها دون جباههم وإسدالها إلى أصداغهم, بحيث يظهروا الحاجبين والعنق والأذنين. ونقل أهل الأندلس عن زرياب استخدام مادة (المرتك) للتخلص من رائحة العرق, وذلك بعد أن كانوا يستخدمون زهر الريحان لهذا الغرض. كما تعلموا منه استخدام الملح لتنظيف ثيابهم من الدسم وتبييض لونها.
تراث زرياب
لعب أبناء زرياب وبناته وجواريه وتلاميذه دوراً مهماً في توطيد أركان مدرسته ونشر تراثه الفني وتقاليده في المجتمع الأندلسي. فقد كان له ثمانية أولاد وابنتان وهما (عُليّة وحمدونة). وكان جميع أولاده وبناته قد مارسوا صناعة الغناء والموسيقى, وإن اختلف مستوى كل منهم عن الآخر. فمثلاً كان ابنه عبد الله أفضل أبنائه صوتاً وأعلاهم مهارة, ويتلوه ابنه عبد الرحمن, كما كان ابنه قاسم أحذقهم غناءً, وكانت ابنته حمدونة متقدمة في أهل بيتها, محسنة لصناعتها, وقد تزوجت في قرطبة, الوزير هاشم بن عبد العزيز, وكانت متفوقة على أختها علية. ولكن الأخيرة عمّرت بعد أختها حمدونة, ولم يبق من أهل بيتها غيرها وغدت مرجعاً لمتعلمي الغناء. ولكن على الرغم من ذلك كله فمن المؤكد أن أحداً من أولاده لم يبلغ شأو أبيه. كما لعبت جواري زرياب دوراً مهماً في نشر تراثه وتعليم الكثيرات من نساء المجتمع الأندلسي الغناء والألحان والآداب, فمثلاً كانت لديه جارية اسمها (غزلان) وأخرى اسمها (هنيدة) وثالثة اسمها (متعة). وتشير كتب التاريخ إلى أن الجارية (متعة) هذه كانت رائعة الجمال, وقد أدبها زرياب وعلمها أحسن أغانيه حتى شبت, وقد أعجب الأمير عبد الرحمن بجمالها وأغانيها, كما أعجبت (متعة) بدورها بالأمير الأموي, وأعلنت بصراحة تامة أمام جمع من الأدباء إعجابها به عندما غنت أمامه:

