إهداءات |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
هدية لجميع الإخوة والأخوات الطلاب والطالبات .. بحث عن الشيخ - بن باز
P جامعة القاهرة كلية دار العلوم قسم الفلسفة الإسلامية بحث بعنوان : " الشيخ الإمام / عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- وتأثيره الفكري على العالم الإسلامي " بحث أعمال السنة مقدم من الطالب / موسى بن محمد بن هجاد الزهراني للسنة التمهيدية للماجستير بقسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم تحت إشراف / الأستاذ الدكتور / عبد الحميد مدكور 2003-2004م المقدمة إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله# .. أما بعد : فإن وظيفة العلم أشرف الأعمال قدراً ، وأسماها منزلة ، وأرحبها أفقاً ، وأثقلها تبعة ، وأوثقها عهداً وأعظمها عند الله أجراً . وإن العلماء هم وَّرثةَُ الأنبياء ، الآخذون بأهم تكاليف النبوة ، وهي الدعوة إلى الله تعالى ، وتوجيه خلقه إليه ، وتزكيتهم بالعلم ، وترويضهم على الحق ، حتى يفهموه ويقبلوه ، ويعملوا به ، ويعملوا له . هذا وإن سير العلماء العظماء من الرجال ، لمن أعظم ما يبعث الهمة ، ويقدح زندها ، ويزكي أوراها ، ذلك أن حياة أولئك تتمثل أمام الباحث أو القارئ ، وتوحي إليهما بالإقتداء بهم ، والسير على منوالهم . وكثيراً ما دفع الناس إلى العمل الجليل حكاية قرؤوها عن رجل عظيم أو حادثة رويت عنه . والحديث في هذا البحث سيتناول جوانب من آراء الإمام العلامة القدوة الشيخ الوالد / عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله – وتأثيرها على العالم الإسلامي. ولا غرابة في طرق موضوع كهذا ، وذلك لأن الشيخ رحمه الله عليه بحرٌ خضمٌ ، وطود شامخ أشّم ، وقد بَعُد صيتُه ، وتناهى فضله ، وكمل سؤدده ، فلا عجب أن يكون لآرائه الفكرية المتنوعة تأثيرها الواسع على كل من تبلغه ، وهي بذلك تستحق الدراسة والتأمل وأخذ العبر والفوائد منها . وقد قسمت هذا البحث إلى مقدمة وتمهيد و أربعة فصول وخاتمة: الفصل الأول : وفيه خمسة مباحث . المبحث الأول : واستعرضت فيه ترجمة للعلامة الشيخ / ابن باز. المبحث الثاني : وذكرت فيه طلبه للعلم ودراسته وتحصيله . المبحث الثالث : وتكلمت في عن شيوخه الذين تلقى العلم على يديهم . المبحث الرابع : في أعماله ومناصبه ومؤلفاته . المبحث الخامس : عن وفاته رحمه الله . الفصل الثاني : وتحدثت فيه عن الظروف البيئية التي كان لها تأثير على فكر الشيخ ، ومن ذلك البيئية السياسية ، والبيئة الفكرية والثقافية . الفصل الثالث : ذكرت فيه أبرز آراء الشيخ العقدية . الفصل الرابع : وفيه أربعة مباحث : المبحث الأول : وفيه أهم آراء الشيخ الفكرية . المبحث الثاني : وفيه الجهود الفكرية الأخرى للشيخ . المبحث الثالث : وفيه الردود والتعقبات الصادرة من الشيخ . الخاتمة : وتتضمن أهم نتائج البحث . وأسال الله تعالى أن يوفقني للصواب وأن يجعل ما قمت به خالصاً لوجهه الكريم ، وأن يجزي الأستاذ الدكتور / عبدالحميد مدكور خير الجزاء على تشجيعه لنا في طرح مثل هذه المواضيع القيمة ، وأن يرحم الشيخ ابن باز رحمة رحمة واسعة إنه على كل شيء قدير . تمهيد الناس بلا علماء هم جُهال ، تـتخطفـهـم شياطين الإنـس والجـن من كل حدب وصوب ، وتعصف بهم الضلالات والأهواء من كل جانب ومن هنا كان العلماء من نعم الله - تعالى - على أهل الأرض فهم مصابيح الدُّجى ، وأئمة الهدى ، وحجة الله في أرضه ، بهم تُمحق الضلالة من الأفكار وتنقشع غيوم الشك من القلوب والنفوس ، فـهـم غيظ الشيطان وركيزة الإيمـان وقـوام الأمـة... وهم ورثة الأنبياء ؛ قال عليه الصلاة والـسلام: "... وإن العـالـم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سـائـر الـكـواكـب ، إن الـعـلـمـاء ورثة الأنبياء". كل هذا الفضل للعلماء العاملين ، الجريئين في الحق ، المحبين للخير ، الآمرين بالمعروف ، الناهين عن المنكر ، المحاسبين للحكام ، الناصحين لهم ، والسـاهـريـن على مصالح المسلمين ، المهتمين بأمور الأمة ، المتحملين كل أذى ومشقة في هذا السبيل. نعم ، كل ذاك الإكرام للعلماء الـذيـن يحــرسـون الإسلام الأمـنـاء على دين الله الداعين الحكام إلى تطبيقه بلسان صدق وجَنان ثابت[1]. الفصلالأول المبحث الأول ترجمة الإمام العلامة عبد العزيز بن باز هو سماحة الشيخ الأمام العلامة المجدد / عبد العزيز بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز . ولد في الرياض في ذي الحجة سنة 1330 هـ ، وكان بصيراً في أول طلبه للعلم – كما يقول عن نفسه - . ويقول : ثم أصابني المرض في عيني عام 1346 هـ فضعف بصري بسبب ذلك ثم ذهب بالكلية في مستهل محرم من عام 1350 هـ والحمد لله على ذلك ، وأسأل الله – جل وعلا – أن يعوضني البصيرة في الدنيا ، والجزاء الحسن في الآخرة ، كما وعد بذلك – سبحانه – على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، كما أساله سبحانه أن يجعل العاقبة حميدة في الدنيا والآخرة [2] المبحث الثاني طلبه العلم ودراسته . قال رحمه الله :- وقد بدأت الدراسة منذ الصغر فحفظت القرآن الكريم قبل البلوغ على يد الشيخ / عبد الله بن مفيريج - رحمه الله – ثم بدأت في تلقى العلوم الشرعية والعربية على أيدي كثير من علماء الرياض(2) . ولم ينقطع عن طلب العلم حتى توفي رحمة الله عليه ، حيث لازم البحث والتدريس ليل نهار ، ولم تشغله المناصب عن ذلك ، مما جعله يزداد بصيرة ورسوخاً في كثير من العلوم ، وقد عني عناية خاصة بالحديث وعلومه حتى أصبح حكمه على الحديث من حيث الصحة والضعف محل اعتبار ، وهي درجة قلّ أن يبلغها أحد ، خاصة في هذا العصر وظهر أثر ذلك على كتاباته وفتواه حيث كان يتخير من الأقوال ما يسنده الدليل . المبحث الثالث شيوخه تلقى الشيخ العلوم على أيدي كثير من العلماء ومن أبرزهم : 1- الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله. 2- الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب - قاضي الرياض – رحمهم الله . 3- الشيخ سعد بن حمد بن عتيق – رحمه الله – قاضي الرياض . 4- الشيخ حمد بن فارس وكيل بيت المال بالرياض – رحمه الله . 5- الشيخ سعد بن وقاص البخاري من علماء مكة المكرمة أخذ عنه علم التجويد في عام 1355 هـ ، حيث كان يتردد عليه في "دكانه" مدة شهرين ، يأخذ عنه علم التجويد . 6- سماحة الشيخ / محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل شيخ – رحمه الله – وقد لزم حلقاته صباحاً ومساءً ، وحضر كل ما يقرأ عليه ، ثم قرأ عليه جميع المواد التي درسها في الحديث والعقيدة ، والفقه ، والنحو ، والفرائض ، وقرأ عليه شيئاً كثيراً في التفسير ، والتاريخ ، والسيرة النبوية نحواً من عشر سنوات وتلقى عنه جميع العلوم الشرعية ابتداءً من سنة 1347 هـ إلى سنة 1357 هـ حيث رشحه سماحته للقضاء(3) المبحث الرابع أعماله ومناصبه ومؤلفاته أعماله ومناصبه : تولى الشيخ رحمه الله تعالى كثيراً من الأعمال التي كان لها تأثير بالغ في إيصال علم الشيخ للناس في أنحاء المعمورة ، منها على سبيل الإيجاز : 1- القضاء في مدينة الدلم عام 1357 هـ إلى 1371 هـ . 2- التدريس في المعهد العلمي في الرياض ثم كلية الشريعة إلى عام 1381 هـ . 3- نائب رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1381 هـ . 4- رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية عام 1390 هـ. 5- رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برتبة وزير عام 1395 هـ. 6- صدر الأمر السامي في عام 1414 هـ بتعيينه مفتياً عاماً للمملكة ورئيساً لهيئة كبار العلماء ، ورئيساً للجنة الدائمة ، ورئيساً لرابطة العالم الإسلامي . 7- رئيس دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة . إلى غير ذلك من الأعمال الكثيرة التي تولاها سماحة الشيخ رحمه الله . مؤلفاته: وله من المؤلفات ما يقارب (42) مؤلفاً في جوانب متعددة في العقيدة والفقه والفكر والحديث والبرامج الصوتية والمرئية والشروحات والتعليقات(4) المبحث الخامس وفاته رحمه الله . توفى رحمه الله تعالى في فجر يوم الخميس السابع والعشرين من شهر محرم لعام عشرين وأربعمائة وألف من الهجرة بمدينة الطائف ، وصُلي عليه يوم الجمعة بالمسجد الحرام ، ودفن بمقبرة العدل بمكة المكرمة رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته(5). وقد كان لوفاته صدى وزلزال زلزل أفئدة محبيه بل ومعارضيه في العالم أجمع لما كان يتمتع به من حسن الخلق العظيم والصبر على أراء المخالفين ، ما لم تكن تمس جانب التوحيد والعقيدة ، وقد رثي رحمه الله بمقالات وقصائد كثيرة . وقد رثيته بقصيدة طويلة نشرت في خمس صحفٍ ، ومجلاتٍ سعودية جاء فيها :- تكاد منه ظهور الخلق تنقصمُ ولا أن هذا القلب فيه دمُ في القلب حسرة عمرِ ملؤها الظلم من يسمح الرأس من يحنو ويبتسم من بعده ، أم إلى التوحيد نحتكم لراحة الناس حـتى هدك الهرم معالم الخير هذا الهم واليتم سرب الشياطين عن جاءته تصطدم خطبٌ دهى القلب حتى استـعبر القلمُ واستعجم النطق حتى ما كأن دمي دمي، غروبُ شمسك يا بن الباز أورثنـا نحن اليتامى فمن يأتي ليكفلنا مـات ابن بـازٍ فهل ماتت ضمائرنا أفنيت عمرك يا بن الباز في شغلٍ ياوالدي مت في وقتٍ تذوب به قد كنت يا والدي سداً لشرعتنا إلى آخرها وهي طويلة(6) . الفصل الثاني الظروف البيئية المؤثرة في فكر الشيخ ابن باز . إن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمة الله عليه – بحكم شخصيته ، وتخصصه ومجال نبوغه ، وريادته ، يرتبط بشكل وثيق بالبيئة السياسية التي أتاحت له فرص النبوغ في المجال ، والبيئة الثقافية التي تربى فيها ومارس دوره في الجهاد والاجتهاد الفكرية ، والبيئة التعليمية التي تلقى فيها علوم الشرع ومارس فيها دور التوجيه والتربية للأجيال الأخرى . لذلك فإنه من الضروري تناول البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية ، والتعليمية في المملكة العربية السعودية ، مدى تأثيرها على سماحته وعلى بناء مختلف جوانب شخصيته(20) ونحن هنا في المباحث الآتية إن شاء الله تعالى سنحاول التعرف على الظروف التي أثرت فكرياً في شخصية الشيخ رحمة الله عليه ثم أبرز الآراء الفكرية التي كان لها التأثيرعلى العالم الإسلامي . البيئة السياسية كان الشيخ رحمه الله قد بلغ سنَّ الرشد عندما وحدّ الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – غفر الله له – المملكة العربية السعودية في منتصف عام 1352 هـ . وكان سن الشيخ وقتذاك 21 عاماً تماماً ، ومعنى هذا أن سماحته قد عاصر فترة الجهاد الكبرى من أجل توحيد المملكة ، في دولة قوية تجتمع على كلمة التوحيد خلف راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله" .. عاصر تلك