مَنْ هُو المُبدْع ..؟

تمهيد : الإبداع : هو ابتداء الشيء أو صنعه أو استنباطه لا عن مثال سابق وفي ذلك قولنا عن شخص أنه أبدع شيئًا، قولاً وفعلاً، إذا ابتداه لا من سابق مثال، وبهذا المعنى نفسه يوصف الله تعالى بأنه : [ بديع السموات والأرض ] . ويتمثل الابتداء الإبداعي إما في تكوين أو وجود جديد، أو إحداث أو وجود زماني، أو كل منهما مترتب على الخلق . ونظرًا لأنه لا يتصور في قدرة الإنسان الإبداع من عدم، فقد اتفق معظم المفكرين على أن الإبداع هو إنتاج شيء ما على أن يكون جديدًا في صياغته وإن كانت عناصره موجودة من قبل، كإبداع عمل من الأعمال العلمية أو الفنية أو الأدبية . وفي علم النفس : هو القدرة على ابتكار حلول جديدة يتقبلها المجتمع لمشكلة قائمة . وهناك تعريف شامل للدكتور " على الحمادي " حيث عرف الإبداع بقوله : " هو مزيج من الخيال العلمي المرن لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة، مهما كانت الفكرة صغيرة، ينتج عنها إنتاج مميزغير مألوف يمكن تطبيقه واستعماله " وبنظري هذا هو التعريف الشامل والوافي للإبداع . من هو المبدع ؟ يظن بعض الناس أن الإنسان المبدع ولد هكذا مبدعًا، وهو مفهوم غير صحيح، وللاختصار أقول : كل شخص يستطيع أن يبدع ويبتكر إلا من يأبى ذلك ! أي أن الإبداع لا يقتصر على فئة دون أخرى فالجميع يستطيعون أن يكونوا مبدعين إذا رغبوا بذلك . والفكرة الإبداعية قد تكون صغيرة ولكنها جديدة، وتؤدي لنتائج مذهلة ملامح الشخصية الإبداعية.. الإبداع سلوك إنساني خلاق يكمن في داخل كل فرد، يتفتق في حالات تحفيز المدارك واستثارة الأحاسيس، ليوجدوا أفرادًا متميزين لديهم ملكة الحضور الدائم والحيوي للعقل الباطن، وباستطاعتهم الحصول على أنسب الحلول وأفضلها من مجموعة خيارات مطروحة أو استنباط مجموعة رؤى وتطورات مبتكرة لمسألة ختمت على أنها مستعصية . لذا يعد الإبداع موهبة كامنة في كل إنسان كبقية المواهب المستترة، تحتاج إلى إثارة وصقل وممارسة نوعية دائبة كي تكون ملكة حاضرة عن كل ملمة وإنتاج جديد . غير أن هناك بعض الأفراد تظهر قابليتهم وقدراتهم الإبداعية من خلال مواقف طارئة أو ظروف حرجة، وهؤلاء عليهم التوجه إلى أنفسهم أكثر والعناية بقابلياتهم، وتغيير نمط سلوكهم بما يتلاءم والصفات التي يحملونها ومن جملتها : 1- الحساسية : وتعني القدرة على وعي مشكلات موقف معين والإحاطة بجميع أبعادها والعوامل المؤثرة فيها، ومناقشتها بسعة صدر والتعامل معها بإيجابية وحكمة، فلا تعود الأزمات المستعصية على المبدعين بالإحباط أو الشعور بالفشل والنقص في أغلب الأحيان... بخلاف الكثير من الأفراد الذين تزيدهم صلابة الأزمات تراجعًا ونكوصًا إلى الوراء أو شعورًا شديدًا بالإحباط فينهزمون في ذواتهم أولاً ثم أمام خصومهم ومنافسيهم ثانيًا . 2- الطلاقة : وهي القدرة على إنتاج سيل كبير من الأفكار والتصورات الإبداعية في برهة زمنية محدودة وتتنوع الطلاقة إلى : - طلاقة الكلمات : أي إنتاج كلمات أو وحدات للتعبير وفقًا لشروط معينة في بنائها أو تركيبها . - طلاقة الأفكار : أي سرعة إيراد عدد من الأفكار والصور الفكرية من أحد المواقف . - طلاقة التعبير : أي القدرة على التعبير عن الأفكار وسهولة صياغتها من كلمات أو صور للتعبير عن هذه الأفكار بطريقة تكون متصلة بغيرها وملائمة لها . 3- المرونة : وهي قدرة العقل على التكيف مع المتغيرات والمواقف المستجدة، والانتقال من زاوية جامدة إلى زوايا متحررة تقتضيها عملية المواجهة . 4- الأصالة : وتعني تقديم نتاجات مبتكرة تكون مناسبة للهدف والوظيفة التي تعمل لأجلها . 5- البصيرة : وهي تعني امتلاك النظرة الثاقبة والقدرة على اختراق الحجب التقليدية، وقراءة النتائج قبل أوانها وإعطاء البدائل اللازمة لكافة الاحتمالات المتوقعة . فكن عزيزي / عزيزتي مبدعًا ومتعنا بعملك محبكم سطور السنين