يا من يغطي هواه من ذا يغطي النهارا
قد كنت أملك قلبي حتى علقت فطارا
وعندما انكشف أمرها لسيدها زرياب أهداها للأمير فحظيت عنده بمكانة كبيرة.كما تعلم الغناء على أيدي زرياب الكثيرات من جواري كبار رجال الدولة الأموية في الأندلس, مثل الجارية المشهورة باسم (مصابيح) التي كانت جارية الكاتب أبي حفص, والتي كانت غاية في الحسن والنبل وطيب الصوت. ويهمنا أن نؤكد أن أبناء زرياب وجواريه وتلاميذه نجحوا جميعاً في توطيد أركان مدرسته وتعليم الغناء والموسيقى والآداب الاجتماعية لرجال المجتمع الأندلسي ونسائه, فنشأ بعدهم جيل تابع رسالة زرياب الحضارية.
خصوم زرياب
على الرغم من أن زرياب غادر بغداد فراراً من الحاسدين وتهديداتهم له بالقتل, فإن الحظوة التي تمتع بها في البلاط الأموي في قرطبة, واحتضان الأمير عبد الرحمن الثاني له, وما تمتع به من امتيازات مادية وأدبية واجتماعية.. قد خلقت له في قرطبة الكثير من الخصوم والحاسدين, وكان جلهم من الشعراء والمغنين المغمورين, وكان على رأس هؤلاء جميعاً شاعر البلاط يحيى الغزال, الذي لم يرتح لزرياب وهجاه هجاءً مقذعاً, حتى أن بعض المؤرخين تحرج من ذكر هذا الهجاء. فشكاه زرياب إلى الأمير عبد الرحمن, الذي غضب عليه غضباً شديداً ونفاه من الأندلس إلى العراق. والواقع لولا حماية هذا الأمير لزرياب لذهب ضحية هؤلاء الخصوم.فحماية المبدعين ورعايتهم من الشروط الأساسية لازدهار أية حضارة.
ابتكار الموشحات
لقد شكلت ابتكارات زرياب وإبداعاته - الفنية منها والاجتماعية - محطة حاسمة في تاريخ الحضارة العربية في الأندلس, فهو الذي وضع أصول التراث الموسيقي والغنائي الأندلسي, وخلق للموسيقى والموسيقيين مكانة محترمة في المجتمع الأندلسي, وأقام أول معهد لتعليم الموسيقى والغناء في الغرب الإسلامي. وهو الذي ابتكر الأسس الفنية التي بنيت عليها الموشحات الأندلسية. ونقل المجتمع الأندلسي من حياة البداوة إلى حياة الحضارة, فالعادات التي أدخلها غدت مقياساً للحضارة والتقدم, والفنون التي أبدعها نشرت التفاؤل والفرح في حياة الناس. ولم يقتصر انتشار تراث زرياب على الأندلس وحدها وإنما امتد إلى المغرب العربي جنوباً والغرب الأوربي شمالاً.كما ظل هذا التراث الثمين حياً وفاعلاً تتناقله الأجيال, بشكل أو بآخر, حتى سقوط غرناطة بيد الإسبان عام 897هـ/1492 م.
أما تأثير زرياب في الغرب الأوربي فيصعب الإحاطة به في هذه العجالة, ولكن يكفي أن نشير إلى أنه كان أول من أدخل العود ذي الأوتار الخمسة إلى الأندلس, ومنها انتقل إلى بلدان الغرب الأوربي. وظل هذا العود هو الآلة الموسيقية الأساسية في الغرب حتى انتشار بعض الآلات الحديثة, مثل البيانو, في أوائل القرن الثامن عشر. ولا شك في أن الأوربيين أخذوا مع هذا العود الألحان والموسيقى الخاصة به, وابتكروا نوعا من الشعر الغنائي الذي يتناسب معه. كما يُعَد زرياب هو أول من أدخل الموسيقى الدنيوية إلى الغرب الأوربي, بعد أن كانت الموسيقى السائدة فيه, حتى ذلك الوقت, هي الموسيقى الدينية التي تخدم طقوس الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. وفضلاً عن ذلك كله فإن الطلبة الأوربيين الذين تخرجوا في معهد زرياب في قرطبة وعادوا إلى بلادهم, كانوا هم الشعلة التي أضاءت للفن الأوربي طريقه في عصر النهضة. مات زرياب في قرطبة عام 238هـ/ 852م, بعد أن ترك تراثاً, أصيلا, خلاَّقا, عميقا, في الفن والحياة, ولهذا كان من حقه أن يستأثر بصفحات مشرقة في تاريخ الحضارة.


 
 توقيع : متعب الزهراني





يارَبْ سَاعدْني عَلى أن أقول كَلمة الحَقّ في وَجْه الأقويَاء وأن لا أقول البَاطل لأكْسبْ تَصْفيق الضعَفاء وَأن أرَى الناحَية الأخرْى مِنَ الصّوَرة وَلا تتركنْي أتّهِم خصْومي بِأنّهمْ خَونه لأنهّم اخْتلفوا مَعي في الرأي يارَبْ إذا أعطيتني مَالاً فلا تأخذ سَعادتي وإذا أعَطيتني قوّة فلا تأخذ عّقليْ وإذا أعَطيتني نجَاحاً فلا تأخذ تَواضعْي وإذا أعطيتني تواضعاً فلا تأخذ اعتزازي بِكرامتي يارَبْ عَلمّنْي أنْ أحبّ النَاسْ كَما أحبّ نَفسْي وَعَلّمني أنْ أحَاسِبْ نَفسْي كَما أحَاسِبْ النَاسْ وَعَلّمنْي أنْ التسَامح هَو أكْبَر مَراتب القوّة وَأنّ حبّ الانتقام هَو أولْ مَظاهِر الضعْفَ. يارَبْ لا تدعني أصَاب بِالغرور إذا نَجَحْت وَلا باليأس إذا فْشلت بَل ذكّرني دائِـماً أن الفَشَل هَو التجَارب التي تسْـبِق النّجَاح. يارَبْ إذا جَرَّدتني مِن المال فاتركْ لي الأمل وَإذا جَرّدتني مِنَ النجَّاح فاترك لي قوّة العِنَاد حَتّى أتغلب عَلى الفَشل وَإذا جَرّدتني مَن نعْمة الصَّحة فاترك لي نعمة الإيمان. يارَبْ إذا أسَأت إلى الناس فَاعْطِني شجَاعَة الاعتذار وإذا أسَاء لي النَّاس فاعْطِنْي شجَاعَة العَفْوَ وإذا نَسيْتك يَارَبّ أرجو أن لا تنسَـاني مَنْ عَفوِك وَحْلمك فأنت العَظيْم القَـهّار القَادِرْ عَـلى كُـلّ شيء