الحقبة صبياً ويافعاً ثم رجلاَ. وعندما بدأ حياته العملية تقريباَ ، كانت قد أرسيت قواعد بناء هذا الكيان الكبير الذي شهد وضع لبناته الأولى. هذه الخلفية المبكرة من حياة "ابن باز" رحمة الله عليه كان لها وبكل تأكيد آثارها البالغة على تكوينه الفكري وبناء شخصيته بوجه عام ، فقد شهد في الواقع العملي – حيث ولد وعاش في الرياض – صراعاً بين الحق والباطل ، بين الدعوة إلى الوحدة والتمسك بكتاب الله ، وبين أوضاع التمزق والتشتت والتنافس ، وصراعات النفوذ بين إمارات شاعت بينها الفوضى ، والخرافات والأباطيل وابتعد بعضها بوضوح عن أسس دين الله الحنيف. وخلاصة تأثير هذه التغيرات السياسية على فكر الشيخ رحمه الله ما يلي :- أولاً :- إن النظام (السياسي الجديد) يستند في أسسه وتكوينه وشرعيته على الشريعة الإسلامية ، ومبادئها المستمدة من كتاب الله وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم لذلك لم يكن للمملكة دستور وضعي ، وإنما اكتفت بالقرآن الكريم والسنة النبوية مصدرين أساسيين للتشريع ... وهذا الأمر ضاعف من مهمة العلماء في سياسة الدولة حيث تولوا استنباط الأحكام التفصيلية للحكم والإدارة من القرآن الكريم والسنة النبوية تبعاً لما يعرض من مشكلات ومتطلبات لتسيير أمور الدولة .. ثانياً :- بما أن الشيخ رحمه الله قضى جُزءاً كبيراً من حياته العملية في تولى مناصب قضائية (في منطقة الخرج من 1357- 1371هـ) وشأنه في ذلك شأن العلماء في المملكة ، وبما أن النظام السياسي في المملكة أعلى من قيمة السلطة القضائية ومنحها استقلالاَ كبيراًَ في مواجهة السلطات الأخرى للبلاد ، حيث جاء في نظام القضاء في مادته الأولى أن " القضاة مستقلون ، لا سلطان عليهم في قضائهم غير أحكام الشريعة والأنظمة المرعية(20) فقد كان لذلك أبلغ تأثير على صقل شخصيته ابن باز الفكرية ومدَّها بالاستقلالية ، وقد أتاح له هذا الاستقلال في القضاء كل الفرص لترسيخ شرع الله تعالى دون أي رقيب أو قيد سوى ضمير هذا الشيخ الفذ ، ونصوص شريعة الله تعالى ، بحيث أصبحت أحكام المحاكم السعودية مرجعاً رائداً في تطبيق شرع الله في كل شؤون الحياة ، وما يستجد من قضايا ومشكلات(21) ثالثاً : في الإطار السياسي العام في المملكة فإن هناك مكانة رفيعة للعلماء في جوانب مختلفة من الحكم والإدارة ... فلذا كانت الفتاوى الصادرة من العلماء ، هي القول الفصل في كل ما يعرض على المجتمع من مشكلات وأمور اجتماعية واقتصادية وثقافية وغيرها .. وليس هناك معقب على أراء العلماء وأحكامهم طالما استندت إلى الأدلة الراسخة من القرآن والسنة(25). أما تأثير البيئة الاجتماعية والاقتصادية على الشيخ فيعرف من خلال الأحداث السياسية التي غيرت وجه المجتمع السعودي – البدوي – الذي كان بعيداً كل البعد عن مقومات الحضارة المادية والاقتصادية او حتى التعليمية والثقافية ، فجاء الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله ووحد الجزيرة ووضع اللبنات الأولى لمقومات الحضارة المنشودة . والأهم من ذلك .. هو : تأثير البيئة الفكرية والثقافية :- قال أحد المؤرخين العرب :- إن تاريخ العرب الحديث في الجزيرة يبدأ حقيقة عندما شاركت قوة الدين سلطة الحكم. إذن فالأساس الفكري الذي أقيمت عليه المملكة العربية السعودية يتلخص في كلمة واحدة هي "العقيدة الإسلامية" . ولم تكن هذه البيئة الفكرية بعيدة الصلة عن تاريخ وتراث هذه البلاد ولكنها كانت امتداداً للجهاد الفكري من أجل نشر أصول الإسلام ومحاربة الخرافات والانحرافات. وقد عاصر الشيخ عبد العزيز بن باز الفارق بين الحالتين – اللتين سبق ذكرهما – بينما أتاحت النهضة الثقافية المعاصرة في المملكة كل سبل الاتصال أمام العلماء ونشر علومهم ، وسهلت مهمتهم في التنوير والتثقيف(23).. ثم لا ننسى بعد ذلك أن البيئة العلمية التي جعلت نسبة تدريس العلوم الدينية بمدارسها تمثل 57.3% بينما اللغة العربية تمثل 32.3% كان لها أكبر مدلول على معرفة عالمية فكر الشيخ فيما بعد ، وعيشُه للمسلمين في شتى بقاع الأرض ، وتفاعله مع قضاياهم(24). الفصل الثالث أبرز أراء الشيخ / عبد العزيز بن باز العقدية كثيراً ما كان الشيخ رحمه الله يكرر في دروسه وخطبه ولقاءاته العقيدة الصحيحة المبنية على الكتاب العزيز والسنة المطهرة ، على فهم السلف الصالح ، ولم يعهد عليه في يوم إنه خالف ما عليه النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة والتابعون في مسألة ما دقت أو جلّت . ومعلوم بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة أن الأعمال والأقوال إنما تصح وتقبل إذا صدرت عن عقيدة صحيحة ، فإن كانت العقيدة غير صحيحة بطل ما يتفرع عنها من أعمال وأقوال كما قال تعالى " ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين "(7) فيرى مثلا أن الطائفين بالقبور بقصد عبادة الله كما يطوف بالكعبة يظن أنه يجوز الطواف بالقبور ولم يقصد التقرب بذلك لأصحابها وإنما قصد التقرب إلى الله وحده ، يرى الشيخ أن هذا يعتبر مبتدعاً لا كافراً(8) ويرى أنه " لا إيمان لمن اعتقد أن أحكام الناس وآراءهم خير من حكم الله ورسوله أو مماثلة أو تشابهه ، أو أجاز أن يحل محلها الأحكام الوضعية والأنظمة البشرية ، وإن كان معتقداً بأن أحكام الله خير وأكمل وأعدل . فالواجب على عامة المسلمين وأمرائهم وحكامهم ، وأهل الحل والعقد فيهم أن يتقوا الله عز وجل ويحكمّوا شريعته في بلدانهم وسائر شؤونهم وأن يقوا أنفسهم ومن تحت ولايتهم عذاب الله في الدنيا والآخرة وأن يعتبروا بما حلَّ في البلدان التي أعرضت عن حكم الله ، وسارت في ركاب من قلّد الغربيين ، واتبع طريقهم ، من الاختلاف والتفرق وضروب الفتن ، وقلة الخيرات ، وكون بعضهم يقتل بعضاَ ، ولا يزال الأمر عندهم في شدة ، ولن تصلح أحوالهم ويرفع تسلط الأعداء عليهم سياسياً وفكرياً إلاَّ إذا عادوا إلى الله سبحانه ، وسلكوا سبيله المستقيم الذي رضيه لعباده ، وأمرهم به ووعدهم به جنات النعيم وصدق سبحانه إذ يقول ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ، قال رب لما حشرتي أعمى وقد كنت بصيراً ، قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى )(9) ويرى أن التحاكم إلى الأعراف القبلية دون التحاكم إلى شرع الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم يلحق بما سبق ذكره قال ( وأوجه نصيحتي أيضاً إلى أقوام مسلمين يعيشون بينهم ، وقد علموا الدين ، وشرع رب العالمين ، ومع ذلك لازالوا يتحاكمون عند النزاع إلى رجال يحكمون بينهم بعادات وأعراف ، ويفصلون بينهم بعبارات و سجعات ، مشابهين في ذلك صنيع أهل الجاهلية الأولى)(10) . ويرى أن من صدر منه ما يوجب الطعن في القرآن الكريم ، أو وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالنقص أو يطعن في رسالته ، أن يرد عليه بالرفق المتضمن دعوته إلى التوبة مما قال وكتب ، وأن يكذب نفسه علناًّ في الصحف والمجلات التي نشرت أراءه الفكرية لنصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة ، ومن ذلك رده على ما نشرته أراءه الفكرية المخالفة لنصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة ، ومن ذلك رده على ما نشرته صحيفة الشهاب اللبنانية في عددها الصادر في 23 ربيع الأول 1394 هـ الموافق 1 نيسان 1974م(11). ويرى أن كلمة (التخلق بأخلاق الله) كلمةَ و (تعبير غير لائق) ، ولكن له محملَ صحيح ، وهو الحث على التخلق بمقتضى صفات الله سبحانه وموجبها ... فهو سبحانه عليمَ يحب العلماء ، قوي يحب المؤمن القوي ، أكثر من حبه للمؤمن الضعيف ، كريم يحب الكرماء ، عفو يحب العفو .. إلخ(12).. ويرى أنه من قال " بأن الله سبحانه حالُ بين خلقه ، ومختلط بهم ، وأن ذلك هو معنى المعية العامة ، وشبهوا أيضاَ بقوله تعالى " وما كنت بجانب الغربي(1)َ ، الآية وقوله ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم(2)) (وما كنت لديهم إذ يختصمون(3)) ومعنى ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن عندهم ، وإنما كان الله تعالى بذاته معهم ، لأنه في كل مكان ، على حدًّ قولهم . ولما كان القائل بهذا القول قد أساء الفهم ، وارتكب خطأ فاحشاَ ، مخالفاً للعقيدة الصحيحة ، التي جاء بها القرآن والسنة ، وأعتقدها سلف هذه الأمة ، رأيت بيان الحق ، وإيضاح ما خفي على هذا القائل وهذا الأمر العظيم الذي يتعلق بأسماء الله تعالى وصفاته ، فالله سبحانه وتعالى يوصف بما وصف به نفسه ، وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم على ما يليق بجلاله ، من غير تكييف ولا تمثيل ، ومن غير تحريف ولا تعطيل ، كما قال الله تعالى "ليس كمثله شئُ وهو السميع البصير(4)" وطفق يذكر تفصيل عقيدة السلف في ذلك بالأدلة النصية من الكتاب والسنة . ويرى أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم (لا يجوز ، ولا مولد غيره ، لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولا خلفاؤه الراشدون ، ولا غيرهم من الصحابة رضوان الله على الجميع ، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة ، وهم أعلم الناس بالسنة ، وأكمل حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومتابعة لشرعه ممن بعدهم ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أي مردود عليه" (14) ويرى كذلك أن الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج (لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها ، لا في رجب ولا غيره ، وكل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، عند أهل العلم بالحديث ، ولله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها ، ولو ثبت تعيينها لم يجز للمسلمين أن يختصوها بشيء من العبادات ، ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم لم يحتفلوا بها ولم يخصوها بشيء ولو كان الاحتفال بها أمراً مشروعاً لبينّه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة ، إما بالقول وإما بالفعل ، ولو وقع شيء من ذلك لعرف واشتهر ، ولنقله الصحابة رضى الله عنهم إلينا ، فقد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم كل شيء تحتاجه الأمة ، ولم يفرطوا في شيء من الدين ، بل هو السابقون إلى كل خير(15)) ويرى كذلك أن من البدع التي أحدثها بعض الناس : بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان ، وتخصيص يومها بالصيام ، وليس على ذلك يجوز دليل الاعتماد عليه ، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها ، أما ما ورد في فضل الصلاة فيها ، فكله موضوع ، كما نبه على ذلك من أهل العلم .... والذي أجمع عليه جمهور العلماء : أن الاحتفال بها بدعة ، وأن الأحاديث الضعيفة إنما يُعمل بها في العبادات التي قد ثبت أصلها