صدق الله العظيم! **انيس منصور

صدق الله العظيم!

هذه عادة في الريف المصري. فعندما يكمل الطفل حفظ القرآن الكريم. يجيء عدد من المشايخ من حفظة القرآن الكريم يمتحنون الطفل. فيختارون آية من سورة البقرة وآية من سورة التغابن أو الصافات أو الجن.. وعلى الطفل أن يستعين بالله ويكمل السورة.. حتى نهايتها أو بعضها.. فإذا نجح قام المشايخ وباركوه وهنأوا والده على هذه النعمة العظيمة والبركة..

أما صورتي: فطفل في العاشرة وقد حفظ القرآن الكريم في كتاب الشيخ/ سيد بقربة (نوب طريف) مركز السنبلاوين.. دقهلية. وقد ارتديت الجلباب الأبيض والطاقية البيضاء وجزمة جديدة. وقد أيقظتني أمي في ساعة مبكرة وطلبت مني أن أصلي ركعتين شكرا لله. وصلت أمي إلى جواري وطلبت من الله أن يحقق آمالي ويحقق آمالها هي أيضا. ثم دست في يدي قطعة من سكر النبات حتى يجعل الله أيامي كلها حلوة..

أما أبي فقد دعاني إلى أن أشرب الشاي بالنعناع كما يفعل كل يوم ثم أسمعني أبياتا من البردة النبوية. وطلب مني أن أرددها وراءه. وقبلني وتمنى لي كل ما يرضيه في الدنيا والآخرة..

وفهمت من الخادمة أنهم سيذبحون خروفا وأن هذا الخروف هدية من عز الدين بك يكن صاحب الأرض التي يعمل أبي مفتشا عليها.. ثم خروفا آخر بعثت به السيدة نعمت هانم يكن وخروفا ثالثا من العمدة وأوزا وبطا من أناس كثيرين..

ولا أعرف ما سوف يحدث. ولكن كل الناس ينظرون لي نظرات خاصة ويدعون لي بالبركة. ولكن أحدا لم يقل إن هناك امتحانا.. وإن المشايخ لا يجاملون.. ثم نودي علي وذهبت ولا أتبين وجوههم بوضوح.. وأجلسوني وسطهم.. وكنت مضطربا. وحاول أبي أن يهدئ الطفل الصغير.. وهدأت. وتوالت الأسئلة. واستعذت بالله وقرأت. وباركوني..

ولا بد أن يكون الإرهاق والاضطراب والخوف قد اكتسحني فطلبت من أمي أن أنام. واندهشت ولكن كانت سعادتها عامرة عندما قال المشايخ إنني نجحت. وحفظت القرآن الكريم. وأشارت أمي إلى الفراش وسحبت الغطاء ونمت حتى صباح اليوم التالي. أما ما حدث في بيتنا من ضحك ووليمة جمعت عددا كبيرا.. فقد سمعت به ولم أره..




التعليــقــــات
عماد الفلاح، «المملكة المغربية»، 31/03/2007
مند بداية الكتابة عن قصصكم مع عالم التعليم العتيق لاحظت شبه تلازم عميق بين الغرب والشرق الاسلامي سواء من حيث الصرامة او ضرورة الحفظ ومكانة سيدنا في المجتمع. فبالطبع حفظ القرآن هو نهاية شقاء الأم والطفل وسعادة اب بابنه وقد حفظ الذكر الحكيم مما يزيد من مكانته داخل وسطه القروي. وفعلا لا يعرف قيمة تلك اللحظات الا من عاشها وكم اتمنى ان يعيش ابناؤنا نفس الاجواء حفاظا على هذا الموروث العظيم.

د.م / مصطفى غريب، «المملكة المتحدة»، 31/03/2007
تقاليد جميلة تحمل سمات فطرية إيمانية تجل كل ما يتعلق بالدين الإسلامي، وحفظة القرآن الكريم، الذي ينظر إليهم بكل التقدير ونحسبهم على الخير، أشكر الأستاذ أنيس على اللوحة الجميلة التي رسمها بقلمه لطفل مصري أتم حفظ القرآن في سن العاشرة اسمه أنيس منصور ومثله آلاف والحمد لله في بلدي الكريم مصر.

