أهازيج زراعية قديمة عمرها 100عام

أهازيج زراعية قديمة عمرها 100عام

لاشك أن مناخ المرتفعات من جبال السراة كان ملائماً لزراعة الحبوب والفواكه بشتى أنواعها كما أن طبيعتها الجبلية ساعدت على بناء تلك المدرجات والمصاطب الزراعية ،وفيما يتعلق بأهازيج الزراعة يقول المزارعون كنا ندعو بأدعية عند البدء في المذرى وهو نثر الحبوب على الأرض قبل حرثها فنقول:- (اللهم إنا متوكلين عليك وحالنا مايخفى عليك ،اللهم اجعله لنا ولمن شبره من المسلمين ذرينا لنا وللشابرين وللطيور النافرين ،بسم الله ) ، وينثر الحب في ارجاء الركيب (الأرض الرزراعية) لتتم بعد ذلك عملية حراثة الأرض بواسطة الثيران ويقول كبار السن كنا نردد بعض الأهازيج التي تنسينا التعب فهي مسلية وتدفعنا للحماس في تأدية هذه المهمة فنقول أثناء الحرث:
يالله اليوم يـاربي يا عوينـاً لطلاّبـه
يالذي تنبت الحبّي يابسٍ يوم نذرى به
ويلاحظ من تلك الأهزوجة أنها دعاء يتكرر أثناء تأدية الحرث كما أن هناك أهازيج وعضية تقرع في آذان الصغار من الأطفال ويسمعونها ويرددونها مع والديهم أثناء تأدية الحرث وفي ذلك يقال :
أبوصيك يا وَلَدي تزرع الحب
قليلك يغانيك عن اهل الكثيري
ومَنَّوك ذولا وغرّوك ذولا
تعوّد على قدمك تستديري
ولموسم الزراعة دور في قول الأهازيج فلفصل الشتاء أهازيجه ولفصل الصيف أهازيج وكذلك الخريف ، فيقال في فصل الخريف الذي تزرع فيه الذرة الأهازيج التالية :
الليل هيّا والنهار هيّا ياراقدٍ في فيْحة الثُريا
تناهبتك اليوم وانت حيّا .
وذكر المسنون أن فترة الفيحة فترة قصيرة من برج الثريا وذلك عندما يشير ظل الحصن الذي كان أشبه بالمزولة الفلكية الى مردم الفيحة والمردم هو العلامة المبنية بالمرو أو الأحجار في الجهة المقابلة للحصن الزراعي مما يلي شروق الشمس للتعرف على دوخول هذه الفترة التي تتراوح بين5-8 أيام حيث تكون فيها زراعة الذرة صالحة للغاية ولذلك يقال عن هذه الفترة (في فيحة الثريا يفترق العصباء )وهم المشتركون في الثيران التي تؤدي عملية الحرث فهم لا يتفقون فكلاً منهم يريد اغتنام فرصة اللحاق بهذ الفترة الوجيزة التي تسمى(فيحة الثريـا) .
