#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
.. وظلم ذوي القربى !!
.. وظلم ذوي القربى !! د . موسى محمد هجاد الزهراني
قال : يا أخي لماذا تكثر في هذا الزمن قطيعة الأرحام ؛ والهجران والخصام . لماذا تكثر المشاكل بين الأقارب ؛ تبدأ كالذرة وما تلبث أن تكون ذروة .. كذروة جبل ( شدا ) العظيم هذا الذي تراه أمامك أعظم جبال السروات .. وربما كانت مشاكل تافهة حقيرة ليس لها في ميزان العقل ثقل ؛ ولا في ميزان الشرع نظر ... ولربما كانت النساء - حبائل الشيطان - طرفاً فيها .. أستغفر الله .. بل أساساً فيها ! لأن كثيراً ما تقع مشكلات لا تعدو أن تكون من باب قوله تعالى ( وقال نسوة في المدينة ) .. كلامٌ على قهوة الصباح ؛ إن كان هناك صباحٌ ، لأن نساءنا في هذه الأيام ولا سيما في الإجازات ينمنَ إلى قريب العصر ثم يستيقظن يطالبن بطعام الإفطار ! والغداء بعد منتصف الليل ! ؛ لكنها مجالس لا يهمنا متى تُعقد ؛ المهم أن أعضاءها من اللاتي كيدهن أعظم من كيد الشيطان .. ألم يقل الله تعالى ( إن كيدكن عظيم ) وقال عن كيد الشيطان ( إن كيد الشيطان كان ضعيفاً ) .. والنساء كما تعلم .... قلت : أنت كنت تتحدث عن عداوة الأقارب .. قال : نعم .. أنتم تقولون .. وظلم ذوي القربى أشد مضاضة *** على النفس من وقع الحسام المهنّد قلت : الشعراء الذين قالوه ؛ ولست أنا ؛ لكنني أؤكد لك صدق ما قالوه أنه حقٌ وواقع أتعلم لماذا ؟ قال : نعم .. أعلم .. لكن أخبرني أنت أيضاً لماذا ؟ قلت : ألا تعلم أن إخوة يوسف عليه السلام رأوا فيه ما لم ير بقية الناس ؛ من جمال وحب أبيه له ولأخيه من بين سائر إخوته فحسدوه .. وكان للشيطان أعظم دور في النزغ بينهم ؛ ففرقوا بينه وبين أبيه أربعين سنة كما قال بعض أهل التفسير .. فالشيطان أعظم ما يكون حرصاً على التفرقة بين الأخ وأخيه والزوج وزوجه والرجل وأبناء عمه ! فضحك وقال : صدقت ! قلت : ولعل الذي يذكي النار ويزيدها اشتعالاً .. أن كلاً يكتم في نفسه ما يضمره للآخر .. حتى تكون الحبة قبة ؛ فلا يواجهه ولا يعاتبه أو يستوضح منه الأمر ويزيل اللبس أو الشبهة .. وإنما يكتفي بأن ينام وفي قلبه أمثال البراكين الثائرة من الغيظ والحنق على قريبه ... فإن قلت له لماذا لا تصارحه .. قال : ربما لا يفهمني .. أو ربما قال أنا أصارحه ؟ لماذا لا يأتي هو ويصارحني ويصالحني .. أنا أحق منه بذلك .. أعرف أخوين كلاهما يعيشان في منطقة واحدة لهما أكثر من سبع سنين لا يعرف أحدهما منزل الآخر ولا عدد أولاده ولا أبالغ إن قلت ولا أسماءهم ... وأعرف مشكلة قائمة بين خمسة أشخاص .. أربعة منهم إخوة أشقاء ذكور بالغون عاقلون مسلمون ! والخامس ابن عمهم ؛ ولأن توجهه غير توجهم من حيث التزامه بالدين ؛ وغيرته على محارم الله أن تنتهك وهو يرى ؛ فقد حدث بينهم قطيعة منذ أكثر من عام ؛ لا يجمعهم عيدٌ ولا جمعةٌ ولا جماعة وفرحٌ ولا عزاء .. أصغرهم لا يقل عمره عن الثامنة والعشرين .. وأكبرهم