بأدلة صحيحة ، أما الاحتفال بليلة النصف من شعبان ، فليس له أصل صحيح حتى يستأنس له بالأحاديث الضعيفة(16) "ثم إن غالب هذه الاحتفالات – التي سبق ذكرها – مع كونها بدعة ، لا تخلو في أغلب الأحيان ، وفي بعض الأقطار من اشتمالها على منكرات أخرى ، كاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال الأغاني والمعازف ، وشرب المسكرات والمخدرات وغير ذلك من الشرور. وقد يقع فيها ما هو أعظم من ذلك ، وهو الشرك الأكبر وذلك بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأولياء ، ودعائه والاستغاثة به وطلب المدد منه ، واعتقاد أنه يعلم الغيب ونحو ذلك من الأمور التي تكفر فاعلها ... ومما يدعو إلى العجب والاستغراب ، أن الكثير من الناس ينشغل ويجتهد في حضور هذه الاحتفالات المبتدعة ، ويدافع عنها ، ويتخلف عما أوجب الله عليه ، من حضور الجمع والجماعات ، ولا يرفع بذلك رأساً ، ولا يرى أنه أتى منكراً عظيماً ، ولاشك أن ذلك من ضعف الإيمان ، وقلة البصيرة ، وكثرة ما ران على القلوب من صنوف الذنوب والمعاصي . نسأل الله العافية لنا ولسائر المسلمين(17) وهكذا تتضح العقيدة الناصعة البياض التي يعتقدها شيخنا الجليل الوالد رحمه الله عليه ، و"الإيمان بالله والتمسك بكتابه العزيز ، الإيمان بمعناه الشامل هو المحور الذي تتمحور حوله حياة شيخنا من الناحية وهو الإطار الذي يؤطر دعوته(18). الفصل الرابع أراء الشيخ عبد العزيز بن باز الفكرية تمهيد: ولا شك أن شخصية مثل شخصية سماحة الشيخ ابن باز ، تمتلك من المقومات والإمكانات ، ما يجعلها تحيا حياة متوازنة ، يتجاوز فيها العطاء النفسي مع الرصيد الفكري ، والسلوك الإنساني الرشيد ، ويستطيع الراصد لهذه الشخصية أن يلمح ذلك التوافق بين الفكر والفعل ، والقول والعمل . وإذا كان من الصعب على الباحثين أن يرصدوا بشكل دقيق ، كافة الجوانب الفكرية في حياة بعض العلماء ، من أصحاب الفكر الثاقب والمستنير ، والعطاء العميق ، والإسهامات الغزيرة في مجالات الحياة المتعددة ، لصعوبة متابعة إنتاجهم الفكري وملاحظة تأثيره على الناس .. فإن الأمر يبدو أكثر صعوبة في حالة شيخنا الذي أسهم بعلم غزير ، وله دور كبير ورائد في مجال خدمة الدعوة الإسلامية ، بشكل امتد أثره ليشمل أغلب بقاع العالم الإسلامي بل والعالم أجمع . وتأسيساً على ما سبق فإن الحديث عن الجوانب الفكرية في عطاء شيخنا – رحمه الله – يدفعنا إلى محاولة رصد عطاء رجلِ تقع على كاهله أعباء مهمة الدعوة والإرشاد والإفتاء ، والبحث العلمي ، وخدمة قضايا عامة المسلمين ، وخاصة في شتى بقاع العالم(19). المبحث الأول أهم آراء الشيخ الفكرية من يقرأ في أفكار الشيخ بن باز رحمه الله ، يجد أن همَّه وشغله الشاغل ، هو أن ينعم العالم الإسلامي والعربي ، بالتضامن والتكاتف ، وتوحيد الكلمة على مقتضى كتاب الله تعالى ، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك كان لأراء الشيخ الفكرية أصداء واسعة في العالم الإسلامي جميعاً ، بل قد لا نكون مبالغين إذا قلنا إن ذلك تعدى حتى بلغ العالم أجمع ، ونفع الله بآرائه الأقليات المسلمة في أنحاء الأرض(25) فيرى الشيخ "أن التضامن الإسلامي بين المسلمين أفراداً وجماعات ، حكومات وشعوباً ، من أهم المهمات ، ومن الواجبات التي لابد منها لصلاح الجميع ، وإقامة دينهم ، وحل مشاكلهم ، وتوحيد صفوفهم ، وجمع كلمتهم ضد عدوهم المشترك ، والنصوص الواردة في هذا الباب من الآيات والأحاديث كثيرة جداً ، وهي وإن لم ترد بلفظ التضامن فقد وردت بمعناه وما يدل عليه عند أهل العلم(26) ويرى "أن الدعوة إلى هذا الأمر أعني التضامن الإسلامي وبذل ما يمكن من الجهود في تحقيقه من أهم الأمور ومن الواجبات المشتركة المتأكدة على حكومة هذه البلاد وعلى غيرها من ملوك المسلمين وزعمائهم وأعيانهم ولكن حكومة هذه البلاد أولى بالناس بالقيام بهذا الأمر وتحمل أعبائه ، وتكريس الجهود الممكنة في تحقيقه لأن الله سبحانه قد أكرمها بخدمة الحرمين الشرفيين وجعلها محل آمال المسلمين بعد الله عز وجل ولديها من كرم الله وجوده من الإمكانات ما يعينها على ذلك ، والمسلمون قي كل مكان يرجون منها مضاعفة الجهود في هذا السبيل والصبر على ذلك حتى يحقق الله للمسلمين على يديها ما يرجون من عزة وكرامة وجمع كلمة واتحاد صف وحفظ كيان وانتشار للحق وإقامة للعدل ونشر الإسلام في أرجاء المعمورة ، ويرجو المسلمون أيضاً من سائر ملوكهم وزعمائهم وعلمائهم وأعيانهم بأن يضموا أصواتهم إلى صوت هذه الحكومة وجهودهم إلى جهودها وأن يشاركوها في تحمل عبء هذه الرسالة العظيمة والمسئولية الكبرى التي في تحقيقها سعادة الجميع وعزتهم في الدنيا والآخرة ، وأن يبذلوا جميعاً ما يستطيعون من الوسائل في نصر هذه الدعوة ومساندة الداعين إليها وشرح محاسنها ومصالحها لجميع الناس على اختلاف طبقاتهم حتى يتحقق للجميع إن شاء الله ما وراء هذه الدعوة المباركة من خير و أمن وسلام للجميع عملاً بقول الله سبحانه "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"(1) وقوله تعالى "ولتكن منكم أمةً يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون(2)" وإمام الجميع في هذه الدعوة الخيرة وقدوتهم في هذا السبيل القيم هو نبيهم وقائدهم الأعظم نبينا محمد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو أول من دعا هذه الأمة إلى توحيد ربها والاعتصام بحبله ، وجمع كلمتها على الحق والوقوف صفاً واحداً في وجه عدوها المشترك وفي تحقيق مصالحه وقضاياها العادلة عملاً بقوله تعالى مخاطباً له " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن(3)" وقوله عز وجل "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةِ أنا ومن اتبعني(4)" وقد سار على نهجه القويم صاحبته الكرام وأتباعهم بإحسان – رضى الله عنهم وأرضاهم – فنجحوا في ذلك غاية النجاح وحقق الله لهم ما وعد به من عزة وكرامة ونصر كما سبق التنبيه على ذلك والإشارة إليه في أول هذه الكلمة(27)" فيتضح من هذا الطرح الجلي الواضح حض الشيخ رحمة الله عليه على جمع كلمة المسلمين وفق الكتاب والسنة ، على فهم السلف الصالح رحمة الله عليهم ، الذين لم تكن تمنعهم طاعتهم لأولياء أمور المسلمين أن يقوموا بين يديهم بالنصيحة التي لا يرجون من ورائها جاها ولا مالاً ، إلا ابتغاء مرضات الله ، لأن بصلاح الراعي تصلح الرعية ، فذلك نرى الشيخ رحمة الله عليه يقول في نصيحة لحكام المسلمين يقول " نصيحتي لحكام المسلمين أن يتمسكوا بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأن ويحكموها في الشعوب التي يتولون مسئوليتها ... ثم ذكر الآيات الدالة على ذلك .. ثم قال وبذلك تتحقق سعادة الشعوب الإسلامية ، وتستقر الأوضاع المتقلبة في العالم الإسلامي ، ويجد الحاكم والمحكوم بغيته من السعادة والطمأنينة والأمن ، ويفوز الجميع بالسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة(28) . ولا يغفل الشيخ دور علماء المسلمين في هذا الجانب فيتوجه إليهم بالنصيحة "أن يبينوا للناس الحق بأقوالهم وأعمالهم ، وأن يدعوا الناس إلى الله بإخلاص وشجاعة ، وأن لا يخافوا في ذلك لومة لائم ، لأن عليهم مسئولية عظيمة ، ولأنهم يعلمون ما لا يعلمه غيرهم(29)" بل نجد الشيخ رحمه الله يخص حاكماً بعينه بالنصيحة التي تنضح بروائع الإخلاص .. فها هو يخاطب الملك الصالح / فيصل بن عبد العزيز رحمة الله عليه – سيف الإسلام في هذا الزمان – بقوله1 " من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة جلالة الملك المعظم فيصل بن عبد العزيز وفقه الله لكل خير وبارك في حياته آمين . سلام عليكم ورحمة الله وبركاته . بعده : حفظكم الله ، لا يخفى على جلالتكم مركزكم العظيم الذي هو محط آمال المسلمين بعد الله عز وجل ، وذلك بسبب ولايتكم لقبلة المسلمين ومهاجر الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم . فمن هذه البقاع المباركة شع نور الرسالة فأضاء الكون ، ومزق أستار الظلام ، ومن هذه البقاع المقدسة حمل الرعيل الأول مشعل الهداية إلى العالم وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ، فدان لهم سكان الأرض وساد الإسلام . أقول : إنه بحكم ولايتكم لهذه البقاع المقدسة ، وميراثكم لتراث الأسلاف الكرام فإنه يتحتم عليكم ولاشك حمل راية الدعوة إلى هذا الدين القويم وراية الجهاد في سبيل الله حيث أمكن ، وقد فعلتم ذلك مشكورين ، فالحمد لله على توفيقكم لذلك . إلى أن قال : وجلالتكم في هذا العصر هو المسؤول الأول عن إبلاغ أمر الله إلى عباده ، ولاشك أنها مسئولية خطيرة تحتاج منكم إلى جهود عظيمة وصبر ومصابرة .. وبمناسبة قرب زمن الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لقيام هيئة الأمم في شهر يونيو القادم ، ودعوة ملوك ورؤساء الدول الأعضاء في المنظمة إلى إلقاء كلمات في الجلسة التذكارية لها ، لذلك فإني أهيب ! بهمة جلالتكم أن تشمروا عن ساعد الجد ، وتنتهزوا هذه الفرصة الثمينة بالدعوة إلى الإسلام وتحكيم شريعته في هذا الاجتماع الذي سوف يضم أكثر رؤساء دول العالم الإسلامي وغيرهم ، وأن تبينوا لهم محاسن الإسلام ، وأن دين الحق ، وأنه الدين الكامل الصالح لكل عصر وأوان ، والمشتمل على مصالح الدنيا والآخرة ، وأن دين السعادة والفلاح ، وأنه السبيل الوحيد لإنقاذ البشرية الحائرة التائهة في خضم أمواج الظلم والطغيان ودياجير الجهل والضلال إلى شاطئ السلامة والأمان ، وهو السبيل الوحيد لحل مشاكلها ، وإفهام الجميع بأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للناس جميعاً ، وأن من أجابه دخل الجنة ومن أبى دخل النار . وفي ذلك إقامة الحجة عليهم وبراءة للذمة من تبعة السكوت عن البلاغ .. إلخ الرسالة(1)" والمتأمل فيها ، يجد فيها كل معاني القوة الفكرية المؤثرة النابعة من عقيدة صافية ، مصدرها القرآن الكريم والسنة المطهرة ، غير هيّابِ ولا متزلف ولا مراءِ نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله تعالى. وله رأي قوي في فتنة غزو العراق للكويت عام 1411هـ ملخصه أنه "عدوان كبير على دولة مجاورة آمنة ، يجب على جميع الدول الإسلامية وغيرها وعلى جميع المسلمين إنكار ذلك وشجبه ، وبيان أن عدوان أثيم وظلم كبير(1)" وكان يرى أن هذه المسألة التي بين الكويت والعراق يجب أن تحل بحكم شرعي من العلماء المعروفين بالعلم والفضل والاستقامة ليحلوها على ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إذا لم يتيسر الصلح(2)" ويرى في مسألة استعانة الحكومة السعودية بجملة من الجيوش التي حصلت من جنسيات متعددة من المسلمين وغيرهم ، لصد العدوان وللدفاع عن البلاد ، أن ذلك أمرُ جائز ، بل تحتمه وتوجبه الضرورة ، وأن على المملكة أن تقوم بهذا الواجب ، لأن الدفاع