آلة سن السكاكين.. تراث يشحذ الذكريات

آلة سن السكاكين.. تراث يشحذ الذكريات



السبت, 11 أبريل 2009


عصام الحيدري - المدينة



شارع العينية وتفرعاته هو السوق الرئيسي، ويكاد يكون الوحيد، بالمدينة المنورة والذي يقتصر على المحلات التجارية التي لا تبعد كثيراً عن المسجد النبوي، بل كان هناك باعة جائلون يحملون بضاعتهم وأدوات رزقهم على ظهورهم ورؤوسهم إما لبيع بعض السلع أو لتقديم خدمات أخرى، ويتجولون في شارع العينية الرئيسي وفي الشوارع الحيوية المجاورة كالساحة والمناخة والعنبرية وغيرها من الأسماء الجميلة التي مازال معظم أهالي طيبة يتذكرونها، ومن هؤلاء المتجولين من يقدم خدمة سن أو شحذ الأدوات الحادة كالسكاكين والسواطير والمقصات وما شابه، وفي الغالب من يقوم بهذه الخدمة الجوالة رجل مسن أبيض البشرة يحمل آلة سن السكاكين على ظهره متجولاً في أزقة وأحياء طيبة الطيبة باحثاً عن الرزق متوكلاً على الله.
اختفت هذه الخدمة الجوالة في عصر التقنية حين طغت الآلة والميكنة والكهرباء على معظم احتياجاتنا اليومية إن لم يكن عليها جميعاً. ولكن محبي اقتناء الأشياء الأثرية مازالوا يحتفظون بهذه التراثيات، ومنهم عبدالمجيد الخريجي الذي التقينا به في متحفه الخاص ليحكي لنا عن آلة سن السكاكين، كما كان أهالي طيبة يسمونها، حيث تتكون من دولاب “عجلة” دوارة كبيرة تتوسط الآلة وتتحرك بالقدم فتحرك معها عجلة أخرى صغيرة عليها حجر التسنين بواسطة سيور متصلة بالعجلة الكبيرة فتدور العجلة الصغيرة ويلف معها حجر التسنين الذي يضع عليه السكاكين أو السواطير وما شابه ليسن أطرافها فتصدر صوتاً وشرراً أحياناً، وبما أن من يقوم بسن السكاكين يحمل كامل عدته وعتاده معه فكان لابد من وجود صندوق وحقيبة جلدية أيضاً بها أدوات تصليح الآلات الحادة وصيانتها فلا يقتصر دوره على سن وشحذ السكاكين وما شابه، بل هو ورشة متحركة لصيانة الأدوات الحادة ليس هذا فحسب بل تجد لديه إيضاً الجديد من هذه الآلات حيث أن بعض الأدوات الحادة قد لاينفع معها الشحذ نظراً لقدمها أو تهالكها، وعلى الرغم من أن ذلك الرجل الكبير في السن الذي يقطع الأميال الطويلة حاملاً آلته على ظهره منادياً لسن السكاكين يترقب من يطلبه فقد كان يتقاضى أجراً زهيداً لقاء سن السكاكين قد لايتعدى في الغالب قرشين أو ثلاثة قروش.
ويضيف الخريجي: كان عمل سن السكاكين يزدهر قبيل الإجازات ومناسبات الأفراح ويزداد الإقبال عليه قبيل عيد الأضحى حيث يتجهز الناس لذبح أضحياتهم وكان أغلب الأهالي في تلك الأيام الخوالي يقومون بذبح أضحياتهم بأنفسم وأمام منازلهم.
ويقول عصام حميد أحد الذين عاصروا تلك الأيام الخوالي إن الطريف في الأمر أن الأهالي قديماً كانوا يخيفون الأطفال من رجل سن السكاكين، وذلك لأن حجر التسنين الدوار يصدر صوتاً مزعجاً وبعض الشرر أيضاً أثناء سن السكاكين فيخيفونهم بأنهم إن لم يقوموا بتقليم أظافرهم فهم سيستدعون رجل سن السكاكين ليقلم لهم أظافرهم بآلته.

عـوافي والله

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

يعطيك العافية