قد أناف على الخمسين .. ثلاثة منهم معلمون ومربون ! .. وسبب القطيعة كلها .. نصيحة قدمها لهم قريبهم ذاك ؛ كان دافعه إليها الإخلاص والشفقة عليهم ؛ تمس حجاب نسائهم وكشفهن على إخوة أزواجهن ؛ لكنه حضر هذا المجلس المستشار اللعين إبليس الرجيم ؛ وقد بارك هذا الحضور أخوات إبليس ! أقصد زوجاتهم وإحدى أخواتهم المتزوجات التي بدورها هي أشعلت النار في يابس الأحطاب .. فانقلبت النصيحة إلى فضيحة .. والمودة إلى قطيعة .. وما تركوا مجلساً إلاّ نالوا منه فيه .. كل ذلك ولم يواجه أحد منهم الآخر .. بل بالحرب النفسية الباردة التي كانت تتقنها الدول العظمى المتقدمة فيما مضى .. والتي هي من فيح جهنم وإن سموّها زوراً الحرب الباردة ! . ولو أن عاقلاً حصيفاً منهم واجه ذلك الناصح وقرره بذنبه إن كان له ذنب ؛ وعاتبه .. ولم يتسرع في الحكم عليه .. وفهم قول الله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) .. لربما انتهت المشكلة وماتت في مهدها ! . هؤلاء لا يعرفون فن المواجهة ؛ أتعرف ما هو هذا الفن ؟! .. كان النبي صلى الله عليه وسلم يواجه بعض أصحابه عندما يبلغه عنه شيء يستوجب العتاب ؛ ولم يحمل في نفسه صلى الله عليه وسلم عليهم أو يكتم الأمر .. قد واجه حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه عندما ....... قال : صدقت ولكن هؤلاء الناس في القرن العشرين أو كما تقولون أنت معاشر الدعاة في القرن الخامس عشر .. لا يفقهون ما تتحدث عنه من علاج نبوي للمشكلات ... قلت : يا أخي .. عليَّ نحت القوافي من معادنها *** وما عليّ إذا لم تفهم البقرُ ! وإن شئت البشر ! حاطب رضي الله عنه اجتهد اجتهاداً كان خاطئاً في المقاييس العسكرية ؛ إذ أنه بعث رسالة إلى بعض كفار قريش يخبرهم فيها عن عزم النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فبلّغ جبريل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ؛ فلما جيء بحاطب وبالرسالة وقُرأتْ عليه صلى الله عليه وسلم قال له: ( ما حملك على ما صنعت ) .. قال : عمر .. ائذن لي يا رسول الله أن أضرب عنقه فقد نافق .. قال حاطب : والله يا رسول الله ما نافقت .. ولكنني امرؤ لست من قريش وكلٌ له يحميه في مكة .. إلاّ أهلي فأردت أن يأخذوا حذرهم .. أو كما قال .. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر عندما قال له ائذن لي يا رسول الله أن أضرب عنقه فقد نافق ..( ألا تعلم يا عمر أنه من أهل بدر .. ولعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم .. ) قال عمر : الله ورسوله أعلم .. وفاضت عيناه رضي الله عنه .. فانظر كيف أنه صلى الله عليه وسلم بحث في سجل الرجل فلم يجد له حسنة إلاّ أنه من أهل بدر فقبلها منه .. بعد أن واجهه .. وأخبر عمر بمغفرة الله تعالى لأهل بدر .. هذا فنٌ لا يتقنه إلاَّ الكرماء والشجعان من الناس ؛ وليس الجبناء أشباه النساء. الجبان يلجأ أحياناً إلى كتابة الرسائل و يبعثها إلى