عادات العيد - بقلم فوزيه الخزمري

بقلم: فوزية الخزمري

عندما تحل بعض المواسم السنوية كحلول شهر رمضان المبارك أو قدوم العيد أو غيرها فقد كان هناك عادات تكاد تكون متساوية لدى القبيلتين.

فعند هلول شهر رمضان المبارك يتم الاستعداد له مسبقاً بإخراج ما يسمى (بالميرة)1
وطحنه وذلك لصُنع وجبتي السحور والإفطار.

وتستخرج أيضاً نوع من الحبوب التي تزرع في الصيف وتحصد في الشتاء وتسمى (الدجر) وذلك لصنع الشوربة على الإفطار وتسمى (شوربة الدجر).

أما بالنسبة للجدول اليومي في العمل فهو يكاد يكون متفقا مع أيام الفطر لأنها لايمكن أن تقوم ببعض الأعمال ليلاً.

في بعض الحالات النادرة يتم تبادل الزيارات مساءً إلا أن المرأة تدخر كل ذلك ليوم العيد حيث يتم مراسمه تعبيراً للفرحة والسرور وتبادل الزيارات.

وتقريباً تعتبر نفس الطريقة المسبقة في إعلان شهر رمضان أو العيد أو دخول السنة أو حلول موسم الحج وذلك بإشعال النيران من قرية لأخرى حسب رؤية الهلال في أحدهما.

أما عند حلول العيد وخاصة عيد الفطر فقد كان الناس ينتظرون هلال العيد يوم التاسع والعشرين من رمضان وذلك برؤية الهلال. وإذا كانت ليلة العيد يعرفون ذلك عن طريق إشعال النار في منطقة ما فيعرفون أنه العيد. وذلك أنه من يرى الهلال يعمل على إشعال النار في رأس جبل ويسمى (مشعال) 2. فمن يشاهده يذهب أصحاب القرية لإشعال مشعالهم لإعلام القرى المجاورة بحلول العيد.

وكان المشعال عبارة عن مجموعة من الحطب والخشب والنبات وغالباً ما يجمع من نبات (العرفج) 3 ويتم جمعه وتكوينه من بداية شهر رمضان ويشترك فيه جميع أفراد العشيرة رجالاً ونساءً ويتم وضعة في أعلى جبل في القرية، ويكون بمثابة الإعلان لحلول العيد من عدمه.

وعندما تكون ليلة العيد ويتم إشعال المشعال تذهب المرأة لعمل خبزة كبيرة جداً، وتكون هذه الخبزة قد أعدت لها العجين مسبقاً وتجهزها في وقت مبكر نوعاً ما، ثم يتم خبزها وبعد النضج تقوم بتكسيرها إلى عدة أجزاء وتطعم منها جيرانها كل بيت لهم كسرة ويسمى هذا العمل (بعيد الأموات) وهذه بدعه ما أنزل الله بها من سلطان.

وكانت المرأة تقوم في تلك الليلة بعمل الحناء وتضعها في أيديها ورجليها حيث كانت تأتي بأوراق العنب أو غيرها من الأوراق لكي تلف به على يديها ورجليها وتخرج حليها الذي كانت تخبأه وتعده لمثل هذه المناسبة وكثيراً ما تردد المرأة ليلة العيد بعض الأبيات الشعرية والقصائد والأهازيج التي كانت تطنب الآذان لسماعها فمثلاً كانت تقول :

يا عيد يا عواد يابو العوايد

لهمتني الحنا ونظم القلايد

وهذه الأبيات أو القصيدة خاصة بعيد الفطر ثم تعد المرأة الثوب الذي تلبسه يوم العيد وغالباً ما يكون هذا الثوب هو ثوبها الوحيد والجديد الذي تخصصه لمثل هذه المناسبات.

وفي صباح العيد يتم الاستيقاظ مبكراً وتعطيل جميع الأعمال لتفرغ للاحتفال بالعيد.

فتقوم المرأة بصنع وجبة الإفطار ويسمى (فطور العيد) ويتجمع جميع أفراد العائلة وقبل ذلك كانت المرأة تعمل خلال شهر رمضان حوضاً من تراب على سطح البيت تزرع به الريحان والبرك وتعتني به خلال الشهر وترعاه بالري والعناية الفائقة به إلى أن ينمو وتحافظ عليه حتى يوم العيد وفي صباح العيد تقطف الريحان والبرك وتقوم بتوزيعه على أهل البيت وعلى جيرانها، حيث تنبعث منه الروائح الزكية، حيث تقوم المرأة وتتزين صباح العيد بلبس الثياب الجديدة وتجمل عينيها بالكحل ويديها ورجليها بالحناء، ويقمن بتبادل الزيارات على جيرانها متبادلين عبارات التهنئة ومنها (عيدكم مبارك) (من العايدين).

