#1
|
|||||||
|
|||||||
مقالات الكاتبه فوزية سلامه
خسارة خسارة
أدل اللحظات في حياة انسان هي تلك التي يجتمع فيها الماضي والحاضر في فكرة او لفتة او ذكرى. وقد اجتمع حاضري وماضيَّ عدة مرات هذا الاسبوع: حين حمل إلي ساعي البريد هدية من زميل دراسة: كتابا بعنوان آفاق حياة.. مائة قصيدة كتبتها نساء. كعادتي فرحت بالكتاب وفتحته عشوائيا فاستقرت عيناي علي قصيدة كتبتها شاعرة اسمها اليزابث بيشوب عن فن الخسران، حمّلتها فلسفة طالما علمتني اياها الحياة وهي ألا تفرح كل الفرح ولا تحزن كل الحزن مهما كانت الاسباب. اعتبرت الحدث وهو حصولي على الكتاب وقراءتي لتلك القصيدة بالذات رسالة تنبهني الي حالة الحزن الكبير التي وقعت في شباكها من جراء جريمة قتل ارتاع لها المجتمع العربي في بريطانيا وتناقلته وسائل الاعلام العربية والبريطانية: جريمة وقعت على بعد 100 متر من البيت الذي أسكنه في احدى الضواحي الهادئة. حين بلغني الخبر وسمعت باسم الضحية انفجر الحزن بداخلي كالشظايا. فقد كانت الفقيدة صديقتي التي رافقت منذ بداياتها في رحلة الاغتراب الطويلة. التقينا في مطار هيثرو بلندن حين وصلت: فتاة شابة حديثة التخرج في الجامعة الامريكية في مصر، سمراء الوجه حين تبتسم تبدأ ابتسامتها من العينين ثم تسافر من العينين الي ثغر يفتر عن اسنان بيضاء منتظمة. هكذا كانت، وهكذا ظلت رغم تواتر الازمنة والتجارب والسنين. في ذلك المساء البعيد من العام 1977 رفضت ان اتركها نهبا لأسنان الغربة لو انها امضت ذلك المساء الاول وحيدة في غرفة ما في فندق ما. فدعوتها علي استحياء ان ترافقني الى بيتي حيث زوجي وابنتي. وسرني انها قبلت رغم ان ذلك اللقاء كان الاول بيننا. فيما بعد ادركت ان كلا منا له دور مرسوم في حياة الآخرين. وربما كان دوري في حياتها ودورها في حياتي هو ان ترافق احدانا الاخرى في رحلة الاغتراب الى حين. فقد استمرت خطوط حياتي وحياتها تتقاطع تارة وتتوازى تارة اخرى. تزاملنا في العمل ثم فرقتنا اعتبارات مهنية. ومع ذلك، استمرت خطوط التماس بيننا حيث انها كانت شديدة الولع بطفلتي انذاك. وكم من امسية هدهدتها وغنت لها بصوت عذب رقيق حتى استسلمت للنوم. وامتدت خطوط الحياة المتوازية حين تزوجت صديقتي صديقا لزوجي. وفي يوم الزفاف أبت ابنتي ان تترك يد العروس ظنا منها ان انتماءها العاطفي لتلك العروس يمنحها حق الملكية المطلقة بحيث لا يجب ان ترحل العروس مع عريسها. عرفت (ليلى) زميلة وعرفتها صديقة وجارة وعرفتها زوجة وأما وابنة وشقيقة. كانت بيننا ثقة ومودة لا تتغير بتغير الظروف. وكم بهرتني مواهبها وديناميكية الطاقة التي تتعامل بها مع الحياة ومع العمل. لم اسمعها يوما تذكر انسانا بسوء ولم ار وجهها عابسا حتى في اصعب الظروف. قبل الحادث بيومين تبادلنا حديثا طويلا. ويوم الحادث تبادلنا حديثا قصيرا على الهاتف ووعدت بزيارتي في المساء. ولكنها لم تأت لأنها كانت على موعد مع القدر. منذ ان بلغني النبأ وطيفها يلوح في خيالي بعيدا متحركا كصور المشكال تبتسم تارة ثم يعتريها سكون مضطرم وكأنها تسألني: لماذا؟ ليتني اعرف الاجابة. ولكني لا اعرف. عرفت معنى جديدا للحزن حين رأيت ولدك وطوقته بذراعين عاجزين عن وداعك حتى بلمسة. لا اجد ختاما لتلك السطور افضل من كلمات قرأتها في كتابي الجديد تقول فيها الشاعرة: ليس صعبا ان تجيد فن الخسران.. تمرن على تقبل خسارة وخسارة وخسارة. لقد استرد الله وديعته. وتقبلت قضاء الله يا ليلى. ولكن الخسارة اكبر من قدرتي على اجادة فن الخسران الذي تدعو اليه الشاعرة. |
اخر 5 مواضيع التي كتبها مشهور | |||||
المواضيع | المنتدى | اخر مشاركة | عدد الردود | عدد المشاهدات | تاريخ اخر مشاركة |
صور: وزير النقل يباشر ميدانياً التحقّق من مسبّبات... | محـليــــــــات | 0 | 1786 | 21/12/2013 01:19 AM | |
صور: رجال الحرس الوطني ينفذون حرباً إفتراضية أمام... | محـليــــــــات | 0 | 1972 | 21/12/2013 12:42 AM | |
راتب الزوجة … أهو للزوجة وحدها؟ | منتدى حواء | 1 | 3788 | 21/12/2013 12:19 AM | |
عن ماذا تبحث الفتاه في شريك حياتها ؟ | منتدى العرائيس | 0 | 5988 | 21/12/2013 12:13 AM | |
تركي الفيصل ينفي لقاءه بمسولين اسرايلين في موناكو | منتدى الاحداث السياسية والجريمة | 0 | 1880 | 20/12/2013 11:12 PM |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
|
|
الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية ) |
|||||