يبدو أنني سأعقد صداقة مع اللون الأخضر ، فبعد أن كنت صديقاً حميماً لملفي الأخضر بحثاً عن وظيفة ،الآن أصبح لدي دِدْسِــن مُـحَـمّـل بالَـحبْـحَـب الأخضر - فالحمد لله - أصبحت في عِداد الموظفين ، ومسمى الوظيفة : مندوب مبيعات لمزارعي الحَـبْـحَـب ؛ وللحق فأنني أجد متعة رائعة في وظيفتي الجديدة ؛ فيكفي أنني أنا المدير العام لجميع الحَـبْـحَـب ، وأنا السكرتير، وكذلك أنا السائق والبواب ، وأنا من يحدد وقت دوامي وانصرافي بدون دفتر توقيع وبدون خطوط حمراء !وأنا من يحدد مكان العمل .
وأنا - وأعوذ بالله من كلمة " أنا " - أتحكم بالأسعار فإن شئت جعلت الحَـبْـحَـب بـ 20 ريالاً ، وإن شئت أعطيتها للزبون هدية ؛ فأنا حُـرّ فيما أفعل ألـسـت أنا المدير العام ؟ ولا أخفيكم سراً أنني فقدت الاتصال مع العالم الخارجي وأخباره الدموية ؛ وربما هذه ميزة تضاف إلى مميزات وظيفتي الجديدة !
فإن انخفض سعر الذهب في مناجم سيراليون ، أو زادت أو انخفضت الأسهم ، حتى لو زاد سعر البترول فلن يزيد من أرباحي وَدخْـلي هَـللة واحدة ! بل وإن اهتز اقتصاد اليابان فلن افقد قرشاً واحداً إلا إذا كان حََــبْـحَـب اليابان أرخص من الـحَبْـحَـب الـعِـثِـري ! !
وفي وظيفتي هذه قِـمّـة التسلية بالمطاردة اليومية الممتعة مع مراقبي البلدية في الشوارع والأزقة . والحقيقة في أغلب الأحيان أفوز في اللعبة وأنجح في الفرار ، وقد تنتهي المطاردة بي وبدِدسـنـي في أحواش البلدية!
والحقيقة أني أخاف أن يَحِلّ بهذه الوظيفة ما حَلّ بغيرها من الوظائف ؛ فأقرأ يوماً إعلاناً هذا نصه:
( مطلوب لشركة كبرى بائع حَـبْـحَـب بالشروط التالية : 1- حسن المظهر. 2- خبرة 14 سنة في تصنيع مَـضَـخّـات الإسمـنـت . 3- إجادة التحدث باللغة الآشورية . 4- الكتابة بالحروف الصـيـنـيـة . 5- الإلمام التام بلعبة الكِـيْـرَم. 6- دورة سباحة تـخـصـص فَرَاشـة ) .
وفي الختام عزيزي بائع الحَـبْـحَـب إليك هذه النصيحة ( إن أتاك موظف حكومي مـتحذلقاً وسألك : ماذا تعمل ؟ فافعل التالي : خذ نفساً عميقاً، ارفع رأسك إلى الأعلى ،أخرج المسواك ، وقُلّ : رجل أعمال ) .
الحروف السابقة وصلـتـني من أَحـد المنتديات مع بعض التعديلات والمـلـح والـبـهـارات ؛ لعل كلماتها ترسم شيئاً من معاناة شبابنا ، وبأسلوبها تزرع البسمة على الوجوه . ألـقـاكم بخير والضمائر مُـتَـكـلـمـة .
__________________