المرسل إليه .. مع أنه لا يبعد عن بيته إلاَّ خطوات معدودة .. وربما اشترك أكثر من جبان في كتابة رسالة واحدة ؛ يصوغونها ويذيّلونها بتواقيعهم ويبعثون بها إلى من لا يبعد عنهم بنسبه وقرابته إلاّ كما تبعد العين اليمنى عن العين اليسرى ! يملؤنها بكل ما لذَّ وطاب من الشتائم والسباب على طريقة العباقرة من الجبناء ! مقروناً كل ذلك بالتعالي والتعاظم وكأنهم من قوم عادٍ البائدة .. أما الرسول صلى الله عليه وسلم فكان يواجه المخطئ أو المُعاتِب ليُعلّم الناس أن أعظم علاجٍ للبغضاء والشحناء ! هي المواجهةُ .. قصته صلى الله عليه وسلم مع الأنصار مشهورة .. أتته الغنائم .. وكان الأنصار يتوقعون أن يكون لهم منها نصيب ؛ فهم الذين ناصروه وعزروه ووقروه وفتحوا له قلوبهم قبل بيوتهم ؛ وسماهم الله تعالى الأنصار . لكنه صلى الله عليه وسلم رأى أن يعطي فقراء المهاجرين الذين لا مال لهم ولا مأوى ؛ والمؤلفة قلوبهم ويكلَ الأنصار إلى الإيمان الذي مُلئتْ به قلوبهم . فغضبت الِأنصار ؛ وجاء رئيسهم سعد رضي الله عنه يعاتب النبي صلى الله عليه وسلم ويخبره بموجدة الأنصار عليه بكل صدق .. هنا سأله النبي صلى الله عليه وسلم : فكيف أنت يا سعد ؟ قال سعد : ما أنا إلاّ رجل من قومي ؟ أي أنني غضبت كما غضبوا .. قال صلى الله عليه وسلم : فاجمع لي الأنصار ؛ ولا يأتني إلاّ أنصاري .. فجمعهم سعد في المسجد .. فقام النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم بدأ في العتاب الحبيب .. يا معشر الأنصار ! ما مقالة بلغتني عنكم ؟ أوجدتم في أنفسكم عليّ من أجل لُعاعة من الدنيا تألفت بها قلوب أناس ليسلموا وتركتكم إلى ما في قلوبكم من الإيمان ؟ .. يا معشر الأنصار .. ألم آتكم ضُلاّلاً فهداكم الله بي .. وجئتكم عالة (فقراء) فأغناكم الله بي .. وجئتكم متفرقين فجمع الله بينكم بي .. أجيبوني يا معشر الأنصار .. قالوا : ماذا نقول يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المنُّ والفضل .. قال _ وانظر إلى قمة الأدب والمثالية الكريمة _ والله لئن شئتم لتقولون ولتصدقنَّ .. نعم جئتنا طريداً فآويناك .. وجئتنا مكذباً فصدقناك .. وجئتنا فقيراً فآسيناك .. يذكر فضلهم عليه .. ثم قال .. ألا ترضون يا معشر الأنصار أن ينصرف الناس بالشاة والبعير وتنصرفوا أنتم برسول الله في رحالكم .. فوالله لما انصرفتم به خير مما انصرف به الناس .. اللهم ارحم الأنصار ؛ وأبناء الأنصار ؛ وأبناء أبناء الأنصار .. فغطى الأنصار رؤوسهم يبكون وقد أخضَلوا لحاهم بالدموع .. وهم يقولون : رضينا برسول الله قَسماً وحظاً .. ثم انصرفوا وقد ازدادوا حُبّاً لنبيهم بأبي هو وأمي صلوات ربي وسلامه عليه .. والمواقف بين الصحابة وبينه r كثيرة؛ يتجلى فيها أعظم صفحات الصدق والمحبة والإجلال .. * * * قال : يكفي ! والله لو قرأها رجل منصف لرجع إلى رشده ؛ أو عاقل لدلّه عقله على أنّ الصلح والصراحة ؛ خيرٌ وأبقى .. قلت : لا .. وأزيدك