مدن تعشق السهر للكاتب / للاستاذ عبدالله ابراهيم الكعيد صحيفة الرياض

مُدن تعشق السهر

عبد الله إبراهيم الكعيد
أذكر أننا كُنّا منتدبين لأعمال الحج وقت كنت أعمل في جهاز المرور وقبل بدء المهمّة هبطنا أرض جدّة ليوم أو يومين. في صباح اليوم الأول استيقظنا باكراً وكانت رغبة الزملاء تناول طعام الإفطار ومن ثم التوجه إلى مكة لتجهيز أماكن العمل. لففنا المدينة بحثاً عن مطعم يقدم خدمات صباحيّة فلم نجد. قيل أنتم في جدة مدينة السهر والاستيقاظ وقت الضحى. لا أقصد بكلامي هذا مثلبة لعروس البحر الأحمر فالمدن الساحلية الكبيرة وكذا العواصم يسهر أهلها بعكس البلدات والأرياف والمدن الصناعية.
مناسبة حديثي هذا احتفاظي بقصاصة خبر نشرته هذه الجريدة شهر مارس الحالي نقلاً عن صحيفة (الديلي ميل) حول دراسة حديثة أًجريت في بريطانيا أظهرت أن سكان مدينة لندن ينامون أقل عدد من الساعات مقارنة مع نظرائهم في المدن البريطانية الأخرى فأُطلق على مدينة الضباب عاصمة الأرق. تبيّن من الدراسة أن مبيعات العقاقير المُساعدة على النوم قد ارتفعت بنسبة كبيرة نتيجة معاناة الكثير من البريطانيين من قلّة النوم.
الغريب أن البريطانيين رغم حرصهم على الانتظام في العمل وشهرتهم في دقّة المواعيد إلا أنهم أصبحوا يكافحون على نحو متزايد في الذهاب إلى النوم بسبب انتشار ثقافة غرف النوم الاليكترونية جرّاء استخدامهم الهواتف الذكيّة وأجهزة الآي باد في أسرّتهم وقد اعترف واحد من كل خمسة حسب الدراسة أنه ينام لمدة ساعتين فقط ليلة الأحد تحديداً..!
حسناً الآن..
لو أُجريت دراسة مشابهة في مجتمعنا وهي في اعتقادي ضرورية قد تنفع المخططين وأجهزة التعليم والخدمة المدنية وحتى جهاز المرور لتسبب السهر الطويل في الوقوع أو التسبب في حوادث السير. أقول لو أُجريت دراسة عن عدد ساعات نوم الناس هنا وخصوصاً أيام العمل لربما فاجأتنا النتائج بسبب شغف الناس بالسهر الطويل. حتى الصغار والتلاميذ يسهرون ضمن جوقة أهل البيت ويذهبون لمدارسهم وأعينهم نصف مغمّضة. لجأ الناس في بريطانيا إلى العقاقير المساعدة على النوم واعتقد بأننا هنا لسنا بحاجة لها حيث يمكن النوم في فصول الدراسة أو أماكن العمل أو أثناء المشوار في السيارة.
لندن عاصمة للأرق وفي بلادنا عواصم عدّة للسهر رغم عدم وجود أماكن عامة تُغري بذلك واعتقد أن القارئ يفهم ما أرمي إليه. الشاهد أن الناس في معظم المجتمعات تسهر في (الويك إند) أما هنا فكل أيامنا كأنها عطلات يحلو فيها السمر والسهر.. يا كافي.