عن الإسلام والمسلمين وعن حرمة البلاد وأهلها أمراً لازم ومتحتم ، فهي معذورة في ذلك ومشكورة على مبادلتها لهذا الاحتياط ، والحرص على حماية البلاد من الشر وأهله والدفاع عنها من عدوان متوقع قد يقوم به رئيس دولة العراق ، لأنه لا يؤمن بسبب ما حدث منه مع دولة الكويت ، فخيانته متوقعة(3) وقد رد على المشككين في جواز الاستعانة بغير المسلمين في قتال طاغية العراق (هكذا) بأدلة قوية جداً ، سندها كتاب الله ، والأحاديث الصحيحة الصريحة في جواز ذلك(1). أما ما يتعلق بالقوانين التي تضعها الدولة وتلزم بها مواطنيها فإن الشيخ – رحمه الله – "يرى أنه إذا وجد نظام أو قانون يوافق الشرع في أية مسألة مسائل القانون فلا بأس . ويمكن أن تضع الدول قوانين يعرفها الناس ويستفيدون منها بشرط موافقتها للشرع ، وهذا ليس من تحكيم القوانين ، بل هذا عمل بالشرع ، ومثلما وضع العلماء أبواباً يوضحون فيها الأحكام الشرعية ، فإذا وضعت الدولة قانوناً يعرفه الناس في مجال التجارة ، أو في مجال البيوع ، أو فيما يتعلق بالأوقاف ، أو النكاح ، إذا وضعت شيئاً واضحاً في أبواب معينة يسير عليها الناس على هدى من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يسمى قوانين(2) ويرى أن من قال " إن الإسلام انتشر بالسيف ، ليس مصيباً في قوله هذا بل هذا القول على إطلاقه باطل ، فالإسلام انتشر بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ، وأيد بالسيف ، فالنبي صلى الله عليه وسلم بلغه بالدعوة بمكة ثلاثة عشر عاماً ، ثم في المدينة قبل أن يؤمر بالقتال ، والصحابة والمسلمون انتشروا في الأرض ودعوا إلى الله ، ومن أبى جاهدوه ، لأن السيف منفذ ، قال تعالى "وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس(1)" وقال تعالى " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله(2) فمن أبى قاتلوه لمصلحته ونجاته ، كما يجب إلزام من عليه حق لمخلوق بأداء الحق الذي عليه ولو بالسجن أو الضرب ، ولا يعتبر مظلوماً ، فكيف يستنكر أو يستغرب إلزام من عليه حق لله بأداء حقه ، فكيف بأعظم الحقوق وأوجبها وهو توحيد الله سبحانه وترك الإشراك به ؟ ومن رحمة الله سبحانه أنه شرع الجهاد للمشركين وقتالهم حتى يعبدوا الله وحده ويتركوا عبادة ما سواه ، وفي ذلك سعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة(3)" رأيه في مسألة مكان قبر الحسين : من آرائه التي يمكن أن نذكرها هنا لتعلقها بواقع المسلمين في مصر والشام والعراق ما تكلم به الشيخ حول مكان قبر الحسين وأين يقع ؟ وهل يستفيد المسلمون من معرفة مكانه بالتحديد ؟ فقال "بالمواقع قد اختلف الناس في ذلك فقيل : أنه دفن في الشام وقيل في العراق ، والله أعلم بالواقع . أما رأسه فاختلف فيه : فقيل : في الشام ، وقيل في العراق ، وقيل : في مصر ، والصواب : أن الذي في مصر ليس قبراً له ، بل هو غلط وليس به رأس الحسين ، وقد ألف في ذلك بعض أهل العلم ، وبينوا أنه لا أصل لوجود رأسه في مصر ولا وجه لذلك ، وإنما الأغلب أنه في الشام ، لأنه نقل إلى يزيد بن معاوية وهو في الشام ، فلا وجه للقول بأنه نقل إلى مصر ، فهو إما حفظ في الشام ، وإما أعيد إلى جسده في العراق . وبكل حال فليس للناس حاجة في أن يعرفوا أين دفن وأين كان ، وإنما المشروع الدعاء له بالمغفرة والرحمة ، غفر الله له ورضى عنه ، فقد قُتل مظلوماً فيدعى له بالمغفرة والرحمة ويرجى له خير كثير ، وهو وأخوه الحسن سيد شباب أهل الجنة ، كما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، رضى الله عنهما وأرضاهما ، ومن عرف قبره وسلم عليه ودعا له فلا بأس ، كما تزار القبور الأخرى ، من غير غلو فيه ولا عبادة له ، ولا يجوز أن تطلب منه الشفاعة ولا غيرها كسائر الأموات ، لأن الميت لا يُطلب منه شئ و إنما يدعى له ويترحم عليه إذا كان مسلماً(1). ومن أبرز آرائه المتعلقة بالتربية والدعوة يرى الشيخ أنه "لا حد لتعليم البنات ، بل يتعلمن حتى أعلى المراحل ليستفدن ويفدن"(2) ويرى أن " حركة الأخوان المسلمين ينتقدهم خواص أهل العلم ، لأنه ليس عندهم نشاط في الدعوة إلى توحيد الله ، وإنكار الشرك وإنكار البدع ، لهم أساليب خاصة ينقصها عدم النشاط في الدعوة إلى الله ، وعدم التوجيه إلى العقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنة والجماعة(3) ويرى أن الحوار الإسلامي المسيحي لا مانع منه ، إذا دعت الحاجة إليه ، وكان المحاور عنده علم وبصيرة بالكتاب والسنة فلا مانع من الحوار ، لإظهار الحق والدعوة إليه وكشف الباطل(1) وفي العلاقات الدولية مع اليهود وغيرهم وما يتعلق بالهدنة معهم : .. يرى أنه "تجوز الهدنة مع الأعداء مطلقة ومؤقتة ، إذا رأى ولى الأمر المصلحة في ذلك لقول الله سبحانه "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ، إنه هو السميع العليم"(1) ... وأن الصلح مع اليهود أو غيرهم من الكفرة لا يلزم منه مودتهم ولاموالتهم ، بل ذلك يقتضي الأمن بين الطرفين ، وكف بعضهم عن إيذاء البعض الآخر ، وغير ذلك ، كالبيع والشراء ، وتبادل السفراء ... وغير ذلك من المعاملات التي تقتضي مودة الكفار ولا موالاتهم(2) وفي رد له على فضيلة الشيخ الدكتور / يوسف القرضاوي حفظه الله ، لتعقيب له على مقال الشيخ بن باز نشر في مجلة المجتمع الكويتية العدد 1133 الصادرة يوم 9 شعبان 1415 هـ الموافق 10/1/1995م. حول الصلح مع اليهود واستنكار الشيخ القرضاوي فتوى الشيخ بأنه لا مانع من الصلح معهم إذا اقتضت المصلحة ذلك ليأمن الفلسطينيون في بلادهم ويتمكنوا من إقامة دينهم . وقد رأى الشيخ يوسف أن ما قاله الشيخ مخالف للصواب ، لأن اليهود غاصبون فلا يجوز الصلح معهم .. إلى آخر ما ذكر فضيلته . فرد عليه الشيخ رحمه الله رداً طويلاً ، خلاصته : "أن الواجب جهاد المشركين من اليهود وغيرهم مع القدرة حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية ، إن كانوا من أهلها ، كما دلت على ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، وعن العجز عن ذلك لا حرج في الصلح على وجه ينفع المسلمين ولا يضرهم ، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم في حربه وصلحه ، وتمسكاً بالأدلة الشرعية العامة والخاصة ، ووقوفاً عندها فهذا هو طريق النجاة وطريق السعادة والسلامة في الدنيا والآخرة(1)" (قلت) ولا شك أن في هذه الأجوبة المسددة من الشيخ رحمه الله تأثيراً قوياً على نفسيات إخواننا المجاهدين على أرض الإسراء والمعراج اليوم ، حتى ينطلقوا في جهادهم وصلحهم من منطلق شرعي قوي ، متمثل في فتاوى عالم أجمعت الأمة على صلاحه وتقواه ، وليس بمعصوم ، ولكن نحسبه كذلك والله حسيبه . رحمة الله عليه رحمة واسعة . آراؤه في التطرف : وفي سؤال وجه إليه عن كيفية معالجة التطرف ، فقال بعد أن عرّفه بأنه "عدم الاعتدال بغلو أو جفاء ، والغالب على هؤلاء يقصد بهم الشيخ أناس لا يعرفون معنى التطرف ويرمون به من هو برئ منه – أنهم يطلقون التطرف على المفرط الزائد الغالي بزعمهم(2)" ... ويعالج التطرف بـ " التعليم والتوجيه من العلماء ، إذا عرفوا عن إنسان أنه يزيد ويبتدع بينوا له ، مثل الذي يكفّر العصاة ، وهذا دين الخوارج ، الخوارج هم الذين يكفّرون بالمعاصي ، ولكن يُعلَّم أن عليه التوسط ، العاصي له حكمه ، والمشرك له حكمه ، والمبتدع له حكمه ، فيعلَّم ويوجه إلى الخير حتى يهتدي ، وحتى يعرف أحكام الشرع وينزّل كل شئ منزلته(3). وفي جوابه عن سؤال حول حكم الاعتداء على الأجانب السياح والزوار في البلاد الإسلامية قال "هذا لا يجوز ، الاعتداء لا يجوز على أي أحد ، سواء كانوا سياحاً أو عمالاً ، لأنهم مستأمنون ، دخلوا بالأمان فلا يجوز الاعتداء عليهم ، ولكن تناصح الدولة حتى تمنعهم مما لا ينبغي إظهاره ، أما الاعتداء عليهم فلا يجوز(4)" آراؤه في وسائل الغرب في ترويج أفكاره بيننا : وفيما يتعلق بوسائل ترويج أفكار الغرب بين المسلمين :-يرى أن الوسائل التي يستخدمها الغرب في ترويج أفكاره كثيرة جداً منها :- : 1- محاولة الاستيلاء على عقول أبناء المسلمين وترسيخ المفاهيم الغربية فيها لتعتقد أن الطريقة الفضلى هي طريقة الغرب في كل شيء سواء فيما يعتقده من الأديان والنحل أو ما يتكلم به من اللغات أو ما يتحلى به من الأخلاق أو ما هو عليه من عادات وطرائق. 2- رعايته لطائفة كبيرة من أبناء المسلمين في كل بلد وعنايته بهم وتربيتهم حتى إذا ما تشربوا الأفكار الغربية وعادوا إلى بلادهم أحاطهم بهالة عظيمة من المدح والثناء حتى يتسلموا المناصب والقيادات في بلدانهم وبذلك يروجون الأفكار الغربية وينشئون المؤسسات التعليمية المسايرة للمنهج الغربي أو الخاضعة له. 3- تنشيطه لتعليم اللغات الغربية في البلدان الإسلامية وجعلها تزاحم لغة المسلمين وخاصة اللغة العربية لغة القرآن الكريم التي أنزل الله بها كتابه والتي يتعبد بها المسلمون ربهم في الصلاة والحج والأذكار وغيرها، ومن ذلك تشجيع الدعوات الهدامة التي تحارب اللغة العربية وتحاول إضعاف التمسك بها في ديار الإسلام في الدعوة إلى العامية وقيام الدراسات الكثيرة التي يراد بها تطوير النحو وإفساده وتمجيد ما يسمونه بالأدب الشعبي والتراث القومي. 4- إنشاء الجامعات الغربية والمدارس التبشيرية في بلاد المسلمين ودور الحضانة ورياض الأطفال والمستشفيات والمستوصفات وجعلها أوكارا لأغراضه السيئة وتشويق الدراسة فيها عند الطبقة العالية من أبناء المجتمع ومساعدتهم بعد ذلك على تسلم المراكز القيادية والوظائف الكبيرة حتى يكونوا عونا لأساتذتهم في تحقيق مآربهم في بلاد المسلمين. 5- محاولة السيطرة على مناهج التعليم في بلاد المسلمين ورسم سياستها، إما بطريق مباشر كما حصل في بعض بلاد الإسلام حينما تولى دنلوب القسيس تلك المهمة فيها أو بطريق غير مباشر عندما يؤدي المهمة نفسها تلاميذ ناجحون درسوا في مدارس دنلوب وتخرجوا فيها فأصبح معظمهم معول هدم في بلاده وسلاحا فتاكا من أسلحة العدو يعمل جاهدا على توجيه التعليم توجيها علمانيا لا يرتكز على الإيمان بالله والتصديق برسوله وإنما يسير نحو الإلحاد ويدعو إلى الفساد. 6- قيام طوائف كبيرة من النصارى واليهود بدراسة الإسلام واللغة العربية وتأليف الكتب وتولي كراسي التدريس في الجامعات حتى أحدث هؤلاء فتنة فكرية كبيرة بين المثقفين من أبناء الإسلام بالشبه التي يلقنونها لطلبتهم أو التي تمتلئ بها كتبهم وتروج في بلاد المسلمين حتى أصبح بعض تلك الكتب مراجع يرجع إليها بعض الكاتبين والباحثين في الأمور الفكرية أو التاريخية ولقد تخرج على يد هؤلاء المستشرقين من أبناء المسلمين رجال قاموا بنصيب كبير في إحداث الفتنة الكبرى وساعدهم على ذلك ما يحاطون به من الثناء, والإعجاب وما يولونه من مناصب هامة في التعليم والتوجيه والقيادة, فأكملوا ما بدأه أساتذتهم وحققوا ما عجزوا عنه لكونهم من أبناء المسلمين ومن جلدتهم ينتسبون إليهم ويتكلمون بلسانهم فالله المستعان. 