من الشعر بيتاً كما يقولون .. الأحاديث الكثيرة التي تخبر عن عدم ارتفاع الأعمال إلى الله تعالى كل أثنين وخميس .. بسبب التباغض والتحاسد والتشاحن .. وورد أيضاً أنه في ليلة النصف من شعبان يطلع الله على أهل الأرض فيغفر لكل عبد إلاّ مشرك أو مشاحن .. أليست مخيفة ألاّ تصعد الأعمال إلى الله تعالى .. أليس ذلك دليلاً على هوان العبد على ربه فلم يوفقه إلى أن ينقي قلبه من الغل والحسد والتقاطع والتدابر .. ألا تعلم أن ليلة القدر كانت معلومة الزمان .. وقد كان صلى الله عليه وسلم يعلم وقتها ؛ فخرج ليبشّر بها الناس فوجد اثنين من الصحابة يتلاحيان ؛ بينهما خصومة .. فأراد أن يصلح بينهما .. فنسي تعيين ليلة القدر .. كل ذلك بسبب شؤم الخصومة والتلاحي .. فهل يعقل الأقارب المتقاطعون من أجل توافه الأمور .. ذلك ؟! . وهل يوقظ ( بعض ) الرجال رجولتهم النائمة ليتدبروا هذا الأمر ولا يكلوا أمورهم إلى النساء كما ذكرت ؛ اللاتي يُفرّقن ولا يجمعن ؛ ويُسئنَ ولا يُحسِنَّ ؛ إلاّ من رحم الله وقليلٌ ما هُنَّ ! قال : عسى ! قلت : صدقت يا أخي .. عسى .
•
رحلة في ذاكرة الشاعر جريبيع رحمه الله
• أهالي رباع : الخير في مقدمكم يانسل الكرام ( عكاظ ) • رسائل واتس اب جديدة كل يوم .. شاركونا بكل جديد |
اخر 5 مواضيع التي كتبها صقر الجنوب | |||||
المواضيع | المنتدى | اخر مشاركة | عدد الردود | عدد المشاهدات | تاريخ اخر مشاركة |
دهاء الشيخ محمد بن يحيى العسيري شيخ رباع | تاريخ قرية رباع بين الماضي والحاضر | 0 | 1609 | 20/10/2024 02:27 PM | |
وقفات ودروس من حروب بخروش بن علاس ضد جحافل... | تاريخ زهران وغامد | 2 | 5551 | 17/09/2024 11:11 PM | |
الشعراء بن حوقان وعبدالواحد | منتدى القصائد الجنوبية ( المنقولة) | 0 | 14508 | 04/01/2024 11:35 AM | |
القصة (مورد المثل) | منتدى القصص و الروايات المتنوعة | 0 | 10257 | 02/01/2024 09:28 AM | |
الله لايجزي الغنادير بالخير | منتدى القصائد النبطية والقلطة ( المنقولة) | 1 | 10793 | 28/12/2023 05:06 PM |
26/11/2013, 09:25 PM | #2 |
|
لاحول ولاقوة الا بالله .البعض يردد "الله لايحوجنا لحد ولايحوج حد لنا " يحسبون أن الحاجة إلى الناس يجب أن تكون دائما حاجة ماديه لذلك يتقاطعون ويستنكف الرجل أو المرأة عن الاعتذار والمصارحه والمعاتبة التي لاتذهب بالود فكثر التقاطع ويمتد سنينا وتتوارثه الاجيال كما يتوارثون الأموال . جزاك الله خيرا على النقل وجزا الشيخ خيرا على القول وننفع بكما . |
|
26/11/2013, 10:17 PM | #4 |
شاعر كبير وإداري و مؤسس الأكاديمية
|
وظلم ذوي القربى اشد مضاضة=على المرء من وقع الحسام المهنّد شكرا على الموضوع
|
التعديل الأخير تم بواسطة إبن الجنوب ; 26/11/2013 الساعة 11:28 PM
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 5 : | |
, , , , |
|
|
الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية ) |
|||||