ثم تقوم بعد ذلك بإعداد الغداء وتكون كمية الغداء كثيرة جداً لأنها تعدها لأهل البيت ولمن سيأتي إليهم يهنئهم بالعيد.

ويجمعون في بيت غالباً ما يكون في بيت العمدة (عريقة القرية) كل عائلة تجلس على (عيدها) ثم يقومون بالطواف على بقية السفر الأخرى ويكون الاختلاط بينهم رجالاً ونساء وثم يتجمعن النساء في أحد البيوت ويتم إعلان الفرح بضرب الدف أو ما يسمى (باللعب) 4 والقصائد والأهازيج ويكون ذلك من بعد صلاة العصر إلى المغرب.

وهذه العادة قد أبطلت وأصبحن يقمن النساء بتبادل الزيارات على كل بيت حتى ينتهي جميع بيوت أهل القرية.

كان هناك بعض العبارات التي لا تقال إلا عند التجمع على سفرة الغداء حيث يقولون(جعلكم الله من العايدين، الفائزين، الزايدين)

هذه العبارة لا تقال إلا يوم العيد على الغداء فقط.

أما في عيد الأضحى فتتم نفس المراسم و العادات إلا أن الأضحية لا تذبح إلا في العيد.

ويوم عيد الأضحى يرددن النساء

يا عيد يا عواد عود علينا

نذبح لك الخرفان حق علينا

وفي أيام العيد تعاد الزيارات على بعض وذلك بحمل الفلوس هدايا للعيد حيث تأخذ المرأة معها دراهم وتهديها لصديقتها ثم تتركها صديقتها بعد فترة وتعيدها إليها. وتسمى هذه (عيد ومعايدة) ويقلن عندما يذهبن للزيارات عبارة (عاد عيدكم).

وبالرغم من أن بعض هذه المراسم في العيد فيها بعض البدع والخرافات إلا أنهم كانوا يستمتعون بطعم هذه الشعيرة الإسلامية.

أما الآن ... فإن أغلب هذه العادات قد انتهت وإن كان بعضها لا يزال ولكن في النادر في بعض قرى غامد وخاصة القرى التي في بلجرشي وما وراءه والتي لا تزال تحتفظ ببعض العادات وتمارسها حفاظاً عليها وخاصة تبادل الزيارات والجمعة على وجبة الغداء.

حيث يتم ليلة العيد بعض الألعاب النارية التي يمارسها الأطفال.

وأما صباح العيد فإن كل أسرة لهاسفرة خاصة بها ويتم تبادل الزيارات فيما بعد العيد بينهن.

وأما ما يسمى بالمعايدة من الفلوس والهدايا فإنها لا تزال إلا الآن في جميع قرى الباحة غامد وزهران على حد سواء.

وأصبحت المرأة الآن في هذه الآونة تقوم بصنع الحلويات بشتى أنواعها إظهاراً للفرحة والسرور.

هناك بعض القرى يتم فيها تجمع النساء بضرب الدف واللعب وتبادل الحلويات والورود وبعض العادات كما ذكرنا سابقاً لا تزال معمول بها إلى الآن مثل خبزة العيد أو العيش وخاصة في بعض قرى زهران ببني حسن حيث يتم صنع الخبزة والعيش في الصباح ويتم التجمع على ذلك. وهناك عادة التجمع على وجبة الغداء في بعض القرى وخاصة الأقارب ولازالت بعض العبارات المتبادلة قديماً لتهنئة إلى الآن.

هناك بعض العادات التي استحدثت الآن في الأعياد كمواصلة السهر إلى ساعات الصباح الأولى والنوم بعد صلاة العيد والخروج إلى النزهة في الحدائق والمنتزهات والغابات التي تتمتع بها منطقة الباحة ,ذبح الأضحية في عيد الأضحى يوم العيد، حيث كان في السابق كما ذكرنا لا يمكن أن يذبح إلا ثاني العيد.

هناك بعض العادات أبطلت مثل وضع الحناء وتبادل الرياحين واليرك وغيرها، كذلك عيد الأموات الذي هو من أكبر البدع والخرافات وغيرها من العادات

1- الميرة هي الحبوب التي تخزن في البراميل.

2- المشعال : هو عبارة عن إشعال النار بشكل كبير وتستخدم للإعلان عن دخول أو حلول المواسم.

3- العرفيح : نوع من النبات الأخضر ينمو منه أزهار صفراء طيب الرائحة.

1 - هو عبارة عن ضرب الدفوف المصنوعة من جلود الحيوانات يكون ذلك في العيد والزواجات. منقول