محمد نور - مصري - السعودية - جدة، «سويسرا»، 31/03/2007
حفظك الله وحفظنا وبارك الله فيك وبارك فينا ... فحفظ القرآن الكريم بركة من الله سبحانه وتعالى وقراءة ما تيسر منها لمن لم يستطع نعمة من الله عز وجل ولكن سؤالي استاذي انيس هو الا زلت حافظا للقرآن الكريم وهل قمت بالكتابة عنها كما كتبت وهل وجهت وعلمت احدا عن اصول حفظ القرآن الكريم. فبارك الله في من تعلم القرآن وعلمه. وبارك الله فيك منذ ان ولدتك امك مرورا بأبن العاشرة حافظ القرآن الكريم الى أن تلقى الله بنفس مطمئنة باذن الله تعالى.

خالد رحمة جبارة، «المملكة العربية السعودية»، 31/03/2007
لقد سبق وأن طلبت من الكاتب أن يستغل ما حباه الله به من مقدرات خارقة في الكتابة والشرح والوصف ويقوم بتأليف كتاب للمسلمين يشرح فيه آيات الذكر الحكيم الذي شرفه الله بحفظه لكتابه الكريم وهو في تلك السن اليافعة. هذا إذا كان لا يزال يحفظه بالطبع مع كثرة أسفاره وذكرياته التي يحكي لنا عنها بلاحدود بل أحيانا نراه يسرد فيها ما لا يتفق مع - شخص حافظ لكتاب الله - ثم يتبخر ويذهب كل ذلك مع الريح عندما يتغزل لنا أحيانا- بالدلوعة- الفنانة نانسي عجرم أو غيرها من الشقراوات الجميلات اللواتي صادفهن وصادقهن عبر مسيرة رحلاته الطويلة والمثيرة أيضا.

علي راضي أبو زريق، «الاردن»، 31/03/2007
كانت هذه تقاليد نهاية حقبة من تاريخ الأمة. وكانت صالحة لزمن طويل. ولكنها لم تعد كذلك. والحمد لله أنها انتهت لمرحلة لم تستقر بعد . مرحلة الإنسان الذي لا يجبر على شيء ولا يلقن أو يُحًفّظ بل يختار ويتصرف بإرادة واعية بين النجدين اللذين أُلهمهما. وذكرتني مقالة صدق الله العظيم. (وهي العبارة التي نطلقها لنقصد بها اختتام عمل) بالقصة التالية: كنت في عام 1962 طالباً في المرحلة الثانوية في مدينتي نابلس.واحتجت أن أزور مكتباً مجاوراً لمصفف شعر نساء كان يديره شاب ليس بعربي ولا مسلم ولا مسيحي. ومع وصولي خرجت من محله سيدة تجاوزت الستين وقد صفف شعرها الأشيب بطريقة جميلة. فلفت انتباهي عمرها. وللعلم فإن نساء نابلس كن جميعا يغطين وجوههن حتى عام 1948. ثم لجأ للمدينة أهل الساحل وكانت نساؤهم يظهرن في الشوارع سافرات. فظننت أن تلك المرأة منهن . فدفعني الفضول لأسال عنها فإذا بها نابلسية الأصل والتربية. فقلت لمحدثي أي أن هذه المرأة كانت تغطي وجهها حتى تجاوزت الثلاثين. وأن احتشامها كان تقليداً ولم يكن خلقاً أصيلاً.فأبى الله إلا أن يحرمها ما لا تستحق.وكذلك هي سنة الحياة.

يحيي صابر شريف _ مصري، «المملكة العربية السعودية»، 31/03/2007
استاذنا الجليل لاشك ان حفظكم للقرآن الكريم ساعدكم في تقوية لغتكم وكذلك مخارج الألفاظ فهذه نعمة من نعم الله عز وجل وكبار الكتاب في مصر كانت بدايتهم حفظ كتاب الله عز وجل وهناك مقولة للشيخ الشعراوي رحمه الله بأن كلام الله وكلام الشيطان لا يجتمعان في صدر المؤمن ولا شك ان قراءاتك وعلمك الذي تلخصه لنا في مقالاتكم الرشيقة تدل على ذلك حفظك الله ومتعك بالصحة والعافية.

