مهندسة سعودية ترصد تطورات المنازل بدءا من بيوت الأحساء الطينية

مهندسة سعودية ترصد تطورات المنازل بدءا من بيوت الأحساء الطينية






يبدو أن المرأة السعودية تعمدت ألا تترك مجال عمل أو بحث إلا وتقتحمه متسلحة بالعلم والخبرة والإصرار، مؤكدة لكل من يهمه الأمر أنها قادرة على القيام بأي مهام وأية وظيفة مثلها مثل الرجل، وإن كلفها الأمر المال والوقت والجهد في عمليات البحث والتقصي للوصول إلى معلومة أو إحصائية قد يستفيد منها المجتمع أو فئة منه.
واختارت المهندسة السعودية مي الجامع مجال بحث نادرا على ما يبدو على السعوديات، وهو مجال تطور تشييد المنازل في المحافظات السعودية، وواصلت فيه إلى أن حصلت على درجة الماجستير في العمارة من جامعة الملك فيصل، بجانب شهادة أخرى في احتراف الرسم بالألوان الزيتية من مركز الفنون.
وترى الجامع أن أسلوب بناء البيوت في المنطقة الشرقية من السعودية شهد خلال الـ 50 عاماً الماضية تطوراً جذريا طال مواد البناء والرسومات الداخلية والخارجية، وكذلك الأساليب المتبعة في عمليات البناء والتشييد، بعد أن كانت المنازل متشابهة إلى حد ما من حيث الحجم والألوان الخارجية والداخلية وشكل النوافذ والمداخل.
وكشفت الجامع الحاصلة على المركز الأول في التصوير الفوتوغرافي من جامعة الملك فيصل، عن فروق بين شكل المنازل في الأحساء عنها في مدينتي الدمام والخبر، وقالت إن البيوت في محافظة الأحساء قديماً، بداية من المساكن التقليدية الطينية ، تأثرت بالحضارتين الهندية والفارسية، ووضح هذا التأثر في اتخاذها أشكالاً هندسية مثل المستطيل والمربع، موضحة أن المسكن الأحسائي في السابق كان مقسماً من الداخل إلى ثلاثة أجزاء، الأول وهو المجلس، والثاني وهو القسم الخاص بالعائلة التي تسكنه، والجزء الثالث كان مخصصاً للخدمات، مشيرة إلى أن المساكن في الدمام والخبر كانت مغايرة بعض الشيء، حيث كانت عبارة عن أكواخ من الجريد وسعف النخيل، إلى أن ظهرت المساكن الحديثة والفلل الفاخرة عام 1950 مع اكتشاف النفط، وظهور فكرة بناء المنزل من دورين وتزيينه بالحدائق الداخلية الخاصة وزيادة عدد النوافذ فيه وتلوين واجهته مع بناء سور يحيطه من جميع الاتجاهات.
واعتبرت عام 1990م بداية نقلة نوعية جديدة وحديثة في تشييد المنازل في المحافظات المختلفة، تركز الاهتمام فيها على المنظرين الخارجي والداخلي للمنزل، وزيادة عدد المداخل، وتكبير حجم النوافذ واستخدام الأعمدة الدائرية كزينة في واجهات المنازل.
وتطرقت المهندسة الجامع إلى تأثير العوامل الاجتماعية والدينية في تصميم المنازل، وقالت إن الشعب السعودي له وضعية خاصة جداً في عقيدته وأسلوب معيشته، تعتمد على الفصل بين النساء والرجال في مناشط الحياة الاجتماعية، ومن هنا كان هناك اهتمام كبير عند تشييد المنازل بإضافة أبواب وحواجز داخلية لا يتعداها الضيف حتى لا يطلع على نساء المنزل، ونجحت هذه الأبواب والحواجز في المحافظة على الخصوصية السعودية.
ولم تنس الباحثة تناول تأثير المرأة السعودية في تصميم المنازل قديماُ وحديثاً، وقالت'' قبل سنوات عدة كان كل اهتمام المرأة في المنزل الذي تسكنه ينصب على مراعاة الخصوصية وفصل أماكن النساء عن أماكن الرجال في حال وجود ضيوف من الجنسين، وتغير هذا الاهتمام، وباتت المرأة تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في المنزل الذي تسكنه، بدءاً من خرائط البناء والتصميم وانتهاءً بالديكورات الداخلية والمظهر الخارجي، لدرجة باتت معها البيوت في المنطقة الواحدة غير متشابهة، نظراً لاختلاف أذواق أصحابها، خاصة النساء منهم''.
وشددت المهندسة مي الجامع في حديثها على ضرورة تحديد ميزانية تشييد المنزل قبل البدء في ذلك، وقالت إن دراسة الجدوى مطلوبة للغاية لمعرفة تكلفة كل خطوة من خطوات البناء، بدءاً من أسعار المواد الخام وأسعار التشطيبات وأتعاب العمالة، وذلك بهدف ألا يتوقف البناء في منتصفه بسبب أزمات مادية طارئة.