النجارة.. مهنة تصارع سيادة الآلة

السبت, 24 يناير 2009


محمد البيضاني - الباحة



«صنعة في اليد أمان من الفقر»، مقولة ترجمها الأجداد والآباء في العديد من المناطق، فقد ازدهرت صناعات النسيج والنجارة وتشكيل المعادن وصياغة الذهب والفضة. واكتفى العديد من الناس في الماضي بالزراعة كمصدر رئيسي لغذائهم وكسائهم وقضاء احتياجاتهم من الأسواق، غير أن طبيعة ومناخ الباحة ساعدا في نشوء العديد من المهن التي سادت ثم باد بعضها، وبقي البعض الآخر يصارع سيادة الآلات الحديثة.
ومن هؤلاء الذين استطاعوا ان يمتهنوا النجارة قديما العم سعد بن سعفة الغامدي من محافظة بلجرشي، والذي كان ينتقل بدبابه الصغير حاملا عدته البسيطة «منشار وقدوم وفأس ومثقب»، من قرية لاخرى للعمل عند الاهالي، نجاراً يصنع «المرانح» مقابل 200ريال فضة قبل ان يفتتح دكاناً صغيراً لممارسة هذه المهنة. ومازال العم سعيد يتقن صناعة «المرازح» التي تستهوى اصحاب المتاحف والمهتمين بالتراث، وهو ما أهله للاشتراك بمهرجان الجنادرية قبل عدة اعوام.
عشق المهنة
العم سعد يتمنى عودة تلك الايام الخوالي، حتى يتمكن من بناء البيوت الشعبية من الطين والجوز مرة اخرى ولم تفلح كل محاولاته مع ابنائه لتعلم هذه المهنة بعد ان اخذتهم الوظائف بعيداً عنها. وبذلك يعد العم سعد أقدم نجار ببلجرشي، عشق المهنة منذ صغره فجرت بدمه حتى انه لم يعد قادراً على تركها بالرغم من كبر سنه.
وما زال يتذكر بداياته الاولى في تعلم النجارة بعد مغادرته الديرة عام 1350هـ الى مكة المكرمة على يد احد المعلمين واسمه بخش براتب بسيط قدره 10 ريالات فضة، حيث اتقن عمل دواليب الزواج أو ما كان يعرف في ذلك الوقت بـ«السحارية» الا ان اجمل ذكرياته هي ايام عمله بأرامكو كما يقول، عندما اختاره شخص يدعى «السويغ» وتسجيله نجاراً بارامكو بمنطقة بقيق براتب 5 ريالات، حيث ما زال يحفط رقمه الوظيفي ويردده بالانجليزية مع بضع كلمات تعلمها اثناء عمله هناك قبل ان يستقر في بلجرشي.
مصنوعات شهيرة
واشار بن سعفه الى ان من أهم مصنوعات النجارة أبواب المنازل والاحواش التي يطلق عليها اسم «المصاريع» لكبر حجمها، كذلك «البداية» أو الشبّاك، وجميعها تزخرف بأنواع النقوش الجميلة، وتطلى بمادة القار للحماية والتزيين. ومن أعمال النجارة قتّابة الجمل «الخي» والمناقل، التي كانت تستخدم لنقل الزرع على الدابة، وعود الحرث والمقاصب التي تسوى الغرض على شكل أحواض. وهناك السُهمان والمحّالة والدارجة و«عراقي الغرب» الذي يستخرجون به الماء من الآبار بواسطة الثيران، كذلك عمل نبعان البير التي تعلو الفوهة، وكانوا يصنعون أسرة النوم وكرسي الجلوس الذي كان شرطا للعروس عند الزواج ويسميه البعض «المقعد» إلى جانب أدوات أخرى صغيرة الحجم ذات استخدامات متعددة الأغراض ومن اشهر من احترف النجارة المكارم.ويضيف العم سعد إننا نستفيد من هذه الأخشاب في صنع بعض الأواني المنزلية التي تستخدم في الأكل والشرب ومنها الصحاف المتنوعة الأحجام وتطلى بمادة القطران هذه المادة التي تحفظها من التآكل وتبقي رائحتها ثابتة ونبذل الجهد الكبير من أجل نحت هذه الأواني فقد تأخذ الصحفة الواحدة من الوقت نصف اليوم إلى يوم بحسب حجمها، وأتمنى أن تتطور ويصبح لدينا آلات تغنينا عن النحت بأيدينا التي أثر فيها كبر السن والاجهاد طوال هذه السنين.

صحيفة المدينة

تسـلم اخي

مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .