الخبير الاسري جاسم المطوع:حوار الطرشان يخرب البيوت

يعتبر الخبير الأسري الدكتور جاسم المطوع من المهتمين بقضايا الأسرة العربية واستقرارها
دعاء بهاء الدين – جدة
تصوير: أحمد المقدام
ودائماً ما يؤكد أن بناء أسرة مسلمة سعيدة يعتبر من أهم برامجه الاجتماعية التي يسعى لتحقيقها. «رؤى» التقت المطوع، فأكد أن جيل اليوم جيلٌ مهلهلٌ تربوياً؛ نظراً لتعقيدات الحياة، كما كشف أن غياب الحوار بين الزوجين يعتبر سبباً رئيسياً في الكثير من حالات الطلاق في الخليج، وألمح إلى أن الاستفادة من القانون اليوسفي يبعد أطفال الخليج من التحرش الإلكتروني..
ما مدى تأثير ارتفاع مستوى المعيشة في دول الخليج على مؤسسة الزواج؟
الخليج سابقاً يختلف عنه حالياً في مستوى المعيشة، ففي السابق كان الزواج سهلاً وتكاليفه ميسرة، والأسرة كلها تقف مع المتزوج وتعينه، ولا يكاد المتزوج يتكلف شيئاً بسبب المساعدات التي يتلقاها من أهله وإخوانه ومن حوله.
أما اليوم، فإن الوضع مختلفٌ كثيراً عن السابق، فتكاليف الزواج مرتفعة؛ بدءاً بالمهور ومصاريف الزواج، وانتهاءً بمستلزمات الحياة من تأمين المسكن والأثاث، مع ملاحظة مصاريف المعيشة اليومية، مما يضطر الزوجان للعمل من أجل تأمين لقمة العيش.
وهذه الحال كان لها تأثير مباشر في مجال التربية، الذي هو –أساساً- دور الزوجة داخل المنزل، فبدأ الاعتماد كثيراً على الخدم والشغالات لخروج الزوجين للعمل، فصار عندنا جيل مهلهل تربوياً، وهذا مؤشر خطير لا بد من الانتباه له.

غياب الحوار
■ تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الطلاق في المجتمعات الخليجية مرتفعة، و38 في المائة منها بسبب غياب الحوار بين الزوجين، فما السبب في رأيك بذلك؟
بحكم تجربتي في المجال الأسري فهذه حقيقة. إن غياب الحوار من أهم أسباب الخلاف الأسري على مستوى الزوجين، كذلك في خلاف الوالدين مع أبنائهم، ولغياب الحوار أسباب كثيرة منها أسباب تربوية؛ كأن يكون أحد الزوجين أو كلاهما قد تربيا في بيئةٍ لا حوار فيها، أو فقيرة بالحوار.
وقد يكون السبب تعليمياً: فأسلوبنا في التعليم المدرسي لا يعتمد أساساً أسلوب الحوار، إنما الحفظ والتلقين، فيتربى الجيل على عدم الحوار وعلى إصدار الأوامر فقط، أو يتربى الجيل على النفس القصير بالحوار؛ مما يؤدي إلى كثرة الخلاف والمشاكل الزوجية.

المرأة والحقوق
■ باعتبارك دارساً للحقوق، هل ترى أن الزوجة العربية المسلمة حصلت على حقوقها كاملة؟
الزوجة العربية المسلمة نالت جانباً كبيراً من حقوقها، لكنها تتفاوت من دولة لأخرى، ففي بعض الدول العربية والمسلمة لا تستطيع المرأة ـحتى هذه اللحظةـ أن تمارس حياتها التجارية بحرية، أو حياتها التعليمية بحرية. وفي بعض الدول لا تزال المرأة محرومة من حقها السياسي، لهذا فلا يمكن تعميم الجواب على الجميع، ولكن المراقب لأوضاع البلاد العربية يلاحظ أن المرأة يوماً بعد يوم تنال جزءاً من حقوقها، وإن شاء الله ومع مرور الوقت تأخذ كامل حقوقها، وبالمقابل نتمنى أن تلتزم بأداء كامل واجباتها؛ لأن من يأخذ لا بد أن يعطي.

علاج المشكلات الأسرية
■ في دراسة ماليزية؛ عندما وصلت نسبة الطلاق إلى 30 في المائة في البلاد، اتخذت الحكومة الماليزية بعض الإجراءات بخصوص التقريب والتجديد في العلاقة بين الزوجين، كيف ترى دور الحكومات المسلمة في المساهمة في الاستقرار الأسري؟
علاج المشاكل الأسرية وتقليل نسبة الطلاق في مجتمعاتنا هي مسؤولية يشترك فيها ثلاث جهات: القطاع الحكومي، والقطاع الخاص، والقطاع الأهلي (والمتمثل باللجان الخيرية والأوقاف والجمعيات التعاونية)، فإذا اجتمعت هذه القطاعات الثلاثة كانت النتيجة إيجابية. وبالنسبة للحكومات فلها دور كبير تستطيع فعله من خلال توعية الأسرة، والإشراف عليها تربوياً، وتدريبها؛ وعندها ستقلُّ نسب الطلاق بمجتمعاتنا.

تطوير البرامج الاجتماعية
■ هل البرامج الاجتماعية أصبحت نسخاً مكررةً، تعتمد على الموضوعات المتكررة دون الوصول إلى حلول فعلية لمشكلات الأسرة العربية؟
هذا الأمر حقيقة وللأسف، مع أن البرامج الاجتماعية تحتاج إلى نوع من التطوير في الشكل والمضمون حتى تكون مؤثرة وتجذب المشاهد، أما الشكل فلا بد من الاهتمام بالإخراج الفني للبرنامج؛ لأن التلفزيون صورة وليس إذاعة مسموعة، والاهتمام بالصورة ضروري لتكون جاذبة، وأما المضمون فحتى يكون البرنامج مؤثراً ومفيداً، فلا بد أن يمس الواقع الاجتماعي، وأن يقدم حلولاً عمليةً لا نظرية؛ ليستفيد منها المشاهد.
أما ما نلاحظه اليوم فالبرامج كثرت، والعناوين تغيرت، لكن المضمون بقي واحداً ومكرراً.

القانون اليوسفي
■ مع تلاحق العصر وانتشار الفضائيات، كيف ترى دور الأسرة في تربية الأبناء؟
سابقاً، كانت الفضائيات لها تأثير كبير على الأسرة، أما اليوم فأصبح الإنترنت ينافس الفضائيات من خلال ما يطرحه من برامج ترفيهية وتشويقية وتفاعلية تجذب أفراد الأسرة، وأصبح الواحد اليوم لا يستطيع أن ينسلخ عن هذا الواقع، إنما كل الذي يستطيع فعله أن يستفيد من (القانون اليوسفي) للتربية، وهو القانون الذي أسسه يعقوب عليه السلام، عندما نشأ يوسفُ عليه السلام في بيته وتربي إيمانياً بشكل قوي، ثم لما أصبح شاباً
وحاولت امرأة العزيز أن تراوده عن نفسها (وهي تُمثِّل البرامج الفضائية الهابطة اليوم) اعتصم بالله، وثبت بسبب تنشئته الإيمانية. وهذا ما نحتاجه اليوم.

الإهمال التربوي
■ هناك دراسة تشير إلى أن 37 في المائة من أطفال الخليج يتعرضون للتحرش الإلكتروني، كيف ترى دور المؤسسات الحقوقية العربية في حماية الأطفال من جميع أنواع التحرش وجميع أنواع الاستغلال والإهمال الأسري؟
الإهمال التربوي جريمة لا تغتفر، لهذا لا بد من حفظ حق أبنائنا الصغار، وتعليمهم كيف يطلبون حقوقهم في حالةِ لو قصَّرَ والدهم أو والدتهم بتربيتهم! وقد سبق القوانينَ سيدنا عمرُ الفاروق -رضي الله عنه- عندما جاءه رجلٌ يشتكي من عقوق ولده، فلما سمع رد الابن على والده وكيف أنه قصَّر في حقه وتربيته، قال له: »عققتَ ابنك قبل أن يعقك«!
فمن حق الأبناء على الآباء حسن تربيتهم ورعايتهم، وللمؤسسات الحقوقية العربية دور مهم في حماية الأطفال من جميع أنواع التحرش والاستغلال، ولا بدَّ من دعم هذه المؤسسات، خاصة أن مجتمعاتنا العربية لا تتفاعل بشكل إيجابي مع هذه المؤسسات، لا من خلال الدعم المادي، ولا من خلال الدعم المعنوي والاستشاري. ثم هناك قصور في بعض القوانين، فمثلاً؛ التحرش الالكتروني: ما عقوبته؟ وما الجهاز المُكلّف بالمراقبة والمتابعة والتقصي؟!
■ هل أصبحت القنوات الإسلامية تتبع سياسة الحكومات فابتعدت عن الهدف الأساسي من إنشائها؟
القنوات الإسلامية لها أهدافها، وكل قناة لها هدف مختلف عن الآخر، فمثلاً؛ نحن في قناة اقرأ نهدف إلى تنمية المسلم وتوعيته ليصبح مسلماً متمسكاً بدينه، يُحسن التعامل مع واقعه من خلال طرح الإسلام المعتدل والوسطي، كما لا يخفى عليكم فهناك بعض القنوات الإسلامية التخصصية الأخرى، مثل قناة خاصة للقرآن، وأخرى للسنة، وثالثة للأناشيد، ورابعة للزواج، وهكذا.. أما اقرأ فهي قناة ثقافية دينية.
وبخصوص اتباع القنوات سياسة الحكومات فلا نستطيع أن نطلق الكلام هكذا على عمومه، لكن في الإجمال، فإن القنوات الإسلامية هي أقرب إلى الثقافية منها إلى السياسية، فليس من منهجها أو مقصدها معادات الحكومات أو التقرب منها.

