"مقارنة بين الحجج والمنح"

يوسف الفراج - - 04/02/1427هـ
أكثرت الحديث في هذه الزاوية عن صكوك حجج الاستحكام وليس هذا بغريب فهي تشكل النوع الأشهر والأعقد من نوعي التملك في المملكة, بالإضافة إلى المنح التي توثق في كتابات العدل, كما تتضح أهمية الإكثار من الحديث عنها كونها الأشد غموضا من ناحية التعليمات والإجراءات, يضاف إلى ذلك الصعوبة التي يواجهها غير المختصين في قراءة صكوكها, أما المنح فالتعليمات المتعلقة بها أوضح بكثير كما أن إجراءاتها محددة وموحدة, أما الصكوك فهي نماذج مطبوعة مسبقا أو تستخرج بالحاسب الآلي في بعض كتابات العدل.
من المعلوم أن الحجج تصدر من المحاكم والمنح من كتابات العدل, أما في المحافظات والمراكز التي لا يوجد فيها كتابات عدل, فإن المحاكم تتولى أعمال كتابات العدل ومنها المنح, ومن أهم الفروقات بينهما أن القواعد الفقهية الحاكمة للحجج هي الأحكام المذكورة في كتب الفقهاء في موضوع "إحياء الموات", وبالنسبة للمنح فأحكام الإقطاع, ولاشك أن بينهما اختلاف جذري, ومعرفة ذلك تساعد في تكييف الدعاوى والدفوع في حال صياغة المذكرات أو تقديم البينات.
ومن ذلك ـ أيضا - أن طلب التملك وفقا لأحكام الحجج يتم إعلانه في الصحيفة للعموم بخلاف المنح, كما أن المحكمة لابد أن تكتب لعدد من الجهات الحكومية في الحجج التي قد تصل أحيانا إلى تسع جهات حكومية, أما المنح فهي ترد إلى الدوائر الشرعية من قبل الجهات الحكومية المختصة ابتداء, ومن الفروقات الأساسية بينهما أن الحجج تتطلب شهادة إثبات بخلاف المنح فالشهادة فيها على الإقرار, والمقصود بشهادة الإثبات: أي الشهادة التي تثبت حقا في الماضي أمام القضاء وهي المحتملة للصدق والكذب وتحتاج إلى تعديل, ففي الحجج ـ مثلا - الشاهدان يشهدان على تملك صاحب الطلب للأرض بلا منازع ولا شريك من تاريخ معين ويحددان أطوالها وحدودها وكيفية التملك (إحياء أو شراء أو إرثا), أما شهادة الإقرار فهي على الواقعة التي تكون أمام الموثق سواء كان قاضيا أو كاتب عدل, ولا تتردد بين الصدق والكذب كما لا تحتاج إلى تعديل "تزكية الشهود", ففي المنح ـ مثلا - الشاهدان يشهدان على الإقرارات التي تكون أمام كاتب العدل, وسبق أن ذكرت في مقال سابق أنه لا حاجة إليها ـ في المنح - في الوقت الحالي كون الصكوك توثق من قبل موثقين ـ قاض أو كاتب عدل ـ وفي دوائر شرعية رسمية وهذا كاف في الإثبات وقطع المنازعة.
ولعله من المفيد أن أشير إلى أن الشهادات التي تكون أمام كُتّاب العدل هي من شهادات الإقرار في الغالب فلا تحتاج إلى تعديل, أما الشهادات في المحاكم فالغالب أنها شهادات إثبات فتحتاج إلى تعديل وتعامل بجميع أحكام الشهادة مثل الشهادة في الدعاوى والإعالة وحصر الورثة والحجج وغيرها, وأما إثبات الطلاق والنكاح ونحوها فمن شهادة الإقرار.
ومن أهم المسائل التي ترد إلى المحاكم ولها ارتباط بموضوع الزاوية ما يتعلق بالتعارض بين الحجة والمنحة ووقوعهما على موقع واحد, فهل تقدم الحجة أو المنحة.. حديث مهم يحتاج إلى تفصيل في الأسبوع المقبل ـ إن شاء الله -.

yafarraj@hotmail.com

مشكووووووووور