مع مراعاة فارق التوقيت

عيني تُحدق عاليا ترقب حركتها ، وتميل مع لحظة زوالها . تتبعها حتى تسقط في أحظان ذلك البحر الدافئ .
يطيب لشمس ذلك اليوم أن تغوص تاركة بعدها ذلك الشفق الجميل ، ليُشّعر من يرقبها أنها أنهت مهمتها وستعود لتبدأ يوم جديد لكن بدايتها لن تكون من مكان نهايتها ،وحان الوقت أن تنال قسطا من الراحة بعد أن كشفت وبجلاء كل موطئ قدم على المعمورة ، وكل وجه يلتصق نورها به لتقول أنا وأنت ننفرد بالجمال ، ولكنها لا تقتصر بمكان دون آخر .
تُفيد من ينتعش بضوئها ، وتكشف الحقيقة عن سراديب كان يظن من يسكنها انه في مأمن حتى عن العين المجردة . قامت شمس ذلك اليوم بواجبها ، وبما خُلقت من أجله دون كلل أو ملل .
ترقبها زهور الأرض بكل ألوانها ، تسامت أشجار حتى غدت باسقة في جو السماء .
استوي على إثرها ينعٌ مختلف الألوان والمذاق حتى لو كان يسقى بماء واحد فسبحان من غيّر الأحوال .
كل من على هذه المعمورة ينتظرها بفارغ الصبر لقناعة كل كائن حي بأسرارها التي جاءت من أجله .
تحتمي بعض الأعشاب الطفيلية بمن يعلوها من الأشجار الفارعة خشية حرارتها التي قد تزيد عن حاجتها ،وبذلك لا تستطيع مقاومتها .
تتغير من فصل إلى فصل في وقت الخروج والمغيب ، لكن الشمس هي الشمس ، لا تتأثر بحركتها الظاهرية في مهمتها ،ورسالتها صيفا وشتاء فهي تؤدي واجبها لمن كان في الشمال وأيضا الجنوب ، لكنها تفرض على أهل الأرض الفصول الأربعة فبعدها تارة يقلّ من حرارتها ، وقربها يزداد لهيبها ، فمن الناس من بفضل الهروب من واقع فُرض ، وكُتب ، والبعض يسلّم بذلك الأمر .
دليلة تلك الشمس فلولاها ما عرف الإنسان اليمين من الشمال ، وكم وجوه تاهت إلى عالم مجهول ومحفوف بالمخاطر .
أيتها الشمس لم نكن يوما سئمنا لمقدمك ، ولا بكينا لغيابك لأننا على يقين أنكِ شمس يستضيء يكٍ الجميع لكن علينا مراعاة فارق التوقيت . .