وليد ابو يوسف، «المملكة العربية السعودية»، 31/03/2007
عزيزي منصور اتمنى ان يعود نظام الكتاب السائد في الماضي صحيح أني مش كبير اوي في السن لكن رايت وجربت طريقة الكتاب في الدراسة وكيف كان الطلاب يحترمون المدرس او الشيخ ويجلونه ويوقرونه بشكل كبير جدا ولننظر جميعا الى ماآل اليه التعليم الان من فوضى وعدم احترام للمدرس او حتى احترام المدرس للطالب يارب ارحمنا.

جيولوجي/محمد شاكر محمد صالح، «المملكة العربية السعودية»، 31/03/2007
استاذ انيس اعتقد ان البداية السليمة التي بدأت بها حياتك كان لها الأثر الأكبر في نجاحك في كثير من مجالات الحياة فحفظك للقرآن في سن صغيرة نمى فيك موهبة التحدث بطلاقة وايضا بفصاحة وبحصافة وذلك واضح في كتاباتك واحتكاكك مع كثير من وجهاء السياسة والمناصب في مصر ومن ثم الدول العربية.

tada abdelhak españa، «اسبانيا»، 31/03/2007
لماذا لاتواصلون سيدي هذه الرحلة الفكرية, بدايتها هذه المحطة الهامة من براءة التلقي والأخد, دون حضور الشك والسؤال, الدهشة والحيرة. تلك السحابة السوداء الثقيلة التي سيمتطي عربتها المبدع أنيس وهويودع قرية طفولته. أكيد عين الرجل قد تغير ماؤها, ونحن في حاجة إلى إرواء عطشنا وبرغبة وعشق في المزيد من حكي الرأس والأقدام. ومتى بدأت علاقة الرجل بالغربال؟ ما الذي سقط من الثقوب الدقيقة؟ ما ينفعه وينفع الناس؟ وماالذي كان مصيره التجاهل والنسيان؟

د مصطفى عبداللطيف الشريف، «مصر»، 31/03/2007
ماشاء الله ياأستاذ أنيس ويالروعة الزمن الجميل الذي يقدرالقرآن وحفظته ورحم الله والديك وجعل الله ماحملت من نور في صدرك في ميزان حسناتهما ونورالله قبرهما ولشد مايؤلمني أن أرى طبيبا أوإنسانا جامعي يتحدث عبرالتليفزيون فيتشهد بآية على أنها حديث أوالعكس ولايجد من يصحح له.

رنا حسام، «مصر»، 31/03/2007
فيما يبدو أنها كانت أفضل سبل التعليم على الإطلاق لاخراج مبدعين مثلك و مثل المبدع طه حسين حيث ذكرني مقالك بجزء من كتاب الأيام. ليت جيل اليوم يخرج واحد على الأقل مثلكم.

رضا ابراهيم القاضى، «مصر»، 31/03/2007
بارك الله لك وحفظك بما حفظت.

عثمان علي، «المملكة العربية السعودية»، 31/03/2007
لماذا النقد دائماً غير مرض، اليس من الاحرى ان نتقبله كما نتقبل المديح.

أميرة سميكة، «مصر»، 31/03/2007
أعزك الله أستاذى الجليل وأعلى قدرك وجعلك في عينيك صغيرا وفي أعين الناس كبيرا وجعلك قرآنا يمشي على الأرض..آمين.. وكل عام وأنت وقراؤك الأعزاء بألف خير.

محمد طايل المنوفية، «مصر»، 31/03/2007
شجرة طيبة نبتت في ارض طيبة واثمرت بحق خيرات تنفع الناس ولاشك ان الاستاذ انيس علامة مضيئة في تاريخ الادب العربي انه ثمرة القرآن الكريم.