كيف تزرع الوطنية في أسبوع

تلميح وتصريح

كيف تزرع الوطنية في أسبوع

حمود أبو طالب


«أعطت وزارة الشؤون الإسلامية لخطبائها الذين تجاهلوا الحديث عن المؤامرة الإرهابية التي نفذها 6 من أعضاء تنظيم القاعدة ضد منفذ الوديعة الحدودي، ومبنى مباحث شرورة، فرصة لتصحيح مواقفهم في خطبة الجمعة (أمس). وطلبت من خطباء الجمعة الذين لم يتطرقوا لإرهاب شرورة وإدانته في الجمعة الفائتة بتبيان الرأي الشرعي وتبرئة الذمم ونصح الناس عن عواقب وشرور تلك العمليات وخطرها».بالله عليكم ما رأيكم في هذا الجزء من الخبر الذي نشرته الصحف يوم الخميس الماضي؟شخصيا أشعر بأنها كوميدياء سوداء تجعل الإنسان يضحك حتى يستلقي «على قفاه» كما يقول إخوتنا «وليس إخواننا» في مصر، وبعد ذلك يدخل في نوبة حزن عميق على بعض أحوالنا التي لا تسر ولا توجد مؤشرات على أننا سنغيرها بالطرق الصحيحة التي تضمن القضاء على بؤر المشاكل والأوجاع وتعطي جسدنا الوطني مناعة كافية يستطيع بواسطتها لفظ الجراثيم والقضاء عليها بسرعة قبل أن تتمكن وتستفحل. لقد كتبت يوم الخميس قبل الماضي مقالا عنوانه (ماذا ستقول المنابر غدا) ولم أكن أتنبأ أو أخمن، بل كنت أسرد ما يمكن أن يحدث استنتاجا من الواقع الذي نعرفه جميعا، فكثير من أئمة المساجد يشرقون ويغربون في خطبهم ومواعظهم ويشيحون بوجوههم عن مشاكل الوطن وأزماته، وقد خاطبت في ذلك المقال وزير الشؤون الإسلامية عما ستفعل وزارته بشأن الخطباء الذين سيتجاهلون في خطبة الجمعة عملية شرورة الإرهابية. ومع أن الوزارة أرسلت توجيها بتخصيص الخطبة لتلك القضية إلا أن أكثر من 100 إمام تجاهلوا توجيهات الوزارة، وتقول بعض الأخبار إنها تحقق الآن مع 17 خطيبا في منطقة الرياض فقط.المفارقة العجيبة أن الوزارة تعطي مهلة لإثبات الوطنية والولاء للوطن لدى بعض أئمة الجوامع خلال أسبوع، وبدلا من إزاحتهم ومحاسبتهم على هذا الموقف العلني المضاد للوطن فإنها تتوسل إليهم أن يبرئوا ذمتهم، والخبثاء منهم قد يفعلون ما دام الأمر بضعة كلمات في الخطبة لإرضاء الوزارة وتظل القناعات في النفوس على ما هي عليه. القناعات الفكرية والأجندات التي نمت وترعرعت خلال زمن طويل لا يمكن أن يغيرها تعميم وزاري، وقد أثبت المتطرفون أنهم بلغوا حدا من الجرأة جعلهم يصادمون تعليمات الدولة بشكل علني، وهؤلاء الأئمة أقرب وأقوى دليل ومثال.