رد مع اقتباس
[/table1]

رد مع اقتباس
قديم 28/03/2008, 09:22 AM   #4


الصورة الرمزية سطور السنين
سطور السنين âيه ôîًَىà

 عضويتي » 155
 تسجيلي » Jan 2005
 آخر حضور » 27/12/2017 (01:31 PM)
مشآركاتي » 4,360
 نقآطي » 427
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »
افتراضي




اختي الكريمة :
`~'¤!||!¤'~`(( غامديه ))`~'¤!||!¤'~`


اشكرك على موضوعك الهادف
والتعريف بحياة هذه الشخصية الرائعة .
ونتحرى جديدك القادم بكل الشوق
دمت بخير وسعادة

أخوك المحب



 
 توقيع : سطور السنين

[table1="width:70%;background-color:black;border:8px ridge silver;"]

لظروف خااااصة
استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعة
واطلب الجميع " السماح " على كل خطأ أو زلة ارتكبتها في حقهم بدون قصد ..&
مع دعواتي لكم بالخير والسعادة
ولمنتدى رباع بالمزيد من التألق والابداع .
اخوكم ومحبكم في الله
سطور السنين
قديم 29/03/2008, 09:42 AM   #5
شخصية مميزة وعضو شرف منتديات رباع


الصورة الرمزية حلم طفلة
حلم طفلة âيه ôîًَىà

 عضويتي » 8604
 تسجيلي » Feb 2008
 آخر حضور » 17/11/2008 (09:40 PM)
مشآركاتي » 1,670
 نقآطي » 60
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »


اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي السبيَه [ مشاهدة المشاركة ]
تسلمين ياالغامديه على هذا الموضوع الرائع

اشكرك من كل قلبي على المرور


 
 توقيع : حلم طفلة



رد مع اقتباس
قديم 29/03/2008, 09:46 AM   #6
شخصية مميزة وعضو شرف منتديات رباع


الصورة الرمزية حلم طفلة
حلم طفلة âيه ôîًَىà

 عضويتي » 8604
 تسجيلي » Feb 2008
 آخر حضور » 17/11/2008 (09:40 PM)
مشآركاتي » 1,670
 نقآطي » 60
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »


اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة متعب الزهراني [ مشاهدة المشاركة ]
زرياب
هو أبو الحسن علي بن نافع مولى المهدي الخليفة العباسي . لقب بزرياب وهو اسم طير أسود اللون عذب الصوت . نشأ في بغداد وكان تلميذا لإسحق الموصلي ، وحدث أن طلب الخليفة هارون الرشيد من إسحق الموصلي أن يأتيه بمغني جديد يجيد الغناء فأحضر زرياب واستأذن من الخليفة أن يغني فأذن له

شكرا ً لك سيدي
على الاضافة اثريت الموضوع


 
 توقيع : حلم طفلة



رد مع اقتباس
قديم 29/03/2008, 09:56 AM   #7
شخصية مميزة وعضو شرف منتديات رباع


الصورة الرمزية حلم طفلة
حلم طفلة âيه ôîًَىà

 عضويتي » 8604
 تسجيلي » Feb 2008
 آخر حضور » 17/11/2008 (09:40 PM)
مشآركاتي » 1,670
 نقآطي » 60
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »


شكرا ً لك اخي صدق المشاعر
مرورك
يسعدني ان الموضوع حاز على رضاك


 
 توقيع : حلم طفلة



رد مع اقتباس
إضافة رد


(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 :
لا يوجد أعضاء

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية )

انشر مواضيعك بالمواقع العالمية من خلال الضغط على ايقونة النشر الموجودة اعلاه

الساعة الآن 03:42 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة © لأكاديمية العرضة الجنوبية رباع

a.d - i.s.s.w