"اللحاقة" .. ضيف ثقيل يختفي من طقوس الزفاف العسيرية

بسبب التطور وتذمر بعض الأزواج
"اللحاقة" .. ضيف ثقيل يختفي من طقوس الزفاف العسيرية

أبها : نادية الفواز
ظلت اللحاقة جزءا أساسيا في طقوس الزفاف بعسير، و"اللحاقة" لقب يطلق على أم العروس التي تلحق بالعروس في يوم الزفاف، لتعريف ابنتها على أهل الزوج، ومساعدتها على التأقلم مع أجواء الزواج، باعتباره أمرا جديدا على الفتاه التي تخجل عادة من الزوج وأسرته، تقول زينة القحطاني " زوجت ابنتي ولم أذهب معها كما ذهبت معي أمي، وذلك لأن ابنتي تزوجت وهي كبيرة، فالفتيات هذه الأيام يتزوجن كبيرات في العمر، فتكون الفتاة أكثر نضجا ومعرفة بالحياة وكيفية التعامل مع الآخرين".
وأضافت أن بنات هذه الأيام جريئات ولسن بحاجة إلى وجود الأم معهن، فالعروس هذه الأيام تخرج من قاعة الزفاف إلى الفندق، ولا يكون هناك أهمية لوجود الأم، إضافة إلى أنه يتم التعارف بين العروسين مسبقا"، معتبرة ذلك نوعا من التغيير في حياة المجتمع وعاداته.
وتقول أمل القحطاني " يرى العديد من الأزواج في "اللحاقة" عبئا عليهم، لأنها تتبع ابنتها وتشرف على كل خطواتها، كما أن هناك متطلبات خاصة يجب أن تقدم لأم العروس في هذه الليلة من طعام وحسن ضيافة، وعند خروجها للعودة إلى منزلها لابد أن يقدم لها العريس مبلغا من المال، وتقوم اللحاقة عند زيارتها لأهل الزوج بتقديم هدايا أو نقود، وكانت قديما تقدم خبز التنور، وتظل الأم عند ابنتها من ثلاثة أيام إلى أسبوع ، وقد تقوم كل من الخالة والجدة بدور اللحاقة في حالة عدم وجود الأم".
وقالت سلوى بخاري إن هذه العادة موجودة أيضا ضمن طقوس الزفاف في جدة ومكة، حيث يذهب أهل العروس معها في تلك الليلة، ويسمى ذلك "نقليات"، وتقدم لهم وجبة العشاء، ويسمى ذلك "التعتيمه"، ويرحل أهل العروس وتظل أمها وخالتها لحضور الصباحية، وهذه العادة في طريقها للاندثار.
تقول سمراء عسيري "سأزوج ابنتي هذا الصيف، ولن أذهب معها، وكم كنت مسرورة عندما خرجت أمي معي عندما تزوجت، وشعرت حينها أنني في أمان، فهي مصدر راحة بالنسبة للعروس في أول أيام زواجها، حيث توجهها لكيفية التصرف السليم مع أهل الزوج، ويقوم العريس بإهدائها مبلغا من المال أو مقاضي للمنزل أو ذهبا، وذلك يعد أكبر تقدير لأم العروس في هذا اليوم، حيث إنها تكون قلقة على ابنتها، وتحتاج لأن تكون معها لتوجهها ، ولكن التطور حرم اللحاقة من القيام بدورها".
ويضيف عبد الله العدوي القحطاني أن التعليم وتطور وسائل الاتصال والفضائيات والإنترنت أصبحت تقدم للفتيات العديد من المعلومات عن الحياة الزوجية وكيفية التصرف فيها ويرى أن الأم يجب ألا تتدخل في حياة ابنتها، لأن ذلك قد يؤدي إلى مشاكل، وقال إن العديد من الأزواج يرون في وجود الأم مع ابنتها بعد الزفاف عبئا ثقيلا، لتدخل الأم في خصوصيات الزوجين، وقال إنه في وقت من الأوقات كانت الأم تسيطر على الموقف وتتحكم في مواعيد دخول العريس على عروسه، وفي بعض المواقف كانت الحماة تقوم بالإقفال على العروس بمفتاح ولا يدخل العريس عليها إلا بإذنها.
ولذلك يعمل العديد من الأزواج على كسب رضا اللحاقة بتقديم الذهب والهدايا كنوع من الترضية لها، وكأنها بذلك تفرض إتاوة على الزوج، وقال إن وصول الفتيات السعوديات إلى درجة من التعليم والوعي جعلهن أقدر على تسيير أمورهن الحياتية بعيدا عن سيطرة الأم.
ويضيف علي مغاوي (باحث عن تراث منطقة عسير) " في تهامة عسير تسمى اللحاقة المروحة، لأنها تروح مع العروس يوم الزفاف، و"تباعة" لأنها تتبع العروس عندما تخرج من بيتها، ويغنون لها (ياذا الحصن خلفتنا العوافي/ ياسمننا يا عسل يا مصفى)، ولا يتضايق الأزواج من وجود اللحاقة التي تجلس أسبوعا كامل مع العروسين، وبعد الدخلة يخرج الزوج ويقول لها بيض الله وجهك ووجهها، والحماة كأن لها صفة نصرة ابنتها والوقوف بجانبها، والزوج يرحب بها ويقدم لها هدايا ويكرمها إكراما لابنتها.
وتشير عائشة العسيري إلى أنه كان يطلق لقب "حادية" عند أهل عسير على الأم التي تذهب للبقاء مع ابنتها يوم الزفاف، وتأخذ الحادية معها في ذلك اليوم أخت العروس وجدتها وخالاتها وعماتها وبعض الجارات، ويذهبن مع العروس ويسمين "حوادي"، ويستعد أهل العريس لاستقبال الحادية ومن معها بالترحيب وتقديم الوليمة والسمن والعسل والوجبات الشعبية مثل العريكة والبر والسمن والعسل والمصابيع والمبثوثة، ويحتفل أهل الزوج بالضيفات اللواتي يغادرن عند الليل، وتظل الأم مع ابنتها لمدة أسبوع أو أكثر، لكي تشعرها بالأمان، ويقوم الزوج بإكرام الأم، ويدفع لها حسب استطاعته من ألفي ريال إلى عشرة آلاف، ويقوم بذبح وليمة لها عند وداعها، وتقديم مقاض لبيتها "، مشيرة إلى أن شعور الزوج نحو أم العروس يختلف تبعا لتدخلها في علاقته بزوجته وبحياته، وهو في كل الأحوال يحاول إرضاءها إكراما للعروس.