 أهازيج الدمس والقصـاب :
بعد الإنتهاء من مرحلة الحرث تأتي مرحلة الدمس وهي:تسوية الأرض المحروثة بواسطة المدمسة التي هي عبارة عن خشبة عريضة تربط في طرفين من مقدمة الوسط لهذه الخشبة وتوضع بدلاً من عود الحرث الذي كان مربوط في الثورين ويسحبها الثورين على سطح التربة ويقف عليها المزارع أو أحد أبناءه لزيادة الضغط على المدمسة التي تعمل على تسوية الأرض ، ويلي هذه المرحلة مرحلة القصاب في الأراضي المسقوية وهي التي تسقى من الآبار حيث يقوم مجموعة من الرجال والنساء بتقسيم الأرض المحروثة بواسطة المقاصب الخشبية الى مربعات متساوية تقارب مترين في ثلاثة أمتار ومن الأهازيج التي يرددها النساء والرجال في هاتين المرحلتين :أولا الدمس حيث يقال في هذه المرحلة :
على محمد صلت العجومي وصلى طيرٌ في السما يحـومي
الدمس ما بقى له اللحومي الاّ العصب والجلد عالعضومي
أما أهازيج الرجال والنساء معاً في المرحلة الثانية والأخيرة (القصاب) فيقال:
مدّي رقابك يا رقاب الصيدي مدّي رقابك وأنفحي بالأيدي
ويقال أيضاً :
الى شريت الثور فاشر الوافي وان باح لحمه شيل بالكتافي
ويلي ذلك مرحلة السقاية بواسطة الثيران والجمال وهي مايسمى (السواني) حيث يقوم بالسقاية رجل ويعمل على التحريف أي تصريف الماء امرأة أو رجل آخر فيقول الساقي بالسواني على البئر :
سرحت راس البير يوم أشرق النور
وقُلت هيّـا ان كان في جمّتك غور
عبيت لك سهلان الايدي وعدّه .
فيما تردد المرأة التي تعمل على تصريف الماء وتقول رداً على الساقي:
أنا دخيلك كُفّ عالكفر والجور
لاتذبح الثور ، ما بتلحق الغور
يا ما نشا قبلك صفوفٌ وشدّه .
أما أهازيج الصرام وهو :(الحصاد) فبعد إكتمال نمو المحصول الزراعي تبدأ عملية الحصاد بواسطة الأمحاش واحدها محش وهي الأداة المستخدمة يدوياً لحصاد المحصول ويتم ذلك بواسطة النساء بمساعدة الرجال حيث يصطف مجموعة من النساء والرجال على خط واحد معاً وتبدأ المباراة النسوية لتبدي كل واحدة منهن مهارتها وما تمتاز به من خفة الحركة والرشاقة مع ترديد الأهازيج واحدة تلو الأخرى فتبدأ الأولى بقولها:( غطرفي يا حديّـا )وتليها الأخرى فتقول: (وانت ياذيب غنّـه) واللتي تجاورها تقول :)من تمنى لقانا ) وترد الأخرى :(بشره بالمجنّة) وهكذا وتكون تلك الأهزوجة كاملة كما يلي :
غطرفي يا حديّـا ، وانت ياذيب عنـّه
من تمنّى لقانـا ،بشّره بالمجنّـه
أما الرجال فيرددون أهزوجة الحصاد المحببة الى نفوسهم ويتم ترديدها شطراً شطراً كما يلي :
يالله يامحيي العظام اللي هشيمه تقطع الراس الذي مافيه شيمه
وفي نهاية الحصاد أو عند الإقتراب من نقطة النهاية لحصاد الأرض يردد الجميع رجالاً ونساء هذه الأهزوجة :
قيّلْ الذيب ؟..والله ما قيّل قيل الذيب، على الغزيّل .
وعند الإستعانه بأهالي القرية وهو ما يسمى (الفزعه )حيث يتكاتف الجميع ويذهبون رجالاً ونساءً الى المزرعة المراد حصادها وفي أثناء طريقهم الى المزرعه ينقسمون الى قسمين أو صفين ويردد الصف الأول :
ما لفينا مع الفجر الأول غير حشمه وقدر الرفيق
فيرد الصف الآخر ويقول:
حي من يهزع الصف الأول مثل هزع البرد جال فيق
ويبدو من البيت الأول إبداء الإهتمام والتقدير لصاحب المزرعة المراد حصادها ،أما البيت الآخر في الرد فهو إثارة للحماس والتحدي للصفين من الرجال والنساء فهم ذاهبون معاً لميدان الحصاد وكلمة يهزع بمعني يتغلب مثل هزع البرد أي قمع البرد في وادي فيق الملئ بأشجار الفواكه سريعة التضرر بضرب البرد لنعومتها مثل الأعناب والخوخ والتفاح .
منقول