7- انطلاق الجيوش الجرارة من المبشرين الداعين إلى النصرانية بين المسلمين وقيامهم بعملهم ذلك على أسس مدروسة وبوسائل كبيرة عظيمة يجند لها مئات الآلاف من الرجال ولقد تعد لها أضخم الميزانيات وتسهل لها السبل وتذلل لها العقبات يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ وإذا كان هذا الجهد منصبا على الطبقة العامية غالبا فإن جهل الاستشراق موجه إلى المثقفين كما ذكرت آنفا وأنهم يتحملون مشاق جساما في ذلك العمل في بلاد إفريقيا وفي القرى النائية من أطراف البلدان الإسلامية في شرق آسيا وغيرها ثم هم بعد كل حين يجتمعون في مؤتمرات يراجعون حسابهم وينظرون في خططهم فيصححون ويعدلون ويبتكرون فلقد اجتمعوا في القاهرة سنة 1906 م. وفي ادنمبرج سنة 1910م وفي لكنوا سنة 1911م وفي القدس عام 1935م وفي القدس كذلك في عام 1935م ولا زالوا يوالون الاجتماعات والمؤتمرات فسبحان من بيده ملكوت كل شيء وإليه يرجع الأمر كله. 8- الدعوة إلى إفساد المجتمع المسلم وتزهيد المرأة في وظيفتها في الحياة وجعلها تتجاوز الحدود التي حد الله لها وجعل سعادتها في الوقوف عندها وذلك حينما يلقون بين المسلمين الدعوات بأساليب شتى وطرق متعددة إلى أن تختلط النساء بالرجال وإلى أن تشتغل النساء بأعمال الرجال، يقصدون من ذلك إفساد المجتمع المسلم والقضاء على الطهر والعفاف الذي يوجد فيه وإقامة قضايا وهمية ودعاوى باطلة في أن المرأة في المجتمع المسلم قد ظلمت وأن لها الحق في كذا وكذا ويريدون إخراجها من بيتها وإيصالها إلى حيث يريدون في حين أن حدود الله واضحة وأوامره صريحة وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم جلية بينة يقول الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ويقول سبحانه: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ الآية. ويقول وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ويقول وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ويقول صلى الله عليه وسلم إياكم والدخول على النساء قال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت وقال لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما 9- إنشاء الكنائس والمعابد وتكثيرها في بلاد المسلمين وصرف الأموال الكثيرة عليها وتزيينها وجعلها بارزة واضحة في أحسن الأماكن وفي أكبر الميادين. 10- تخصيص إذاعات موجهة تدعو إلى النصرانية وتشيد بأهدافها وتضلل بأفكارها أبناء المسلمين السذج الذين لم يفهموا الإسلام ولم تكن لهم تربية كافية عليه وخاصة في إفريقيا حيث يصاحب هذا الإكثار من طبع الأناجيل وتوزيعها في الفنادق وغيرها وإرسال النشرات التبشيرية والدعوات الباطلة إلى الكثير من أبناء المسلمين. هذه بعض الوسائل التي يسلكها أعداء الإسلام اليوم في سبيل غزو أفكار المسلمين وتنحية الأفكار السليمة الصالحة لتحل محلها أفكار أخرى غريبة شرقية أو غربية، وهي كما نرى جهودا جبارة وأموالا طائلة وجنودا كثيرين، كل ذلك لإخراج المسلمين من الإسلام وإن لم يدخلوا في النصرانية أو اليهودية أو الماركسية إذ يعتقد القوم أن المشكلة الرئيسية في ذلك هي إخراجهم من الإسلام، وإذا تم التوصل إلى هذه المرحلة فما بعدها سهل وميسور, ولكننا مع هذا نقول إن الله سيخيب آمالهم ويبطل مكرهم ويضعف كيدهم, لأنهم مفسدون وهو سبحانه لا يصلح عمل المفسدين. قال الله تعالى وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ وقال سبحانه: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا وإن الأمر يحتاج من المسلمين وقفة عقل وتأمل ونظر في الطريق التي يجب أن يسلكوها والموقف المناسب الذي يجب أن يقفوه وأن يكون لهم من الوعي والإدراك ما يجعلهم قادرين على فهم مخططات أعدائهم وعاملين على إحباطها وإبطالها ولن يتم لهم ذلك إلا بالاستعصام بالله والاستمساك بهديه والرجوع إليه والإنابة له والاستعانة به، وتذكر هديه في كل شيء وخاصة في علاقة المؤمنين بالكافرين، وتفهم معنى سورة الكافرون، وما ذكره سبحانه في قوله وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ وقوله وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا [3] رده على افتراء من قال : إن الشيخ ابن باز أهدر فيه دم كل من يقول إن الأرض كروية وإن الأرض تدور حول الشمس وليس العكس. في أكثر القضايا التي تبنى بعض الكتاب إثارتها والدندنة حولها طعناً وافتراء على الشيخ ، وهي مسألة كروية الأرض ودورانها وجريان الشمس ؛ نجد أن الشيخ يرد على المفترين بثبات عجيب وأدب أعجب ، وقوة في الحق لافتة للنظر، فيقول رداً على أحد الكتاب الذين يهرفون بما لايعرفون فيقول الشيخ : أما بعد ، فقد نشرت مجلة المصور في عددها رقم 2166الصادر في 24الجمعة 1385الموافق 15 إبريل 1966 في الصفحة 15 من العدد المذكور ما نصه : المبادئ المستوردة بقلم : أحمد بهاء الدين ( يقول نبأ من السعودية أن نائب رئيس الجامعة الإسلامية هناك نشر مقالا منذ شهرين في جميع الصحف أهدر فيه دم كل من يقول إن الأرض كروية وإن الأرض تدور حول الشمس وليس العكس ، وإذا كان يبدو غريبا أن يذاع هذا الرأي في 1966 م وفي عصر الفضاء ، فصاحب هذا الرأي له فضيلة واضحة وهي أنه منطقي مع ما تردده المملكة العربية السعودية هذه الأيام من أفكار وآراء ، فحكام المملكة العربية السعودية لا يتحدثون الآن إلا عن الأفكار والنظريات المستوردة ، ولا يدعون إلى الحلف الإسلامي إلا بدعوى درء خطر الأفكار المستوردة عن المسلمين ، وهم يقصدون الاشتراكية بالطبع ولكنهم لا يناقشون الاشتراكية ولا فكرة العدالة الاجتماعية ، وإنما يكتفون برفضها بناء على أنها مستوردة . . . إلخ ) انتهى المقصود وجوابي عن ذلك أن أقول : ( سبحانك هذا بهتان عظيم ) لقد نشر المقال الذي أشار إليه الكاتب في جميع الصحف المحلية في رمضان 1385 هـ ، واطلع عليه القراء في الداخل والخارج وليس فيه ذكر كروية الأرض بنفي ولا إثبات فضلا عن إهدار دم من قال بها ، وقد وقع فيما نقلته في المقال من كلام العلامة ابن القيم رحمه الله ما يدل على إثبات كروية الأرض فكيف جاز لأحمد بهاء الدين ، أو من نقل إليه هذا النبأ أن يقدم على هذا البهتان الصريح وينسبه إلى مقال قد نشر في العالم وقرأه الناس ، سبحان الله ما أعظم جرأة هذا المفتري ، ولكن ليس بغريب أن يصدر مثل هذا الافتراء عن أنصار الإلحاد والمذاهب الهدامة فقد قال الله عز وجل(إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أوْتمن خان ) . وإنما أهدرت في المقال دم من قال إن الشمس ثابتة لا جارية بعد استتابته ، وما ذلك إلا لأن إنكار جري الشمس تكذيب لله سبحانه ، وتكذيب لكتابه العظيم ، وتكذيب لرسوله الكريم ، وقد علم بالضرورة من دين الإسلام وبالأدلة القطعية وبإجماع أهل العلم أن من كذب الله أو رسوله أو كتابه فهو كافر حلال الدم والمال ، ويستتاب فإن تاب وإلا قتل وليس في هذا بحمد الله نزاع بين أهل العلم . وأما قول الكاتب : ( إذا كان يبدو غريبا أن يذاع هذا الرأي في سنة 1966 م وفي عصر الفضاء . . . إلخ ) . فالجواب عنه أن يقال : لا ريب أن إظهار الحق ونشره في هذا العصر ودعوة الناس إليه يعتبر من الأمور الغريبة وذلك لاستحكام غربة الإسلام وقلة دعاة الحق وكثرة دعاة الباطل ، وهذا مصداق ما أخبر به نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال في الحديث الصحيح : (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء وفي رواية قيل يا رسول الله من الغرباء؟ قال الذين يصلحون إذا فسد الناس وفي لفظ آخر قال هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي)فيتضح من هذا الحديث الشريف لذوي الألباب أن الدعوة إلى الحق وإنكار ما أحدثه الناس من الباطل عند غربة الإسلام يعتبر من الإصلاح الذي حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأثنى على أهله ، ويتضح للقراء أيضا من هذا الحديث العظيم أنه ينبغي لأهل الحق عند غربة الإسلام أن يزدادوا نشاطا في بيان أحكام الإسلام ، والدعوة إليه ، ونشر الفضائل ومحاربة الرذائل ، وأن يستقيموا في أنفسهم على ذلك حتى يكونوا من الصالحين عند فساد الناس ، ومن المصلحين لما أفسد الناس والله الموفق سبحانه .[4] لمبحث الثاني جهود أخرى فكرية للشيخ ابن باز تتمثل في مناصحة رؤساء العالم الإسلامي ، وردود وتعقبات مع كثرة مشاغل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في الدعوة إلى الله ، واستقبال الزائرين ، وانشغاله في التعليم ، والتدريس ، والإفتاء ، إلا أنه أيضاً سخر قلمه وفكره في نصرة الحق وأهله ، فتارة يناصح رئيساً ، وتارة يتعقب كاتباً ، وتارة يصحح مفهوماً خاطئاً ، وتارة يكشف شبهة ، وهكذا .. وفيما يلي نماذج من مناصحاته ورسائله التي تتمثل فيها قوة الشيخ الفكرية وتأثيرها ، أكتفي بالإشارة إليها دون نقل تفاصيلها ؛ لكي لا يطول البحث أكثر مما هو مقرر ؛ ولأن الشاهد المراد إثباته موجود في طي النقل . فمن الأمثلة على مناصحة الرؤساء والقادة : 1- رسالته إلى الرئيس الباكستاني محمد ضياء الحق رحمه الله يشجعه فيها ويهنئه على إعلانه تحكيم شرع الله تعالى في الباكستان .[5] 2- رسالته إلى أحد الأمراء بمناسبة تعيينه ، يوصيه فيها بتحكيم شرع الله والرفق بالرعية .[6] 3- رسالته إلى بعض أمراء الخليج يحثهم فيها على إزالة قبر يعبد من دون الله في بلادهم .[7] 4- رسالته إلى قادة الدول العربية ، ووصيته فيها لهم بتقوى الله وتحكيم الكتاب والسنة .[8] 5- رسالته إلى (صدام حسين )!* ينكر عليه فيها إعلانه للنظام الإشتراكي في العراق .[9] 6- نصيحته العامة لحكام المسلمين وعلمائهم بتقوى الله والرجوع إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام في حال الفتن ، ووجوب مساعدة المسلمين في فلسطين على اليهود الغاصبين.[10] 7- نصيحته لرئيس ليبيا العقيد معمر القذافي ! حول وجوب العمل بالسنة . [11] المبحث الثالث الردود والتعقبات وهناك بعض الردود والتعقبات الكثيرة ، في مجالات متنوعة ، على بعض الفتاوى والمفاهيم الخاطئة ، وشبه الطوائف الضالة ، وعلى المذاهب الفكرية المنحرفة ، تظهر جلية من خلال الرسائل والفتاوى التي يجيب عنها الشيخ رحمه الله ، مع مشاركة اللجنة[12] في بعض منها : وفيما يلي بعض منها : 1- تعقبه على فتوى المحدث الشيخ الألباني حول فتوى تحريم الذهب المحلق[13] . 2- تعقبه على محمد سعيد البوطي حول بعض الأمور التي زل فيها[14] . 3- الرد على دعاة القومية[15]. 4- الرد على من ينكر سنة النبي صلى الله علية وسلم ولا يرى العمل بها[16] . 5- الرد على الوصية المنسوبة للشيخ أحمد خادم الحرم النبوي[17] . 6- الرد على من ينكر نزول عيسى علية السلام آخر الزمان [18]. 7- الرد على بعض النشرات التي يعتقد أنها تجلب الخير أو تدفع الضر.[19] 8- الرد على من قال: إن الجهاد دفاع فقط .[20] 9- الرد على شبهة الحلول في حديث (( فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به)).[21] 10- الرد على من قال بأن شيخ الإسلام ابن تيميه مجسم .[22] 11- الرد على من استدل على وفاة عيسى علية السلام بقولة تعالى :( إني متوفيك ورافعك إلي )[23]. 12- الرد على من زعم أن النبي صلى الله علية وسلم يسمع دعاء الآخرين ونداءهم .[24] 13- الرد على من اعتقد صحة دين اليهود و النصارى[25]. 14- الرد على دعاة التقريب بين الأديان[26]. 15- الرد على الطريقة التيجانية[27]. 16- الرد على البريلوية [28]. 18- الرد على طائفة الدروز[29]. 19- الرد على الشيوعية والمنتمين إليها[30]. 20- الرد على البهائية والقاديانية أو المنتمين اليها[31]. 21-الرد على بعض معتقدات الصوفية[32]. 22-الرد على الماسونية[33]. 23-الرد على من قال:الخوارج هم أنصار علي[34]. 24-الرد على من يريد التقريب بين أهل السنة والرافضة[35]. 25-الرد على طائفة تدعي أنها هي الفرقة الناجية[36]. 26-الرد على من يقول الإسلام انتشر بالسيف[37] . 27-الرد على من يقول أن الإنسان مخير في دخول الإسلام مستدلا بقوله سبحانه((لآ إكراه في الدين...)).[38] 28-الرد على من يقول أن الوهابيين ينكرون شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ،[39]. 29-الرد على المنادين إلى اختلاط المرأة مع الرجل في ميادين العمل [40] . 30- الرد على المنادين إلى قيادة المرأة للسيارة[41]. 31- الرد على أصحاب الأفكار الهدامة[42]. 32- الرد على رشاد خليفة حول إنكاره للسنة المطهرة[43] 33- الرد على من يستدل بحديث ( من سن في الإسلام سنة حسنة ؛على الإبتداع في الدين)[44]. 34- الرد على من يحرم تزويج الهاشميات بغير الهاشميين[45]. 35-الرد على نشرة مكذوبة في عقوبة تارك الصلاة فيها خمس عشرة عقوبة[46]. 36- الرد على من يعتبر الأحكام الشرعية غير متناسبة مع هذا العصر[47] . 37- الرد على من يزعم أن في الدين قشور[48]. 38- الرد على من يستدل بوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم على جواز بناء المساجد على القبور ،[49] . 39-الرد على من يقول الصحابة رجال ونحن رجال فيستقل في فهمه وعلمه[50]. 40- الرد على من يجيز تمثيل الأنبياء والصحابة[51]. الخاتمة وأهم النتائج للعلماء منزلة جليلة في دين الإسلام دونـهــا بقية المنازل عدا الأنبياء؛ فقد شرف الله تعالى العلماء ورفع أقدارهم وأعلى منازلهم. قال الله تعالى (يَرْفَعِ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ))[52]. وتتجلى مكانة العلماء في كونهم (ورثة الأنـبـياء)، يسيرون على منهاجهم، ويقتفون سننهم في رفع راية الإسلام، والدعوة إلى الله - تعالى -، والأمر بالمعروف والنهي عن الـمـنـكـر، وتعليم العلم، ورعاية حقوق الأمة. ولا تزال الأمّة بخير ما دام فيها علماء ربانيون راسخون في العلم يسلكون السبيل المستقيم، ويسيرون على المنهاج القويم، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم. ولذا كانت الرزية بفقـد العلماء كبيرة، والخسـارة بموتهم عظيمـة. قال رسـول الله -صلى الله عـلـيـه وسلم-: (إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسُئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)[53]. كان سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمــه الله - مـــرآة صادقة لأئمة السلف، وكان علماً شامخاً، ونجماً ساطعاً، وينبوعاً كريماً من ينابيع الخيـر والحكمة، نذر نفسه لخدمة هذا الدين، وظلّ طيلة سنوات عمره مدافعاً عن الشريعة، ومنافحاً عن السنة، حريصاً على نصرة الحق، قائماً على العلم والتدريس ونشر السنة وقمع البدعة والضلالة. جمع سماحته الكثير من المزايا الكريمة والصفات الجليلة الـتـي جعلـتـه يتربع على عرش العلم والدعوة ردحاً من الزمن، وكان له التأثير البالغ فكرياً وعقدياً وفقهياً وسلوكاً على العالم الإسلامي أجمع ، و حسبنا أن نشير هنا إشارات مختصرة إلى شيء يسير من خصائصه التي تميز بها حتى نعلم ما مدى تأثير فكره الفذ على المسلمين في العالم : أولاً: من معالم منهجه العلمي: جمع الله - تعالى - لإمامنا علماً عظيماً؛ فهو بحر من بحور العلم والفهم، تميز - رحمه الله - بمنهج علمي غاية في القوة والأصالة، ومن خصاله في هذا الباب: 1- عنايته القصوى بالدليل، وحرصه الكبير على تعظيم النص الـشــرعي، والوقوف عند حدوده، وكان - رحمه الله - يُعنى عناية فائقة بمعرفة صحيح الحــديـث مــن سقـيمه، وبدراسة الأسانيد ومعرفة الرجال. 2- كـان - رحمــه الله ـ فـقـيـهاً مجتهداً، وعالماً بصيراً، ومفتياً متيقظاً، ينأى بنفسه عن التقليد الأعمى، ومع ذلك؛ فـقـــــد كان مـعـظّـمـــاً لعلماء الأمـة ومجتهديها من المتقدمين والمتأخرين، يحرص على تتبع أقوالهم ودراسة اجتهـاداتـهـم، ويُرجّح منها ما يدلّ عليه الدليل الشرعي الصحيح، بكل تجرد وإنصاف، بعيداً عن التعصب والمعاندة. وكان من تورعه وإنصافه ينهى عن تقليده، ويحث أهل العلم القــادريـــن عـلـى الاجتهاد والنظر وضرورة الرجوع إلى الأدلة والنصوص الشرعية، والاهتداء بهدي السـلـف الصالح - رضي الله عنهم . لقد كان التقليد والالتزام بالمذهب صفة سائدة في عصره عند كثير من العلماء وطلاب العلم، ولكنه - رحمه الله - استطاع بعلمه الراسخ وفهمه الثاقب أن يكسر جمود التقليد، وينهل من معين الكتاب والسنة النبوية، ويحيي مدرسة فقهاء المحدّثين - رحمهم الله تعالى -، ومع ذلك كان يوصي طلاب العلم بضرورة التأني والتورع، والحذر من الجرأة فـي الفتوى قبل استيفاء أدواتها واستكمال ضوابطها وقواعدها العلمية. 3- مراعاتــه التيسير والرفق بالناس، وحرصه على التوسعة عليهم - قدر الطاقة - بعلم وحكمــة، وكان - رحمه الله تعالى - شفيقاً رفيقاً حريصاً حرصاً شديداً على إزالة الحرج ورفـع المشقة عنهم، وله نصيب وافر من قول الإمام سفيان الثوري: (إنما العلم عندنا الرخصة من ثقة، فأما التشديد فيحسنه كل أحد). 4- تحريه وتثبـته في جميع المسائل؛ فكثيراً ما تراه يطيل النظر والتأمل، وكثيراً ما يعمد إلى البحث والمراجـعة، ولا يتحرج على الإطلاق من استشارة غيره من العلماء؛ بل قد يستشير بعض النابهين من تلاميذه وأصحابه. وكان من شدة رسوخه في العلم، وشدة تورعه وتجرده يتحرى الحق ولا يـتـردد فـي الــرجوع عن بعض أقواله إذا تبيّن له الحق في قول آخر. 5- مراعاته للمصالح الشرعية للناس، وحـرصــه على درء المفاسد عنهم قدر الإمكان، مع حرصه الشديد على سد أبواب الذرائع التي قد توصلهم إلى المفاسد. ثانياً: من معالم منهجه الدعوي: كان الشيخ علماً من أعلام الدعوة، ورأساً من رؤوس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن معالم منهاجه الدعوي: 1- إلـمـامـه بأحوال العصر ومتغيراته، وحرصه على تتبع أحوال المسلمين وأخـبــارهــم، وإدراكه لـكـثـيـر مــــن الـمـكـائد والدسائس التي يكيدها أعداء الله - تعالى - على الأمة الإسلامية. ولقد كان سماحة الـشـيخ واسع الأفق، كثير الاطلاع، بصيراً بأحوال المسلمين، وكان الدعاة والمصلحون من المشرق والـمـغــرب يلجئون إليه لإطلاعه على أحوالهم، والاستئناس برأيه، وأخذ مشورته، فكان - رحمه الله - يفـتــح قلبه لهم، ويصغي إليهم بعناية، ويُقبِل عليهم بحرص، ويُخلص لهم النصيحة، ويشدّ عـلـى أيـديـهـــم ويرفع من عزائمهم. لقد كان الشيخ في وسط الأحداث التي تمر بها الأمة الإسلامية، ولم يكن في يوم من الأيام بمعزل عن آلامها وآمالها، بل كان في مقدمة السائرين، يحدوهم بعلمه ودعوته، ويضرب لهم المثل السامي بحرصه وعنايته. 2- من الصفات الجليلة التي لا تخفى عن الشيخ - رحمه الله - أنّه كان صلباً قوياً، قوّالاً بالحق، يصدع بما يؤمن به دون تردد، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، لا يخشى في الله لومة لائم. لقد كان الشيخ غيوراً على دين الله - تعالى - يتمعر وجهه غضباً لله - عز وجل - إذا علم بمنكر من المنكرات، ومن عرفه عن قرب عرف كيف أنه لا يزال منقبض الصدر مهموماً جاداً في إزالته، ولهذا كان له القِدْح المعلّى في صد كثير من الفتن والمنكرات والأهواء، وظلّ ملاذاً آمناً وركناً صلباً يلجأ إليه العلماء والدعاة والمصلحون في ردّ كثير من الشرور والمفاسد. 3- تميّز سماحة الشيخ بالهمّة العالية، والعزيمة الصادقة فعمر أيامه بالدعوة والبلاغ وإظهار الحق، لا تفتر له عزيمة، ولا تضعف له قناة، ساعاته كلها يقضيها في العلم والتعليم والعمل، وأيامه حافلة بالطاعات والخيرات؛ فقد كان - رحمه الله تعالى - مباركاً أينما كان، مفتاحاً للخير، مغلاقاً للشر. ولمّا كبرت سنه، ورقّ عظمه، وأنهكه المرض، لم يزده ذلك إلا قوة وثباتاً وحرصاً على أداء المعروف وبذل أسباب الخير، ولم يسترخِ أو يركن للراحة أو الدعة، وكان أصحابه وجلساؤه من الشيب والشباب يتعبون ويملون؛ أما هو فإنه كان يملك الجلد والمثابرة والصبر على الطاعة بهمّة عالية. 4- كان همّ الدعوة يملأ عليه قلبه، ويشغل فكره، وكثيراً ما يوصي العلماء والقضاة والدعاة بـضرورة الحرص على تبليغ الشرع، وتعليم العلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتراه يسأل أصحابه وطلابه دائماً عن دروسهم وأنشطتهم، ويشجعهم على المواصلة والاستمرار، ويحذرهم من القعود أو الضعف أو العجز، ويزوّدهم بتوصياته ونصائحه. ثالثاً: من أخلاق الشيخ وآدابه: تميز الإمام ابن باز - رحمه الله - بالأخلاق العالية والسجايا الكريمة والآداب الرفيعة، وكان قدوة كريمة في سمته وأدبه ووقاره، أحيا للناس ما كانوا يسمعـونه عن آداب السلف الأُوَل - رضي الله عنهـم -، ولهـذا أحبه الناس حباً عظيماً، وتعلقت قلوبهـم بإجـلاله وتقـديـره. ومـن صفاته الأخلاقية - رحمه الله : 1- كان الشيخ زاهداً ورعاً، تعلّق قلبه بأعمال الآخرة، وما كان يشتغل فيما يشتغل فيه غيره من الخاصة أو العامة من أمر الدنيا وشأنها، بل كان يتنزه ويُعرض عنها، أقبلت عليه بزخارفها وأهوائها وجاهها، ولكنه أعرض عنها، ولم يلتفت إليها، ولم تشغله عن آخرته. وهذه الخلة الكريمة، والصفة العالية الرفيعة، رفعت قدره، وأعلت منزلته عند جميع الناس. 2- من الصفات المشهودة المتواتـرة عـنه: تقديره لمخالفيه وأعذارهم، وتحريه في انتقاء العبارات اللطيفة التي يبين فيها الحق، وكان يترفع عن الفحش في القول، ولا يُعنّف، ولا يُشهّر، ولا ينتقص مخالفيه، وعلى الرغم مـن جفوة بعضهم في الرد عليه، والقسوة في أساليبهم، بل وتجريحه والحط من قدره أحيانـاً؛ إلا أنه كان حليماً، كاظماً للغيظ، واسع الصدر، يقابل إساءتهم بالإحسان، ويدفع شدتهم وغلظتهم باللين والرحمة، ويدعو لهم بالهداية والصلاح، وهذه الصفات الجليلة أكسبته تقدير الناس، واعترافهم بفضله. 3- عُرف عن الشيخ - رحمه الله - تواضعه ولين جانبه مع اللطف والبشاشة وحسن الخلق، وكان يبادر الناس بالسؤال عن أحوالهم وأهليهم، وفتح أبوابه لاستقبال الناس كبيرهم وصغيرهم، أميرهم ومأمورهم، غنيهم وفقيرهم، وكانت مجالسه من المجالس النادرة في هذا الزمان، تراها عامرة بأصناف الناس وألوانهم، ومع ذلك كله تراه يُقبل على محدثه بإصغاء، ويكرمه بلطيف اهتمامه وتقديره، ولا يتردد في مساعدته وقضاء حاجته على قدر طاقته. وأخيراً: لقد رحل الشيخ الإمام (عبد العزيز بن باز) وترك موقعاً شاغراً وثغراً عظيماً، بعد أن أحيا منهج سلف الأمة، وقدّم أنموذجاً متميزاً للعالم العامل. لم يكن الشيخ محدثاً فقيهاً فحسب، ولم يكن داعية مجاهداً فحسب، ولم يكن مفتياً فطناً فحسب، ولم يكن عابداً زاهداً فحسب؛ بل كان مدرسة متكاملة جمعت أصنافاً من الخير؛ فهو عالم العلماء، وإمام الفقهاء، وشيخ المصلحين، وقائد الدعاة في هذا العصر. رحل الشيخ وترك وراءه أمانة عظيمة ينوء بحملها أولو القوة؛ فقد كان رجلاً بأمّة. وعلى العلماء من بعده مسؤولية كبيرة، والواجب عليهم أن يتعاونوا ويأتلفوا ويقوّي بعضهم بعضاً. نـسأل الله - تـعـالى - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر لشيخنا وإمامنا، ويرفع درجته ويجعل قبره روضة من رياض الجنة، ويرزقه الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يأجرنا في مصيبتنا، ويخلفنا خيراً منها.[54] هذا ما تيسر جمعه من آراء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رئيس هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والمفتي العام للمملكة العربية السعودية –سابقاً – رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته . وأسأل الله تعالى أن أكون قد وُفقت للصواب والسداد ، وأن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم . والله تعالى أعلم . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. أهم المراجع والمصادر 1- جوانب من سيرة الإمام / عبد العزيز بن عبد الله بن باز برواية الشيخ محمد بن موسى الموسى إعداد /محمد الحمد ط الأولى دار ابن خزيمة بالرياض 1422هـ 2- ابن باز في قلوب محبيه جمع / مانع بن خرصان أل الخرصان ط أولى 1420هـ مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض 3- ابن باز الداعية الإنسان سلسلة الأعلام عكاظ ( مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر ) جمع / فهد البكران محمد طلبة دون تاريخ 4- الشيخ ابن باز ومواقفه الثابتة إعداد / أحمد بن عبد الله الفريح مكتبة الرشد بالكويت ط أولى 1420هـ 5- فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ط ثانية طبع رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء 1422هـ 6- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ت الشيخ العلامة/ عبد العزيز بن باز طبع رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء 1423هـ 7- مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز أ.د/ عبدالله الطيار أحمد بن عبد العزيز بن باز دار الوطن ط أولى 1416هـ 8- إمام العصر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ت د / ناصر بن مسفر الزهراني ط ثالثة 1421هـ الجريسي للتوزيع 9- سيرة وحياة الشيخ عبد العزيز بن باز موسوعة أعلام اقرن الرابع عشر والخامس عشر ت / إبراهيم بن عبدالله الحازمي دار الشريف ط 1422هـ 10- حوار من القلب مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز إعداد نبيل بن محمد محمود دار القاسم بالرياض ط أولى 1422هـ 11- أعداد مجلة البيان الإسلامية إصدار المنتدى الإسلامي بلندن 12- أعداد مجلة البحوث الإسلامية طبع رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء 13- موقع الشيخ على الشبكة العالمية ( الأنترنت)www.binbaz.org.sa فهرس الموضوعات الموضوع الصفحة مقدمة .................................................. ................................ 2 تمهيد .................................................. ................................ 4 الفصل الأول.................................................. ..........................5 المبحث الأول.................................................. ..........................5 ترجمة الشيخ ابن باز............................................... .....................5 المبحث الثاني.................................................. .........................5 طلبه العلم ودراسته........................................... ...........................5 المبحث الثالث.................................................. .........................6 شيوخه............................................. .....................................6 المبحث الرابع.................................................. .........................6 أعماله ومناصبه........................................... ..............................6 مؤلفاته........................................... .......................................7 المبحث الخامس.................................................. .......................7 وفاته رحمه الله.............................................. ............................7 الفصل الثاني.................................................. .......................8 الظروف البيئية المؤثرة في فكر الشيخ ابن باز ..........................................8 البيئة السياسية.......................................... .................................8 خلاصة تأثير هذه التغيرات السياسية على فكر الشيخ رحمه الله..........................8 أولاً .................................................. ..................................8 ثانياً............................................ .........................................9 ثالثاً............................................ .........................................9 تأثير البيئة الفكرية والثقافية على فكر الشيخ رحمه الله...................................9 الفصل الثالث .................................................. .....................10 أبرز آراء الشيخ عبد العزيز العقدية .................................................. .10 مسألة الطواف بالقبور........................................... ........................10 الحكم بغير ما أنزل الله .................................................. ...............10 التحاكم إلى الأعراف القبلية .................................................. ..........11 الطعن في القرءان والسنة .................................................. ............11 التخلق بأخلاق الله .................................................. ....................11 الحلول .................................................. ...............................11 المولد .................................................. ................................12 الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج .................................................. ......12 الاحتفال بليلة النصف من شعبان .................................................. .....12 الفصل الرابع .................................................. .......................14 آراء الشيخ عبد العزيز الفكرية .................................................. .......14 المبحث الأول .................................................. ........................15 أهم أبرز الشيخ عبد العزيز الفكرية .................................................. ...15 التضامن الإسلامي .................................................. ...................15 وجوب الدعوة إلى التضامن الإسلامي .................................................. 15 رسالته للملك فيصل رحمه الله .................................................. ........16 رأيه في غزو العراق للكويت .................................................. .........18 رأيه في استعانة السعودية بجيوش عالمية ...............................................18 رأيه في قول من قال إن الإسلام انتشر بالسيف .........................................18 رأيه في مسألة : مكان قبر الحسين .................................................. ...19 آراؤه في التربية والدعوة .................................................. ............20 تعليم البنات .................................................. ..........................20 حركة الإخوان المسلمين .................................................. .............20 الحوار الإسلامي المسيحي .................................................. ..........20 العلاقات الدولية مع اليهود وغيرهم والهدنة معهم ......................................20 رده على فضيلة الشيخ الدكتور/ يوسف القرضاوي .....................................20 آراؤه في التطرف .................................................. ...................21 آراؤه في وسائل الغرب في ترويج أفكاره بين المسلمين ................................21 رده على افتراء من قال : إن ابن باز أهدر دم القائل بكروية الأرض ...................24 المبحث الثاني .................................................. .......................26 جهود أخرى فكرية للشيخ .................................................. ...........26 مناصحته لرؤساء العالم الإسلامي .................................................. ..26 رسالته إلى الرئيس الباكستاني محمد ضياء الحق........................................26 رسالته إلى أحد الأمراء .................................................. ............. 26 رسالته إلى أحد أمراء الخليج .................................................. ........ 26 رسالته إلى قادة الدول العربية .................................................. ....... 26 رسالته إلى صدام حسين .................................................. ............. 26 رسالته إلى عموم حكام المسلمين .................................................. .....26 نصيحته للعقيد معمر القذافي .................................................. ..........26 المبحث الثالث .................................................. .......................27 الردود والتعقبات .................................................. .....................27 الخاتمة وأهم نتائج البحث .................................................. ............30 أولاً : من معالم منهج الشيخ العلمي .................................................. ..30 ثانياً : من معالم منهجه الدعوي .................................................. ......31 ثالثا:من أخلاق الشيخ وآدابه .................................................. ........ 32 أهم المراجع والمصادر .................................................. ..............34 فهرس الموضوعات .................................................. .................35 #- هذه تسمى خطبة الحاجة التي كانت سبباً في إسلام الصحابي الجليل ضماد الأزدي ، رضي الله عنه . [1]- من كلام الشيخ / عبدالعزيز البدري في كتابه بين العلماء والحكام ، نقلاً عن مجلة البيان العدد 13 ذو الحجة 1413هـ [2]- جوانب من سيرة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز 33 . الشيخ ابن باز ومواقفه الثابته 11 2- السابق والصفحة ، فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 2 . مجموعة فتاوى ومقالات الشيخ 1/ 11 3- جوانب من سيرة الإمام 34 ، فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 4 مجموعة فتاوى ومقالات الشيخ 1/ 12 4- مجموعة فتاوى ومقالات الشيخ 1/ 12 . ولولا الإطالة لسردتها جميعها ، ولكنني أكتفي بذكر عناوينها .. 5- إمام العصر 17 . 6- جوانب من سيرة الإمام 605 . بن باز في قلوب محبيه 45. موسوعة أعلام القرن الرابع عشر والخامس عشر 4/1908 قصيدة الرحيل المر 20-ابن باز (11) 20- طبقاً لنظام القضاء الصادر في 14/7/1395هـ والمعدل بالمرسوم الملكي رقم م/وتاريخ 24/10/1395هـ 24-ابن باز الداعية الإنسان – 18 ، إمام العصر 105 7- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 1/13 – المائدة الآية (5) 8- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 1/49 9- طه الآيات 124-126 ، مجموع فتاوى ومقالات 1/79 10- مجموع مقالات – 1/80 11- صدرت في نشرة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة تحت رقم9 ، مجموع فتاوى ومقالات الشيخ 1/ 82 بتصرف يسير . 12- مجموع فتاوى 1/133 1- القصص ، الآية 44 2- آل عمران ، الآية 44 3- آل عمران ، الآية 44 4- الشورى الآية 11 14- مجموع فتاوى ومقالات الشيخ 1/178. 15- مجموع فتاوى 1/184. 16- السابق 1 /187 17-مجموع فتاوى ومقالات – 1/226 18- ابن باز الداعية الإنسان 36 19-ابن باز الداعية الإنسان (بتصرف) 35 25-يتضح لك جلياً من خلال حصول الشيخ على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام في 16 ربيع الأول 1402 هـ ، جاء في الفقرة الرابعة: حرصه على إيجاد الحلول المناسبة لقضايا الإسلام والمسلمين في الديار والأصقاع المختلقة . إمام العصر 76 . 26-مجلة البحوث الإسلامية – العدد الثالث 1397 هـ - 8 1- الآية الكريمة من سورة آل عمران (110) 1- مجموع فتاوى ومقالات – من السادس- 93-95. 3- المرجع السابق والصفحة 2- مجموع فتاوى ومقالات 8/35 1- مجموع فتاوى ومقالات 8/42 1- مجموع فتاوى ومقالات 8/226-229 [3]- حوار من القلب مع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز س200ص219-225 وموقع الشيخ في الأنترنتwww.binbaz.org.sa [4]- الشيخ ابن باز ومواقفه الثابتة 146. موقع الشيخ في الأنترنتwww.binbaz.org.sa [5]- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 4/185 [6]- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 6/229 [7]- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 6 / 228 [8]- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 6/ 63 *- أثناء كتابة هذا البحث ؛ سمعت خبر اعتقاله من قبل قوات الاحتلال الأمريكي بالعراق ورأيته في القنوات الفضائية كث اللحية في هيئة محزنة جداً ؛ ورغم ما يُعرف عنه من الظلم والطغيان إلا أنه يحز في النفس أن يعتقل بهذه الطريقة وبيدٍ نصرانية باغية . وعلى كل حال فإن الله تعالى له حكمٌ وعبر عظيمة لمن يعتبر ، اللهم لا تجعلها شماتة وتب عليه وورده إلى الحق رداً جميلاً ، فإنك تغفر الذنوب ولا تبالي! . [9]- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 7/ 394 [10]- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 6 /50 [11]- مجلة البحوث الإسلامية العدد 5 ص 262 الشيخ ابن باز ومواقفه الثابتة 436 [12]- اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة الإرشاد بالمملكة العربية السعودية ، وكان الشيخ رحمه الله رئيساً لها . [13]- (( مجلة البحوث الإسلامية )) العدد (12) ص (124) [14]- (( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة )) (4/353). [15] - ((مجموع فتاوى ومقالات متنوعة )) (1/284) وقد طبع هذا الرد في كتيب باسم (( نقد القومية العربية )) [16] - (( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة )) (1/216) و (2/400). [17]- ((مجلة البحوث الإسلامية )) العدد (38) ص (112) و ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (3/79) . [18]- (( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة )) (1/433) . [19]- (( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة )) (2/136) . [20]- (( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة )) (3/171) . [21](( مجموع اللجنة الدائمة )) (3/158) . [22]((فتاوى اللجنة الدائمة)) (3/168) . [23]- ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (3/229 و 232) [24]- (( فتاوى إسلامية )) (1/130) . [25]- (( فتاوى إسلامية )) (1/67) [26]-((فتاوى اللجنة الدائمة)) (2/80) [27]- ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (2/224 - 240) و ((مجلة البحوث الإسلامية )) العدد (39) ص (145) [28] - ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (2/283) [29]- ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (2/287- 306) و (( مجلة البحوث الإسلامية )) العدد (36) ص (85) [30] - (( فتاوى إسلامية )) (1/161) . [31] - ((فتاوى إسلامية)) (1/163) . [32] - ((فتاوى إسلامية))(1/159) . [33] -((مجلة البحوث الإسلامية))العدد(36)ص(105) [34] -((مجموع فتاوى ومقالات متنوعة)) (6/341) [35] -((مجموع فتاوى سماحة الشيخ)) (3/1103) [36] -((مجموع فتاوى سماحة الشيخ)) (3/1098) [37] -((مجموع فتاوى سماحة الشيخ)) (3/1089). [38] - (مجموع فتاوى سماحة الشيخ)) (3/1078) [39] -((مجموع فتاوى ومقالات متنوعة)) (1/380) [40]- ((مجلة البحوث الإسلامية)) العدد (6) ص(297) والعدد(32) ص(83) [41] - (( مجلة البحوث الإسلامية )) العدد (30) ص (297) [42] -(( مجلة البحوث الإسلامية )) العدد (26) ص (7) [43] -(( مجلة البحوث الإسلامية )) العدد (9) ص (39) . [44] -(( مجلة البحوث الإسلامية )) العدد (29) ص (102) [45] -((مجلة البحوث الإسلامية )) العدد (29) ص (345) [46] - ((مجلة البحوث الإسلامية )) العدد (22) ص (329) [47] -(( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة )) (4 /415 ) [48] -((مجموع فتاوى ومقالات متنوعة )) (6 /323) [49] - ((مجموع فتاوى سماحة الشيخ)) (2/760) [50] -((مجموع فتاوى سماحة الشيخ)) (3/1270) [51] - (( مجلة البحوث الإسلامية )) العدد (42) ص (113) وانظر (( مجموع فتاوى سماحة الشيخ )) (3/1257) وينظر الشيخ ابن باز ومواقفه الثابتة 435 . [52]-[المجادلة: الآية11] [53] - البخاري، ح./100، ومسلم، ح./ 2673 . نقلاً عن مجلة البيان العدد 139ربيع الاول 1420 [54]- مجلةالبيان العدد 139ربيع الأول 1420هـ بتصرف .
آخر تعديل موسى محمد هجاد الزهراني يوم
29/01/2005 في 05:10 PM.
|
اخر 5 مواضيع التي كتبها موسى محمد هجاد الزهراني | |||||
المواضيع | المنتدى | اخر مشاركة | عدد الردود | عدد المشاهدات | تاريخ اخر مشاركة |
إلى الشيخ : محمد المنجد .. فصبرٌ جميل !! | فضيلة الشيخ موسى محمد هجاد الزهراني | 5 | 5262 | 09/01/2010 11:13 PM | |
في جريدة اليوم | فضيلة الشيخ موسى محمد هجاد الزهراني | 9 | 2857 | 22/05/2009 10:47 PM | |
.. ليلة مع الشعراء ! | فضيلة الشيخ موسى محمد هجاد الزهراني | 9 | 3468 | 12/02/2009 02:10 AM | |
رحلة الى الجامع الأزهر !! | فضيلة الشيخ موسى محمد هجاد الزهراني | 8 | 3497 | 03/02/2009 05:24 AM | |
الوفاء بين الكلب والسموأل ! | فضيلة الشيخ موسى محمد هجاد الزهراني | 8 | 2828 | 26/01/2009 06:17 AM |
01/02/2005, 07:56 PM | #2 |
مشرف متميز سابق
|
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك وبعلمك ابناء المسلمين انه على مايشاء قدير الله يعطيك العافية يا شيخنا واخونا ابا محمد وعقبال ما نبارك لك في شهادة الماجستير وفقك الله لما يحبه ويرضاه اخووووووك السحاب البعيد
|
|
17/02/2005, 05:26 PM | #4 |
|
أخي الفاضل :: .. '*¤!||!¤*'` موسى بن محمد '*¤!||!¤*' .. وأسعد الله أوقاتك بكل خير ** و ** نفع الله بعلمك وطرحك الراقي , وجعلك من مشاعل الخير والهدى بورك الطرح وبورك صاحبه , وغفر الله لشيخنا ورفع منزلته عنده . دمت بود .. مع اجمل تحية لقلبك الطيب أخوك ومحبك في الله صدق المشاعر |
|
02/03/2005, 11:21 PM | #5 |
عضو متميز
|
مشكووور عيوني موسى والله يعطيك الف عافيه وان شاءالله احاول اساعدك بالبحووث
وفكره جميله عيوني والله لا يحرمنى من جميل طرحك ياقلبي وراح يستفيد من هذا الموضوع الكثير والله يجزاك الف خير عاشق رباع |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أفطر الشيخ علي التمر و الخمر فأسلم البريطاني | نهرالعسل | منتدى اليوتوب والمقاطع | 3 | 10/06/2007 08:00 AM |
أفطر الشيخ على التمر والخمر !! فأسلم البريطاني !! | العجران | المنتدى الإسلامي | 1 | 06/06/2007 05:23 PM |
هل سمعتم بقصّة الشيخ الوقور وركاب القطار؟؟ | نهرالعسل | منتدى القصص و الروايات المتنوعة | 1 | 06/06/2007 05:22 PM |
ماذا تعرف عن الشيخ محمد المنجد ؟! | موسى محمد هجاد الزهراني | فضيلة الشيخ موسى محمد هجاد الزهراني | 2 | 21/02/2005 01:09 AM |
الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية ) |
|||||