مشروع تربوي
■ أكاديمية الفرحة مشروع أسري تربوي رائد، حدثنا أكثر عنه، وكيف تفعل برامجه في عالمنا العربي من أجل تحقيق الأهداف التربوية والأسرية؟
أكاديمية الفرحة مشروع تربوي يعتمد على نظام التعليم عن بعد، ويستطيع المشترك في الأكاديمية التسجيل في أحد البرامج أو المواد المتخصصة في الشؤون الأسرية، ويستمر في برنامج التعليم لمدة ثلاثة أشهر، مع متابعة من مختصين وعمل اختبارات، ثم يتخرج وينال شهادةَ التخصص. والحمد لله، فالإقبال على الأكاديمية كبير جداً، وقد تخرج فيها نخبة كبيرة من مختلف المستويات، وهذا من توفيق الله لنا.
■ ما أهم المعوقات التي تقف عائقاً أمام الأسرة المسلمة لتحقيق أهدافها التربوية والاجتماعية؟
أهم العوائق أمام الأسرة اليوم؛ تسارع المتغيرات الاجتماعية، ووسائل الاتصال، وزحمة ضغوط الحياة؛ حتى أثرت على الأولويات، فأصبحت الأسرة اليوم لا تعرف أولوياتها، وتشتَّت الجهود، ولهذا فأهم خطوة اليوم ينبغي أن تتخذها الأسرة هي تحديد هدفها، ووضع خطة واضحة لها تلتزم بها، على أن يكون التعليمُ أهمَّ شيء في خطتها، وتربية النشء على الإيمان والارتباط بالله تعالى من دعائم الخطة، بالإضافة إلى تفاصيل الكسب الاقتصادي والمالي.

خدمة قضايا الأمة
■ اختيارك من أفضل 500 شخصية إسلامية مؤثرة في العالم الإسلامي، كيف يمكن لهذا أن يُفعِّلَ تجاه قضايا المجتمع الإسلامي؟
أولاً أحمد الله تعالى أن تمَّ اختياري من 500 شخصية مؤثرة في العالم الإسلامي، وهذه النتيجة تُحملني مسؤولية كبيرة تجاه ما نقوله ونفعله، فنسأل الله أن يوفقنا ويعيننا، واليوم الأمة بحاجة إلى قيادات وقدوات تقدم الإسلام بصورة عملية وواقعية، مرتبطة بالأصل وتواكب العصر. وهذه الشخصيات الـ500 لا بد أن يكون لها دور في ما يهم المجتمعات المسلمة والعربية، وبالنسبة لي فهذا الاختيار يتطلب مني بذل المزيد من الجهد لخدمة قضايا الأمة -خاصة في الجانب الأسري والتربوىـ الذي هو اختصاصي الرئيسي، ويتطلب مني التفاعل بشكل أكبر مع المحيط الذي حولي.

الإعلام يؤثر على سلوكيات البشر
هناك دراسة قامت بها د عزة كريم، أستاذة علم الاجتماع في مصر ، أشارت إلى تأثُّر العلاقات الزوجية بما يُقدَّم في الفضائيات، ودليل ذلك ارتفاع معدلات الطلاق إلى 70 ألف مطلقة في مصر، وبصراحة أن الإعلام مُؤثِّر على سلوكيات المشاهد؛ وإلا لما تمَّ هذا الصرف الكبير بملايين الدولارات على الإعلانات والدعايات، وكذلك الإعلام يؤثر على معتقد الإنسان وسلوكه؛ ولهذا فالدول الكبرى تستعين به كوسيلةٍ لترويج أفكارها وسياساتها، وبعد هذا كله يكون حكم الإعلام الاجتماعي نفسَ الشيء، فالأسرة تتأثر بما تشاهده من مسلسلات وأفلام وبرامج فضائية. وأنا شخصياً وصلتني ـولا تزالـ رسائل كثيرة عن أُسرٍ كانت مطلَّقة ومتفككة فرجعت واستقرَّت، وأُسر كان لديها مشاكل فأصبحت سعيدةً بعدما تابعوا وشاهدوا برنامجي (الأسرة السعيدة) على قناة اقرأ الفضائية، وهذا مثال على تأثير الإعلام الهادف على حياة الناس الاجتماعية، ولا بد من وجود برامج متعددة على نفس المنوال حتى يعمَّ التأثير الإيجابي.

اتمنى يحوز اختياري وطرحي على رضاكم
ولكم الشكر الجزيل

لؤلؤة زهران

لقاء راااائع تسلم الأيادي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة متعب الدوسي [ مشاهدة المشاركة ]

لقاء راااائع تسلم الأيادي

مشكور اخوي على مرورك بارك الله فيك
كل عام وانت بخير وعافيه